فرنسا تتبني مشروع قانون هجرة جديد مستوحي من النموذج الأمريكي
استقطاب الادمغة الاجنبية والحد من الهجرة التقليدية والتضييق علي التجمع العائليفرنسا تتبني مشروع قانون هجرة جديد مستوحي من النموذج الأمريكيباريس ـ القدس العربي ـ من شوقي أمين: بعدما كان موضوع الهجرة الانتقائية في فرنسا مجرد فكرة تخفي وراءها حرب مواقع سياسية، ها هي اليوم تتحول الي مشروع مفصل يتضمن مواد أقل ما يقال عنها أنها استراتيجية الهدف منها التشديد علي الهجرة السرية والتقليل من عدد المهاجرين الباحثين علي لقمة العيش بعدما ضاقت بهم الدنيا.وفي نفس الوقت هي رسالة الي فئة من الفرنسيين بدأوا يضجرون بوجود المهاجرين ويرون فيهم عبئا يثقل كاهل اقتصادهم ويستولي علي اعاناتهم الاجتماعية والعائلية.وبدون مفاجأة، حمل المشروع اسم الهجرة المختارة ، العزيزة علي وزير الداخلية نيكولا ساركوزي صاحب المشروع بدل الهجرة المفروضة . وحسب مصادر متطابقة فان صياغة نصوص المشروع في مكاتب وزارة الداخلية بدأت في 23 ايلول/سبتمبر، أي قبل اندلاع أحداث الشغب التي هزت ضواحي وأقاليم فرنسا التي قام بها شباب من أصول مهاجرة.وسينزل المشروع الي الجمعية الوطنية (البرلمان) حتما للمناقشة بعدما يكون عرض في مجلس الوزراء مع نهاية شهر شباط/فبراير المقبل. وبالتأكيد سيحتدم النقاش مع أطياف المعارضة حول كثير من مواده نظرا لقسوته أولا، ولأنه يقطع نهائيا مع سياسة الهجرة الفرنسية التقليدية، ثانيا، والتي اتسمت الي حد قريب بالانسانية والرأفة بالمغلوبين علي أمرهم وبالمعذبين في الأرض.وتجدر الاشارة في هذا السياق أن المشروع يراهن علي أهداف اقتصادية في المقام الأول، ويعزز من سلطة الحكومة في مراقبة الوافدين علي الأراضي الفرنسية. لهذا ركز المشروع في احدي مواده علي وضع أجندة عمل تقضي باحصاء عدد المغتربين الجدد بحيث لا يتعدي سقفا معينا في السنة مع مراجعته دوريا اما لتخفيضه أو الزيادة فيه علي الطريقة الأمريكية.من زاوية أخري، يريد المشروع الذي سيتحول الي قانون الي مراقبة الهجرة العائلية ، أو ما يسمي بالتجمع العائلي الذي سنه الرئيس الاسبق فاليري جيسكار ديستان، لمساعدة العمال المهاجرين من الجزائريين خاصة وباقي دول المغرب العربي عامة، علي استقدام أسرهم وتمكينهم من الاستقرار في فرنسا. كما يسعي الي مكافحة التحايل علي القانون وتحويل الاجراءات الادارية لاستقبال فئة من الأجانب لا تتوفر علي شروط الاقامة القانونية التي ينص عليها المشرع.ولعل أهم ما جاء في المشروع هو العمل علي استقطاب الأدمغة والعاملين المتخصصين في المجالات العلمية والتقنية، خاصة الذين زاولوا دراساتهم في الجامعات الفرنسية. ولهذا الغرض سيتم تبني نظام فرز دوري لعدد الطلبة الأجانب مع احصاء الشعب والحقول العلمية التي تعاني من نقص في اليد العاملة.وفي حالة ما اذا صادق البرلمان الفرنسي علي مشروع الهجرة الجديد الذي سيضبط بشكل صارم دخول وخروج الأجانب من غير الغربيين، فان فرنسا ستطلق نهائيا تقليدا في استقبال الأجانب عمره مئة سنة، وان عرف ذلك التقليد تقنينا رسميا ابتداء سنة 1945.وستصبح فرنسا عندئذ بلد الهجرة المنتقاة وبلد العمل، بدل الهجرة العائلية التي طبعتها منذ سنة 1974. وحسب النص الأولي للمشروع، ستراجع نوعية بطاقات الاقامة المقدمة حاليا وتستحدث بأخري جديدة، مما سيعتبر ثورة في حد ذاته، حيث ثمة اشارة الي قائمة من البطاقات كبطاقة أطلق عليها القدرات والمؤهلات من شأنها استقدام المادة الرمادية ، أي النابغين من الطلبة والأساتذة والأطباء والباحثين في الاعلام الآلي والتكنولوجيا لتنمية وتطوير الاقتصاد الفرنسي. في مقابل ذلك، سيمنع القانون الجديد تسوية المقيمين بطريقة غير شرعية بحكم الأقدمية، ذلك أن القانون الحالي يتيح، بطريقة تلقائية، تسوية اقامة اي أجنبي مر علي وجوده علي التراب الفرنسي غير شرعي عشرة اعوام. كما سيمنع تسوية وضعية اي مقيم غير قانوني حتي وان كانت له ارتباطات عائلية.وبحسب المؤشرات الحالية، فان النص التشريعي الجديد لضبط عملية الهجرة لم يقابل باية معارضة من قصر الاليزيه (الرئاسة) أو قصر ماتنينون (الحكومة)، علما أن حرب الخنادق بين الرئيس شيراك ومعه رئيس الحكومة دوفيلبان ضد غريميهما وزير الداخلية نيكولا ساركوزي باتت حامية الوطيس مع قرب الانتخابات الرئاسية.والقرينة في ذلك أنه تم تسريب نص مشروع الهجرة من مكتب وزير الداخلية في اليوم الذي قدم فيه الرئيس شيراك تهانيه للشعب الفرنسي بمناسبة العام الجديد. هذا الأخير الذي شدد في كلمته علي الأهمية الكبري التي يوليها لمكافحة الهجرة السرية بما فيها سياسة التجمع العائلي التي حُولت، في نظر شيراك،عن الهدف الذي أنشأت من أجله. واعتبر شيراك أن محاربة الهجرة غير المشروعة هي حماية لنموذج الادماج الفرنسي.يشار الي أن نص المشروع في نسخته الحالية لم يقابل بأي اعتراض من الأطياف السياسية المختلفة، ما عدا الجمعيات والتنظيمات غير الحكومية المدافعة علي حقوق المهاجرين والأجانب كما جرت العادة.