فشل مفاوضات تجديد اتفاقية الصيد البحري بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي
فشل مفاوضات تجديد اتفاقية الصيد البحري بين موريتانيا والاتحاد الأوروبينواكشوط ـ القدس العربي من عبد الله السيد:أكد مصدر مأذون في وزارة الصيد الموريتانية أمس الاحد أن المفاوضات التي انتهت قبل يومين بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي حول تجديد اتفاقية الصيد المنتهية في تموز/يوليو القادم قد وصلت الي طريق مسدود.وأشار المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه في تصريحات لـ القدس العربي أن السبب في فشل المفاوضات كان الهوة السحيقة التي تفصل بين مواقف الطرفين، اذ يعتقد الجانب الموريتاني أن اتفاقية الصيد المنتهية مجحفة بموريتانيا علي مستوي المقابل المالي الزهيد (430 مليون يورو موزعة علي خمس سنوات)، كما علي مستوي حماية الثروة السمكية. فيما يري الجانب الأوروبي، حسب المصدر، أن المقابل المالي يثقل دافع الضريبة الأوروبي.وألمح المصدر الي أن الأوروبيين نسوا أن موريتانيا لم تعد تحت حكم الرئيس السابق معاوية ولد الطايع حيث ينتشر الفساد وأنها اليوم تشهد اصلاحات من اهدافها الحفاظ علي الثروات وبخاصة الثروات البحرية.والجديد في الملف الأوروبي الموريتاني الذي أغفلته المجموعة الأوروبية هو أن الحكومة الانتقالية الحالية لم تدرج المقابل المالي الذي يدفعه الاتحاد الأوروبي في موازنتها لعام 2006 مستغنية عنها بريع النفط، عكس ما كان يجري في السابق حيث كان الطرف الموريتاني يفاوض الأوروبيين بعد ادراج المقابل مما يجعله ضعيفا لكونه بحاجة ماسة للقروش الآتية من أوروبا.ويشير المصدر آنف الذكر الي أن حكومة العقيد ولد محمد فال قررت ترك المقابل المالي الأوروبي جانبا، فان حصل الاتفاق بالشروط الموريتانية فبها ونعمت والا تكون الموازنة معتدلة بدون هذا المقابل. وقد تدخل سفراء الدول الأوروبية في نواكشوط للتوصل الي حل بين الفريق الموريتاني المفاوض بقوة والفريق الأوروبي الذي يقوده الخبير دبين المكلف بالمصايد والذي يعتبر من المطالبين بمراجعة انخفاضية للاتفاق بين موريتانيا والمجموعة.واقترح السفير الفرنسي في نواكشوط باتريك نيكولوزو أن يمدد الاتفاق القديم سنة أخري أي من تموز/يوليو 2006 الي تموز/يوليو 2007، بحيث تكون الحكومة المدنية لمرحلة ما بعد الانتخابات هي المسؤولة عن التفاوض مع الأوروبيين غير أن هذا الاقتـــراح لم يلاق رضا الطرفين وان كانت الأمور ستفرضه في النهاية. ويلاحظ خبراء الصيد في موريتانيا أن المفاوضات غير متكافئة حيث يفاوض الأوروبيون ككتلة فيما تفاوض موريتانيا بشكل انفرادي حيث لم تتمكن من تنسيق تفاوضها مع جارتها المملكة المغربية كما أن الأوروبيين يضغطون علي الجانب الموريتاني بالمساعدات التنموية الأوروبية لموريتانيا وبالمساعدات الانسانية. وحسب معلومات رشحت من جولة المفاوضات الفاشلة فان الاتحاد الأوروبي عرض مبلغ 83 مليون يورو سنويا في الاتفاقية الجديدة بدل 86 مليونا في الاتفاق السابق مع زيادة في عدد رخص الصيد مما يسمح لمزيد من الشركات الأوروبية بالصيد في الشواطئ الموريتانية، في حين طالب المفاوضون الموريتانيون بمبلغ قدره 150 مليون يورو سنويا كحد أدني غير قابل للنقصان مع الحفاظ علي نفس العدد من رخص الصيد والزام الأوروبيين بتنفيذ جوانب في الاتفاق ظلت مهملة من طرف النظام السابق. ويعتبر فشل جولة المفاوضات الحالية مع موريتانيا مدعاة لقلق الأوروبيين الذين يعتمدون علي المصايد الموريتانية في النواحي الغذائية والتصنيعية.يذكر أن اتفاقية الصيد الموقعة بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي عام 2001 والتي تمتد علي فترة خمس سنوات تلاقي نقدا شديدا داخل الأوساط الموريتانية. وأصبح هذا النقد لاذعا وواضحا بعد ازاحة نظام الرئيس ولد الطايع الذي يتهمه معارضو هذا الاتفاق بالتفريط في الثروة السمكية وبتعريضها للنضوب.وتميز الاتفاقية المنتهية (2001/2006) عن سابقتها (1996/2000) بأمور منها زيادة عدد سفن صيد الرخويات الجيبية من 42 الي 55 قطعة، وزيادة سفن صيد التون من 57 سفينة الي 67 سفينة.وكانت المجموعة الأوروبية قد عرضت علي الجانب الموريتاني مشروع اتفاقية جديدة في تشرين الثاني/نوفمبر 2005. وتميزت هذه الاتفاقية بنقص الكميات المسموح باصطيادها حفاظا علي الثروة وزيادة الرخص وعدد السفن لاستيعاب الأعضاء الجدد في الاتحاد الأوروبي وتمكينهم من الصيد في المياه الموريتانية وهو ما يعتبر تطبيقه صعبا بالنسبة لموريتانيا ذات الامكانيات الرقابية الضعيفة أو شبه المعدومة.هذا ويعتبر الاتحاد الأوروبي الشريك الاقتصادي الأول لموريتانيا في مجال الصيد متبوعا باليابان حيث تصدر موريتانيا الي هذين السوقين اضافة لأسواق عالمية أخري حوالي 95 بالمئة من مجموع السمك الذي يتم صيده في الشواطئ الموريتانية. وتشكل واردات الصيد 25 بالمئة من الميزانية الموريتانية، وأكثر من 50 بالمئة من واردات العملة الصعبة، كما تمثل 7 بالمئة من الناتج الوطني الخام.