محنة دمشـق

حجم الخط
0

محنة دمشـق

محمد كريشانمحنة دمشـق طبيعي جدا أن تطلب لجنة التحقيق الدولية لقاء الرئيس السوري بشارالأسد ووزير خارجيته فاروق الشرع ونائبه السابق عبد الحليم خدام في أعقاب القنبلة التي فجرها هذا الأخير بخصوص الظروف المحيطة وربما المهيئة لمقتل رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، فما كان لهذه التصريحات الخطيرة أن تمر دون أن تعتمدها اللجنة لإعادة تأكيد ما سبق أن توصلت إليه من مسؤولية دمشق فيما جري أو لتبديد بعض الغموض أو الثغرات التي ظلت قائمـــة في تقريري رئيسها السابق ديتليف ميليس إلي مجلس الأمن. المعضلة الآن هي كيف ستتصرف دمشق إزاء هذا الطلب فهي إن استجابت له تكون قد أسقطت آخر خط دفاعي ما زالت تتحصن وراءه بعدما وافقت بعد لأي شديد علي لقاء اللجنة بخمسة من ضباط أمنها الكبار في فيينا في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، أما إن مانعت فقد تكون فتحت علي نفسها أبواب غضب دولي غير مسبوق بعد أن هددها مجلس الأمن الدولي في تشرين الأول (اكتوبر) الماضي بفرض إجراءات لم يحددها إذا لم تتعاون مع التحقيق. وفي كلتا الحالتين الأمرعظيم الخطورة وبالغ المرارة وما عاد يجدي معه علي كل حال الإلحاح السوري علي ضرورة توقيع مذكرة تفاهم مع اللجنة الدولية تحدد معايير التعاون المطلوب من دمشق وشروطه وسقفه لأن هذا السقف قفز فجأة ليصل رأس هرم الدولة وما عاد ممكنا أن ينزل الآن إلي ما دون ذلك.انتهي الآن دون رجعة أي وقت مستقطع أو أية مساحة رمادية تسمح لدمشق بالتفكير أو الممانعة أو التسويف ولابد من حسم الأمور واتخاذ القرار الذي تراه مناسبا وتحمل تبعاته إلي الآخر، فإن كان لقاء الأسد والشرع فليكن مع ما كل ما قد يؤدي إليه ذلك من خلاصات وما يحمله من دلالات من لدن قيادة أعلنت أنها لن تنحني لغير الله عز وجل، وإن كان رفض اللقاء فليكن أيضا مع كل ما يعنيه ذلك فالمعادلة في الأخير شئنا أم أبينا هي بين نجاة نظام أو نجاة وطن اللهم إذا ما استقر رأي أصحاب القرار في النهاية علي أن ينجوا معا أو يذهبا إلي الجحيم معا. أما ما يجري الآن في دمشق من حملات إعلامية شرسة ضد نائب الرئيس السوري السابق وما يقال عن إعداد لمحاكمته بتهمة الفساد والخيانة العظمي فضرره أعظم من نفعه بما لا يقاس لسببين علي الأقل: الأول ما يعنيه من أن فساد المسؤول مقبول ومحمي طالما ظل منضبطا فإن زاغ قليلا أو كثيرا فملفاته جاهزة وفي هذا مأخذ معيب للنظام والقانون علي حد سواء، أما الثاني فلأن كل ما يجري الآن في هذا السياق ببساطة لا قيمة له في نظر من ينتظر من دمشق أجوبة واضحة ومحددة لا لبس فيها ولا فذلكة لأنه عبارة عما يسمي في لغة المهرجانات بالأنشطة الموازية أو بالأفلام خارج المسابقة لأن بيت القصيد وجوهر الموضوع هو في مكان آخر الكل يعلمه الآن بغض النظر عن التوظيفات الدولية المعروفة ضد دمشق فالسيف سبق العذل علي ما يبدو.9

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية