لقاء مع مدير المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل:

حجم الخط
0

لقاء مع مدير المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل:

منطق التنازل فشل وبعض الأطراف تريد التفرد بالقرار وسنعيد ترتيب منظمة التحرير ونوحد الداخل والخارجنعتبر أنفسنا في جبهة عالمية للتحرر من الهيمنة الأمريكية ونحن قلقون علي هوية العراق وسورية اختارت المقاومةلقاء مع مدير المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل:أجري المقابلة: د. محمد أبو سليمہحماس تقف امام عدد من التحديات الاقليمية والدولية بعد فوزها في انتخابات المجلس التشريعي الفلسطيني، كانون الثاني (يناير) الماضي. وفي قلب التحديات التي تواجهها، علاقتها مع المجتمع الدولي، وشكل العلاقة مع اسرائيل، وموقعها القيادي الان في الحركة الوطنية الفلسطينية، بعد ان كانت في المعارضة، وموقع خيار المقاومة في استراتيجيتها بعد فوزها، اسئلة طرحتها القدس العربي علي مدير المكتب السياسي للحركة، خالد مشعل. تتزايد الضغوط عليكم لكي تقدموا تنازلات وتعترفوا باسرائيل بعد فوزكم في الانتخابات التشريعية باغلبية المقاعد كيف ستواجهون هذه الضغوط؟ منطق التنازل جرب وفشل فشلا ذريعا، الذين اعترفوا وتنازلوا ماذا حققوا في المقابل للشعب الفلسطيني غير المزيد من الاحتلال والمزيد من المستوطنات والحواجز والاهانات والسور العنصري البغيض، سنتمسك بمواقفنا مثلما سنتمسك بثوابتنا. وسنضع مصلحة شعبنا فوق كل الاعتبارات. وماذا عن عمقكم العــربي كيف ستتعاملون معه؟ وجدنا كل الترحيب والتفهم والتفاهم في كل الدول العربية التي زرناها. ووجدنا استعدادا للدعم المادي والسياسي والمعنوي.فوزنا هو فوز للامة. وأحد ابرز اهدافنا ان نرقي بالسقف العربي ونعززه ونصلبه، قلنا لاشقائنا العرب لا تعتبروا فوز حماس مأزقا بل هو رافعة لكم، وتصليب لمواقفكم وتخفيف للضغوط عليكم، وفرصة لمراجعة خطابكم القديم وتحديثه واعادته الي الثوابت. كيف ستتعاملون مع الفصائل الاخري المختلفة معكم من حيث الايديولوجية؟ نمد ايدينا للجميع دون اي استثناء، وتلقينا اتصالات من اخوتنا المسيحيين وابدوا كل التأييد والمساندة، واتصالاتي مع الاب عطا الله حنا لم تنقطع. الشعب الفلسطيني له معايير وطنية، ويصوت وفق هذه المعايير. والكثير من اخوتنا المسيحيين صوتوا لنا. سنعـــيد بناء منظمة التحرير وفق اسس حديثة حتي نوحد الداخل والخارج، ونتصدي للمؤامرة الاسرائيلية التي تريد حصر الفلسطينيين وقضيتهم في اهل الداخل فقط. بأي شريعة يحرم صاحب الحق وبأي عرف يتمتع الغريب المغتصب بثمرات الليمون والبرتقال؟ ألا تتفق معي بأن حق العودة هو علي رأس الاولويات؟ لا شك ان هذا السؤال يعبر عن المعاناة الفلسطينية، وعن التناقض فيما يجري في هذا العالم من حرمان اصحاب الحق من ارضهم ومن اعطاء الشرعية للمغتصب الغريب علي الارض والديار من ان يقيم في ارض ليست له، وان يقيم عليها دولة قائمة علي العدوان والارهاب والاغتصاب. هذا التناقض والذي يلقي تشجيعا ودعما من كثير من الدول الاجنبية، ويلقي تكريسا لشريعة الاغتصاب، بينما اصحاب الحق يتم تجاهلهم ويظلون يعانون طوال اكثر من خمسين سنة، يعيشون في مخيمات، في ظروف تفتقر الي ابسط مقومات الحياة الانسانية. اقول هذا الواقع سواء من المعاناة للنازح واللاجئ الفلسطيني، وامتداد الغربة في الزمان والمكان. وهذه المشاعر التي يعاني منها الفلسطيني حين يري هذا التناقض في المجتمع الدولي، هي التي دفعته لان يسير في خط الثورة وخط المقاومة. ولذلك اختار الشعب الفلسطيني طريق المقاومة لسنوات طويلة واليوم وبعد ان جربت خيارات السلام، وما يسمي بالسلام، خيارات التسوية، والتفاوض وفشلت في انتزاع الحق الفلسطيني، وفي انهاء المعاناة الفلسطينية، ازداد الشعب الفلسطيني التفافا حول خيار المقاومة. حق العودة علي رأس الاجندة الوطنية الفلسطينية، وسبيلها مزيد من النضال، ومزيد من المقاومة، ومزيد من الحراك النضالي بكل اشكاله من طرف الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج، حتي تتحقق حقوق واهداف هذا الشعب الفلسطيني.القدس والانتخابات فيها الانتخابات التشريعية في القدس، واستثناء حماس من حق المشاركة، واعتقال للمرشحين، ما هو تقييمكم لهذا الموقف، وما اسبابه؟ هناك موقف غريب من بعض الاطراف الدولية وعلي رأسها الادارة الامريكية وللاسف بعض المتحدثين باسم الاتحاد الاوروبي الذين يناقضون انفسهم. فمرة يتحدثون عن الديمقراطية والتي تعني الاحتكام الي صناديق الاقتراع والي ارادة الشعب، ومرة يريدون ديمقراطية علي المقاس، ويريدون ان يتحكموا في ارادة الشعب الفلسطيني. ويريدون ديمقراطية وفي مزاجهم واختيارهم وارادتهم لا وفق الارادة الحرة للشعب الفلسطيني. ومن هنا يتناقضون عبر تهديدهم للسلطة بوقف الدعم في حال مشاركة حماس، وفي هذا الهجوم الشرس علي حركة حماس، ومحاولة اقصاءها في الانتخابات ومحاولة وضع حشود علي حماس في حالة مشاركتها، والعدو الصهيوني طبعا يسير في ذات الخط وفي الاسابيع الماضية كان هناك تهديد بالاعتقال بل بالاغتيال لمرشحي حماس ومنعهم من الحركة. وهذا يكشف زيف الشعارات التي ترفعها الادارة الامريكية وبعض الاطراف الدولية، وكذلك العدو الصهيوني باتجاه الديمقراطية، وهذا ايضا يكشف ان المقاومة الفلسطينية بفضل الله سبحانه وتعالي، احدثت مأزقا لهذه الاطراف، مرة احدثته في الميدان العسكري في ميدان المقاومة، حيث لم تفلح كل آلتهم العسكرية والامنية الجهنمية في سحق ارادة الشعب الفلسطيني وفي انهاء المقاومة، بل انتصرت المقاومة، واجبرتهم علي الخروج من غزة مهزومين، وايضا صنعت لهم مأزقا سياسيا حين اختارت المقاومة ان تشارك في الديمقراطية الفلسطينية وان تسعي لاقامة نظام سياسي فلسطيني قائم علي الشراكة بين جميع القوي وعبر الاحتكام الي الديمقراطية والانتخابات وصناديق الاقتراع، وهذه المشاركة من طرف حماس والمقاومة الفلسطينــــية ايضا عمقت المأزق، مأزق الآخرين. من هنا يحاولون تعطيل ذلك بشتي السبل. وللاسف هناك بعض الاطراف في الساحة الفلسطينية يروق لها ذلك، املا في تأجيل الانتخابات، واتخاذ ما يجري ذريعة لتأجيل الانتخابات، ولكن نقول بكل بساطة. الشعب هو الذي سيفرض ارادته، سيفرضها في ميدان المقاومة، وفي الميدان السياسي. ولا احد لا في الساحة ولا من خارجها يستطيع ان يقهر ارادة الشعب الفلسطيني. امريكا بلد الاغلبية الصامتة والاقلية الصاخبة. كيف ستتعاملون معها الان بعد ان فزتم بالاكثرية في المجلس التشريعي؟ لم يكن الدافع لدينا ان نحصل علي الاغلبية او غير اغلبية، الدافع لدينا هو ان نقيم نظاما سياسيا فلسطينيا وحياة سياسية مستندة الي الديمقراطية، والي اختيار الشعب. وان نحقق شراكة فلسطينية من جميع القوي تسهم في بناء هذه الحياة السياسية الفلسطينية، ومن اجل ان نحقق بعد ذلك الاصلاحات المطلوبة في الساحة الفلسطينية، ان نحارب الفساد والذي عشعش في السنوات الماضية، من اجل ان نخدم الشعب الفلسطيني، ان نخفف من معاناته، ان نساعده، ان نوفر له حياة كريمة، وان يكون اقدر بالتالي علي تحمل تبعات المقاومة وبرنامج النضال في مواجهة الاحتلال. هذا الذي نسعي اليه الان، من يطرق هذه المساحات المهمة والخطرة ربما يعتبر طرق وترا خطرا لانه يقترب من حمي الدول التي تري في الساحة الفلسطينية والعربية مزرعة لها او ساحة نفوذ وتحكم. نحن لا نبالي بهذا، نحن لا نلعب في ملعب الآخرين. نحن لم نذهب الي امريكا ولم نذهب الي اوروبا، لن نزاحمهم في بلادهم، لم نتدخل في سياستهم، انما نحن نلعب في ملعبنا الفلسطيني. هذا حقنا، هذه ساحتنا. وعليهم ان يوقفوا تدخلهم.واذا ظنوا ان تدخلهم سوف ينجح قياسا علي تجاربهم السابقة وعلي السنوات الماضية، فليعلموا ان هناك تغيرا حقيقيا حصل في الساحة الفلسطينية والعربية. وان الشعب العربي والشعوب الاسلامية عرفت طريقها، ولا تقبــــــل الا ان يتصرف بإرادته الحرة، وان لا يخضع لارادة الاجنـــــبي. وعلي المجتمع الدولي ان يحترم الارادة الحــــــرة لشعبنا الفلسطيني، اذا كان يدعي انه يحترم قيم الديمقراطيـــــة وحقوق الانسان والعدل والمساواة.جبهة واحدة الا ترون ضرورة قيام جبهة وطنية ديمقراطية موحدة من كافة الفصائل الفلسطينية، تقود وتنسق اساليب النضال وفق منهج حضاري متفق عليه يستبعد اتخاذ القرارات الانفرادية، ويقضي علي حالة الانفلات الامني، ويعكس للعالم الوجه المشرق للكفاح الفلسطيني. هذا ما نؤمن به، وهذا ما نسعي اليه. لكن للأسف هناك عقبات تحول دون الوصول الي هذا الانجاز، او هذه الخطوة بالسرعة الممكنة. العائق الاول هو ان بعض الاطراف في الساحة الفلسطينية يعجبها ان تظل في موقع التفرد بالقرار، ولا تريد الشراكة مع الاخرين. ونحن منذ سنوات نسعي الي ايجاد هذه الشراكة. ان تكون هناك مرجعية وطنية فلسطينية، هي تكون صاحبة القرار. وهي التي ترسم البرنامج والاستراتيجية والتكتيك. ولكن للاسف هناك اطراف الساحة الفلسطينية ذات النفوذ في السلطة، هي التي تريد ان تتحكم في القرار، وان يكون الآخرون تبعا لها. وليس علي قاعدة الشراكة، بل علي قاعدة التفرد، والآخرون تبع. العائق الثاني ان البعض ايضا، وقد اختار طريق التفاوض والتسوية، واسقط خيار المقاومة منذ سنوات، يريد ان يفرض ذلك علي الشعب الفلسطيني. سواء فشل هذا البرنامج ام لم يفشل، وهذا امر لم يعد يقبله الشعب الفلسطيني. خاصة في ظل تجربة اوسلو المريرة، تجربة التسوية المريرة، والتي لم تسفر عن شيء. وفي ضوء قسوة العدوان الصهيوني المتلاحق علي الشعب الفلسطيني، لذلك المقاومة اصبحت متجذرة في الساحة الفلسطينية، وفي قناعة مجمل القوي الفلسطينية. حتي فتح نفسها استعادت مؤخرا في ظل الانتفاضة برنامج المقاومة. اذا لا يمكن ان تتحقق هذه الوحدة، وهذه القيادة المركزية في ظل اصرار البعض علي اسقاط خيار المقاومة وخيار الانتفاضة. وخيار البندقية، والاحتكام فقط الي التفاوض الذي يتحول عمليا الي تسول وتوسل. ومن هنا هذا عائق لا بد ان نتغلب عليه، لا بد ان تكون خياراتنا مفتوحة، والعائق الثالث ايضا ان هناك في الساحة الفلسطينية من يروق له ان يستجيب للضغوط الخارجية، التي تحاول ان تتدخل في شؤوننا الداخلية. وان تلزمنا باستحقاقات امنية وبمشاريع للتسوية كخارطة الطريق وما سبقها وما يلحقها، وهذا امر لا يمكن ان يستقيم، ولذلك فإن مشكلتنا في هذه العوائق، اذا ما تخلصنا منها، فتقديري يمكن ان نتوصل الي تفاهم فلسطيني ـ فلسطيني، ينظم الحياة السياسية، ينظم مرجعية للقرار الفلسطيني، يضع برنامجا واستراتيجية نتوافق فيه علي التكتيك، ومن ثم ندير المعركة معا ونحشد طاقتنا وبإدارة استراتيجية وتكتيكية متفق عليها، هذا ما نسعي اليه، وحماس تسعي الي ذلك وتصر عليه. تفرد الإدارة الأمريكية بالقرار أضرّ بالعالم الواقع المعاصر يشير الي قطب واحد يتحكم بمصير العالم. ما تعليقكم علي ذلك؟ نحن نعتبر تفرد الادارة الامريكية بالسياسة الدولية اضر بالعالم كله. اضر بمصالح كل الشعوب وكل الامم، لان الحياة لا تستقيم الا بتوازن دولي، وتوازن اقليمي. وفي ظل تغول طرف علي هذا المجموع الدولي، يحصل الفساد. والتدافع بين القوي الدولية هو سنّة من سنن الله في الخلق حتي ينشأ توازن يمنع طرف ما من التغول والتصرف بدون ضوابط وبدون كوابح. ومن هنا نحن منزعجون من استمرار هذه الحالة. وكل عاقل في اي ساحة من ساحات العالم يتمني ان يكون هناك توازن دولي، او العودة الي التوازن الدولي من جديد. ومن هنا نحن نهيب بكل امم الدنيا ان تستعيد زمام المبادرة وان لا تسمح للادارة الامريكية ان تتغول علي حساب مصالح الشعوب والامم. لكن من فضيل الله تعالي ان فترة العلو الامريكي وفترة القطب الاوحد في المجتمع الدولي، بدأت تخفت وتخبو وتنحدر في ظل كونها مخالفة لناموس الكون، ثم هي بدأت تستدعي رد فعل ساخطاً من العالم كله ومن شعوبها، ومن هنا بدأت نغمة الرفض للهيمنة الامريكية تنتشر في امريكا اللاتينية، وعلي مستوي آسيا، حتي في اوروبا في افريقيا، في البلاد العربية واعتقد ان السياسة الامريكية تعيش مرحلة من الفشل ومن الوصول إلي محطات انسداد ومحطات عجز عن التقدم الي امام، لان الشعوب لم تعد تقبل بمنطق الهيمنة، بدليل ما يجري في فلسطين، وكل المشاريع التي فرضت قد فشلت، وثبت خيار المقاومة وحماس تمثل ابرز عناوينه، في العراق كان سهلا علي امريكا ان تسقط النظام في ثلاثة اسابيع. ولكن بعد حوالي ثلاث سنوات ونصف امريكا غير قادرة علي فرض مشاريعها في العراق، والشعب العراقي انتفض بشكل عظيم في مقاومة الاحتلال وهكذا. وقد قلت مرارا ان هناك جبهة في المنطقة جبهة من الممانعة تمتد من فلسطين الي العراق وسورية ولبنان حتي في ايران، هناك مأزق للسياسة الامريكية في هذا البلد. هذا يعطي دلالة علي اننا نملك خيارا. نحن طبعا لسنا منغلقين علي انفسنا، نحن منفتحون علي كل حركات التحرر في العالم. نحن نري انفسنا في جبهة عالمية تريد التحرر وترفض الهيمنة الامريكية، تريد ترسيخ قيم الحرية والعدالة وحقوق الانسان. والعودة من جديد الي التوازن الدولي، واعتقد ان المخاض اليوم يبشر بخروج من حالة القطب الاوحد الي توازن دولي ليس علي النمط القديم ولكن بشكل جديد، لكن تجد فيها الشعوب فرصة لاستعادة ارضها وحقوقها وحريتها ان شاء الله. العراق: هويته العربية والإسلامية مهددة كيف تري مستقبل العراق، وما الفرق في رأيك بين المقاومة والسيارات المفخخة التي تستهدف المدنيين؟ لا شك ان ما اصاب العراق هو مؤلم لنا كما هو مؤلم للعراقيين وللأمة، خاصة في ظل شلال الدم الذي يجري في العراق، في ظل الاعتداء علي ارض العراق وتاريخ العراق، ونهب ثرواته، ونهب كنوزه الأثرية وكل معالم حضارته، حتي حرمان الشعب العراقي من ابسط جوانب الحياة الكريمة، رغم كل الشعارات الامريكية التي يزعمون انهم جلبوها بعد اسقاط النظام السابق. ايضا يؤلمنا ما يتعرض له العراق من مسخ هويته العربية والاسلامية. وتقسيمه عبر الفدراليات وغيرها. فالعراق مهدد، وهويته العربية مهددة. وكأنه يراد التعامل مع العراق علي انه مجموعة اقاليم، وليس دولة واحدة ذات حضارة تمتد لآلاف السنين. فكل ذلك يؤلمنا خاصة ان للعراق في قلب كل عربي ومسلم مكانة. باعتباره عبر التاريخ كان مهدا للخلافة ومهدا للدولة العربية الاسلامية في اعز مراحلها، وحتي في العصر الحديث كان العراق دائما سندا لقضايا الامة، وخاصة قضية فلسطين. لكن بفضل الله تعالي ان المقاومة العراقية الشجاعة استطاعت ارباك المخطط الامريكي، وافسدت علي الادارة الامريكية مشاريع كانت تتطلع من خلالها الي البقاء والي التقسيم ونهب الثروات. واعتقد ان الادارة الامريكية ان عاجلا او آجلا لن تجد من سبيل سوي الخروج من العراق، خاصة في ظل خسائرها المتصاعدة والمستمرة، واصداء هذا النزيف في قلب واشنطن عند مختلف صناع القرار الامريكي، نحن مستبشرون خيرا. ان وعي الشعب العراقي واصالته، وانتماءه لوطنه واصراره علي خيار المقاومة، وتأييد الامة له في ذلك سوف يؤدي الي تحرير العراق، والي خروج الغازي الامريكي، وكل الغزاة الاجانب. لكن هنا لا بد من التأكيد علي ان المقاومة التي نعتز بها ونؤيدها هي التي تتوجه الي الاجنبي المحتل، وليس الي صدور العراقيين مهما كان حجم الخلاف. نحن في الساحة الفلسطينية اخترنا خيارا واضحا في حصر المقاومة ضد المحتل. اما الخلافات فتحل بالحوار، وبالوسائل السلمية. ونتمني علي اهلنا في العراق ان يعالجوا خلافاتهم بالحوار، وبالوسائل السلمية بعيدا عن العنف وسفك الدماء، وان تبقي المقاومة موجهة نحو المحتل الاجنبي. وهذا اضمن لاستمرار المقاومة وافعل لها واضمن لتماسك المجتمع العراقي وتوحده في جبهة عريضة ضد المحتل الاجنبي. سورية وخيار المقاومة والصمود وماذا عن سورية؟ لا بد من التأكيد هنا علي أن الادارة الامريكية بشكل خاص والقوي الكبري الظالمة بشكل عام لا تعنيها قضايانا المختلفة. وما يتحججون به هو مجرد ذرائع كمقتل الحريري رحمه الله انما الهدف الحقيقي هو تحقيق المصالح والهيمنة الامريكية علي المنطقة. ومعاقبة الدول التي تخرج عن الفلك الامريكي. واليوم سورية مستهدفة لانها تسير خارج الفلك الامريكي، ومعاكسة للسياسة الامريكية الظالمة خاصة في فلسطين والعراق ولبنان وغيرها. وامريكا تسعي الي قص اجنحة سورية والغاء دورها الاقليمي، خاصة انها مناهضة للسياسة الامريكية هذا هو الهدف الحقيقي. وكما فعلوا في العراق ربما يراهنون الي ان يفعلوا ذلك مع سورية. ولكن في تقديري اليوم الادارة الامريكية ليست في وضع ان تفعل في سورية ما فعلته في العراق. الادارة الامريكية قبل ثلاث سنوات كانت في وضعية ربما استطاعت ان تخوض معركة اسقاط النظام في العراق وبتجاور لمجلس الامن والامم المتحدة. اما اليوم فالفشل الامريكي المتلاحق وتجربة العراق المرة، لا اعتقد ان امريكا تستطيع ان تقوم بمغامرة اخري لاسقاط النظام في سورية. ربما يراهنون علي وسائل اخري بالحصار بالتضييق بالعزل بافتعال ازمات متلاحقة في سورية ولكن لم يعد امرا سهلا ان يكرروا التجربة ذاتها التي قاموا فيها بالعراق.وسورية اختارت خيار المقاومة والصمود والممانعة ولا شك ان هذا الخيار هو الخيار السليم، لكنه بحاجة الي اسناد شعبي، بحاجة الي مزيد من تعزيز الجبهة الداخلية في سورية، لان قوة اي نظام تعتمد علي التفاف الشعب خلفه، ولا تستطيع امريكا او اي قوة ان تقهر دولة او نظاما يحظي بتأييد شعبي واسع ويتوحد مع شعبه في ميدان المعركة. ومن هنا نحن نؤكد علي هذا المعني، ونعتقد ان سورية تستطيع ان تكون صامدة في وجه الضغوط الخارجية. ونتمني ان لا تنجح امريكا في استهداف اي بلد عربي او اسلامي. وآن الاوان ان نقف كعرب ومسلمين في جبهة واحدة ضد هذه الهيمنة والتدخل الامريكي لان التساهل مع هذه السياسة الامريكية ومطامعها سوف يجلب لنا الوبال لكل دولنا، وينطبق علينا المثل العربي اكلت يوم اكل الثور الابيض . نحن كأمم ممتنون للعراق الذي افشل السياسة الامريكية وقدم تجربة مرة امام الامريكان وجعلهم يفكرون الف مرة قبل ان يكرروها، فالامة مدينة للعراق في هذا.واعتقد ان امريكا تعلم ان اسقاط اي نظام في المنطقة مثل سورية سوف يجعل هذه الارض، وهذه الساحات ساحات مقاومة وبهذا تتسع الازمة، وتتسع المآزق علي السياسة الامريكية.حماس مثل حزب العمال البريطاني خبر استمعت اليه مفاده ان صحيفة الديلي تلغراف قد ذكرت في مقال لها مشبهة حماس بحزب العمال البريطاني. كونه حزبا يمتاز بديناميكية في نشاطه السياسي. الا ترون في ذلك تحركا غربيا جديا تجاه حماس في التعامل معه كحقيقة واقعية، لا كما تصورها اسرائيل والغرب. نحن دائما نلحظ من سنوات ان هناك اطرافا دولية واوروبية لا تقف عند حدود ما يطلب منها او ما تحاول امريكا ان تفرضه علي دول العالم في اتهام حماس وقوي المقاومة بالارهاب. وحتي بعد ان بادر الاتحاد الاوروبي بوضع حماس تحت قائمة الارهاب، لم تتوقف حوارات الدول الاوروبية مع حماس. اما ما تمارسه حماس في الواقع الفلسطيني لا يمكن تجاهله. وكلما مضي الزمن ستتعزز هذه الحقيقة. ولن تجد هذه الدول بدا في التعامل مع حماس. اذا ارادت ان تكون علي تماس مع قضية فلسطين والصراع العربي الصهيوني. ومن هنا هذه العبرة: عندما تكون قويا تفرض احترامك علي الاخرين. لان المجتمع الدولي للاسف لا يتعامل الا بمنظار القوة والمصالح وحقائق الامر الواقع. طبعا كثير من الدول الغربية تتمني ان تري في حماس نمطا غير الذي تراه اليوم. اي هي تتمني ان تري حماس تتحول الي عمل سياسي وان تنسجم حماس مع معايير السياسة الغربية، وهي السياسة الواقعة تحت الضغط الامريكي الاسرائيلي. ولا شك ان السياسة الغربية في حيرة في التعامل مع الواقع الفلسطيني ومع واقع حماس وقوي المقاومة. لكن حماس ستظل هي حماس ـ قد يكتشف الاخرون حماس ويرون فيها هذه الصورة الجميلة وهذه الفعالية وهذه المساحات من العمل الفاعل الشعبي والاجتماعي، ولكن عليهم ان يعلموا ان حماس تفعل ذلك كتغير في سلوكها.وانما هذا هو سلوكها الطبيعي الي جانب برنامجها السياسي القائم علي التمسك بالحق الفلسطيني وحق الشعب بالمقاومة.ان حماس ستظل حماس بصورتها الكلية. حماس المقاومة المشروعة ضد الاحتلال. حماس لم تعتد علي احد، ولن تحارب خارج فلسطين، ولم تفتح جبهة ضد اي طرف في العالم. هي لم تحارب الا من حاربها واحتل ارضها وشرد شعبها. حماس ستتمسك بالحق الفلسطيني، لان اي حر في العالم لا يمكن ان يفرط في حقوقه. وليس من العدل ان يطلب من الشعوب المظلومة المحتلة ان تساوم علي حقوقها، وان تقبل انصاف الحلول حتي تعتبر في وضع محترم. بالعكس احترام الشعوب من مقتضياته ان تتمسك الشعوب بحقوقها كما تمكست شعوب اوروبا بحقوقها في فترات من التاريخ، وحتي امريكا نفسها. وحماس تمارس السياسة بكل اساليبها الحديثة، حماس مع الديمقراطية، ومع الاختيار الحر للشعوب، حماس مع حقوق الانسان والحرية والمساواة والعدل. حماس تمارس العمل الاجتماعي والخدمي والانمائي لصالح شعبها الفلسطيني، وقد نجحت نجاحا كبيرا بشهادة الشرق والغرب. حماس ستظل علي مصداقيتها في قربها من شعبها وبعدها عن الفساد. حماس ستظل منفتحة علي المحيط العربي والاسلامي والاقليمي والدولي.حماس ليست منغلقة، ستظل منفتحة علي شعوب الدنيا، لان حماس لا تحمل الا الخير للعالم، لا تحب القتل لذات القتل، ولا المقاومة لذات المقاومة، انما هي وسيلة اضطرارية لتحصيل الحقوق. ولو انصفنا العالم بدون مقاومة لما لجأنا للمقاومة. ولكن المقاومة خيار اضطراري لجأنا اليه بعد ان ظلمنا بعد ان اعتدي علينا من اسرائيل ظلمنا من المجتمع الدولي، ولم نجد منه انصافا وردعا لعدوان اسرائيل علي شعبنا وامتنا. وبالتالي ان اراد الغرب ان يرحب بحماس فان ذلك يسعدنا، ولكن عيه ان يتعامل مع حماس كما هي، اي كما يريد الشعب الفلسطيني، لا كما تصوره الدعاية الامريكية والاسرائيلية، وليس كما يحلو للبعض ان يصور الشعب الفلسطيني شعبا محجما، يقبل بالفتات في حقوقه لان اسرائيل لا تقبل بغير ذلك. ان المستقبل لنا، وعلي المجتمع الدولي ان يدرك ان من مصلحته ان يقف مع شعبنا الفلسطيني، لانه لن يجد علي ارض فلسطين غير الشعب الفلسطيني في المستقبل، وبالتالي فمن مصلحته ان يقف معنا اليوم وسيجدنا اوفياء في المستقبل معهم. التعامل مع إسرائيل حماس واسرائيل، سيتعين عليكم ان تتعاملوا مع اسرائيل، في حين ان اسرائيل تردد انها لا تتعامل مع اولئك الذين يريدون تدمير اسرائيل، هل سيطرأ اي تغيري علي سياستكم السابقة. علما ان للعبة السياسية اصولها التي وقواعدها والتي تحتم في احيان كثيرة وعلي مراحل الانتقال الي تكتيك جديد يلائم المرحلة. نحن نمارس السياسة وفقا لقناعاتنا ووفقا لاحتياجاتنا ووفقا لرؤيتنا الاستراتيحية. وليس وفقا لما تريده اسرائيل. فإسرائيل والادارة الامريكية فرضت علي فلسطين والمنطقة العربية نمطا من السياسة فيها سيد وعبد، فيها آمر وناهٍ، فيها طرف قوي يفرض ما يشاء، وطرف ضعيف يقبل بما يفرض. هناك اختلاف في ميزان القوي، لسنا الطرف الاقوي في المعادلة، ولكن هذا لا يعني ان نسلم بالمعادلات التي يفرضها عدونا.وهذا لا يعني ان حماس ستتعامل مع المرحلة بجمود كما يتصور البعض. حماس ستتعامل بمرونة وبفاعلية وبحيوية مستندة الي الثوابت ومستندة الي استراتيجيات ويستطيع الانسان الحر والجاد ان يمارس السياسة بما يلزم من مرونة وتكيف دون ان يخرج عن استراتيجياته وثوابته الوطنية، ولماذا الآخرون يمارسون السياسة مستندين الي مصالحهم واستراتيجيتهم، بينما يفرض علينا ان نمارس السياسة بعيدا عن ثوابتنا ومصالح شعبنا؟ وهل السياسة تعني فقط ان تتنازل عن حقك؟وهل السياسة تعني ان تخضع لمنطق الآخر؟ لا حماس لديها القدرة مع قوي شعبها وفي ظل الاستناد الي مقاومة صلبة ان تمارس السياسة فيما يناسب هذه المرحلة، وفي اعتقادي ان السلام لا تصنعه الا القوة والمقاومة. حتي دول العالم حينما تريد ان تصنع سلاما واستقرارا، لا يصنع الا بالقوة وبالحزم وبتوازن القوي.اما عندما تكون ضعيفا فأنت لا تمارس السياسة وانما تمارس الخضوع للقوي المهيمنة. فكذلك حماس ستمارس السياسة وتمارسها اليوم ولكن من موقع القرار الحر المستند الي حقوق شعبنا ومصالحه والذي يستقوي بقوتنا علي الارض. لأن وزنك في السياسة هو مستند علي وزنك علي الارض وليس الي مجرد تأييد من هنا وهناك، او وعود من هنا وهناك.(غدا مقابلة مع موسي ابو مرزوق عضو المكتب السياسي لحماس)7

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية