محللون: صدام كان ديكتاتورا ولكنه تجنب اندلاع حرب أهلية
محللون: صدام كان ديكتاتورا ولكنه تجنب اندلاع حرب أهليةواشنطن ـ من مارتن سيف:قاد صدام حسين حكومة تعد الأكثر ديكاتورية ووحشية وسادية خلال العصر الحديث، ولكنه علي الأقل تجنب اندلاع حرب أهلية.وهذه نقطة هامة، فالُمنظر السياسي توماس هوبيز، مؤلف كتاب لافياثان ، الذي عاش في القرن السابع عشر، يري بأن الديكتاتوريات مهما كانت جائرة تظل أفضل من الدخول في أتون حرب أهلية. أما الفلاسفة اليونانيون القدماء، ومنهم افلاطون وأرسطو، وبالرغم من اختلافهما في الكثير من القضايا الا أن نظرتهما كانت متفقة حيال هذه المسألة.ولطالما شغلت مسألة كيفية التعاطي مع الحكام المستبدين بال المفكرين السياسيين والدينيين، الذين يرون بأن فتح الباب أمام الفوضي والحرب الأهلية التي تستتبع ذلك يتسبب في قتل عدد أكبر من الذين يمكن لحاكم جائر أن يفتك بهم.وعلي العموم، فان الكاثوليك والأرثوذكس فضلوا علي مر العصور وصول حكام مستبدين الي السلطة لتجنب المآسي التي تنتج عادة عن تقوض أركان المجتمع، وهي نظرة لا تختلف كثيرا عن المفكرين المسلمين التقليديين الذين يكنون عادة الاحترام لقادتهم.حتي أن مارتن لوثر مؤسس البروتستانتية المسيحية أعرب عن صدمته بسبب الفوضي التي رافقت ثورة الفلاحين في المانيا خلال القرن السادس عشر، ما دفعه الي تقديم الدعم الي الامراء لقمع تمردهم، ولكن لم تتم السيطرة علي الأوضاع الا بعدما فقد الملايين أرواحهم. كما أن رجال الدين اليهود كانوا يطلبون من أتباعهم الصلاة لنصرة الحكومات الرومانية القاسية التي كانوا يخضعون لها.لم يصل عدد الروس الذين قتلوا ابان حكم القيصر نقولا الثاني (آخر قيصر روسي)، أو القيصر الذي سبقه نيكولا الأول، الذي عرف بوحشيته، الي عدد الذين قتلوا خلال الحرب الأهلية الروسية بين عامي 1918 و1919 ابان الثورة البلشفية التي فجرها لينين.لا شك بأن صدام قضي علي أكثر من 100 ألف شخص، وتشير تقارير أخري الي أنه قتل أكثر من ذلك بكثير، فيما فقد ما لا يقل عن مليون شخص أرواحهم خلال الحرب العراقية ـ الايرانية التي دامت نحو ثماني سنوات. لكن العراق ظل موحدا خلال حكمه بالرغم من أن 60% من عدد سكانه البالغ حوالي 25 مليون نسمة ينتمون الي الطائفة الشيعية. وفشلت الجمهورية الايرانية الاسلامية المجاورة في دفعهم للثورة علي حكمه.ان المواطنين الذين كانوا تحت حكم زعماء مثل جوزف ستالين، الذي قاد حكومة ديكتاتورية لفترة طويلة ابان الاتحاد السوفييتي السابق، أو خلال حكم ماو تسي تونغ الذي دام حكمه حوالي ثلاثين عاما في الصين، أو صدام حسين كانوا يعلمون أن الثورة ضد هؤلاء تعني أمرا واحدا: الموت لهم ولعائلاتهم بالكامل، وقد يمتد ذلك ليشمل المناطق المجاورة والقبائل التي تعيش فيها أيضا.أصيب حكم الرئيس العراقي بالضعف بعد حرب الخليج الأولي عام 1991 عندما ثار الشيعة في الجنوب والأكراد في الشمال ضد حكمه، ولكن عندما لم تبادر القوات الامريكية الي تقديم الدعم لهم قمعهم صدام بلا رحمة وقتل الآلاف منهم.تمكن صدام من التعامل مع الشيعة، الذين يشكلون غالبية السكان في العراق، باستخدام سياسة العصا الغليظة والجزرة خلال حكمه الذي دام حوالي 24 عاما. وخلال هذه الفترة استطاع أن يوفر الخدمات الأساسية لشعبه بالرغم من الحروب الفاشلة التي خاضها ضد جيرانه، وهو ما فشلت قوات التحالف بقيادة اللوتينانت بول بريمر، وحلفائه العراقيين في تحقيقه.وفي مناطق الجنوب الشيعية، لم يتحقق السلام هناك الا بعد أن وافقت القوات البريطانية علي السماح للميليشيات الشيعية الموالية لايران بالعمل الي جانبها، وخصوصا تلك التي يتزعمها مقتدي الصدر مؤسس جيش المهدي.استطاع صدام استغلال عائدات النفط للحصول علي ولاء قسم كبير من العراقيين واشاعة جو من السلام في البلاد، وهو ما أخفقت في تحقيقه الأحزاب السياسية العراقية التي تدعمها الولايات المتحدة.وقف الشيعة والأكراد العراقيون في وجه الحكم السني الذي هيمن علي الحكم في البلاد لفترة طويلة، ورد السنة علي ذلك بدعم التمرد في العراق، وسرعان ما تفاقم الوضع بين هاتين الطائفتين بعد تدمير القبة الذهبية لمقر الامامين علي الهادي وحسن العسكري في سامراء. واللافت ان التجربة الديمقراطية بالعراق لم تنجح، علي الرغم من مضي نحو ثلاثة أعوام علي اطاحة صدام، وليس من المعروف كيف ستتجه الأمور في هذا الصدد. (يو بي آي)