محاولة حل مسألة الحدود النهائية مع الفلسطينيين تضييع للوقت لانها في نهاية الأمر ستجد حلها وفقا لمعادلات الواقع السياسي

حجم الخط
0

محاولة حل مسألة الحدود النهائية مع الفلسطينيين تضييع للوقت لانها في نهاية الأمر ستجد حلها وفقا لمعادلات الواقع السياسي

محاولة حل مسألة الحدود النهائية مع الفلسطينيين تضييع للوقت لانها في نهاية الأمر ستجد حلها وفقا لمعادلات الواقع السياسي علي عكس ما تُظهره آخر استطلاعات الرأي العام في اسرائيل، هناك شكوك كبيرة حول ما اذا كانت العملية الانتخابية قد انتهت. فالمعسكرات الحزبية ستبدأ جديا في الاسبوع القادم، وبعد أن تم تشكيل القوائم الداخلية للاحزاب (والنزاعات داخل حزب كديما يمكن لها أن تتفجر مما سيؤدي الي انهيار هذا الترتيب داخل الكتلة)، لا أحد يعرف حتي الآن ماذا ستكون انعكاسات وتأثير اريك شارون علي الصوت الروسي ، فهذان عاملان لا زالا يمكنهما التأثير جديا وتغيير الصورة التي نراها الآن.الشيء الوحيد الذي لم يتغير حتي الآن هو الحقيقة الأساسية، وهي أن التنافس الحقيقي علي منصب رئاسة الوزراء يتنافس فيه مرشح أساسي قوي هو اهود اولمرت والذي تُظهر الاستطلاعات أن نسبة فوزه وتأييده حاليا فاقت تلك التي كان يُتوقع لها بالنسبة لشارون، وكذلك هي تفوق كثيرا تلك المتوقعة لاثنين من كبار منافسيه: عمير بيرتس، الذي يوجد عدد كبير من مؤيدي وأنصار حزب العمل لا يرون فيه رئيسا مستقبليا جيدا للحكومة الاسرائيلية، والثاني بنيامين نتنياهو الذي كان في يوم من الايام رئيسا للحكومة، ولهذا السبب تحديدا فهو غير ملائم في أعين الكثيرين لهذا المنصب الآن. ولم تتغير أو تنتفي الحاجة الي أن يقوم كل واحد منهم باقناعنا بضرورة التصويت له في الانتخابات.من الممكن، في الساعات الأخيرة لهذه الاصطفافات الحزبية الداخلية ان تُقدّم نصيحة لهؤلاء الثلاثة المتنافسين تتلخص في سؤال بسيط ساذج: اشرحوا لنا كيف تريدون ادارة شؤون هذه الدولة؟ فرؤساء الحكومات الاسرائيلية (السابقون) اعتمدوا بالأساس علي اعتقاد أساسي يعم الجمهور الاسرائيلي وهو أن الجمهور في اسرائيل لا يريد مديرا قائدا ناجحا وفعالا، بل يريد نموذجا لأب وشخصية أمنية ـ سياسية تُلبي وتستجيب للطموحات في مسألة الاراضي (المناطق) فقط. ايهود باراك وارييل شارون آخر رئيسين للحكومة في اسرائيل قد سخرا بصورة علنية من موضوع ادارة الدولة اليومي ولم يهتموا به. وكلاهما اعتقدا أن الامتحان الصعب والفعلي لرئيس الحكومة هو فقط سلوكه إزاء القضايا الكبيرة مثل موضوع الحدود الدائمة أو موضوع الحرب مع العرب .اولمرت، بيرتس ونتنياهو لم يفوزوا حتي الآن بالتقدير الشخصي الذي حققه ارييل شارون، لذلك، فمن مصلحتهم فحص طريق آخر لتحقيق هذا الأمر، وأن يتصرفوا وكأنهم ليسوا إلا مرشحين لرئاسة بلدية، لأن خطة المئة يوم لكل واحد منهم في حالة وصولهم الي السلطة سوف تخضع للفحص والتنقيب بصورة جذرية وعملية صعبة.علي سبيل المثال، الاعلان عن أنه خلال مئة يوم ستتم دراسة صلاحيات مجلس الأمن القومي الاسرائيلي من جديد، وأن هذا المجلس سيكون مسؤولا عن دراسة وتقدير الاوضاع الاستخبارية القومية (بحيث يقوم رؤساء الأذرع الأمنية بتقديم التقارير لرئيس المجلس الذي سيكون الصلاحية الواصلة بينهم وبين الحكومة)، فان خطوة كهذه تعني بأن المجلس سيقوم بعمل هيئة اركان للحكومة في جميع مواضيع الأمن، وأنه هو الذي سيطرح البدائل والخطط الأمنية، وكذلك فان هذا المجلس الأمني سيقدم البدائل المناسبة للميزانية الأمنية ـ الذي سيعمل علي تقليصها فعليا، ولكن من ناحية اخري ستكون هذه الخطوة عبارة عن التزام جدي لازم لاستقرار طويل الأمد. وعلي سبيل المثال ايضا، أن يتم الاعلان بأنه خلال المئة يوم سيعلن في نهاية المطاف عن تشكيل السلطة الوطنية لمحاربة حوادث الطرق، سوف نجد رئيسا جيدا لها ويصلح للمهمة بحيث تخرج هذه السلطة الي حيز الوجود وتضع خطة لتقليص عدد المصابين وتلزم نفسها بعدد تقديري لذلك. وعلي سبيل المثال كذلك، يمكن للمائة يوم أن يتم فيها اتخاذ القرار المناسب بتبني احدي التوصيات التي أقرتها لجنة دوبرات ، والتي يمكن تبنيها وتنفيذها بدلا من الموقف الصعب السائد حاليا (الذي ينادي به البعض بضرورة تبني جميع التوصيات) كرزمة واحدة، مما أبقاها دون تنفيذ ولو لجزء صغير منها. وعلي سبيل المثال التوصية بعدم السماح للوزراء بتشكيل لجان خبراء مختصة مما يعني تنصلهم من تحمل المسؤوليات، بل أن يعملوا من خلال طواقمهم عملا وزاريا مناسبا، ويكونوا هم ووكلاء وزاراتهم مسؤولين عن تنفيذ المهام ويُحاسبون عليها. ولعل الوزارة الاولي التي يجب عليها الأخذ بذلك هي وزارة الصحة الاسرائيلية التي يجب عليها من خلال خطة المئة يوم أن تضع خطة سريعة لاستقرار الجهاز الصحي ـ المدني الذي ينهار تدريجيا. وكذلك يتم خلال المئة يوم الاعلان عن الغاء الوزارات الحكومية التي لا ضرورة لها، مثل وزارة الاتصالات، علي سبيل المثال.ويمكن أن نضيف الي ذلك أنه خلال المئة يوم يجب أن تبدأ العملية الصعبة جدا، المعقدة والضرورية، التي يتم فيها تحديد الواجبات والحقوق للمواطن العربي داخل اسرائيل، لأن استقرار مثل هذه السياسة في اسلوب التعامل لا يمكن الإبقاء عليها والتي تزيد من حدة المشكلات داخل اوساط الأقلية الفلسطينية، ولأن استقرار سياسة التضييقات عليهم وازدياد أخطارها يوما بعد يوم، لأن خطر تفاقم هذه المشكلة سيؤدي في نهاية الأمر الي انفجارها بحيث سيكون خطرها أكثر وأشد بكثير من جميع الأخطار التي تهدد الدولة من الخارج. ولا يوجد أي حل لمثل هذه المشكلة إلا عن طريق الحوار الداخلي المنفتح، ويكون رئيس الوزراء، شخصيا، علي رأسه.هذه الأمور كلها تعتبر أكثر أهمية، وأقوي من الناحية العملية، ومطلوبة أكثر بكثير من الإسراع الي المباحثات العقيمة حول مستقبل الحل النهائي مع الفلسطينيين، لأن هذا الحل سوف تفرضه، في نهاية الأمر، الوقائع الميدانية.رئيس الحكومة القادم، والذي لن يكون أسطورة تمشي علي الارض، بل سيكون قائدا مدنيا بكل معني الكلمة، هذا الشخص يجب عليه منذ الآن أن يقول لنا كيف سيحوّل اسرائيل لتكون مجتمعا أقل خوفا وتخوفا، وفيها جيش عظيم ومنظم، ولكن الأكثر من ذلك هو كيف سيحوّلها الي دولة تكون بالنسبة لنا مناسبة للعيش فيها .عوفر شيلحكاتب دائم في الصحيفة(يديعوت احرونوت) 18/1/2006

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية