عندما تتعمد امريكا ازدراء الشرعية الدولية ..

حجم الخط
0

عندما تتعمد امريكا ازدراء الشرعية الدولية ..

د. حسن عبد ربه المصريعندما تتعمد امريكا ازدراء الشرعية الدولية .. رغم أن التقرير/الوثيقة الذي أعدته لجنة تحقيق خاصة تابعة للأمم المتحدة بناء علي طلب من مفوضية حقوق الإنسان حول أوضاع سجناء معتقل غوانتنامو (أنشئ عام 2002 ويوجد به في الوقت الراهن حوالي 520 سجينا) يشير الي أن ما يقع فيه يعد انتهاكاً لبنود القانون الدولي ويطالب واشنطن باغلاقه ودياً دون ان يقترح فرض عقوبات عليها إذا رفضت، إلا أن الإدارة الأمريكية أسرعت إلي شجبه والهجوم عليه حيث تهكم عليها الرئيس جورج دبليو بوش الابن في حديثه الإذاعي الأسبوعي وقال دونالد رامسفيلد وزير الدفاع إنه يسيء إلي سمعة المنظمة الدولية ووصف كوفي عنان بأنه كان مخطئاً عندما دعا إلي إغلاق المعتقل في أسرع وقت ممكن!! هذا بينما وصفته وزارة الخارجية بأنه هراء ولا يستند إلي حقائق. في البداية رفضت واشنطن كما تقول غالبية وسائل الإعلام البريطانية السماح لأعضاء لجنة التحقيق بالإنفراد بالمعتقلين والسماع لشكواهم كما رفضت التصوير والتسجيل حتي مع العسكريين أو المدنيين المسؤولين عن إدارة المكان، واقترحت بدلا من برنامج التقصي الأممي تعاوناً توفر لهم (واشنطن) من خلاله كافة المعلومات والبيانات التي هم في حاجة إليها ليستوفوا تقريرهم .. لكن أعضاء اللجنة رفضوا الاعتماد علي البيانات المطبوخة وقرروا الأخذ بالمعلومات التي توصل إليها مبعوثون دوليون سابقون التقوا بسجناء المعتقل بدون صفة رسمية إلي جانب ما حصل عليه محامون غربيون وبعض أقارب السجناء الذين زاروهم علي فترات متباعدة من معلومات. يقول مانفريد نوفاك الذي شارك في إعداد التقرير/الوثيقة لصحيفة لوس انجليس في عددها الصادر بتاريخ 12 شباط (فبراير) الحالي إن أعضاء اللجنة درسوا بعناية فائقة كل الحجج والبراهين التي تقدمت بها حكومة الولايات المتحدة وخلصوا إلي أن المعتقل يُعد انتهاكاً صارخاً لبنود القانون الدولي والمواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان حيث أن بعض ضروب معاملة السجناء ينطبق عليها وصف التعذيب الوارد في معاهدة مناهضة التعذيب التي أقرتها الأمم المتحدة، ويدخل في هذا الإطار الإطعام القسري للمضربين عن الأكل عبر الأنابيب والاستخدام الموازي لعدد من تقنيات الاستنطاق الجبري كالسجن الإنفرادي طويل الأمد وتعريض السجناء للضجيج والضوء المبهر ولدرجات الحرارة التي لا تحتمل . لم يقتنع الفريق الأممي بحجج واشنطن لذلك يتساءلون عن الطبيعة القانونية للمعتقل، ويرفضون الاعتراف بان السجناء بداخله لهم صفة العدو لذلك ينص التقرير/الوثيقة علي ضرورة أن تعمل حكومة الولايات المتحدة علي إغلاق مرافق المعتقل دون ادني تأخير، أما بالنسبة للسجناء فعليها أن تقرر إما تقديمهم للمحاكمة علي وجه السرعة أو إطلاق سراحهم دون تأخير . تقول لويز اربور المفوضة الدولية لحقوق الإنسان ان عمليات اختطاف المشتبه فيهم لاحتجازهم في معتقل غوانتنامو في الأساس تدل علي عدم اعتراف القائمين بها بالقانون الدولي، وفي رأيها كل ما يترتب علي هذه العملية باطل وغير قانوني حتي لو لم يشتبه في انه تعذيب فما بالنا وقد ثبت أن بعض المعاملات وصلت إلي حد إهدار حقوق الإنسان وكلها تُعد إحتجازات لفترات طويلة الأمد دون تقديم للمحاكمة . وختمت المسؤولة الدولية قولها بأنها لا تثق في قدرة النظام القضائي الأمريكي علي معالجة الأضرار التي تسبب فيها هذا المعتقل! هذا بينما وصفت صحيفة الإندبندنت البريطانية في عدد يوم 14 شباط (فبراير) معتقل غوانتنامو بأنه إهانة للعدالة الدولية ولحقوق الإنسان وطالبت بعدم الإكتفاء بإقفاله إذ لا بد من فتح تحقيق لمعرفة حقيقة مزاعم التعذيب التي جاءت علي لسان عدد من المعتقلين وأقربائهم وبعض الشهود، ومحاكمة مرتكبي هذه الأعمال وصولاً إلي أعلي المستويات السياسية والعسكرية أمام المحاكم الأمريكية. وهاجمت الصحيفة غَضبة واشنطن غير المبررة وحملتها علي التقرير/الوثيقه وقالت إن الأمم المتحدة محقة في كل ما توصلت إليه وفي مطالبتها للإدارة الأمريكية: إما بالإفراج عن المعتقلين أو تقديهم للمحاكمة فوراً لأن ذلك سيقلل من تدني سمعتها سلباً أكثر وأكثر .وبينما حاول أمين عام الأمم المتحدة كوفي عنان الذي ستنتهي فترة مسؤوليته الأولي في شهر كانون الاول (ديسمبر) القادم أن يكون متوازناً في تعليقه علي التقرير، ربما لكي لا يضار بما جاء فيه كما أضير الدكتور بطرس غالي من قبله بسبب تقرير المنظمة الذي فضح فيه ممارسات إسرائيل الدموية تجاه سكان قرية قانا في جنوب لبنان قبل نهاية عام 96 مما أدي إلي إصرار أمريكا علي عدم التجديد له ليتولي أمانة المنظمة لفترة ثانية، حيث قال في الوقت الذي لا اتفق فيه مع كل الاستنتاجات التي جاءت في التقرير، إلا إنني أؤيد مناشدة واشنطن إغلاق معتقل غوانتنامو قال الناطق باسم البيت الأبيض ان وصف التقرير بأنه يفتقد إلي المصداقية علي الأمم المتحدة أن تلتفت إلي انتهاكات حقوق الانسان في باقي أنحاء العالم، لأن المعاملة التي يلقاها المعتقلون في غوانتنامو إنسانية بالقياس إلي غيرها .إدارة الرئيس الأمريكي التي: ـ ترفع مبادئ حقوق الإنسان سيفاً مسلطاً علي رقاب الأنظمة الحاكمة في العالم وتطالبها بمراعاتها والعمل علي الدفاع عنها .. ـ والتي جعلت من هذه المبادئ إضافة إلي القوانين الخاصة التي سنها مجلسها التشريعي خصيصاً لهذا الغرض، مؤشراً لقياس مدي احترام هذه الأنظمة أو حجم اعتداءاتها عليها أينما وُجد مواطنون تابعون لنظام حكم .. ـ والتي جعلت من تقرير أجهزتها المختصة السنوي في هذا الشأن ميزاناً لتصنيف الحكومات وتحديد أولويات التعامل معها في ضوء حرصها علي تقدير هذه الحقوق أو إصرارها علي إهدارها ..هذه الإدارة التي تدعي أنها المدافع الأول عن حقوق الإنسان لدي الآخرين وتعتدي عليها في العراق وأفغانستان وتسكت عن ممارسات إسرائيل حيالها .. تزدري الأمم المتحدة وفي نفس الوقت تتخذ من مجلس أمنها وجمعيتها العامة مصدراً لإعادة تشكيل العلاقات الدولية وإعادة ترتيب أوضاع حكوماتها ووضع مواصفات واشتراطات لكيفية الحصول علي الرضا السامي الأمريكي. ہ استشاري إعلامي مقيم في بريطانيا[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية