لماذا لا يحصل تعاون حقيقي عربي ـ امريكي ـ لاتيني؟
د. محمد عجلانيلماذا لا يحصل تعاون حقيقي عربي ـ امريكي ـ لاتيني؟ رغم السواحل والمحيطات التي تفصل عالمنا العربي عن القارة الامريكية اللاتينية، ورغم صعوبة الاتصالات بيننا، الا ان هذه المجتمعات هي الاقرب من حيث العادات والتقاليد الي مجتمعاتنا، ولا ننسي بأن العرب والمسلمين الذين هاجروا الي هذه البلدان انخرطوا بسهولة في مجتمعاتها وتبوأوا مراكز اقتصادية وادارية وسياسية حساسة جدا ومنهم علي سبيل المثال رئيس الارجنتين السابق كارلوس منعم. والتقارب التاريخي بين مجتمعاتنا وهذه المجتمعات لا يعود فقط الي المهاجرين الاوائل من العرب والمسلمين الذين سافروا علي قارب كريستوف كولمبس والذين استوطنوا هناك هربا من ظلم محاكم التفتيش الاسبانية، لدرجة يوجد في المكسيك مدينة كاملة اسمها قرطبة غالبية سكانها اتوا من بلاد الاندلس.بل ان التقارب التاريخي القديم جدا حاصل جدا بين الحضارة الفرعونية المصرية وحضارة الازتيك والمايا في المكسيك حيث يلاحظ ذلك من الرسوم والنقوش علي اللوحات الفنية لهاتين الحضارتين.وقد سافر العديد من ابناء منطقة الشرق الاوسط اثناء الحرب العالمية الاولي هربا من الجوع والاضطهاد العثماني الي هذه البلدان، وبدلا من ان يبحثوا عن الطعام في هذه البلدان ويزرعوا الحقول، زرعوا شعرا راقيا وفنا ادبيا كبيرا واقصد هنا بشعراء المهجر جبران خليل جبران وايليا ابو ماضي.لقد تحول مهاجرونا هناك الي شخصيات سياسية وادبية واقتصادية، فالاكوادور عرفت رئيسين من اصول لبنانية، والارجنتين عرفت رئيسا لها من اصل سوري، وطربية كان رينا لكولمبيا في فترة من الفترات، وحاكم ساوباولو في البرازيل من عائلة آل معلوف المشهورة. كما ان جدة الزعيم الثوري تشي غيفارا هي من اصول لبنانية.اليوم تعيش مجتمعات دول امريكا اللاتينية ظاهرة وصول احزاب اشتراكية متمسكة بمصالح بلادها ومدافعة عنها بقوة امام اليانكي الامريكي وهي ترغب بفتح حوار حقيقي مع الانظمة والمجتمعات العربية، حيث قام الرئيس شافيز بعدة زيارات الي المنطقة العربية بما فيها زيارة الرئيس العراقي صدام اثناء تواجده في الحكم متحديا بذلك الارادة الامريكية، وكذلك الامر مع سيلفا لولا البرازيلي الذي زار المنطقة مؤخرا وطالب بتعاون حقيقي ـ عربي ـ امريكي ـ لاتيني علي جميع الاصعدة، وطالب ايضا بزيارته الي سورية بزيادة حجم التبادل الاقتصادي مع جميع الدول العربية وعلي رأسها مصر وسورية، بدون ان ننسي بالطبع الرئيس الكوبي فيدل كاسترو الذي حاول وبجهد كبير ان تحتضن هافانا القضايا العربية وان تكون عربية اكثر من العرب.اليوم القارة الامريكية اللاتينية تعود الي اصولها ويحكمها ابناؤها الحقيقيون، وهم امناء علي مصالحها ويدافعون عن مصالح هذه الدول امام اليانكي الامريكي، وهم يطالبون اليوم من زعمائنا بتعاون حقيقي عربي، امريكي ـ لاتيني لكن للأسف تناسوا ان زعماءنا غير منتخبين ديمقراطيا مثلهم وبأنهم يعيشون في عقدة وخوف من اليانكي الامريكي، هذه العقدة تخلص منها منذ وقت طويل زعماء قارة امريكا اللاتينية، ويا ليت هذا التعاون المطلوب امريكيا لاتينيا سبق هذه المرحلة في وقت كان لدينا زعماء حقيقيون امثال الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز والرئيس جمال عبد الناصر وكذلك الامر مع الرئيس الراحل هواري بومدين، وللامانة نقول وبدون تحيز ان الدولة العربية الوحيدة الباقية التي تدفع الي مثل هذا التعاون هي الجزائر الحالية تحت قيادة الرئيس بوتفليقة الذي شارك شخصيا في مؤتمر القمة الاخير الذي جمع دول امريكا اللاتينية مع زعماء الدول العربية، والتي تغيب عنها معظم زعماء دولنا ويا للاسف والعار رغم ان القرار النهائي لهذا المؤتمر من حيث دعم القضايا العربية كان اهم بكثير من جميع قرارات مؤتمر القمم العربية مجتمعة.ہ كاتب من سورية يقيم في باريس8