فايز رشيد يوقع مجموعته ‘ذهبت مع الخريف’ في عمان: الحاجة للحب والتشبث بالحياة!

حجم الخط
0

عمان ـ ‘القدس العربي’ ـ من سميرة عوض: وقع الكاتب السياسي والقاص الدكتور فايز رشيد، مجموعته القصصية ‘ذهبت مع الخريف’، الثالثة الصادرة عن الدار العربية للعلوم/ ناشرون، في دائرة المكتبة الوطنية، في إطار برنامجها ‘كتاب الأسبوع’، بمشاركة الروائي رشاد ابو شاور، الدكتور باسم الزعبي، والناقد حسين نشوان.
ووصف الشاعر رامي ياسين الذي أدار الحوار الكاتب بقوله: ‘إن رشيد كاتب يتميز بجدية البحث ووضوح الموقف وهذا ما يلحظه قراء مقالاته في الصحافة العربية، ويتميز برقة المشاعر التي تتجلى في قصصه القصيرة في مجموعتيه اللتين أصدرهما فرشيد يقف أمام التفاصيل الصغيرة الغنية بالدلالات يتأملها ويجذب القارىء إليها لمشاركته في التأثر به.
الزعبي: شخصيات تنتمي إلى الطبقة الوسطى
وبين الدكتور باسم الزعبي أن ‘الكاتب يختزن تجربة حياتية زاخرة وواسعة، ويمتلك من المعرفة ما يجعله قادرا على فهم المواضيع التي يعالجها في قصصه، فهو له معرفة بقضايا النفس والطب، وتتسم قصصه بمصداقية عالية في المجال المعرفي’، معترفا ‘بأنه من الصعب على كاتب أن يكتب معلقا على نصوص غيره، خاصة إذا ما كانت النصوص تنتمي إلى نفس الجنس الأدبي، فعنوان ‘ذهبت مع الخريف’ عنوان ملفت لمجموعة قصصية مطبوعة بأناقة، والاسم موح يذكرك برواية مارغريت ميشيل ‘ذهبت مع الريح’، وهو أول ما يتبادر إلى الذهن عند محاولة فهم العنوان فالمجموعة تتناول قصصا لحالات قد تكون تعاني من اليأس والاحباط أو الضياع، وعندما قرأت القصص وجدت نفسي منساقا لرصد تجربة تتحدث عنها القصص سبق لي أن عايشتها’.
وبين الزعبي ‘أنه لم يجد صعوبة في فهم واستيعاب ما أراد قوله الكاتب، وذلك لسببين: أولهما: أن هناك تشابها في التجربة الشخصية، وثانيهما: أن القصص كانت مباشرة مما يعرفه ويعيشه كل الناس في بلادنا’.
كما تحدث الزعبي عن كتابة القصة القصيرة والأسباب التي تؤدي لنجاحها، مشيرا إلى أن الجانب الفني في كتابة قصص المجموعة كان متفاوتا من حيث البناء الفني، فقد بدت بعضها مشاريع أعمال روائية إذ جرى فيها متابعة سيرة حياة الشخصية من الطفولة وحتى ختام العمر، مع الدخول بتفاصيل وتشعبات في حياة الشخصية التي كانت كفيلة بتشتيت ذهن القارىء عن المحور الأساسي للقصة، كما بين بان الكاتب ‘أحدث خللا في بعض القصص إذ يبدأها بمقدمــــة طويلة، بلغة تقريرية حتى يصل إلى رسم الأحداث التي تشكل العنصر الأساسي في بناء القصة، مثل قصة (أبو كامل)، وقصة (بين الشك واليقين)، أو أن يفسر الأحداث ويفقد القارىء متعة التفسير وإرضاء نرجسيته بذلك، كما في قصة (خطأ في العنوان)’.
ويلفت الزعبي إلى غياب الحوار في القصص، أو أنها ‘قليلة وإذا ما وجد الحوار يكون مطولا، وهذا ما لا تحتمله القصة القصيرة القائمة على مبدأ تكثيف اللغة’، مشيرا في الوقت نفسه ‘أن له قصصا هي مشاريع روايات تتعدد فيها الأحداث والشخصيات وتتشعب’، إضافة إلى أن زمن القصص ممتد ويأخذ مسارا تصاعديا، أما من حيث اللغة فقد كانت لغة السرد تقريرية في اغلب القصص باستثناء النص الأول (عودة لاورا)، التي انطوت على لغة شاعرية، كما أن الشخصيات لدى الكاتب تنتمي في اغلبها إلى الطبقة الوسطى وتستمد صورتها من الصورة العامة لأبناء تلك الطبقة.
وفي ختام ورقته، استغرب الزعبي لماذا يغفل الكاتب في قصصه ‘تحديد المكان الأصلي الذي تنتمي إليه الشخصية في القصص، مع انه حريص على أن يذكر أسماء كل الأمكنة الثانوية التي تتحرك فيها الشخصيات، باستثناء حالة واحدة سميت فيها (عمان) بالاسم و(القدس) أيضا فالمكان جزء من الشخصية وجزء من هوية الشخصية القصصية’.
أبو شاور: الحياة والتشتت بما تبقى منها
وقال القاص رشاد أبو شاور: الكاتب فايز رشيد في كتابه الجديد ‘ذهبت مع الخريف’ بغلافه الخريفي صنف بأنه قصص قصيرة، تتمتع حكايات وقصص والصور الأدبية في المجموعة من التجربة المعيشية، وأحيانا الخاصة، والتجربة غنية لأنها بدأت من القرية مسقط الرأس وامتدت إلى العالم البعيد والقريب أيضا، وهذا ما يستمد من مجموعته (وداعا أيها الليلك) و(الرحلة البيلوروسية)، والتي وصفت بأنها رواية في أدب الرحلة.
ونوه أبو شاور ‘أن الكاتب رشيد كاتب للقصة القصيرة والرواية والسيرة، وهو إلى ذلك كاتب سياسي تنشر مقالاته في العديد من الصحف العربية، ومنها (القدس العربي)، وهو طبيب أخصائي علاج طبيعي بالوخز بالإبر الصينية ، فقد اتخذ من عيادته مكتبا فيه يقرأ ويكتب، ويتابع كتابات الآخرين ويعالج المحتاجين، فهو إنسان نبيل تشغله القيم التي آمن بها دائما وإيمانه بتحرير فلسطين ووحدة الأمة العربية، فالكاتب رشيد بالكتابة يعبر عن أفكاره وانتمائه، ويحاول الإسهام في نشر الثقافة الجادة التي تخاطب العقول والضمائر’.
واشار أبو شاور إلى ‘الجيل الحالي الذي عاش حياة صعبة رهيبة بسبب الحروب الصهيونية، فـ ‘ذهبت مع الخريف’ هي قصة الحاجة للحب والاستمتاع بالحياة والتشتت بها، أو بما تبقى منها.
ونوه أبو شاور إلى ما تحمله المجموعة من قصص مثيرة وكان مما لفت انتباهه قصة (زعتر)، من خلال ما تكشفه القصة من الطباع السيئة لبعض أفراد المجتمع، وتبقى أهميتها العلاقة بين الأسرة وزعتر الذي يحظى برعايتها واهتمامها عندما يمرض’.
رشيد: الفن في خدمة الحياة
واختتم الدكتور فايز رشيد حفل التوقيع بالشكر للمحاضرين والمكتبة الوطنية والحضور، وبين أن الأدب عنده ‘لا يأخذ معنى افلاطونيا (الفن للفن)، فهو يمزج بين الفن والحياة في تلك المعادلة التي ترى الفن في خدمة الحياة. مبينا أنه ‘يمزج بين الفن والحياة في تلك المعادلة التي ترى الفن في خدمة الحياة’.
ويذكر أن مجموعة ‘ذهبت مع الخريف’ صادرة عن ‘الدار العربية للعلوم ناشرون’في بيروت، ومكتبة ‘كل شيء’ في حيفا، صدرت مجموعة قصصية جديدة بعنوان، وهي المجموعة الثالثة بعد مجموعتيه ‘وداعاً أيها الليلك’ ـ 2003، و’في الطريق إلى الوطن’ 2008.
والمجموعة الجديدة تتألف من عشرين قصة قصيرة، تنسج ما بين الواقع والهموم المعاشة والخيال في أسلوب قصصي يخاطب القلب والعقل معاً.
وإذا كان رشيد في مجموعتيه السابقتين قد مزج بين الهموم الوطنية ومناجاة الواقع, فهو يتجه في ‘ذهبت مع الخريف’ نحو إشكالات حياتية في مختلف المناحي.تخصصه كطبيب فرض عليه التطرق لتلك العلاقة المفترضة بين المريض وطبيبه، في شكلها الصحيح، هذه التي أصبحت ملتبسة تتداخل مع انزياحات جديدة ليس لها علاقة بالطب ومفاهيمه الإنسانية. يتطرق رشيد لما سبق في قصتيه: الدائرة وحكايا طبيب. في قصته (بين الشك واليقين) يقرع القاص جرساً لقضية شائكة من أهم ما يجري في واقعنا وما يُطرح من أسئلة, تتناول الإيمان بشفافيته الدينية السمحة وبين التحويرات للدين والمفاهيم القاصرة، من تلك التي تذهب بالدين بعيداً عن سماحته وإنسانيته، وأخذه بعيداً عما يهدف إليه. يتطرق رشيد أيضاً في قصصه مثل (نفاق بالإكراه) إلى سؤال مهم من معاناة المهن المختلفة من بينها الصحافة في عصرنا الحاضر, من حيث الإشكالات الكثيرة التي تواجه المخلصين والمؤمنين بقضايا شعوبهم في عكس هذه القضايا كلمات مكتوبة،على قاعدةٍ طرفاها النقيضان: الإخلاص والنفاق.
بالرغم مما أوضحه رشيد في بداية المجموعة ‘من أن الأحداث والشخصيات في كثير من هذه القصص هي من صنع الخيال، وأي تشابه بينها وبين الواقع، هو محض صدفةً’ فإن قصص المجموعة المطبوعة في 180 صفحة من القطع المتوسط، هي نماذج حياة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية