مجزرة المتظاهرين في ليبيا
مجزرة المتظاهرين في ليبياسارعت السلطات الليبية الي تطويق آثار المجزرة التي ارتكبتها قوات الشرطة، وراح ضحيتها 11 متظاهراً، كانوا يحاولون اقتحام القنصلية الايطالية في مدينة بنغازي احتجاجا علي الرسوم المسيئة للرسول محمد (صلي الله عليه وسلم) وارتداء احد الوزراء الايطاليين قميصا يحمل احد هذه الرسوم في بادرة تحد للاسلام والمسلمين.المؤتمر الشعبي العام (البرلمان) اتخذ عدة قرارات في هذا الشأن، احدها اعتبر هؤلاء القتلي شهداء من أجل نصرة الله ورسوله ، واتخذ قرارا آخر بايقاف وزير الأمن العام نصر المبروك عن العمل واحالته الي التحقيق.هذه الاجراءات علي اهميتها ليست كافية، وربما يكون الوزير المبروك هو مجرد كبش فداء يقدمه النظام الليبي ضحية لامتصاص النقمة الشعبية العارمة علي مثل هذا التصرف الارعن والدموي من قبل قوات أمن جاهلة حاقدة علي ابناء شعبها.لقد شاهدنا مظاهرات اكثر ضخامة وشراسة من تلك التي عمت مدينة بنغازي، ولكننا لم نقرأ او نشاهد اكثر من تلك القسوة والشراسة اللتين تم من خلالهما التعامل مع المتظاهرين والمحتجين الليبيين.نفهم ولا نتفهم مثل هذه القسوة لو كان المتظاهرون مسلحين، او سقط القتلي الشهداء في مواجهات متبادلة وبالرصاص مع قوات الأمن التي اضطرت للدفاع عن نفسها، ولكن المتظاهرين كانوا مواطنين عاديين عزلا اختاروا اسلوبا سلميا وحضاريا في التعبير عن غضبهم واستيائهم من اهانة دينهم وعقيدتهم والتطاول علي اكرم الانبياء وانقاهم واشرفهم.ان هذه المجزرة ، ونصر علي انها مجزرة، تكشف عن تربية أمنية وسياسية واجتماعية متخلفة لقوات الأمن الليبية، مثلما تكشف عن تعامل هذه القوات، او بعض وحداتها، مع الشعب الليبي وكأنه العدو الذي تجب تصفيته، لا الذي تجب حمايته والدفاع عن مصالحه.قوات الأمن في جميع انحاء العالم تواجه مظاهرات واحتجاجات بصفة شهرية او سنوية، ولكنها لا تطلق النار علي المتظاهرين بهذه الطريقة الوحشية، وتتحلي بأعلي درجات ضبط النفس وتستخدم طرقاً اكثر حضارة وكفاءة في التعامل مع احداث كهذه.هناك وحدات خاصة في جميع اجهزة الأمن في العالم، تسمي وحدات مكافحة الشغب، يتم تدريب افرادها علي كيفية مواجهة الاحتجاجات، والادوات التي يمكن استخدامها في هذا الصدد مثل الرصاص المطاطي، ومدافع المياه، بحيث يتم تجنب اكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية، ولكن يبدو ان قوات الامن الليبية والمشرفين عليها لا يتعاملون او لا يعرفون مثل هذه الاشياء البديهية والمتعارف عليها في جميع بلدان العالم، بما فيها تلك الاكثر تخلفاً.التحقيق مع المتورطين في هذه المجزرة، وايقاف وزير الأمن، وارسال المصابين الي الخارج للعلاج كلها اشياء ايجابية، ولكن هذا لا يعني انها كافية، فلا بد من مكافحة الخلل الاساسي، وايجاد حلول جذرية له، الا وهو نوعية العقلية التي تتعامل مع الشعب الليبي بهذه القسوة كأنه من صنف غير بشري، ليست له أي حقوق ولا يستحق الاحترام.فعندما تقع ممارسات دموية وحشية كهذه في حق متظاهرين عزل، وعلي ايدي قوات أمن عربية اسلامية، كيف سنلوم الجنود الامريكيين علي انتهاكاتهم لحقوق السجناء في سجن ابو غريب، او نلوم القوات البريطانية علي اعتدائها بالضرب علي صبيان عراقيين في البصرة؟9