في 12 أيار 1948 قبل الاعلان عن الدولة بيومين. دعا رئيس الوزراء المرشح دافيد بن غوريون الى جلسة خاصة حاسمة لمديرية الشعب التي هي الحكومة الآتية. وكانت في برنامج العمل اربعة مواضيع وهي: وقف اطلاق النار في القدس، واعلان الدولة، وحقيبة الأمن وتحديد إسم الدولة. وجاء 10 فقط من اعضائها الـ 13. ومكث من تغيبوا في القدس ومُنعوا من الوصول الى تل أبيب. ودعا بن غوريون اثنين من كبار مسؤولي جهاز الامن ليُبين ‘ما هو الخطر، وما هي قدرتنا على الصمود وما هو مقدار الخطر وما هي قواتنا وما هي القوات التي نستطيع استدعاءها بعد ذلك’. وكان هذان الاثنان هما اسرائيل غليلي رئيس القيادة القطرية في الهاغاناة، ويغئال يادين، مدير العمليات والذي أدار حرب الاستقلال في واقع الأمر. تقول شهادات مختلفة إن بن غوريون لم يكن على يقين من ان له أكثرية في مباي وهو الحزب الحاكم. وقد كان هناك اعضاء خافوا. وطار اثنان من كبار مسؤوليها وهما يوسف شبرنسك واليعيزر كابلان سرا لمشاورة ليون بلوم رئيس حكومة فرنسا الذي كان يعتبر صديقا لاسرائيل ولمباي. وقد أرادا ان يسمعا منه تحذيرا لكنه قال لهما ‘إن لم يكن ذلك الآن فمتى’. وجاء عضو مركز مباي اليعيزر لفنا ليطلب الى قائد الايتسل مناحيم بيغن ان يعلن على الملأ أن منظمته ستؤيد كل قرار ايجابي حتى لو خالف سياسة ارض اسرائيل الكاملة، وطلب وتمت اجابة طلبه. وجاء موشيه شريت رئيس الوفد الدبلوماسي للاستيطان العبري في أروقة الامم المتحدة برسالة مباشرة من وزير الدفاع الامريكي جورج مارشال، توجب وقف اطلاق النار بتأييد دولي مدة ما تُحسم في اثنائها قضية انشاء الدولة اليهودية. وكانت القوة المقاتلة محتاجة من جهة عسكرية الى وقف اطلاق نار كهذا لاستجماع القوة والتسلح بسلاح كان سيأتي في تلك الاثناء من اجل الاستمرار في المعركة. كان واضحا ان قبول الاقتراح الامريكي الذي حمل نغمة تكاد تكون إنذارية يعني تأخير البت في انشاء دولة اسرائيل. وأجرى غليلي ويادين مشاورة مسبقة لتنسيق المواقف استعدادا لجلسة مديرية الشعب. إن مضمون كلامهما مسجل في الحقيقة في محضر الجلسة لكن مضمون مشاورتهما المسبقة يرد هنا لأول مرة بحسب وثيقة بخط يد غليلي. اقترح غليلي، وهو رجل أمن وسياسي ايضا، على يادين ‘وصف الوضع العسكري بدقة مع الحذر كي لا يُفسر كلامنا بأنه طلب من الجيش أن يُوافَق على وقف اطلاق النار أو ضغط من الجيش لقبول وقف اطلاق النار’. ووافقه يادين على ذلك لكنه قال انه لن يتجاوز الى المجال السياسي فقد اعتقد غليلي أن ‘وقف اطلاق النار قد يُستغل لاحباط كل انجازاتنا بل لاحباط اعلان الدولة’، وكان كل ما أراده أن يرد اولئك الاعضاء الذين يؤيدون تأجيل اعلان الدولة والذين قد يعتمدون على موقف الجيش، أي موقف غليلي ويادين. وقد وفيا بالاتفاق المسبق لكن يادين قال جملة كان يجب ان تثير خوفا في الحلقة المدنية التي ناسها بلا خبرة وثقافة عسكرية والذين يجب عليهم اتخاذ قرار مصيري بالموافقة على الدولة أو اللاموافقة. وقال يادين ملخصا كلامه: ‘اذا أردت أن ألخص وأكون حذرا أقول في هذه اللحظة إن الفرص موزونة جدا. واذا أردت أن أكون أكثر صدقا قلت إن تفوقهم (العرب) كبير اذا جاء كل الطاقم (أي جيوش الدول العربية) وحاربنا’. كان يجب ان يفضي هذا الكلام في ظاهر الامر الى بت تأييد فكرة وقف اطلاق النار التي كان لها مؤيدون في حلقة القيادة. لكن قراءة دقيقة لمحضر الجلسة تُبين أن هذا الامر لم يُصوت عليه وبعد يومين أعلن بن غوريون اقامة دولة اسرائيل.