مؤتمر موسع بالمجلس الأعلي للثقافة لبلوغ مشروعه في الترجمة الرقم 1000

حجم الخط
0

مؤتمر موسع بالمجلس الأعلي للثقافة لبلوغ مشروعه في الترجمة الرقم 1000

شكاوي من قلة التمويل وعدم حصول المترجمين علي أجورهممؤتمر موسع بالمجلس الأعلي للثقافة لبلوغ مشروعه في الترجمة الرقم 1000 القاهرة ـ القدس العربي ـ من محمود قرني: انتهت فعاليات الملتقي الدولي الثالث للترجمة الذي عقده المجلس الأعلي للثقافة احتفالا ببلوغ المشروع القومي للترجمة الألف كتاب الأولي المترجمة عن اللغات الأصلية.شارك في المؤتمر ما يتجاوز مئتين وخمسين باحثا ومترجما ومبدعا وعقد ما يربو علي الأربع وثلاثين ندوة وأربع موائد مستديرة خلال أربعة أيام تناولت بالنقاش المشروع القومي للترجمة، والترجمة والتنوع الثقافي ومشكلات الترجمة وتقنياتها وترجمة الأدب العربي في اللغات الأجنبية. كان من أبرز المشاركين الطيب صالح، إنجفار ريدربرج، إنجليكا نويفرت، حسين نصار، سلمي الخضراء الجيوسي، مارجريت أوبانك، صلاح نيازي، المهدي إخريف، سالم يفوت، واسيني الأعرج، منذر عياشي، فريال فيلالي، محمد علي فرحات، أنطون حمصي، بكر الكوسوفي، ثريا إقبال، جمانة حداد، حمادي صمود، دانيال نيومان، حسين ياغي، عبد الملك مرتاض، عيسي مخلوف، عبد الواحد لؤلؤة، بلدار المفتاري، عيسي مميش، كاظم جهاد، إنعام بيوضي، وعدد آخر من الباحثين والمترجمين والمبدعين. وقد جاء الافتتاح رسميا خالصا بعد وضع اسم المؤتمر تحت رعاية السيدة سوزان مبارك التي قادت حفل الافتتاح، وقد قصرت رئاسة الجمهورية الدعوة علي صحافيي الرئاسة دون غيرهم من المحررين الثقافيين المعنيين بالأمر برمته. وقد حضر الافتتاح إلي جانب السيدة الأولي وزير الثقافة فاروق حسني وجابر عصفور الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة، وتم تكريم عدد من الأسماء ذات الإنجاز في حقل الترجمة. ويسعي الدكتور جابر عصفور سعيا حثيثا إلي الحصول علي موافقة الرئاسة المصرية علي إنشاء ما يسمي بالمركز القومي للترجمة ليستقل بمشروعه عن المجلس الأعلي للثقافة الذي ربما يغادره بعد بلوغه السن القانونية بعد التجديد له في آذار (مارس) القادم. وقد أشار الأمين العام في كلمته إلي المشكلات المالية التي يواجهها المشروع وتأخر عدد من الكتب بسبب انعدام التمويل وتأخر نفقات وأجور المترجمين لفترات طويلة، وقد كشفت معروضات المشروع من الكتب عدم وصول المشروع إلي الرقم المستهدف، فرغم وصول المشروع إلي الرقم 1000 إلا أن هناك أرقاما عديدة سقطت في الطريق لأسباب بعضها فني وبعضها مالي وإداري. وسوف نحاول هنا رصد أهم المحاور والندوات التي تناولها المؤتمر الذي امتد لأربعة أيام متصلة.مأزق الترجمة في الوطن العربيفي أولي ندوات المؤتمر ناقش أربعة من الكتاب والمترجمين الثقافة وغياب الاستراتيجية العربية في مسألة الترجمة وقد أدار الندوة الكاتب والمترجم شوقي جلال. الورقة الأولي كانت للدكتور عبد الواحد لؤلؤة وكانت تحت عنوان الترجمة ومشكلات الثقافة حيث قال إن الترجمة أو النقل كما يريد الجاحظ تتطلب من الناقل أن يتقن اللغتين: المنقول منها والمنقول إليها، إلي جانب معرفة طيبة ببعض اللغات التي تتصل بهاتين اللغتين، إضافة إلي معرفة عميقة بثقافة اللغتين، من تاريخ وتطور ظهرت آثاره في بروز مصطلحات ومفهومات لم تكن معروفة من قبل. وتضيف الورقة أنه يدخل في هذا الباب ثقافة الناقل نفسه، الذي يجب أن يكون علي معرفة بالفروق بين لغة أجنبية واحدة مستعملة في أكثر من بلد واحد، مثل الإنكليزية المستعملة خارج بريطانيا، في أمريكا مثلا، أو جنوب أفريقيا أو أستراليا، أو مثل الفرنسية المستعملة خارج فرنسا، في بعض الدول الأفريقية مثلا، أو الإسبانية خارج إسبانيا: في بعض دول أمريكا اللاتينية، ويضيف لؤلؤة إلي ذلك أنه علي الناقل أن يكون مطلعا علي ظروف الحياة والمجتمع في بلاد ينقل عن لغة أهلها نصوصا يريد لها أن تكون مفهومة مستساغة في اللغة التي ينقل إليها، ويقول إن ضعف الناقل في بعض هذه الأمور أو في أغلبها لا ينتج نقلا مستساغا، إن لم يكن غامضا او حرفيا، يقوم علي المقابل المعجمي دون الاهتمام بالسياق. أما الشاعر والمترجم عيسي مخلوف فقدم ورقة بعنوان الترجمة بوصفها رهانا ثقافيا قال فيها إن المداخلة تتطرق لبعض الأسئلة في عالمنا العربي الراهن ولا يستقيم الحديث عن الترجمة من دون ربطها باللغة، ليس فقط اللغة التي تترجم من خلالها لغة الأدب، وإنما أيضا اللغة التي تنقل العلوم والفلسفة والفكر، وكذلك الابتكارات العلمية والتقنية الحديثة. وأضاف مخلوف في ورقته قائلا: إن مشكلتنا مع اللغة اليوم هي جزء من مشكلة أعم وأشمل، وكما أن هناك دولا علي طريق النمو، هناك أيضا لغات علي طريق النمو، مثلما هناك لغات انقرضت أو هي علي طريق الانقراض، ويقول عيسي إن السؤال هنا هو في كيفية تطويع اللغة، والإفادة من اشتقاقاتها وإمكاناتها، وجعلها انعكاسا فعليا لوجودنا وثقافتنا وحركة أجسادنا والعمل علي رفعها إلي مستوي العصر. ومن هناك يكتب عيسي في ورقته ثلاث نقاط جوهرية الأولي تتناول الفوارق القائمة بين ترجمة الأدب من جهة، وترجمة العلوم والفكر من جهة ثانية. وأين هي عندنا هذه الفوارق وبأي لغة نبحث عن المعادلات المناسبة والإيقاع الملائم. أما النقطة الثانية فتدور حول المقاييس التي تخضع لها الترجمة، ويقول عيسي هنا: إنني انطلق من تجربتي الذاتية في الترجمة من اللغتين الاسبانية والفرنسية، أدبا وفكرا، وبالأخص من خلال مسرحية مهاجر بريسبان لجورج شحادة، أما النقطة الثالثة فتدور حول خلاصات واقع الترجمة في العالم العربي وكيف أن الحديث عن الترجمة هو حديث عن أحد رهانات الثقافة. أما الدكتور مجاهد عبد المنعم مجاهد فقدم ورقة تحت عنوان الترجمة والبحث عن المثقفين ، أشار فيها إلي أن المشروع القومي للترجمة الذي يقوم به المجلس الأعلي للثقافة حقق إنجازا كبيرا بإيجاد المثقفين وقد آن أن نطرح رؤية جديدة للثقافة من خلا ل أرسطو وهيغل بصفة خاصة للإسهام في إيجاد المثقفين ــ بكسر القاف ــ وهم صناع الثقافة. وأضاف مجاهد أنه سبق لأرسطو أن عرف المثقفين شأنهم حيث يطرحون العلل والأسباب وبالتالي يطرحون القوانين تمهيدا للسيطرة علي العالمين الطبيعي والإنساني وبالتالي فإنهم الأحرار الحقيقيون، لأنهم تحرروا من المصادفة والضرورة العمياء، ويضيف مجاهد أن هيغل يري أن الحرية ليست هي حرية القول والفعل بل حرية السيطرة بالقوانين علي عالم المادة وعالم الروح، أي تفهم الضرورة فيزداد الإنسان حرية، ويضيف أنه علي هذا سيجدد المثقفون الذين يبرزون في كتاباتهم كيف يتم للإنسان الخروج من الجزئي إلي الكلي ومن الحسي إلي العقلي ومن المباشر إلي اللامباشر ومن المتناهي إلي اللامتناهي ومن هنا يوجد الإنسان الكامل والشامل.