فوز حماس انقلاب ديموقراطي اخضر علي فتح والسلطة
د. جمال المجايدةفوز حماس انقلاب ديموقراطي اخضر علي فتح والسلطة شهد يوم الأربعاء الموافق 25 يناير 2006 انقلابا ديموقراطيا اخضر لحركة حماس علي السلطة ولكن عبر صناديق الانتخابات، و سوف يظل ذلك اليوم علامة فارقة في تاريخ الشعب الفلسطيني لانه شهد اول انتخابات ديموقراطية تجري علي مستوي فلسطين والعالم العربي والاسلامي، فقد ادلي الناخبون الفلسطينيون بأصواتهم، لاختيار ممثليهم في المجلس التشريعي، واختاروا حماس بالاجماع والاغلبية الصامتة صوتت لحماس لتفاجئ الحركة العالم كله وتحقق الاغلبية الساحقة! جرت هذه الانتخابات تحت مظلة عملية الانتقال السلمي والدستوري للسلطة، التي أعقبت وفاة الرئيس الفلسطيني، ياسر عرفات في نوفمبر 2004، وما تبعها من خطوات ايجابية في سياق التحول الديمقراطي مثل الانتخابات الرئاسية في 9 يناير 2005 لاختيار رئيس جديد للسلطة الوطنية. وجاء 25 يناير وانتهي علي خير وحمل للعالم بوادر مرحلة جديدة في العمل السياسي الفلسطيني وربما تشهد المنطقة كلها تغييرات وتوازنات جديدة في ضوء الانقلاب الديموقراطي لحماس علي السلطة وعلي فتح التي تحكم العمل الرسمي والشعبي الفلسطيني منذ 40 عاما.اننا علي موعد مع فجر جديد يعقبه تطورات ربما تكون ايضا كلها مفاجئة مثل تحول حماس الي حزب سياسي رسميا لكي تتعامل مع العالم الخارجي باسم الشعب الفلسطيني، وهذا يعني القاء السلاح وحل كتائب القسام رسميا ورفع العلم الفلسطيني بدلا من الرايات الخضراء وارتداء البدلات الانيقة مع ربطات العنق لاداء المهمة بانفتاح ووعي ونضج سياسي وحنكة كافية لمواصلة العمل علي بناء مؤسسات الدولة المستقلة، حتي لو تطلب الامر الاعتراف باسرائيل وتوقيع اتفاق سلام نهائي معها، لننتظر ونري مالذي يجري! ومهما حصل الا انه لن يكون اسوأ مما كان علي الاطلاق!انقلاب ديموقراطي علي فتحماحصل لا يمكن رصد اثاره السياسية في مقال او دراسة لانه بمثابة انقلاب علي سلطة حركة فتح وعلي منظمة التحرير الفلسطينية لأن حماس ليست عضوا في منظمة التحرير، ولن تكون جزءا فيها، لانها كانت حركة منبوذة من اهل فتح والمنظمة ولم يتم التعامل مع حماس علي انها ربما تواصل قيادة النضال الفلسطيني رسميا وديموقراطيا وبمباركة الديموقراطيات الرئيسة في العالم. لذلك تقابل حماس دعوات القيادة الفلسطينية السابقة عن تفعيل منظمة التحرير ببرود شديد، لأن الدعوات بالتفعيل جاءت فقط عقب هزيمة فتح وبقية الفصائل الاخري امام اغلبية حماس الساحقة!علي اية حال، لابد من قراءة هذه الانتخابات جيدا وكيف جرت ولماذا حصل هذا التغيير الدراماتيكي الذي ربما كان مفاجئا حتي لقيادة حماس الفائزة.خلاصة كل هذه الترتيبات القانونية الشفافة، حصدت حماس 80 مقعدا بعدما توقع لها الجميع بان تحصل فقط ما بين 20 ـ 25 مقعدا، اليس في الامر مفاجاة؟ ام ان الناس ملت السلطة وتنظيمها القائد الرائد فتحولت فقط الي الخصم السياسي للسلطة وحركة فتح ليبلغوا العالم كله انهم لم يكونوا راضين عن السلطة وادائها السيء ولا عن حركة فتح التي عشعش الفساد في صفوفها وارهقها الي حد الهزيمة في الانتخابات!ممارسة الديموقراطيةرغم ان الشعب الفلسطيني في مدنه وقراه محاصر من قبل الاحتلال الاسرائيلي الا انه قدم درسا رائعا في الممارسة الديموقراطية، فالانتخابات جرت منذ بدء عمليات الاقتراع صباح يوم 25 يناير ذلك اليوم التاريخي المشهود، بصورة سلسة وهادئة تعكس درجة عالية من التنظيم والمهنية من جانب لجنة الانتخابات المركزية وطواقمها. واتسمت عمليات الاقتراع بالشفافية، ولم يسجل المراقبون اية مخالفات اوتجاوزات لهذا كانت حركة فتح هي اول من اعترف بفوز حماس الساحق علي مضض، ولم يتجرأ احد بالحديث عن تزوير او فوضي امنية الخ. وهذا دليل اخر علي ان الشعب الفلسطيني يتوق الي ممارسة الديموقراطية مثل بقية الشعوب المتقدمة الاخري، فقد شهدت الانتخابات مشاركة واسعة في عمليات الاقتراع، عكست رغبة أكيدة لكافة قطاعات الشعب الفلسطيني في المشاركة السياسية الفاعلة. هذا التطور الايجابي يدلل ايضا ان الشعب اذا توفرت له فرص الحياة فان سوف يعمل بمسؤولية علي اقامة دولة العدل والسلام الاجتماعي والامان للجميع، المهم ان يتفهم المجتمع الدولي تلك المعادلة ويتجاوب مع ما يريده الشعب الفلسطيني الذي اختار من يمثله لا من يضحك عليه.اليست هذه هي الديموقراطية المتبعة في النظام الامريكي والاوروبي، اليست هذه النزاهة والشفافية؟ ان سير كافة عمليات الاقتراع والفرز، يؤكد علي سلامة هذه العمليات، وأن هذه الانتخابات تعبر عن إرادة الناخبين الفلسطينيين. بقي فقط ان تتقدم كل الدول والحكومات حتي بما فيها اسرائيل الي الشعب الفلسطيني بهذا الإنجاز الرائع من خلال إجراء الانتخابات، بدلا من اطلاق التهديدات بالحرمان من المساعدات والمقاطعة لاي حكومة تشكلها حماس! فمثل تلك الممارسات هي تنكر للديموقراطية وزج مصير المنطقة الي دائرة الخطر من جديد وتدمير حقيقي لما انجز من العملية السلمية.لابد من النزاهة والشفافية في الموقف الامريكي والاوروبي والدولي الذي كان يصر علي اجراء الانتخابات النزيهة، فهاهي الانتخابات قد جرت كما يريدون وعبر الشعب عبر الانتخاب في رغبته في الانتقال السلمي الهادئ للسلطة من فتح الي حماس لكي يفتح صفحة جديدة من العمل الوطني لخدمة الوطن والشعب علي حد سواء.ہ صحافي من فلسطين يقيم في الامارات[email protected]