لا لتحييد الفن والثقافة
لا لتحييد الفن والثقافة نحن الموقعين ادناه، ادهشنا اقامة احد عشر فنانا فلسطينيا معرضا فنيا في منزل القنصل الاعلامي والثقافي الامريكي في مدينة القدس المحتلة. وقد استوقفنا بالتحديد اعلان القنــــصل ميكيلة بلوم ان المعرض يشكل فرصة للتعاون والعمل بين القنصلية والفنانين الفلســـطينيين في ميــــدان الثقافة والفـــنون بعيدا عن السياسة . وتفاجأنا اكثر من اقــوال الفنــــانين في تــــقرير صحيفة الايام 18/2 . فقد سلطت اقوال الفنانين الاضواء علي اهمية وصول اللوحات الي مدينة القدس، وعلي اسلوب العرض المتوازن وترتيب الغرف وابراز الملامح الفلسطينية في المدخل، وعلي ظاهرة استخدام المنزل التي منحت اللوحات حميمية خاصة . اما الرسالة التي اراد الفنانون اطلاقها من بيت القنصل فهي كما يقولون: ايصال اللوحات الي مدينة القدس، وتقديم رسالة الفـــن الذي يحمل هموم ورؤي وثقافة الشعب. لا يهمنا هنا تقييم مضمون وجمالية اللوحات، ولا الاسلوب الفني المدهش في عرضها. ما يهمنا هو تغييب السياسة من طرف واحد والعودة لمقولة الفن للفن من طرف واحد ايضا. الغريب ان ايا من الفنانين المشاركين لم يعترض علي كلام القنصل الداعي لفصل الفن عن السياسة، وكأنهم وافقوا عليه، في الوقت الذي يكابد فيه الشعب الفلسطيني من وحشية الاحتلال وعمليات فرض نظام الفصل العنصري بالقوة وعبر اشكال من التطهير العرقي. وفي الوقت الذي يعرف فيه القاصي والداني ان الدولة الوحيدة القادرة علي وقف اعمال الفصل العنصري والعدوان والاستيطان وتهويد القدس والمعاناة الانسانية، هي الولايات المتحدة التي ينتمي اليها القنصل الاعلامي والثقافي. غير ان هذه الدولة كانت وما زالت تشكل الغطاء الكامل للتحلل الاسرائيلي من القانون والمواثيق والقرارات والاتفاقات ذات الصلة بالقضية الفلسطينية. كما انها تحتل افغانستان والعراق وتجلب لشعوبهما الموت والويلات والدمار والمجاعة. نتساءل كيف استطاع الفنانون القفز عن حقيقة المواقف والسياسات الامريكية التي تستفز شعوب العالم واكثر من نصف الشعب الامريكي، وتنفيذ تلك الفعالية باعصاب باردة؟ لا يمكن تفسير موقف الفنانين الا علي قاعدة وضعهم السياسة جانبا، وتحييدهم الفن والثقافة. وهذا يعني عدم الاعتراض والاحتجاج علي سياسة الانحياز الامريكي الاعمي لاسرائيل. ويعني بقاء المواقف والسياسات الامريكية علي حالها، وبقاء شعبنا والشعوب الاخري تترنح في حالة من العذاب والقهر.اننا نعارض بشدة تحييد الفن والثقافة وانتقال الفنانين من حالة الاعتراض والرفض والمقاومة والتوحد مع الناس، الي حالة التبرير والتهادن والتعايش بأي ثمن، والقطيعة مع الحركة العامة للمجتمع والارتداد نحو الذات. لا يوجد حل وسط او التباس في مواقف الثقافة والفن فاما الوقوف الي جانب الكولونيالية والابارتهايد واما الدفاع عن قيم الحرية. هذا ما عبر عنه وفد البرلمان العالمي للكتاب عندما زار فلسطين واعلنوا عن مساندتهم الاخلاقية والمعنوية الصريحة للشعب الفلسطيني. هؤلاء الاصدقاء شبهوا المدن الفلسطينية بمعسكرات النازية. وتساءل خوسيه ساراموغو، لماذا لم يرسل شارون الي محكمة العدل الدولية. لقد توحدوا مع القضية الفلسطينية التي تحولت الي موقع مميز في الضمير الثقافي العالمي. لماذا لم يقم الفنانون معرضهم في مكان اخر داخل المدينة المحتلة. كان باستطاعتهم ارسال لوحاتهم الي المدينة المنكوبة التي لا نشك بان العديد من بيوتها ستستقبل اللوحات الجميلة. وكان من المفترض ان تكون الفئة المستهدفة جمهور المواطنين المقدسيين وكل المحبين والمؤيدين للسلام الحقيقي نقيض الاحتلال وكل المتضامنين الاصدقاء. ندين فصل الفن والثقافة عن السياسة. ونرفض كل اشكال الدعم المادي والمعنوي المرتبط بالتعايش مع الامر الواقع الاحتلالي. وندين الصمت الدولي ازاء سياسة الابارتهايد الجديد. ونرفض نزعة بعض الفنانين اللهاث وراء المصالح الخاصة علي حساب المصلحة العامة. مجموعة من المثقفين الفلسطينيينرام الله6