ترجمة الشعر وأفق المعرفةهذه الندوة التي تحدث فيها أربعة من المبدعين والباحثين وأدارها الشاعر أحمد عبد المعطي حجازي كان الموضوع فيها هو الشعر وترجمته. قدم المترجم والشاعر كاظم جهاد ورقة تحت عنوان ترجمة الشعر أفقا للمعرفة قال فيها: إنه يسود في الثقافة العربية تصور للمعرفة يختزلها إلي العلوم الإنسانية والممارسات التحليلية والمباحث الفكرية العامة، وهنا يري جهاد أن العمل الأدبي والشعري بخاصة يساهم هو الآخر في تجذير المعرفة بالذات، ويقول: أيا كانت علاقة الشاعر بالمعرفة، عرفانية أو برهانية، جدلية أو تخمينية، مادية أو مثالية، انطباعية أو تجريدية، فهو غالبا ما يصدر في عمله الشعري عن معرفة، وغالبا ما يساهم في إنتاج فكر كان في العصور القديمة بين العراف والكاهن والحكيم وقد يجد نفسه نبيا.. ويضيف جهاد أن الشاعر في العصر الحديث هو صنو الفيلسوف، يدفعه إلي الغوص في فلسفته الضمنية، وما شروح هايدغر لعمل هولدرين الشعري إلا مثال دال علي ميراث شائع، ويضيف كاظم جهاد أنه لا يصدر للشاعر في عمله عن معرفة حدسية مذوبة في النفع الشعري فحسب، بل يحدث أحيانا أن يردفها داخل القصيدة وخارجها برؤية معرفية لنفسه وللعالم بتصور نقدي للغة والفن الشعري وأحوال العصر، ويضيف أن هوميروس كان مؤرخ اليونان القديم وناقل أساطيرها ومدون معارفها وليس مغنيها الأكبر فحسب، دانتي هو شاعر العشق الذي جعله يقفو آثار بياتريش في العالم الآخر، ولكنه في الأداء ذاته محدد الخطاب الشعري ومجترح اللغة الإيطالية وناقل التاريخ السياسي والاجتماعي لشعبه والمبشر عبر شعره الذي اتسع ليحتضن الفكر الموسوعي الأكثر طموحا وامتدادا. أما بالنسبة للشعراء العرب فيري جهاد أنهم أيضا أصحاب المعلقات وقد جدلوا الفكر بالشعر دون أن يفقدوا شعرهم رؤاه أو يغربوه عن طبيعته الشعرية، وأضاف أن شعراء النهضة أو رواد الشعر الإحيائي العرب بدأوا هم أيضا بأن عزوا لأنفسهم قدرات العراف والخطيب والقائد السياسي والحكيم. أما المترجم والكاتب يوسف بكار فقد قدم ورقة تحت عنوان الترجمة الفارسية لأشعار سعاد الصباح. قراءة نقدية . يتناول بكار ترجمة أربعة من دواوين الشاعرة سعاد الصباح إلي الفارسية وهي الدواوين التي يترجمها حسن فرامرزي وفرهاد فرامرزي. أما المترجمة نجوي عمر كامل فقدمت ورقة بعنوان الترجمة ومجتمع المعرفة قالت فيها إن المجتمع العربي في سعيه الحثيث إلي التقدم واللحاق بالركب ومواجهة التحديات المختلفة يجد نفسه أمام مجموعة من القضايا المصيرية التي قد يمتلك مفاتيح لها، أو بعضها ــ علي الأقل ــ وفي مقدمة هذه التحديات الوجود الإسرائيلي في المنطقة، وتفعيل هذا الوجود بوصفه مبنيا علي أيديولوجية خاصة تسعي لتهميش الوجود العربي أو القضاء عليه تماما لو سنحت الفرصة، لذلك لم تعد المواجهة مع إسرائيل عسكرية فقط، ولا حتي سياسية واقتصادية وإنما أصبحت مواجهة فكرية. لذلك أصبح لازما علي المجتمع العربي أن يحاول تأصيل معرفته بالآخر وهو حقيقة تقوم أولا علي الاعتراف، ثم علي الاقتراب الفكري الذي يتيح أكبر قدر من المعرفة. وتقول نجوي إنها لذلك اختارت أن تناقش حركة الترجمة من اللغة العبرية إلي اللغة العربية في مجال الأدب ومعرفة ما إذا كانت هذه الحركة علي نفس مستوي الترجمات من اللغات الأجنبية من حيث الكم والكيف. وتقول نجوي إن مصر هي الشريحة الممثلة للأقطار العربية في هذه الورقة، فلم تتعرض لحركة الترجمة من العبرية التي قام بها عرب آخرون من بلاد عربية أخري وتقول المترجمة إنها اختارت مصر لسهولة الوصول إلي الترجمات المطلوبة وللتقارب بينها وبين الكيان الإسرائيلي، وحتمية العلاقات بينهما وكذلك لوجود أقسام لتدريس اللغة العبرية في الجامعات المصرية.وتدرس الورقة أيضا نماذج من الترجمات الأدبية في مجالي الشعر والنثر. كان هذا المحور يتناول تحليلا مضمونيا للمشروع القومي للترجمة وكانت الورقة الأولي فيه للدكتور حسن حنفي الذي أشار إلي أن الترجمة لفظ جديد معرب عن اللاتينية في حين أن اللفظ القديم هو النقل، أما الترجمة عند القدماء فتعني السيرة الذاتية ومنها كتب التراجم، ويضيف أن الترجمة عنصر واحد من عناصر النهضة الحضارية من مركب ثلاثي يضم الترجمة والنثر والتأليف، الترجمة للوافد والنثر للموروث، والتأليف وهو تفاعل الوافد والموروث من اجل إبداع نص جديد، ويضيف حنفي أن الترجمة ليست مجرد نقل معلومات من لغة إلي أخري أو من ثقافة إلي أخري بل هي اختيار إرادي مقصود للتعرف علي ثقافة الآخر بناء علي احتياجات الذات، فقد تمت الترجمة القديمة لأرسطو لتدعيم العقلانية الناشئة، كما تمت الترجمة الحديثة لفلاسفة التنوير لتدعيم النهضة العربية الإسلامية الجديدة. أما الدكتور ماهر شفيق فريد فقدم ورقة حول مناقب المشروع القومي للترجمة وقدم الناقد فتحي العشري ورقة حول الموضوع ذاته. وتبقي في النهاية إشادة واجبة بالمشروع في مجمله، علي ما قدمه من مراجع مهمة وحديثة في مختلف المعارف ومن العديد من اللغات لا سيما ما كان مهملا منها، خاصة وأن المجلس الأعلي للثقافة لا ينشر الترجمات إلا من لغاتها الأصلية، وهو تقليد يجب أن تتبعه دور النشر العربية كلها. إلا أن الأمر في النهاية سيظل محاولة قاصرة لم تبلغ مداها لأسباب مختلفة اولها أنها لم تنجح في تقريب الفجوة بين ما تترجمه مصر وما تترجمه نظيراتها ويظل المترجم في إسرائيل سنويا يتجاوز ما يترجمه العالم العربي مجتمعا، وثانيها ان التعامل مع موضوع الترجمة باعتباره تزيدا أو ترفا يمكن الاستغناء عنه يعني ان المخصصات التي تنفقها الدولة في هذا الاتجاه مقصورة علي فتات الإنفاق الحكومي غير المتناهي. وثالثها أنه من العبث ومن السخرية والبلاهة أن نتحدث عن شيء اسمه المشروع القومي للترجمة وهو لا يملك منفذا واحدا للتوزيع إلا منفذ الجهة التي تصدره علي طول الجمهورية وعرضها ولا يطبع من كتبه أكثر من ألف نسخة. أظن أن المشروع القومي في تعريفه العام يحتاج إلي دعم أكبر من الدولة، ليتجاوز كونه مشروعا دعائيا إلي كونه مشروعا يهدف إلي تغيير المجتمع.0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية