فوكس كاشفاً عورة الحكومة: يحرضون المستوطنين على العنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية

حجم الخط
0

خطاب الوداع الذي ألقاه قائد المنطقة الوسطى التارك، يهودا فوكس، كشف مساء أمس القليل مما حدث في قيادة المنطقة في أشهر الحرب التسعة. الجنرال التارك لم يختبئ وراء صياغة ضبابية؛ فقد وصف شعوره بالذنب كجزء من القيادة العليا في الجيش الإسرائيلي وكقائد فرقة غزة في نهاية العقد الماضي، إزاء فشل صارخ للجيش في المذبحة في 7 تشرين الأول. لم يحاول جعل أحاسيسه ضبابية بخصوص الملاحقة التي مر بها من الجناح المتطرف للمستوطنين، الذي يعتبره ضابطاً مستقلاً يرفض التراجع أمامه، لذلك فقد اعتبره هدفاً للتشهير والتحريض ضده.
تم تقديم أفضل مثال على ذلك في نهاية تشرين الأول الماضي؛ ففي الوقت الذي تظاهر فيه نشطاء اليمين المتطرف أمام منزل فوكس بذريعة أنه يتخلى عنهم وعن أمنهم، وحتى إن بعضهم هددوا أبناء عائلته، حظي قائد المنطقة الجنوبية يارون بن كلمان بمعاملة مختلفة من سكان غلاف غزة الذين شهدوا مذبحة في الواقع. عشية بداية عملية الجيش البرية في القطاع، أرسل ممثلو سكان كيبوتس “نير عوز”، الذين تخلى عنهم الجيش الإسرائيلي -لا توجد كلمة أكثر مناسبة للأسف الشديد- رسالة تأييد لقائد منطقتهم في يوم المذبحة. “لا تفكر الآن فيما حدث”، وأضافوا: “نريد منك التركيز على نجاح المعركة الهجومية في القطاع وإطلاق سراح المخطوفين”.
كان بإمكان فوكس أن يحلم بمعاملة مشابهة من الإسرائيليين في الضفة الغربية. كان يمكن سماع صدى هذه الأقوال حتى في خطاب وداعه. “فعلت كل ما في استطاعتي دفاعاً عن مواطني الدولة وعن سكان المنطقة. تعاملتُ بجدية مع أي حجر أو زجاجة ألقيت، واعتبرت نفسي المسؤول عن كل مصاب في جسده أو روحه. أحياناً فشلت، وسأحمل ثمن الدماء معي إلى الأبد”، قال. فوكس وصف “الأغلبية الساحقة من المستوطنين” بأنهم مواطنون يحافظون على القانون ويعيشون في ظل تهديد الإرهاب. ولكنه أضاف: “للأسف الشديد، الجريمة القومية المتطرفة رفعت رأسها في الأشهر الأخيرة بفضل الحرب ومشاعر الانتقام، وزرعت المحنة والخوف في أوساط الفلسطينيين الذين لم يشكلوا أي تهديد. للأسف، القيادة المحلية والقيادة الروحية لم تشاهد في معظمها هذا التهديد مثلنا، فهي خائفة ولا تجد القوة للخروج علناً والعمل على خلفية قيم اليهودية”.
وحسب أقوال فوكس، فإنه “حتى لو كان المشاغبون أقلية فإن من يصمتون على جرائمهم لا يخرجونهم هم وأفعالهم من القاعدة. هذه ليست يهودية بالنسبة لي، ولا التي تربيت عليها في البيت”. تدفقت الأقوال بشكل حاد إلى أن تذكروا بأن أقوالاً مشابهة قالها العميد نيتسان ألون (في حينه) قبل 12 سنة في الاحتفال بإنهاء منصبه كقائد لفرقة “يهودا والسامرة”، وأن الوضع أصبح أسوأ منذ ذلك الحين.
عملياً، خلافاً للأقوال التي أسمعت تجاهه، اتبع فوكس سياسة استخدام القوة الزائدة ضد إرهاب الفلسطينيين في فترة الحرب، التي شملت مئات الاعتقالات وعشرات العمليات اللوائية في مخيمات اللاجئين وفي مدن الضفة. وقد فعل ذلك بواسطة استخدام المسيرات الانقضاضية في عمليات التصفية، ما كان محرماً بالكامل حتى الصيف الماضي. مع ذلك، يجب القول بأنه أكد في خطابه أيضاً على الحاجة إلى عدم المس بالمدنيين الفلسطينيين في الضفة الغربية، وعلى أن مصالح إسرائيل الأمنية تكمن في الحفاظ على مكانة السلطة الفلسطينية رغم الطلبات المتكررة لأحزاب اليمين المتطرف في الائتلاف بتدمير السلطة في رام الله.
“زرع الخوف في أوساط مواطني الدولة في ظل أحداث 7 تشرين الأول يعد خطأ كبيراً”، حذر. “قدرة قيادة المنطقة الوسطى على تنفيذ المهمات والدفاع عن سكان إسرائيل وسكان المنطقة، مرهونة أيضاً بوجود سلطة فلسطينية تستطيع العمل وقوية، مع أجهزة أمنية ناجعة تحافظ على القانون والنظام. هذه هي نقطة انطلاق قائد المنطقة وهي تستند إلى قرار الحكومة”.
وحول علاقته المشحونة مع رئيس الأركان هليفي خلال السنة الماضية، قال فوكس: “أخجل وأشعر بالعار كقائد، قبل أي شيء كمواطن، من الهجوم ضدك. هذا أسلوب هناك من تبناه هنا أيضاً. أشياء فظيعة تُقال، وبعد ذلك يأتي اعتذار صغير، حتى الهجوم القادم غير المسؤول”.
ما أشير إليه في الخطاب يتعلق بدراما سياسية تحدث وراء الكواليس، وعملية سيطرة المستوطنين بواسطة ممثليهم في الحكومة على إدارة الصلاحيات المدنية في الضفة الغربية. الوزير سموتريتش، بقوة منصبه المزدوج، وزيراً للمالية ووزيراً ثانياً في وزارة الدفاع، أضاف لنفسه المزيد من القوة والصلاحيات، وبذلك قلص قوة وزارة الدفاع وقوة الجيش الإسرائيلي وجهاز تنسيق أعمال الحكومة في “المناطق” [الضفة الغربية]، ويملي سياسة إسرائيل في الضفة الغربية، من توسيع المستوطنات وشرعنة البؤر الاستيطانية غير القانونية، ولكن أيضاً جهود سموتريتش المحسوبة لخنق اقتصاد السلطة الفلسطينية على أمل انهيارها.
ليس من الغريب أن تحدثت الوزيرة أوريت ستروك، العضوة في حزب سموتريتش، عن “أجواء معجزة” تحيط بها عقب اندلاع الحرب في القطاع. اليمين المتطرف يتربص وجود لحظة مناسبة في ظل الحرب، ويعمل وفقاً لذلك. محرر مجلة اليمين الأسبوعية “مصدر أول”، حاجي سيغل، نشر الجمعة الماضي بأن سموتريتش “مبعوث جمهور يحاول استغلال فرصة سياسية لن تتكرر، وعلى قناعة بأن ذلك مصلحة للدولة”.
عاموس هرئيل
هآرتس 9/7/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية