لم يتوقع أحد أن يترك شارون الليكود الذي أسسه بنفسه وأن يتخلي عن بيريس حزب العمل الذي ترعرع وشاخ فيه
أربع ملاحظات علي عام 2006؟لم يتوقع أحد أن يترك شارون الليكود الذي أسسه بنفسه وأن يتخلي عن بيريس حزب العمل الذي ترعرع وشاخ فيه1 ـ لا يوجد أي مستشار استراتيجي أو محلل، أو راصد ولا يعمل بالسياسة توقع في شهر كانون الثاني (يناير) من عام 2005 أنه خلال تلك السنة سيتم اخلاء منطقة غوش قطيف دون أن تُسفك أي قطرة من الدماء، ودون وقوع حرب أهلية.. ولا أحد توقع، ايضا، أن يستقيل بنيامين نتنياهو من الحكومة، وأن يقرر ارييل شارون أن يترك الليكود بين عشية وضحاها، الحزب الذي أقامه بيديه، وأن يقيم حزبا جديدا أصبح بسرعة الحزب الأكبر في الدولة، كما لم يتوقع أحد أن ينهار حزب شينوي وأن يبقي تومي لبيد وحده ليصارع من اجل حياته السياسية، وأن يتخلي كل من تساحي هنغبي وشمعون بيريس عن حزبه وأن يجلسا معا جنبا الي جنب حول طاولة حزب شارون الجديد، وأن يُصاب شارون بجلطة دماغية تلقي بالظلال علي قدرته وامكانيته في مواصلة قيادته للسلطة مع أنه لم يتوقع أحد ذلك من شخص قوي كان يشكل كتلة من القوة.هناك تقدير معقول بأن يُصاب المنجمون ايضا لعام 2006، بالخيبة، فحتي هذه الايام لم يتمكنوا من الهزات الارضية، ولا موجات التسونامي وعمليات كبيرة مثل التفجيرات في مركز التجارة العالمي في نيويورك. وبالدرجة الاولي فهم لا يعلمون كيف سيصوت هؤلاء الذين لا زالت مواقفهم في استطلاعات الرأي غير محددة، لا نعرف كيف سيصوتون! مع أن ثلاثة اشهر عندنا تُعادل ثلاثين سنة في سويسرا، فهم لا زالوا يجهلون.. هناك في الأفق يلوح سباق التمهيديات في حزب العمل.. وانتخابات السلطة الفلسطينية.. وتناثر الاحزاب، فلن يبقي أي حزب علي حاله، لا الكبير علي كبره ولا الصغير علي صغره علي نحو ما نتوقعه الآن، ولا توجد دراما محددة يمكن أن نتوقعها حاليا.2 ـ صرخة الحرب الاولي والتي أطلقها أور بيرتس أنه قد حان الوقت انها تعني كل شيء ولا شيء في نفس الوقت. لماذا ولمَن قد حان الوقت؟ ، هل هو للشارب، أم لخصلة الشعر، أم للملابس القطنية دون ربطة العنق؟ انه لا شيء سوي أن عمير بيرتس نفسه يمثل بيرتس دون تغيير، وأن مثل هذه الصرخة تبشر فقط بعودة الانتخابات علي أساس شخصي.فبعد أن ألغيت هذه القاعدة وعادت الانتخابات لتكون علي أساس وقاعدة حزبية، عاد وولد من جديد هذا الشوق للتمحور حول الشخص الذي في مقدمة صانعي السياسة الحقيقيين.شارون، بيريس، بيرتس، بيبي نتنياهو، ايهود باراك، موشيه فايغلين وعوزي لنداو، جميعهم نجوم هذه الارض الممتازة، جميعهم عادوا الي اسلوب الانتخاب الشخصي، ولكن من الباب الخلفي، واللجان المركزية والتمهيديات وبقية الهياكل السياسية المتهاوية الاخري التي تسربت الي داخلهم فيما مضي، أوجدت حالة جديدة رأي فيها هؤلاء القادة أنفسهم أسري لديها. والجمهور الاسرائيلي الذي يئس من استمرار البُعد عن السلام، واستمرار الارهاب، ومن الوضع الاقتصادي المتدهور، ومن استمرار الفساد والعنف، يُفضل الالتفاف حول قائد الفصيل، وهي ليست إلا مسألة وقت حتي تصل الدولة الي مرحلة النظام الجمهوري.3 ـ منذ زمن بعيد لم يكن شمعون بيريس مرتاحا أو مسرورا وواثقا من نفسه كما هو حاله منذ قفزته الجريئة من حزب العمل للالتحاق بحزب كديما، وذلك بعد سنوات كثيرة من محاصرته وحرمانه من موقعه القيادي في الحزب الذي ترعرع وشاخ معه. إن جميع المُصلحين، وعلي اختلاف أجيالهم، يرون أن مكانه الصحيح أصبح منذ وقت طويل، أن يكون في ملجأ الكبار لأنه يجلب الضرر للحزب. حتي اسحق رابين لم يستطع تحمله، وفي بداية الولاية الأخيرة للحزب وصفه ساخرا بأنه سوف يعينه وزيرا للهزائم والكُزبرة ، فلا يوجد مهتم يتابعه، سواء كان من الكبار أو الصغار، إلا ووجه له الانتقاد. وشارون نفسه ليس ساذجا حين دعاه للانضمام الي حزبه الجديد ووصفه بأنه ذخر للدولة، فهو يُقدر شخصيته في العالم وعلاقاته، والمقربون من شارون يُقدرون قيمته بثمانية مقاعد، وهكذا وجد هذا المرحوم المبعوث نفسه في السياسة الاسرائيلية مجددا وفي مستهل سيرة ذاتية جديدة. ش.. وش، علي غرار الكهلين المعروفين بالضحك واللذين يؤلفان النكات، هكذا وجدا لنفسيهما لغة مشتركة. ففي البداية وافق شمعون بيريس علي منح التأييد من الخارج، والآن هو يريد أن يكون عضوا في الكنيست. فلماذا؟ يوجد له قريب في العائلة يعمل طبيبا، ويعرف بأن حزبا يعتمد في حكمه علي فارق صوت واحد، فلا أحد يعرف من هو السليم صحيا، ولا أحد يمكن أن يشغل مثل هذا المكان دون أن يكون عضو كنيست. فهل هو خاسر، ماذا؟.4 ـ لا يوجد أي حزب في الدولة يقبل بعدد المقاعد المتوقع حصوله عليها، ولكن شيئا واحدا مؤكدا، وهو أن ارييل شارون سيكون رئيس الحكومة القادم، توجد صيغتان متوقعتان لما سيقوم بفعله حين يتم انتخابه، والصيغة الأكثر توقعا هي أن يُقدِم ومنذ البداية وبقبضة حديدية علي عملية صعبة وقاسية، ويبدأ بعملية اخلاء مستوطنات جديدة، سواء كان ذلك ضمن تسوية أو من غيرها، وهناك من يطلق علي هذا الاسلوب وصف بن غوريونية شارون ، واذا استمرت العمليات المسلحة واستعمال السلاح، فان شارون سيكون المحارب الذي سيضربها. ففي الحرب لا يكون إلا الحرب، لأن فتيل الأمان للذي اضطر لعمل الريجيم القاسي، يعتبر قصيرا جدا، لأن غضبه بسبب ما اضطر للامتناع عن أكله سوف يجعله يتقيأ عليه (الريجيم).يوئيل ماركوسمعلق دائم في الصحيفة(هآرتس) 3/1/2006