قصة شاب مغربي تتهمه اسبانيا بتفجيرات مدريد وتحتجز سلطات بلاده جواز سفره.. فضاع عنه حق الدفاع عن نفسه
يصرخ بأعلي صوته انا بريء مع اقتراب الذكري الثانية لوقوعهاقصة شاب مغربي تتهمه اسبانيا بتفجيرات مدريد وتحتجز سلطات بلاده جواز سفره.. فضاع عنه حق الدفاع عن نفسهتطوان (المغرب) القدس العربي من مدريد من حسين مجدوبي:أيام معدودة تفصل عن حلول الذكري الثانية للتفجيرات 11 اذار/مارس 2004 التي هزت العاصمة مدريد، ويستمر القضاء في التحقيق دون أن يتوصل الي العقل المدبر ولم تشرع بعد الجلسات العلنية للمحاكمة. ويستغل اليمين الاسباني كل هذا ليلمح الي تورط المغرب معتمدا علي مهاجر مغربي اسمه محمد الحداد يتهمه بالمشاركة في الاعتداءات، هذا الأخير الذي يطالب السلطات المغربية بتسليمه جواز السفر للتوجه الي مدريد للمثول أمام القضاء الاسباني والرد علي كل الاتهامات.وترتب عن الغموض القضائي وتضارب تقارير الشرطة والمخابرات حرب حقيقية تجري في الساحة الاعلامية الاسبانية بين الصحافة الموالية للحكومة الاشتراكية مثل جريدة الباييس واذاعة كادينا سير وتتهم تنظيم القاعدة بتنفيذ اعتداءات 11 اذر/مارس، والصحافة المؤيدة للمعارضة اليمينية بزعامة الحزب الشعبي مثل اذاعة كوبي وجريدة الموندو والتي تروج لأطروحة مفادها أن التفجيرات كانت تهدف الي طرد الحزب الشعبي من الحكم ونفذتها أطراف متعددة انطلاقا من ايتا الي المخابرات المغربية.وتعتمد وسائل الاعلام اليمينية والحزب الشعبي في اتهامهما للمغرب علي فرضية الانتقام المغربي كرد علي ما حدث في جزيرة تورة (ليلي) في صيف 2002 عندما اقتحمت قوات خاصة الجزيرة وطردت الجنود المغاربة. وتؤكد أن مهاجرا مغربيا علي صلة بالأجهزة المغربية وضع القنابل في القطارات وهرب الي المغرب وتخبئه المخابرات، وتعني محمد الحداد الذي وجد نفسه فجأة وسط هذه الدوامة الخطيرة في لعبة مصالح دولية ، كما يصرح للقدس العربي.هذا المواطن المغربي أثيرت حوله أكثر من ضجة في اسبانيا، ويبدو كأن جهات ما في الرباط لأسباب مبهمة تحتجز جواز سفره وتحول دون انتقاله الي اسبانيا لكي يمثل أمام القاضي خوان ديل أولمو للرد علي جميع الاتهامات التي وجهته اليه وبهذا يزيل رسميا عنه تهمة التورط في تفجيرات 11 مارس. تصرف يغذي كل الشكوك.والتساؤل العريض، كيف وجد الحداد نفسه فجأة وسط هذه المعمة ؟بدأت حكاية الحداد مع التفجيرات سنة 2000، حيث جري اعتقال خلية في اسطنبول قيل أنها تابعة للجماعة الاسلامية المقاتلة المغربية وكان أحد الأفراد يحمل اسم محمد الحداد، لكن تبين لاحقا أن الجواز كان مزيفا وهو الجواز الذي ضاع منه (الحداد) واستعمله مغربي اسمه أقصريين عاش في مدريد فترة ويوجد الآن معتقلا في قاعدة غوانتانامو. منذ ذلك التاريخ واسم الحداد في قائمة المشتبه فيهم، والمثير أن كتاب 11 مارس، الانتقام يتحدث عن محمد الحداد كمعتقل في اسطنبول رغم أن شرطة هذا البلد نفت وجود الحداد وقتها في تركيا وانما شخص فقط استعمل جوازه الضائع.ويقول محمد الحداد حول هذه النقطة في تصريحات للقدس العربي عندما جري اعتقال أقصريين كنت أعمل في أحد المصانع في مدريد وهناك شهود عيان اسبان وليس فقط مغاربة يؤكدون ذلك، بل أن مصلحة الضمان الاجتماعي شاهدة علي ذلك بحيث أنها لم تسجل غيابي. الشرطة التركية أخذت بصمات وصور المغاربة المعتقلين في اسطنبول، والبصمات التي تم ارسالها الي الشرطة المغربية والاسبانية بينت بالدليل الواضح أنني لم أكن في تركيا ولا ذهبت الي ايران كما قال الكتاب وروجت له بعض وسائل الاعلام، بل كنت في مدريد وأن البصمات تعود الي أقصريين الذي استعمل جواز سفري الذي فقدته .عندما وقعت التفجيرات وأمام حجم الخسائر البشرية وهول الصدمة، بدأت الأجهزة الأمنية الاسبانية تفتش في ملفات جميع الذين لهم علاقة من بعيد أو قريب ببعض الحركات الاسلامية أو الاجرام المنظم. فبعث القضاء الاسباني الي المغرب يطلب اعتقال محمد الحداد للاشتباه في تورطه في تفجيرات 11 مارس بعدما تقدم مهاجر ادعي أنه رآه في اليوم الموالي للاعتداءات الارهابية وهو يغادر نحو المغرب.ويقول الحداد أتي أفراد المخابرات والشرطة المغربية تبحث عني في الأماكن التي أتردد عليها، فسلمت نفسي اليهم لاحقا، ونقلت الي مركز تمارة التابع للمخابرات المدنية (اقليم الرباط) وهناك قضيت 45 يوما بالتمام والكمال حتي الافراج عني نهاية نيسان/أبريل 2004 بعد استنطاقات ماراتونية كانت تستغرق ساعات .محمد الحداد يؤكد أنه منذ كانون الثاني/يناير 2004 وهو يتواجد في المغرب لقد ادعت الصحافة والشرطة الاسبانية في البدء أنني كنت في مدريد وأن هناك شهود عيان رأوني في قطار ما يوم الانفجار . ويضيف أتساءل، اذا كنت في القطارات التي استهدفت، فهذا يعني أنني كنت مع المجموعة التي قامت بالاعتداء ووضعت القنابل، فأين حامضي النووي أو بصماتي في أي من الأمكنة التي تتبعتها الشرطة الاسبانية بل أكثر من هذا لماذا لم يذكر اسمي أي أحد من المعتقلين الذين تجاوزوا المئة، هل يمكن لأكثر من مئة شخص أن يتفقوا علي التستر عني ؟ويستطرد قائلا لـ القدس العربي : قبل شهرين من الاعتداءات، ولأسباب عائلية طارئة، دخلت الي المغرب لأن الوضع الصحي لزوجتي كان مضطربا جدا، خاتم شرطة حدود باب سبتة (نقطة حدودية بين اسبانيا والمغرب) واضح علي جواز سفري ولتأت لجنة دولية لتتأكد من تاريخ وضع المداد الذي يحمل أحد أيام الأسبوعين الأولين من كانون الثاني/يناير 2004 .جري التحقيق مع محمد الحداد في مقر المخابرات المدنية في تمارة لمدة بلغت 45 يوما وأفرج عنه بعدما تبين أنه بريء ولا تجمعه أية علاقة بالجماعات المتطرفة، لكن اليمين الاسباني شن عبره حملة قوية ضد المغرب. ويقول فجأة وجدت نفسي وسط قضية أكبر مني ألبسوني اياها ظلما، لقد تم اعتمادي أساسا لتوجيه الاتهام للمغرب، بل أن رئيس الحكومة الاسبانية خوسي لويس رودريغيث سبتيرو سئل عني في البرلمان وفي اللجنة البرلمانية الخاصة بتقصي تفجيرات 11 اذار/مارس الارهابية. كنت أشاهد ذلك في التلفزيون الاسباني ولا أصدق ما أراه وما أسمعه، هل أنا محمد الحداد الانسان العادي قد تحولت الي قضية دولية شائكة .ورغم أن القضاء الاسباني حسم مؤقتا في براءة محمد الحداد، فالسلطات المغربية تمنع عنه جوازه للانتقال الي مدريد. ويقول حاجي الحبيب محامي محمد الحداد للقدس العربي تقدمنا بطلبات الي جهات مختلفة من ضمنها المخابرات والشرطة ووزير العدل محمد بوزوبع نطلب استعادة جواز سفر موكلي محمد الحداد، فلم يصدر أي قرار قضائي بحرمانه من الجواز. ان ما أقدمت عليه الدولة المغربية يعتبر تعسفا حقيقيا بكل المقاييس، ويعد عملا خطيرا اذا ما أخذنا بعين الاعتبار الانعكاسات الوخيمة التي ترتب عنها حرمان موكلي من السفر ليس فقط حرمانه من جمع الشمل مع عائلته بل التهم التي وجهت الي المغرب بسبب هذه القضية وحرمانه من الدفاع عن نفسه أمام القضاء الاسباني .مصدر مطلع في المغرب ابلغ القدس العربي ان محمد الحداد تعرض للاعتقال بطريقة غير قانونية، ويبدو أن وزارة العدل لم تكن علي علم بعملية الاعتقال في البدء، وحتي يغطي بعض المسؤولين علي عملية الاختطاف يبدو أن طرفا ما أخبر الجانب الاسباني في البدء أن محمد الحداد غير موجود، ولاحقا تم الاعتراف بوجوده في تمارة، وقتها بدأ الرد الرسمي علي مطالب القضاء الاسباني باستنطاق الحداد وتحليل حامضه النووي، وتبين أنه بريء، لكن كان علي وزارة الداخلية تسليمه جواز سفره لكي يذهب الي اسبانيا ليزيل عنه التهمة وعن المغرب .مصادر قضائية في المحكمة الوطنية في اسبانيا صرحت للقدس العربي المغرب لم يكن واضحا في البدء في ملف محمد الحداد، لم تكن هناك أجوبة سريعة بل أن التوصل بالحامض النووي انتظرناه طويلا لسبب بسيط أن المغرب في البدء نفي وجود هذا الشخص . وتوضح المصادر ان هناك اتفاقية تسليم المجرمين والارهابيين والمشتبه فيهم بين اسبانيا والمغرب، ونتساءل لماذا لم يقم المغرب بترحيل الحداد فورا الي اسبانيا ووضعه رهن التحقيق في مدريد، لماذا يحتفظ به حتي الآن؟ وتمضي قائلة: نحن لا نشك في نية وجدية التعاون القضائي مع المغرب، لكن عندما يقع تلاعب وتماطل من هذا النوع، فهذا يخلق شكوكا قوية. عموما، كانت هناك بعض الشكوك البسيطة حول الحداد، ومع الأسف الشديد التماطل المغربي في البدء دفع بجزء من الشرطة والقضاء الي الأخذ بعين الاعتبار هذه الشكوك .في غضون ذلك، يقول ناشط مغربي مقيم في اسبانيا فضل عدم الكشف عن اسمه كشف استطلاع للرأي أنجزته مؤسسة سيغما دوس أن 37% من الاسبان يعتقدون في تورط المخابرات المغربية في تفجيرات 11 مارس وكل هذا ناتج عن الاتهامات التي وجهت الي محمد الحداد في الاعلام، فهل المغرب واع بما سببه للهجرة المغربية من تماطل في تعاونه في ملف الحداد ومنعه من القدوم الي مدريد، لماذا لا يتدخل وزير العدل محمد بوزوبع ليعطي جواز السفر الي هذا المواطن ليسافر الي مدريد ويمثل أمام القضاء، وبهذا يضع حدا لكل هذه الزوبعة التي تسيء للهجرة وبلادنا، فكل تأخر يزكي جميع الاتهامات؟ .