عفوا سيادة الرئيس أبو مازن تهديداتك المتكررة بالاستقالة تحرجنا

حجم الخط
0

عفوا سيادة الرئيس أبو مازن تهديداتك المتكررة بالاستقالة تحرجنا

د. إبراهيم أبراشعفوا سيادة الرئيس أبو مازن تهديداتك المتكررة بالاستقالة تحرجنا خلال سنة من توليه الرئاسة وللمرة الرابعة تقريبا سمعنا أن الرئيس أبو مازن هدد بالاستقالة من منصبة، وسواء كانت التهديدات جادة أم لا، وسواء كانت موجهة لأطراف خارجية للضغط عليها باعتباره مهندس اتفاق أوسلو وراعي مسلسل التسوية فلسطينيا، أم موجهة للداخل الفلسطيني لكون الرئيس يتمتع باحترام وتقدير من كل الأطراف، فهي تهديدات وإن كنا نتفهم دوافعها إلا أن تكرارها يسيء لنا كفلسطينيين، بل قد تسيء للرئيس ذاته. نعم كانت تجربة ابو مازن في رئاسة الوزراء مريرة وتكالب عليه الأعداء من كل جهة، تكالب عليه كل من لا يريد استقرار النظام السياسي الفلسطيني ومن لا يريد أن بسود منهج العقلانية والاعتدال ومن لا يريد الــــعودة لطاولة المفاوضات، آنذاك فهمنا وتفهمنا تقديم استقالته، وإن كنا شــــعرنا بقلق وأسي لاستقالته آنذاك إلا ان الأمر الآن مختلف، آنذاك كان رئيس وزراء غير منتخب، وغيابه لم يكن يترك فراغا لا دستوريا ولا فراغا سياسيا، لأن المرحوم الرئيس ياسر عرفات كان حيا يرزق وكان عنوانا للشعب والقضية وقادرا علي قيادة المســــيرة بأبي مازن او بدونــــه، أما اليوم فأبو مازن رئيس منتخب من الشعب وهو رئيس للسلطة في وضع تعيــــش فيه السلطة مرحلة تحول دقيقة وحرجة وهو رئس المنظمــــة في وقت تعيش المنظــــمة حالة من الترهل والتآكل، وهو القــــاسم المشترك بين قوي سياسية متباعدة الاستراتيجيات ومختلفة علي الحاضر والمستقبل. تهديدات السيد الرئيس محمود عباس بالاستقالة وليسمح لنا سيادته بالقول بأنها غير مقبولة، فرئاسته لنا ليست منة أو صدقة ولكنها حق وواجب وطني، لأنه رئيس منتخب من الشعب الفلسطيني والانتخابات هي عقد بين الناخبـــين والرئيس المنتخب، عقد بمقتضاه يسلم الشعب أمره للرئيس ليقوده لشاطئ الأمان مقابل أن يُدين له الشعب بالطاعة، هو عقد بينه وبين الشعب وليس بينه وبين القوي السياسية او الجماعات المسلحة، الشعب توخي خيرا بالرئيس أبو مازن لصراحته ووضوحه وعقلانيته وتسمية الأشــــياء بأســــمائها دون مواربة أو مجاملة، صحيح انه لم ينجز الكثير علي المستوي الأمني والاقتصادي والسياسي، ولكن الشعب كان مستعدا بالالتزام بالعقد الرئاسي والصبر علي المكـــروه ومنح الرئيس أربع سنوات أو أكثر حتي ينجز برنامجه الذي بمقتضاه تم انتخابه، لأن الشعب يدرك صعوبة المرحلة وثقل المسؤولية وأهداف القوي التي تعيق من قدرته علي تحقيق برنامجه وللأسف جزء كبير منها هي قوي داخلية، والرئيس محمود عباس كان يدرك انه رئيس لسلطة حكم ذاتي فلسطيني ورئيس للشعب الفلسطيني وليس رئيسا للنمسا أو فنلندا، بمعني أن سيادته كان يدرك الأرض التي يمشي عليها والقوي التي يتعامل معها.تهديدات السيد الرئيس بالاستـــقالة تشعرنا جميعا بالإحباط والضياع، أن يتركـــنا الرئيس في هذا الوقت الصعب سياسيا للجميع ولحركة فتح علي وجه التحديد معناه أن يترك الساحة لحالة من الفوضي التي لا تعرف عقباها، الشعب انتخب الرئيس أبو مازن ليتغلب علي الصعاب لا أن تغلبه أولي الصعاب، انتخبه وعلق عليه الآمال العظام وما زال، لأن الساحة الفلسطينية بعد المرحوم أبو عمار عرفت أزمة قيادة وأزمة زعامة، ولو كنا نعيش في سلطة مؤسسات ناجحة وشفافة لهان الأمر وقلنا بان المؤسسة أهم من الزعيـــم، ولكن بؤس مؤسسات السلطة وفسادها وترهل حركة فتح وتبعــــثرها والتآمر علي منظمة التحرير… كل ذلك يجعل من الرئيس ومن مؤسسة الرئاسة صمام الأمان للشعب الفلسطيني وخصوصا في هذه المرحلة الصعبة حيث يريد الأعداء تحويل العــــرس الديمقراطي الفلسطيني إلي مأتم فلسطيني يتقبلون فيه العزاء بالاستقلالية الفلسطينية وبالوحدة الوطنية وبمشروعنا الوطني.عفوا سيادة الرئيس، التقدير والاحترام لسيادتكم هو ما يدفعنا لهذا القول، وهو قول ينطلق من حسن النية، لأننا ندرك حرصكم علي المصلحة الوطنية وتمسك كل القوي السياسية بكم بما في ذلك حركة حماس، وندرك أن صيرورة رغبتكم بالاستقالة واقعا تحتاج لموافقة ثلثي أعضاء المجلس التشريعي وهو ما لن تنالوه، ولكــــــن نخشي أن يفســـــر البعض تهديدكم بالاستقالة في إطار مغاير لا يخلو من بعض مفردات نظرية المؤامرة. لأن استقالتكم تعني أن يتولي رئيس المجلس التشريعي الرئاسة لفترة قصيرة ـ ستون يوما ـ ورئيس المجلس التشريعي هو من حركة حماس، وبـــعد هـــــذه الفترة تجري انتخابات رئاسية، فهل حركة فتــــح مؤهــلة الآن للفوز بانتخابات رئاسية؟ صحيح أن حركة حماس منا ولنا ولها كل تقدير واحترام، ولكن أن تؤول كل السلطات لحركة حماس يعني أمرا من اثنين: إما أن هناك تآمرا لتسليم كل مقاليد السلطة لحركة حماس ولا نعتقد أن سيادة الرئيس أبو مازن يشارك في هذه المناورة، أو أن تتسلم حماس كل مقاليد الأمور ضد رغبة الأعداء مما سيؤدي لفرض حصار علي الشعب الفلسطيني وإعادة خلط الأوراق مجددا. أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر ـ غزة8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية