لعنة حرب أكتوبر ما زالت تُلاحق إسرائيل: وثائق جديدة نشرها موقع (ويكيليكس) تؤكد على حالة اللامبالاة لدى أقطاب الدولة العبرية

حجم الخط
0

الناصرة ـ ‘القدس العربي’: في ما زالت لعنة حرب أكتوبر 1973 تُلاحق صناع القرار من المستويين السياسي والأمني في الدولة العبرية، وعلى الرغم من المحاولات الحثيثة من قبل الإعلام العبري على مختلف مشاربه إخفاء المعلومات عن الجمهور الواسع، لكي لا يُكرس التراوما التي أصابت الصهاينة خلال وبعد الحرب، إلا أن الوثائق المتعلقة بالحرب ما زالت تُنشر بشكل متتابع، وتكشف خبايا وخفايا الحرب وكيفية تصرف القادة العسكريين والسياسيين خلال وبعد الحرب، موقع (ويكيليكس)، قام أول من أمس نشر وثائق تتعلق بحرب يوم الغفران، كما تُسمى في إسرائيل، الأمر الذي أربك أقطاب دولة الاحتلال.
ولم يكن أمام الإعلام العبري إلا أنْ يقوم بنشر مقتطفات من هذه الوثائق، التي تُشر لأول مرة، وتكشف النقاب عن مجموعة من الأسرار التي اكتنفت الحرب، تبدأ باستبعاد المواجهة العسكرية مع مصر وسورية، وصولاً إلى إخفاء حكومة غولدا مئير الخسائر عن الجمهور الإسرائيلي وكشفت إحدى الوثائق، كما جاء في صحيفة ‘يديعوت أحرونوت’ النقاب عن كيف كانت إسرائيل مأسورة تماما لتصور سائد لديها بأن مصر تحجم عن مهاجمتها
وتابعت الوثيقة، التي وثقت اجتماعًا بين وزير الخارجية الإسرائيلي في حينه آبا إيفين، ونائب السفير الأمريكي في الدولة العبرية، جاي أوان زورهالين، في الحادي عشر من نيسان (أبريل) من العام 1973، أي قبل نحو نصف عام من الحرب. وجاء في الوثيقة أن وزير الخارجية الإسرائيلية سعى خلال الاجتماع المذكور إلى تبديد الخشية من احتمال أن تشن مصر حربا على إسرائيل، وقدم تفسيرًا لهذه القناعة المبنية على ثلاثة أسباب: أولاً، عقلانية الرئيس المصري في ذلك الحين، محمد أنور السادات، ثانيًا، رضا الجيش المصري عن الوضع القائم، والسبب الثالث والأخير عدم توفر الدعم العسكري من الاتحاد السوفيتي للحرب ضد إسرائيل.
علاوة على ذلك، تُبين الوثيقة انتقادا شديد اللهجة من قبل نائب سفير واشنطن في تل أبيب حيال وزير الخارجية الإسرائيلية، وتحديدًا حيال عدم رغبة إسرائيل في العمل لاختراق الجمود السياسي القائم مع مصر. وكتب زورهالين إلى وزارة الخارجية في واشنطن، كما جاء في الوثيقة: لقد كرر وزير الخارجية إيفين تفسيرات الدولة العبرية الثابتة تجاه الوضع، من دون أنْ يُقدم أي اقتراحات جديدة، بل إن الانطباع المكون من الجلسة معه يشير إلى أن إسرائيل لا ترى حاجة إلى تغيير واقع الجمود القائم، على حد تعبيره.
مضافًا إلى ذلك، فإن وثائق أخرى، تحمل تاريخ الأيام الأخيرة قبيل اندلاع الحرب في 6 تشرين الأول (أكتوبر)، إلى حالة اللامبالاة التي اتسم بها التعامل الإسرائيلي مع الأنباء التي كانت تصل حول الاستعدادات المصرية والسورية وراء الحدود.
إحدى الوثائق المصنفة تحت خانة سري تشمل تقريرًا قام بإرساله السفير الأمريكي في إسرائيل، كينيث كيتينغ، في الفاتح من تشرين الأول (أكتوبر)، جاء فيه أن الإسرائيليين لا يرون أي تهديد من جانب سورية أوْ مصر، على الرغم من أنهم يقومون بمواكبة ما يقوم به المصريون، كما أنهم مطلعون على إعادة انتشار الجيش السوري، على حد قول السفير الأمريكي.
وتلت هذه الوثيقة أربع وثائق أخرى، على مدى الأيام التالية التي سبقت اندلاع الحرب، شملت جميعها تقارير حول الاستعدادات العسكرية من الجانبين المصري والسوري، حيث أشارت إحدى الوثائق، التي حملت تاريخ الخامس من تشرين الأول (أكتوبر)، إلى أن الأمريكيين أيضًا كان لديهم تقدير يستبعد الحرب، إذ جاء في إحداها: نحن نواصل الاعتقاد بأن وضعية التأهب لدى السوريين هي جزء من الأنشطة التدريبية الاعتيادية.
وفي اليوم التالي، أي اليوم نفسه الذي اندلعت فيه الحرب، تحدثت وثيقة أخرى بلهجة مغايرة عن التقديرات السابقة، وشملت العبارة التالية: حكومة إسرائيل تخشى هجومًا تنائيًا من سورية ومصر اليوم، وترد العبارة كعنوان للوثيقة، من دون أي إضافات. ومن بين الوثائق البارزة، واحدة أرسلها السفير الأمريكي في إسرائيل في الثامن من تشرين الأول (أكتوبر)، أي في اليوم الثالث من الحرب، حين كانت إسرائيل قد تعرضت لضربات قاسية وعلى وشك إخلاء المواقع المشرفة على قناة السويس. ويكتب كيتينغ في تقريره عن الخسائر الكبيرة التي مُني بها الجيش الإسرائيلي، وعن الثمن السياسي الذي قد تدفعه حكومة غولدا مائير جراءها.
ويشير إلى تزايد الخسائر الإسرائيلية على الجبهتين، المصرية والسورية، وأن خطورة هذه الخسائر تتزايد حدة على خلفية إخفاء حكومة إسرائيل الخسائر عن شعبها.
ويتهم السفير الأمريكي الحكومة الإسرائيلية بأنها تقوم بإخفاء عن الجمهور الصعوبات التي يواجهها الجيش في الجبهة. أما الاعتبار الأول لديها، فهو الحفاظ على المعنويات، في ما كان الاعتبار الثانوي يتعلق بالجانب الأردني، ذلك أن إسرائيل تعتقد بأن المملكة الأردنية الهاشمية يصدق تقاريرها أكثر مما يصدق تقارير الجيشين المصري والسوري، على حد تعبير الوثيقة.
وقالت صحيفة ‘يديعوت أحرونوت’ إن موقع (ويكليكيس) قام بنشر 1.7 مليون وثيقة دبلوماسية تابعة للخارجية الأمريكية، والذين أكدوا بشكل غيرُ قابلٍ للتأويل بأن الوضع في الجبهتين السورية والمصرية كان صعبا جدا، لكن الحكومة الإسرائيلية أخفت هذا الأمر عن المواطنين في الدولة العبرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية