عودة النجل تفتح ملف التوريث المجمد من جديد؟! العلاقة بين حديث جمال مبارك وعزل زعيم حزب الوفد

حجم الخط
0

عودة النجل تفتح ملف التوريث المجمد من جديد؟! العلاقة بين حديث جمال مبارك وعزل زعيم حزب الوفد

محمد عبدالحكم دياب عودة النجل تفتح ملف التوريث المجمد من جديد؟! العلاقة بين حديث جمال مبارك وعزل زعيم حزب الوفدتمثل عودة النجل ، جمال مبارك إلي قلب المشهد السياسي المصري مفاجأة لمن تصوروا أن ملف توريث الحكم قد أغلق، ولم تكن مفاجأة لنا لعلمنا بعناد عائلة مبارك وتحديها الدائم للرأي العام، ولو كانوا يريدون غلق هذا الملف لقام حسني مبارك بتطبيق النص الدستوري الذي يجيز تعيين نائب للرئيس أو أكثر، تجنبا لأي مضاعفات لفراغ سياسي ينجم عن الاختفاء المفاجئ لرئيس الدولة، قسرا أو طوعا. لكن عودة النجل لا تفهم إلا في سياق التوابع التي لحقت زلزال الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الثلث الأخير من العام الماضي.. وما جري، مؤخرا، في حزب الوفد، وإزاحة رئيسه نعمان جمعة، ووضع نائبه محمود أباظه محله، يمثل بداية لمرحلة جديدة، مختلفة كما ونوعا عن المرحلة السابقة.. فمن الطبيعي وبعد أن يخمد الزلزال تتوالي توابعه، وكثيرا ما تفوق في آثارها الزلزال ذاته.ومن الصعب استيعاب ما جري بعيدا عن الطبيعة الأبوية للعمل السياسي المصري، سواء في الحكم أو المعارضة، فحزب الوفد لا يمكن استثناؤه من هذه الطبيعة، فالقيادة فيه، منذ نشأته، مهما قيل عن ليبراليته، أبدية، لا تختفي إلا قسرا.. فسعد زغلول، الزعيم المؤسس غيبه الموت، ومصطفي النحاس غيبته الثورة التي ألغت الأحزاب، والموت غيب فؤاد سراج الدين كذلك، وهو الذي قاد الحزب بعد عودته باسم الوفد الجديد ، ويسجل التاريخ أن أول من أجبر علي ترك الحزب، من داخله، هو نعمان جمعة، وإزاحته وهو علي قيد الحياة بدا خارج السياق، وهذا الذي يجعلنا نري الأمور بمنظار مختلف عن الغير. ويري قادة سياسيون، فيما حدث، خطورة علي أوضاعهم المستقرة علي قواعد الطبيعة الأبوية للعمل السياسي.القوي السياسية قلقة، والأكثر قلقا حزبا المعارضة الرئيسيان: التجمع والناصري، ففي داخل الأول تدور حرب أهلية، من المتوقع أن يكون ثمنها رأس رئيسه رفعت السعيد. ويشهد الثاني سلسلة استقالات، وأبرزها استقالة أحمد ياسين نصار، أمين الحزب في أسيوط، وهي من أهم محافظات مصر.. تأتي في ترتيب الأهمية بعد القاهرة والإسكندرية والجيزة، وكانت قاعدة للتمرد الإسلامي علي أنور السادات، وعزلت عن مصر تقريبا في أحداث 1981، التي بدأت باغتيال السادات، ووصل الأمر إلي حد استيلاء الإسلاميين علي مديرية أمن المحافظة، وعدد من إداراتها الحكومية، ودارت فيها معارك طاحنة، سقط فيها عشرات القتلي والجرحي من الطرفين، الإسلامي والحكومي.ومن المتوقع ألا يحدث ما حدث، في الوفد والتجمع والناصري، داخل جماعة الإخوان المسلمين أو الحزب الحاكم، ليس لتشابه بينهما، بل لطبيعة كل منهما الخاصة. فالجماعة تدار بطريقة الجمعية الخيرية، وليس الحزب السياسي.. لا تهتم كثيرا باعمال الآليات الحزبية. والطبيعة الأبوية، في الجماعة، بطريركية دينية، وليست سياسية اجتماعية.. أساسها السمع والطاعة، وتعتمد علي أيديولوجية صارمة، تصنف التصرفات السياسية والعامة علي قواعد الحلال والحرام، وليس أساس الصواب والخطأ، ومثل هذا النوع من التنظيمات لا يزيح قياداته لأي مبرر، للهالة الدينية التي تضفي عليها، والمخالف يخرج، ويبتعد في عملية أشبه بالاعتزال.والطبيعة الأبوية انتهت في الحزب الحاكم باغتيال السادات، ومن ثم تحول الحزب إلي تنظيم عصابي، علي غرار تنظيمات الجريمة المنظمة والمافيا، متعددة الأنشطة.. جمع في عضويته تجار مخدرات، ومستوردي أطعمة فاسدة، وخبراء غسيل الأموال، وبلطجية وتجار مبيدات مسرطنة، ومضاربين في البورصات وأسواق المال، وتجار سوق سوداء، وعاملين في مجال الرقيق الأبيض والدعارة والمتعة الحرام، ومحتكرين ومضاربين علي الاراضي والاسمنت والحديد، ومرتشين في جهاز الدولة، وقتلة وهتكة أعراض من جهاز الأمن.. فما من جريمة يمكن ارتكابها إلا وتجد من يمثلها داخل الحزب الحاكم، وهذا انعكس علي إدارته. حيث أصبح يدار بطريقة العراب في جماعات الجريمة المنظمة.. بشكل فردي استبدادي استعلائي.. لا يقبل بتسلل عنصر نظيف أو صاحب سمعة طيبة إليه.. وهذا التنظيم تسود فيه كل ألوان الاستبداد والعنف واللصوصية، وعندما يستغني عن واحد من منتسبيه ينزوي مقابل كفالة الحماية والعيش الرغيد. مثل هذا التنظيم العصابي لا يواجه الخطر من داخله، لأنه لا يتعامل بأي نوع من الآليات الديمقراطية.. الكل في خدمة العراب صاحب القرار والقول الفصل، القادر علي المنح والمنع، وهو يختار معاونيه بشكل شخصي، ويتخلص منهم وقت اللزوم.وضمن هذا السياق نفهم الحزب الحاكم.. ونعي أن ما يهدد بفرط عقده هو طبيعته وخروجه عن القانون والقيم الإنسانية والسياسية السليمة، وليس زلزال الانتخابات أو توابعه، فأي شيء يحدث لـ عائلة مبارك سيؤدي إلي انفراط عقده.. وبدأت مؤشرات هذا الانفراط في الظهور. فحالة حسني مبارك الصحية في تدهور، وهذا اقتضي هذه العودة المباغتة للنجل، حيث قطع برنامج علاجه من الاكتئاب الحاد الذي يعاني منه، بعد فشله في إدارة معركة الانتخابات الرئاسية والتشريعية، والمرض أوشك أن يقعد الأب تماما عن الحركة.. وتشير تقارير إلي أن التهابات الأذن الوسطي أدت إلي ظهور أعراض أخري أشبه بأعراض مرض الخرف ، المعروف بالزهايمر، بدأ حسني مبارك يفقد الذاكرة، ويفقد القدرة علي المتابعة والتركيز.. ونشأ عن ذلك تغيير خطة التهدئة، التي أخذت بها العائلة ، أملا في تخفيف حدة الكراهية الشديدة لها، وبحثا عن فرصة أفضل لإخراج عملية التوريث بصورة أقل استفزازا.والقلق من الاختفاء المفاجئ لحسني مبارك، خلال الشهور القليلة القادمة، أعاد التركيز علي صورة الوريث لتكون جاهزة لتحل في الإطار (البرواز) محل صورة الموروث. وتحسبا للقلق الخارجي، أمريكيا وأوربيا وصهيونيا، تحرك النجل بالسرعة الممكنة لقطع الطريق علي أي قوة تستغل الموقف، وتعمل علي ملء الإطار ووضع صورة أخري محل الصورة المتوقع غيابها قريبا، ويمثل القضاة مصدر القلق البالغ بسبب ما يمكن أن يتمخض عن موقفهم المتأزم مع العائلة وعن إيجاد مخارج دستورية وقانونية، قد تدفع برئيس المحكمة الدستورية لملء الفراغ الدستوري المترتب علي الغياب المفاجئ لحسني مبارك.وكالمعتاد لجأت العائلة إلي شركات العلاقات العامة ، التي أدارت حملة التمديد لحسني مبارك لولاية خامسة، وبنصائحها قام الإعلامي عماد أديب بإدارة حوار تليفزيوني مصور وناطق ومنقح علي أجزاء، لمدة زادت عن ست ساعات، وعلي نفس الغرار أجري عبد الله كمال، رئيس تحرير صحيفة روز اليوسف ، حديثا صحفيا مكتوبا ومنقحا، أيضا، علي أجزاء كذلك ليعيد تسويق النجل ، في صورة جديدة، يطلق عليها أخصائيو العلاقات العامة نيو لوك ، لتبقي صورته وحيدة وبديلة، في هذه الظروف القلقة. ورغم ما في الحديث من تناقضات وأكاذيب يسهل كشفها من أي محلل مبتدئ، إلا أن هناك ملاحظتين جديرتين بالتسجيل، الأولي: حول تبريراته لنتائج الانتخابات المتدنية، والثانية حول ما ورد علي لسانه عن التوريث .. في الأولي قدم تبريرات نظرية عرجاء، لا علاقة لها بما جري علي أرض الواقع.. لم يعترف بما قام به شخصيا، ودوره فيما أحدثه زلزال الانتهاكات التي مورست بتعليماته المباشرة، وقد نقل عنه أنه كان عندما يطلب رأيه، أثناء إدارته للحملة الانتخابية، لمواجهة مشكلة، كان لا يقول إلا كلمة واحدة، وهي بالجزمة .. أي ضربا بالحذاء، لأي متسبب في المشكلة محل البحث.. أبي عليه عناده أن يعترف بأن احتقاره للشعب وتعطشه للعنف وراء أغلب المآسي والانتهاكات التي حدثت. ويصف الموقف الشعبي البطولي بأنه احتجاجي، وتبدو هذه الصفة منقولة من تقارير الانتخابات البريطانية، التي تشير كثيرا إلي التصويت الاحتجاجي والتكتيكي ، في مناخ بريطاني، ليس فيه وحشية أو عنف أو بلطجة أو تزييف، كالذي أداره وأشرف عليه هذا النجل .. الموقف من الحزب الحاكم لم يكن احتجاجيا، بل كان رفضا لا رجعة فيه وطلاقا بائنا، دون عودة.وتبرير الإخفاق بالحديث عن خطط، يدعي أن نتائجها لم تكن قد ظهرت بعد.. أي أن هذه النتائج عندما تظهر سوف تصلح من الحال، هو حديث عن خطط وهمية، لتبرئة النفس من جرائم تصفية ونهب الاقتصاد وإفقار المصريين.. ومثله يعجز عن التعرف علي الحقائق، لأنه يعتبر حرمان المصريين من حقهم في التعليم والعمل والمشاركة والرعاية هو أساس حكم عائلته ، وما داموا مع مواليهم ينعمون بحقهم في الاستيلاء علي كل شيء، وارتكاب شتي أنواع المخالفات، المالية والاقتصادية والسياسية والأمنية، فإن هذا الحق، غير المشروع، هو الذي أدي إلي التستر علي المخالفات، التي ارتكبت في الانتخابات الرئاسية والتشريعية، ومكافأة من اقترفوها. الرئيس الموازي ، جمال مبارك، في حديثه، لم يستطع الاعتراف بأن تصرفاتهم كـ عائلته هي سبب كراهية الشعب للحكومة وللحزب الحاكم. وإن اعترف بشكل مبطن حين ذكر الظروف الاقتصادية الصعبة، من اقتصاد انخفض نموه بشكل كبير، ومن بعض خطوات اقتصادية اتخذتها الحكومة أدت إلي بعض النتائج السلبية في موضوع التضخم والموضوعين الأساسيين الوظائف والدخل . فهو اعتراف ناقص، لأنه لم يكشف عن دوره في تحويل الحزب إلي جماعة مصالح.. وقصر الحكم والقرار السياسي والاقتصادي علي رجال الأعمال، المرتبطين بالدوائر الخارجية والمصالح الأجنبية. لم يتطرق إلي مسؤوليته عن هتك أعراض الصحفيات والمحاميات يوم الأربعاء الأسود، ولم يعترف بالمسؤولية عن جرائم الاعتداء علي القضاة، ومنع الناخب من الوصول إلي لجان الانتخاب.لم يتطرق إلي العناد الذي منع من صدور قانون استقلال القضاء، وحجب قانون منع الحبس في قضايا النشر.. لم يشر إلي مبرر بقاء قانون الطوارئ، واستمرار اعتقال أكثر من عشرين ألف شخص لأكثر من عشر سنوات، دون توجيه اتهام أو عرض علي محكمة، ولم يبين سر الضغط علي النائب العام لاسقاط قضية هتك عرض المحاميات والصحفيات من بلطجية الحزب الحاكم، بالرغم من كل الدلائل المادية المتوفرة. لم يجرؤ من أجري الحديث ليسأل عن الحماية المتوفرة للمتهمين بتدمير صحة الشعب ونشر الأمراض الخبيثة، واستيراد المبيدات المسرطنة.. لم يقل له لماذا يحمي حسني مبارك يوسف والي، المتهم باستيراد هذه المواد وغيرها؟. لم يستطع أن يطلب منه تفسيرا للحماية المتوفرة لمحمد إبراهيم سليمان، وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية السابق ومنع سلطات التحقيق من مساءلته فيما هو منسوب إليه من اتهامات؟ وإذا كان هذا عن الملاحظة الأولي، فماذا عن الملاحظة الثانية المرتبطة بـ التوريث . هذا يحتاج إلي مساحة أخري ومقال آخر.9

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية