قالوا ان المصالحة تبدأ بكشف الحقيقة حول قتله واخفاء جثمانه

حجم الخط
0

قالوا ان المصالحة تبدأ بكشف الحقيقة حول قتله واخفاء جثمانه

ابناء بن بركة يقاطعون حفلا لتوشيح والدهم بوسام من الملك محمد السادسقالوا ان المصالحة تبدأ بكشف الحقيقة حول قتله واخفاء جثمانهالرباط ـ القدس العربي ـ من محمود معروف: مرة اخري تضيع فرصة لقاء ولدي الملك الحسن الثاني والزعيم المهدي بن بركة ليفتحا صفحة جديدة وطي صفحة العداء المتأصل الذي كان بين والديهما الراحلين وما زال حاضرا بكثافة ما دام مصير بن بركة ما زال مجهولا.وحسب بلاغ لـ المندوبية السامية لقدماء المقاومين واعضاء جيش التحرير المغربي ، فان العاهل المغربي الملك محمد السادس، الولد الاكبر للملك الراحل الحسن الثاني، قرر منح اوسمة ملكية رفيعة للموقعين علي وثيقة المطالبة بالاستقلال والذين كان من بينهم المهدي بن بركة وان مراسيم تسليم الاوسمة تتم امس واليوم. وكان من الطبيعي، لو ان الاجواء صافية بين عائلتي الحسن الثاني والمهدي، ان يكون البشير اكبر انجال الزعيم المهدي بن بركة، من بين الحاضرين ليوشحه محمد السادس بوسام والده. لكن البشير ومعه افراد عائلته لا زالوا يعتبرون ان المصالحة لا تكون الا بالكشف عن الحقيقة كاملة لمصير والده الذي خططت المخابرات المغربية بالتعاون مع المخابرات المركزية الامريكية والموساد الاسرائيلي لاختطافه ثم اغتياله في العاصمة الفرنسية باريس منذ اربعين عاما دون ان يعرف مصير جثمانه حتي الان. لذلك يستبعد حضور البشير او أي من افراد عائلة بن بركة للتوشح بوسامه.كان المهدي بن بركة مؤسس اليسار المغربي الحديث واحد ابرز زعماء حركات التحرر في دول العالم الثالث في العقد السابع من القرن الماضي قد خاض معارضة ديمقراطية ضد نظام الملك الحس الثاني لكن هذا الاخير لم يحتمل هذه المعارضة وقام رجاله بخطف بن بركة من امام مقهي ومطعم ليب في باريس صباح التاسع والعشرين من تشرين الاول/اكتوبر 1965 وحجزه في فيلا بضواحي العاصمة الفرنسية بانتظار الجنرال محمد اوفقير وزير الداخلية المغربي انذاك واحمد الدليمي مدير جهاز المخابرات لتعذيبه ثم اغتياله وليصبح بعد ذلك مصيره بالمجهول.فرنسا ديغول التي رأت في الاختطاف والاغتيال اهانة لها ومسا بسيادتها واختراقا مغربيا امريكيا لاجهزتها الامنية، اقامت الدنيا ولم تقعدها واحالت الملف علي القضاء وتنازعت مع الحسن الثاني حول رجاله الذين ادينوا مع اخرين في محاكمة من اشهر المحاكمات التي عرفتها المحاكم الفرنسية.بالتأكيد لم يكن المهدي بن بركة فقط ابنا واخا وابا وزوجا فقط ليقتصر هم مصيره علي العائلة، فبن بركة زعيم مغربي وقائد جزب اتحاد القوات الشعبية اقوي الاحزاب المغربية ورمزا من رموز التحرر العربي والعالمي وصديقا لعدد من زعماء العالم من امثال جمال عبد الناصر وهوشي منه وماوتسي تونغ وفيدل كاسترو وتشي غيفارا، لذلك كان مصيره هما عالميا والجريمة التي ارتكبت بحقه ادت لعزل نظام الحسن الثاني سنوات طويلة.واذا كان التطور السياسي الذي عرفه المغرب والاقليم والعالم منذ منتصف السبعينات ليصل داخل المغرب الي تولي حزب بن بركة تدبير الشأن العام للبلاد في 1998، وما قد يفرضه هذا التطور من تدبير مختلف لملف جريمة اختطاف بن بركة، فان مصيره بقي الشغل الشاغل لعائلته الصغيرة، التي اختارت المنفي تعبيرا عن الاحتجاج الذي يتأجج كلما مر الزمن.بوفاة الحسن الثاني وتولي محمد السادس مقاليد الحكم في البلاد منتصف 1999، فتحت كوة للامل لمعرفة مصير المهدي، وكي توسع العائلة هذه الكوة قررت زيارة المغرب واعد لها استقبالا رسميا وحزبيا وشعبيا يليق بها وبما تمثله، لكن الكوة لم تتوسع وبقيت حجم الشعاع الذي دخل منها علي حاله، مما ادخل بالعائلة قلقا من نوع جديد، قلق من طي صفحة جريمة الاختطاف والاغتيال دون الكشف عن بقية ما ورد فيها وتحديدا مصير الجثمان الذي تعددت الروايات بشأنه.ودون ان تنعش كثيرا امالها، انتظرت العائلة مصير مبادرات رسمية وحزبية وفردية بعضها يعني قضية المهدي تحديدا وبعضها يعنيه في اطار قراءة حقيقية لما عرفه مغرب الاستقلال. وبعد ان ادلي احمد البخاري العميل السابق للمخابرات المغربية صيف 2001 بتصريحات حول مسار المخابرات المغربية وخصص محورا اساسيا لعملية اختطاف بن بركة تقدم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بدعوي امام القضاء تطلب فتح تحقيق قضائي في الجريمة وتقدم قاضي التحقيق الفرنسي باستدعاء البخاري للادلاء بأقواله وشكل الملك محمد السادس هيئة الانصاف والمصالحة لقراءة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان في المغرب من 1956 الي 1999، وبعد انتظار لمست عائلة بن بركة عدم جدية السلطات في الكشف عن الحقيقة كاملة، اذ منع احمد البخاري من السفر الي باريس للادلاء بأقواله واعلن عن ضياع ملف الدعوي التي تقدم بها الاتحاد الاشتراكي وبعد موافقتها علي طلب القضاء الفرنسي بالانابة القضائية غادر القاضي الفرنسي دون ان ينجز مهمته لان السلطات المعنية ابلغته جهلها لعناوين معنيين بالملف لا زالوا علي قيد الحياة رغم انهم لا زالوا يتولون مناصب رفيعة وتوج قلق العائلة بنتائج بحث هيئة الانصاف والمصالحة التي لم تقدم جديدا وليبقي الملف مفتوحا.محاولات عديدة شاركت فيها اطراف متعددة لعقد لقاء بين محمد السادس الذي ينقل المقربون منه رغبته الحقيقية في قراءة صفحة المهدي بن بركة والكشف عن كل ما حملته قبل طيها والبشير بن بركة الذي يؤكد ان ما تريده العائلة هو ان تعرف المثوي الاخير للمهدي لقراءة الفاتحة علي روحه والتأشير علي المجرمين مرتكبي عملية الاختطاف والاغتيال.من ابرز هذه المحاولات خلال الزيارة الاولي للبشير ووالدته واشقائه للمغرب وايضا خلال الاحتفالات بالذكري الخمسين لاستقلال المغرب في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي والتي تصادفت مع احياء الذكري الاربعين لاختفاء بن بركة والمحاولة الاخيرة كانت منحه، كاحد موقعي وثيقة الاستقلال، بالوسام العلوي واقامة مراسيم توشيح لعائلات الموسمين.والمهدي بن بركة كان اصغر موقعي وثيقة 11 كانون الثاني/يناير 1944 التي كانت اول وثيقة رسمية تطالب فرنسا بمنح المغرب الاستقلال وانهاء الحماية المفروضة عليه، ويولي المغاربة اهتماما خاصا بهذه المناسيبة لانها عبرت عن لقاء الارادات بالاسقلال بين القصر والحركة الوطنية المغربية.كان من المقرر ان يكون البشير بن بركة او احد افراد العائلة بين حضور احتفالات التوسيم التي تقام امس واليوم في الدار البيضاء والرباط، لكن احدا لن يحضر لان مصير المهدي ما زال مجهولا رغم التقدم في قراءة الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان والكشف عن مصير العشرات من ضحايا هذه الانتهاكات. وحسب محمد اليازغي زعيم الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية والمشارك الرئيسي في الحكومة منذ 1998، فان مسلسل الانصاف والمصالحة لن يكتمل من دون الكشف عن الحقيقة كاملة في ملف بن بركة وان التوجه نحو المستقبل لا يتعارض مع رفع الحجب المستورة عن القضية وان حائط المصالحة يبقي مثقوبا وتسد الثقوب الا معرفة مكان وجود جثمان بن بركة . واذا كان المقربون من القصر الملكي يؤكدون ان قراءة جميع الاوراق في قضية بن بركة رغبة متوفرة وارادة حاضرة فان ما يحول دون ذلك صعوبات تقنية تحضر في اية دولة من دول العلم الثالث. لكن عائلة بن بركة لا تتوقف كثيرا عند هذه الصعوبات لانها تريد الحقيقة والدولة المغربية مسؤولة عنها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية