متحف شخصي لأندر آلات العرض السينمائي تنتظر ان تتحول إلي متحف وطني؟

حجم الخط
0

متحف شخصي لأندر آلات العرض السينمائي تنتظر ان تتحول إلي متحف وطني؟

اول الة عرض استخدمت بسورية.JPGمحمود حديد ذاكرة السينما السورية:متحف شخصي لأندر آلات العرض السينمائي تنتظر ان تتحول إلي متحف وطني؟دمشق ـ القدس العربي ـ من أنور بدر: فوجئ الكثيرون ممن حضروا حفل افتتاح مهرجان دمشق السينمائي الرابع عشر، بوجود محمود حديد مكرماً بين نخبة من المخرجين والممثلين وصناع السينما، رغم أن محمود حديد ليس نكرة في عالم السينما، إذ سبق له وأقام عدة معارض لمقتنياته الشخصية من أندر آلات العرض ليس في سورية فحسب، بل ربما في العالم، لكن المفاجيء أن تهتم المؤسسة العامة للسينما بهذا الجهد الشخصي وتكرمه. في المعرض الأخير لأندر الآلات السينمائية الذي أقيم علي هامش المهرجان، زارت القدس العربي هذا المعرض، والذي يشكل متحفاً شخصياً لتلك الآلات القديمة، والتقت مع أقدم عارض سوري ما زال علي قيد الحياة، إنه السيد محمود حديد الذي يشكل ذاكرة السينما السورية، وسألناه: أستاذ محمود حديد كيف بدأت فكرة المعرض لديكم؟ منذ عام 1970 أخذ الأستاذ نذيه الشهبندر بعدما تقدم به العمر، يدلني علي أهمية اقتناء هذه الآلات القديمة والتي نسقت من دور العرض، باعتبارها تراثاً للسينما والفن السابع، وكان يحدثني عن كل آلة: تاريخها، صنعها، تاريخ استيرادها، تاريخ عملها في السينما السورية، وكنت أدون هذه المعلومات، مع استمراري بجمع هذه الآلات القديمة. وفي مئوية السينما في عام 1997، طلب إليّ المركز الثقافي الفرنسي بدمشق، باعتباري مشرفاً علي آلات العرض فيه، أن أشارك بالاحتفال الذي يعدون له بهذه المناسبة،حيث أقمت أول معرض لي، جمعت فيه أهم آلات العرض والقطع الفرنسية الصنع، وبعض القطع الأوروبية، وقدمت لي الممثلة الفرنسية العالمية كاترين دونوف التي حضرت هذا المعرض شهادة تقدير، مع تكريمي من قبل المركز الثقافي الفرنسي. بعدها شاركت في المركز الثقافي العربي بدمشق في حفل تأبين المرحوم نذيه الشهبندر، وتحدثت عنه وعن الأستاذ يوسف فهدة الذي صنع ثاني فيلم سينمائي في سورية، وله فيلمان غريب في داري و لمن تشرق الشمس ، وأشرت أن هذا الأخير كان تصويراً وإخراجاً وطباعة سورية، لكن الإنتاج لبناني لذلك مثل السينما اللبنانية في مهرجان موسكو السينمائي عام 1957، وكُرمت في هذا الحفل أيضاً للمرة الثانية، كما قدم الأستاذ صلاح الدهني حلقة كاملة في التلفزيون العربي السوري باسم عالم السينما عن محمود حديد، وكرمني أيضاً. ومع مجيء الأستاذ محمد الأحمد لإدارة المؤسسة العامة للسينما، وفي دوراته الثلاث الأخيرة كنت مدعواً لإقامة معرضي الشخصي لأندر الآلات السينمائية، لكن التكريم الأهم كان في هذه الدورة الأخيرة. رغم أنني لم أكن أعرف الأستاذ الأحمد إلا من خلال برنامجه التلفزيوني عن السينما، إلا أنني شعرت أننا كنا نحتاج هذا الرجل في المؤسسة العامة للسينما، فلو تسلّم فيها زمام الأمور منذ عشرين سنة لكان واقع السينما السورية الآن أفضل بكثير. دعنا نعود إلي عملك كعارض سينمائي، حيث لقبت بشيخ الكار؟ أُعتبر الآن أقدم عارض سوري علي قيد الحياة، إذ كنت في فترة مبكرة جداً ثالث عارض في السينما السورية، بعد الأستاذ نذيه الشهبندر والأستاذ أحمد الخضري. وأفتخر بأنني تتلمذت علي يدي الأستاذ الشهبندر، وكنت امتداداً له، وهو الذي أرسي معالم السينما السورية، وعلمني أهمية جمع وحفظ تراث السينما. ولو عدنا إلي خمسينيات القرن الماضي، فإننا سنعرف أهمية وجود تنظيم لمهنة العارض السينمائي، هذا العارض كان عليه في بداياته أن يعمل لسنة أو سنتين بمسح الأرض وتنظيف المكنات وقلب الفيلم فقط، وهو يتمرّن في أول سلالم المهنة. وحين يرضي عليه معلمه كان يتقدم للامتحان أمام الأستاذ نذيه الشهبندر، لينال شهادة حسن سلوك من صاحب الصالة ومن الميكانيكي فيها، ليصبح معاوناً، فيتحسن راتبه، ويصبح ملماً في بداية المصلحة، ثم يمضي سنتين تاليتين ليتعلم فيهما وصل الفيلم أو النقل من مكنة لأخري، تركيب الفحم، المرايا، النيت، الصوت وتغييره، ضبط صورة النيت، ويعود بعدها للوقوف أمام الأستاذ الشهبندر أو الأستاذ الخضري، للحصول علي شهادة العارض، وفي الفترة الأخيرة كانوا يقفون أمامي. أعتقد أن حبي لفن السينما ولمهنة العارض حفزاني علي تخطي الكثيرين من زملائي في المهنة، رغم أنني لست أكبرهم سناً، فأنا في عام 1965 أصبحت مشرفاً، ومن أجازني لذلك هم أساتذتي الكبار الشهبندر والخضري لأكون ثالثهم. أما في هذه الأيام فنحن افتقدنا كل هذه التقاليد وتلك التدريبات، في هذا اليوم تجد شخصاً يقف علي الباب، وفي اليوم التالي يكون في الكبين، وبذلك وئد الكار، وضاعت أصوله. ما هي أسباب ذلك برأيك؟ لقد بدأت السينما بأشخاص هم الذين بنوا دور العرض، وعاصروا تطور هذا الفن، بينما القائمون عليها الآن هم إما ورثة أو مستأجرون أو مستثمرون، وهم غالباً لا يهتمون بالسينما كفن، جلّ اهتمامهم هو التوفير بالنفقات. الشخص الأول، صاحب السينما كان ملماً بالصوت والصورة، وكان يراقب بعينيه نظافة الصالة والكراسي، وعندما تأتيه شكوي علي عامل كان يصرفه من الخدمة، كانت توجد طقوس للمشاهدة السينمائية، وكانت العائلات والسيدات يحضرن إلي السينما كطقس راقٍ، هذا ما افتقدناه مؤخراً. أرجو أن تحدثنا عن ذلك الطقس الذي افتقدناه؟ فقدت السينما أشياء كثيرة، ففي ذلك التاريخ كان الإنسان يضع برنامجاً لنفسه إذا أراد أن يشاهد فيلماً سينمائياً، أو عرضاً للأزياء، وإذا أراد الاستمتاع برائحة العطر كان يحجز لنفسه في الصالة أو البلكون، لأننا كعارضين كنا نضع العطور في مبخرة التبريد، وكان لكل مواطن طقوسه الخاصة، إما ماتيني أو سواريه، يلبس فيها أفضل ما عنده ويذهب إلي السينما، حتي إذا أراد أن يخطب فتاة كان يذهب إلي السينما. وكان يوجد شيء آخر مرتبط بهذا الطقس، إنه الرومانسية، إذ كنت أشاهد أثناء تشغيل الفيلم بكاء الناس عندما لا تستقيم أمور البطل مع حبيبته، وكان الجمهور عندما يسمع أغنية قلبي يا مجروح يبكي أكثر مما يبكي فريد الأطرش. هذه الرومانسية افتقدناها لأسباب تتعلق بالفترة الزمنية، بالتطور التكنولوجي، بتأخر أصحاب الصالات عن ترميم وإحياء صالاتهم، و تقصيرهم عن تأمين العارض الجيد، وربما يتعلق الأمر بأشياء كثيرة أخري فقدناها أيضاً في حياتنا. هل تحدثنا عن صالات دمشق القديمة؟ من الصالات التي انقرضت أذكر لك صالة زهرة الشام ، التي تحولت إلي سينما فريال ثم صالة القاهرة ، وكانت في مدخل الصالحية قبل سينما الأمير . كما كانت توجد سينما مسرح النصر التي تحولت إلي سينما سورية ، وهي مكان النفق الحالي في شارع الثورة. وكان يوجد في المرجة سينما الكوزومرغراف وأصبحت تعرف فيما بعد بسينما أمية ، وكذلك سينما راديو . وأذكر أن الفرنسيين أشادوا سينما عائدة لضباطهم، وتحولت إلي سينما بالاس ، وكان هناك في القصاع سينما قصر البلور ، وسينما روكسي ، وفي حارة الزيتون أقيمت سينما البطركية داخل البطركية، كما أقيمت في باب توما سينما الهيرا لنذيه الشهبندر، والتي تحولت إلي استديو الشهبندر لاحقاً. وكان يوجد أيضاً سينما الرشيد الصيفي المكشوف، مكان المركز الثقافي الروسي حالياً. ومن الصالات القديمة التي عمرت حتي الآن أذكر سينما الأمير ، وسينما أمية ، وسينما العائلة التي تحولت إلي سينما دمشق ، كذلك سينما دنيا وسينما الفردوس وسينما غازي لا تزال موجودة أيضاً، إضافة لسينما أدونيس التي تحولت إلي سينما بلقيس ثم الكندي حالياً. ماذا عن بدايات صناعة السينما السورية؟ أول فيلم صامت أخرجه أيوب بدري باسم المتهم البريء ، وبعده عمل إسماعيل أنذور فيلماً، وكذلك الأستاذ أحمد عرفان، لكنها أفلام صنعت بأجهزة مستوردة، بينما أول فيلم أخرجه نذيه الشهبندر نور وظلام عام 1948، وسمي لاحقاً نور وظلال ، فقد نفذه علي أجهزة وآلات من صنعه، بدءاً من مكنة التصوير وآلة التحميض وأجهزة طباعة الصوت والصورة، لذلك أعتبر هذا الفيلم أول فيلم وطني مئة بالمئة، وآمل أن يكون أولاد المرحوم الشهبندر لا زالوا يحتفظون ببعض الآلات من صنع والدهم. بعدها اتجه الأستاذ الشهبندر إلي أعمال الدعاية والصوت السينمائي إضافة إلي عمل الصيانة، فهو أستاذ في هذه المجالات. وقد كان فيلم نور وظلام أول فيلم غنائي سوري من بطولة رفيق شكري ولمياء فغالي. أما ثاني فيلم غنائي سوري فهو عابر سبيل للملحن والمطرب نجيب السراج. إذا عدنا إلي معرضك الحالي، ما هو الجديد فيه؟ في هذا المعرض قدمت آلة نادرة عمرها 119 سنة، بحقيبتها الجديدة وهي آلة 5.9 مم، مع عشرة أفلام لها. وهي تعد من أندر آلات العرض في العالم التي اخترعت بعد تحريك عربة فرادي مباشرة. كما قدمت في هذا المعرض عربة فرادي، وهي نادرة جداً، وتعتبر أول محاولة في العالم لتحريك الكادر السينمائي، وكان العرض يتم بشكل شاقولي وليس أفقياً، وهي من إنتاج فرنسا عام 1825، كذلك قدمت في هذا المعرض أول آلة صامتة دخلت سورية سنة 1912من نوع إيرلمن وان وظلت تعمل حتي عام 1928، وعليها تم عرض أول فيلم سوري بعنوان المتهم البريء ، كما قدمت أول آلة عرض سينمائية ناطقة دخلت سورية عام 1937، وقدمت أول عروضها في مقهي الروضة بدمشق. ما هي أمنياتك في نهاية هذا اللقاء؟ أنا دائماً أري الضوء في الأفق، وإن كنت أعتبر التكريم الذي حصلت عليه تكريما للسينما والسينمائيين في سورية، فإنني أتمني علي المؤسسة العامة للسينما أن تستفيد من هذه الآلات القديمة، وأن تقيم متحفاً وطنياً للسينما أو الفن السابع، يحوي إضافة للآلات والأجهزة القديمة، ما يوجد في مستودعات المؤسسة من أشرطة سينمائية ونسخاً من الأفلام ومن التسجيلات والحفلات النادرة والتي نكاد نفتقدها نتيجة التخزين في مستودعات ضمن شروط سيئة. 0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية