فوز حماس سيضطر اسرائيل علي الاخذ بالحسبان عاملاً كانت تتجاهله في السابق: الجماهير في الدول العربية والسلطة الفلسطينية

حجم الخط
0

فوز حماس سيضطر اسرائيل علي الاخذ بالحسبان عاملاً كانت تتجاهله في السابق: الجماهير في الدول العربية والسلطة الفلسطينية

رسخت سياستها الاقليمية في الماضي علي التسويات وتوازن الرعب مع الدكتاتوريات العربية الحاكمة انتخابات السلطة الفلسطينية تبشر ببداية حقبة جديدة في الشرق الاوسط والتي يمكن ان نسميها عصر الجماهيرية . اسرائيل ستضطر من اليوم لاخذ عامل كبير التأثير في اعتباراتها السياسية الخارجية بالحسبان وهو عامل كانت تتجاهله في السابق: الجماهير في الدول العربية والسلطة الفلسطينية. اسرائيل رسخت سياستها الاقليمية علي الدوام علي التسويات وتوازن الرعب مع الدكتاتوريات العربية الحاكمة. لم يكونوا كلهم وديين الا انهم فهموا لغة القوة جيدا الامر الذي اتاح عقد الصفقات معهم. صلاحيتهم بدت كالحاجز الواقي الذي يدافع عن اسرائيل ويحميها من غضب الرعاع المعادين في الشارع العربي . هذه كانت قاعدة اتفاقيات السلام مع مصر والاردن وسلسلة التسويات مع ياسر عرفات ومن جاء بعده وقاعدة للعبة في مواجهة سورية ولبنان.ولكن هذه الايام قد ولت. موجة الدمقرطة التي يحدثها رئيس الولايات المتحدة جورج بوش في المنطقة وثقافة الجدل التي تثيرها محطات التلفزة الفضائية العربية تتسبب في تحطيم الاطر القديمة. المظاهرات الحاشدة التي أدت الي طرد السوريين من لبنان والانتخابات في العراق والمناطق ما هي الا بداية للعملية القادمة. الم الرأس الحقيقي لاسرائيل سيحدث عندما تغمر الموجة الديمقراطية القادمة الاردن حليفها الاستراتيجي ومصر مع جيشها الحديث وطائراتها (اف 16) وسورية مع ترسانة صواريخ السكاد ذات الرؤوس الكيماوية الموجودة فيها. بوش تأثر كثيرا من كتاب ناتان شيرانسكي من اجل الديمقراطية الذي ينادي باقامة مجتمعات حرة كقاعدة للاستقرار والسلام في المنطقة. شيرانسكي يفضل الديمقراطية المعادية علي الدكتاتورية الصديقة وتحدث في كتابه عن اختبار ميدان المدينة الذي يميز بين المجتمع الحر و مجتمع الخوف : قدرة الانسان علي الوقوف في ساحة المدينة والتعبير عن رأيه ومن ثم العودة الي منزله دون عقاب. بوش قال ان هذا الـ دي ان ايه الرئاسي بالنسبة له. في السنة الاخيرة اجتاز ملايين المواطنين العرب اختبار شيرانسكي هذا بنجاح. الاف المتظاهرين في وسط بيروت في اذار (مارس) الماضي والناخبون في السلطة الفلسطينية الذين استبدلوا الحكم بصورة ديمقراطية. صحيح ان حماس ليست بالضبط مواطنا بسيطا يقف في ميدان المدينة للتعبير عن آرائه انما تنظيما ارهابيا. الا ان الاسرة الدولية وافقت علي مشاركتها في الانتخابات وتحترم النتائج التي تمخضت عنها.النهج الاسرائيلي اعتبر المبادرة الديمقراطية التي رفع بوش لواءها هي مراهنة أمريكية ساذجة وانهم لا يملكون اي تصور عن الواقع في المنطقة. في اسرائيل ما زالوا يذكرون الشاه الايراني الذي سقط من الحكم بعد أن وجهت الولايات المتحدة انتقاداتها له في قضية حقوق الانسان وحل محله نظام معاد يسعي لتصفية الصهيونية والحصول علي القنابل النووية. الاسرائيليون حذروا الامريكيين بان الديمقراطية العربية من دون رقابة ستؤدي الي حكم الاخوان المسلمين واشباههم وليس ليبراليين مؤيدين للغرب. ولكن واشنطن رفضت الاصغاء لهذا النصح وأصرت علي اجراء الانتخابات في موعدها وبمشاريع واسعة.الواقع الجديد يستوجب اجراء تغيير جديد في واشنطن وفي القدس ايضا من قبل أن يصل تأثير صعود حماس الي عمان والقاهرة. في كل الاحوال سيكون من الصعب الان اعادة الدواليب الديمقراطية للوراء والعودة الي العلاقات المريحة مع الدكتاتوريات القديمة. اسرائيل ستضطر لبلورة سياسة خارجية جديدة موجهة للجماهير العريضة في الشرق الاوسط والسعي للسلام بين الشعوب وليس بين الحكام فقط. وهذه ستكون مهمة أكثر تعقيدا.الوف بنكاتب ومحلل في الصحيفة(هآرتس) 29/1/2006

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية