«فخاخ الموت»: مصائد لقنص النازحين في غزة برصاص الاحتلال

بهاء طباسي
حجم الخط
0

غزة ـ «القدس العربي»: ينصب جيش الاحتلال الإسرائيلي مصائد لتصفية النازحين في مناطق يزعم أنه أخلاها أو انسحب منها في محافظتي رفح وخان يونس، جنوبي قطاع غزة، كما يمنع طواقم الدفاع المدني وسيارات الإسعاف من الوصول إلى المواطنين المستهدفين لنقل المصابين منهم إلى المستشفيات أو دفن الموتى منهم، وفقاً لشهود عيان.
وقبل أيام قصفت طائرات الاحتلال سيارة تقل 4 أشخاص شمال مدينة رفح، ما أسفر عن إصابة السائق بجراح خطرة (من عائلة أبو قورة) واستشهاد النازحين.

استهداف سيارة

وقال مراد أبو قورة، النازح من مدينة رفح، إن الركاب الثلاثة (من عائلة أبو مصطفى) ارتقوا بعد استهداف سيارة محملة بالأثاث في منطقة زغلول شمال غرب المدينة.
وأضاف لـ «القدس العربي» أن الشهداء استُهدفوا وهم في طريق العودة إلى منطقة موراج شمالي رفح، بعد جلب بعض الفرش والأغطية وقطع الأثاث الخفيف من شاليه كانوا قد نزحوا إليه قرب ثلاجة زغلول في رفح، خلال أيام الحرب الأولى، ثم غادروه بالتزامن مع اقتحام جيش الاحتلال للمدينة الواقعة أقصى جنوبي غزة، في مايو/ أيار الماضي.
وأشار النازح الخمسيني إلى أن مناطق: «الشاكوش، مفترق بدر، وبئر كندا، ومنطقة البركسات (مخازن الأونروا) ودوار العلم، وشارع جورج في رفح تحولت إلى مصائد لقصف النازحين من أصحاب المنازل والخيام، التي غادروها في وقت سابق عندما اجتاحت آليات جيش الاحتلال مناطق غرب وشمال رفح، مستشهداً باستهداف قناصة جيش الاحتلال امرأة أربعينية من ذوي الاحتياجات الخاصة مصابة بإعاقة ذهنية في «البركسات» ما أدى إلى استشهادها على الفور.
وأوضح معاذ الحمايدة، النازح أيضاً من رفح، أن الاحتلال «تعود على الادعاء كذباً أنه انسحب من مناطق محددة، بهدف قنص المواطنين الذين يقصدون تلك المناطق، إما لتفقد منازلهم أو جلب بعض الأغراض من أماكن نزحوا إليها سابقاً».
وأكد أنه في كثير من الأحيان، تمنع قوات الاحتلال سيارات الدفاع المدني والإسعاف من الوصول لهؤلاء المواطنين، ونقلهم إلى المستشفيات.
وأشار إلى أن مدفعية جيش الاحتلال استهدفت تجمعاً لمواطنين قرب مفترق بدر غرب مدينة رفح، ما أسفر عن ارتقاء شهداء وجرحى، لم يتمكن من تقدير أعدادهم.
وأضاف لـ «القدس العربي» أن الطواقم الطبية تعرضت لإطلاق نار أثناء محاولتها الوصول إلى الشهداء والمصابين.
وقالت غالية السطري، (51 عاماً) إنها نزحت برفقة أبنائها الثلاثة من بيتها في منطقة دوار العلم في رفح إلى خان يونس، قبل اقتحام جيش الاحتلال مناطق غرب رفح منذ نحو شهرين.
وأشارت إلى أن ابنها الأكبر محمد السطري، (31 عاماً) ذهب لتفقد منزلهم قبل شهر تقريباً، لكنه لم يعد منذ ذلك الحين.

الجيش الإسرائيلي يمنع الدفاع المدني والإسعاف من الوصول إلى المستهدفين

وأضافت أن إخوة محمد ذهبوا للبحث عنه في المنزل فلم يجدوه.
وأوضحت لـ «القدس العربي أنها تشعر بالحزن الشديد على ابنها المفقود، كونها لا تدري هل استُشهد أم تعرض للاعتقال من قبل قوات الاحتلال.
وبينت أنها سألت عنه الصليب الأحمر، ونشرت صوره على منصات التواصل الاجتماعي، دون أن تصل إلى أي معلومات.
ويرفض الاحتلال الإسرائيلي الإدلاء بأية معلومات عن المحتجزين لديه، إذ يقول وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال، إيتمار بن غفير، إنه لا يسمح للصليب الأحمر بالحصول على معلومات أو الوصول إلى المعتقلين ممن اعتبرهم «مقاتلي حركة حماس» ما دامت دولة الكيان لا تحصل على معلومات حول الرهائن الإسرائيليين في غزة.
ولا تقتصر «مصائد الموت» على مناطق رفح فحسب بل تمتد إلى محافظة خان يونس، جنوب قطاع غزة، والتي زعم جيش الاحتلال الانتهاء من عملياته العسكرية فيها قبل نحو 4 أيام، كما تشمل منطقة شرق دير البلح، وسط القطاع، التي تشهد توغلاً محدوداً من قبل قوات جيش الاحتلال من الناحية الغربية لطريق صلاح الدين.
وأفاد شهود عيان لـ «القدس العربي» بأن عدداً كبيراً من النازحين ذهبوا إلى مناطق القرارة، وحمد، وأصداء، في محافظة خان يونس، والتي أخلوها قبل نحو 3 أسابيع، تبعاً لأوامر جيش الاحتلال، لكنهم لم يعودوا منذ ذلك الحين، وانقطعت الاتصالات بهم تماماً.
وقال أمير شلبي، النازح في منطقة مواصي خان يونس، إن أشخاصاً كُثرا قصدوا مكان نزوحهم السابق بالقرب من سجن مدينة أصداء قبل 14 يوماً، في رحلة ذهاب دون عودة.
وتوقع خلال حديثه لـ «القدس العربي» ارتقاء البعض منهم شهداء بعد استهدافهم من قبل جيش الاحتلال، وتعرض البعض الآخر للاعتقال.
وأوضح المواطن الخمسيني أن جيش الاحتلال يمارس الخداع بحق النازحين، إذ يعلن سحب قواته البرية من مناطق ما.
ويتابع: «لكن بمجرد أن يرصد أي هدف يتحرك فيها، يقوم باستهدافه فوراً بواسطة المقاتلات الحربية أو الطائرات المسيرة من نوع (كواد كابتر) أو من خلال القنص عن طريقة جنوده المتخفين في كل مناطق قطاع غزة».
وأول أمس، كشف مصدر طبي في مستشفى ناصر في خان يونس عن نقل أكثر من 10 جثامين لشهداء إلى المستشفى بعد قصف وعمليات انتشال جثث من مناطق انسحب جيش الاحتلال مسبقاً منها في مدينتي رفح وخان يونس.
وفي يوم 25 أغسطس/ آب الماضي، نقل الى المستشفى ذاته أربعة شهداء من منطقة شرق القرارة، ومدينة حمد، ينتمون الى عائلات الأسطل، وأبو خشان، والشاعر، فيما سبقهم نقل نحو سبعة شهداء من المنطقة ذاتها، يرجّح أنهم استشهدوا في أوقات سابقة.

جثامين في المستشفيات

كذلك تم نقل جثمان الشهيد محمد أبو تيلخ إلى مستشفى شهداء الأقصى عبر سيارة إسعاف نقلته من مكان استشهاده، إثر استهدافه من قبل قناصة جيش الاحتلال في منطقة الجعفراوي، شرق دير البلح.
وقال معتز الأطرش، النازح في غرب دير البلح: «هناك مزاعم حول انسحاب آليات جيش الاحتلال من المناطق الواقعة شرق المحافظة الوسطى، ولكن في الحقيقة، ثمة إعادة تموضع للآليات العسكرية الإسرائيلية».
وأشار في الوقت نفسه إلى أن ما يحدث على الأرض يؤكد استمرار قوات الاحتلال في استهداف المواطنين، خاصة الموجودين في المناطق التي أعلنت أنسحابها منها.
وبين لـ «القدس العربي» أن منزله يقع في المنطقة المطلة على طريق صلاح الدين، والذي نزح منه قبل 6 أيام، لكنه يرفض العودة لتفقد البيت أو استطلاع أحوال المنطقة، خشية أن يقع في شرك «فخاخ الموت» التي ينصبها جيش الاحتلال بين الحين والآخر.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية