عضو جديد في منظمة التحرير السينمائية
عزت القمحاويعضو جديد في منظمة التحرير السينمائية غضبت عندما فتح موزعو الجائزة المغلف وأعلنوا عن الدولة الفائزة: فلسطين. وحسب علمي، لا يوجد دولة اسمها فلسطين. فلا يوجد دولة كهذه في الامم المتحدة، في البنك الدولي بل وحتي في منظمات الثقافة والمجتمع الدولية. والفلسطينيون أنفسهم لم يعلنوا عن دولة ويكتفون بلقب سلطة وطنية فلسطينية. مجموعة مراسلي الترفيه الاجانب في هوليوود لم تعينهم الاسرة الدولية لتوزيع الحقوق لاقامة الدولة القومية ذات السيادة. ومنظمو مسابقة الكرة الذهبية لم يحصلوا بالتالي علي إذن لاقامة فلسطين. فليس شأنهم أن يقرروا الحدود وأن يعترفوا بالكيانات السياسية ـ الا اذا كانوا ينوون تحويل الكرة الذهبية الي احتفال سياسي صرف .الاقتباس السابق من مقال نشرته القدس العربي الأربعاء الماضي نقلاً عن يديعوت أحرونوت الإسرائيلية للكاتب سيفر بلوتسكر تعليقاً علي فوز فيلم الجنة الآن لهاني أبو أسعد بجائزة الغولدن غلوب. وأعتذر لطول الاقتباس، لكنه كان ضرورياً، بقدر الغرابة التي ينطوي عليها المقال، فما أغضب الصحافي الصهيوني ليس موضوع الفيلم، وليس الاعتراض علي مستواه الفني وبالتالي أحقيته بالجائزة، وإنما اعتراضاً علي إشهار إسم دولة فلسطين. وقد حشد ما أمكنه من أمثلة للتضليل سعياً لإثبات خطيئة المراسلين الأجانب الذين وصفهم بـ مراسلي الترفيه للتقليل من قيمة أهم جائزة للفيلم الأجنبي في أمريكا. ولكي يثبت انحيازهم الفج للحق الفلسطيني يفترض إنجاز فيلم عن إخلاء مستوطنة غوش قطيف، ويتساءل هل كان لمثل ذلك الفيلم أن يحظي بالتصفيق نفسه؟ ثم يسأل، لو كان الفيلم من إقليم الباسك الأسباني هل كانوا سيقولون عنه الفيلم الباسكي؟! ويتصور سيناريو وقوف فائز إسرائيلي ليطالب بكل أرض إسرائيل!! (علامات التعجب من عندي) مثلما وقف هاني أبو أسعد مطالباً بدولة فلسطينية دون أن يبدي أي استعداد للتضحية بشيء من أحلام الفلسطينيين كحق العودة مثلا.. ولكي يثبت الكاتب الإسرائيلي رحابة صدره يعلن اعترافه بوجود شعب فلسطيني، شعب معلق في الفراغ!المقال مضحك وكل مماحكات كاتبه من خارج الفيلم نفسه لاتدل إلا علي قلة الحياء التي يتمتع بها الصهاينة، وإذا كان مطلوباً للمحكمين أن يتغاضوا عن الشروط الفنية فما أورده من مقارنة لايسمح للفيلم الإسرائيلي بالفوز أبداً، فاللص في لحظة ترحيله من شقة اغتصبها لايمكن أن يحظي بتعاطف من أحد، أما المساواة التي يقترحها بين قضية فلسطين ومشكلة الباسك فلا تتطلب سوي شرط وحيد ولكنه علي درجة من الصعوبة: أن تكون إسبانيا مفبركة بقرار استعماري كالكيان الصهيوني الذي يؤويه!وعلي أية حال، فإن إشهار اسم فلسطين الذي أغضبه هو بالضرورة ما يسعدنا، لأنه يؤكد علي أن أعداداً متزايدة من أصحاب الرأي عبر العالم صارت تبصر الحقيقة. وإذا كانت حدود علم أو حدود ضمير هذا الصهيوني قد زينت له عدم وجود دولة فلسطينية فإن حدود علم وحدود ضمير المتحررين من الأساطير الصهيونية تسمح بمعرفة أن كل ما صار يحمل عنوة اسم إسرائيل كان فلسطين علي مر التاريخ، وبالتالي فالدولة الفلسطينية القائمة في شعبها المقاوم بشتي الصور لاتحتاج إلي تفويض من أحد لكي تقوم. أما هاني ابو أسعد فهو سبب آخر للفرح، المخرج الأربعيني فاز عن فيلمه الثاني بجائزة أفضل فيلم أوروبي في مهرجان برلين في آذار (مارس) الماضي وجائزة منظمة العفو الدولية أمنستي إنترناشيونال في ذات المهرجان، وها هو يحرز الغولدن غلوب ويرشح للأوسكار في مارس القادم عن ذات الفيلم الذي يقدم 48 ساعة من حياة صديقين استشهاديين. ليؤكد عبر الصوت الخفيض للفن أن الاحتلال هو سبب العمليات الاستشهادية وليس الشحن العاطفي باسم الدين كما تدعي إسرائيل ويدعي أعوانها.لم تتيسر لي مشاهدة الجنة الآن إلا أن الحفاوة الدولية والعربية التي لاقاها في المهرجانات حتي الآن، والغيظ الصهيوني، يؤكدان معاً مولد عضو جديد في منظمة التحرير السينمائية الفلسطينية، التي أضافت بعداً جديداً لعمل المقاومة الفلسطينية من خلال الفن السابع، فبالتوازي مع التعثر السياسي الذي صادفته القضية الفلسطينية خلال السنوات الأخيرة كانت محظوظة بصعود كوكبة متميزة من صناع الأفلام الذين قدموا خدمات رائعة للقضية عبر جماليات السينما الخالصة. وصل الصوت الفلسطيني إلي المشاهد الغربي عبر أعمال عديد من المخرجين الفلسطينيين أمثال رشيد مشهراوي، إيليا سليمان، ميشيل خليفي وحنا إلياس. وربما علينا أن نضيف الملحمة المتميزة باب الشمس للمصري يسري نصر الله الذي حققها عن رواية إلياس خوري. هؤلاء جميعاً علي ما بينهم من اختلافات فنية يشتركون في أنهم يقدمون الفن أولا، والإنسان بوصفه إنساناً ثانياً، بعذ ذلك تأتي فلسطينية المكان والبشر تلقائياً، كما هي في الواقع الذي لايحتاج إلي برهان. هم أيضاً يشتركون في كونهم حققوا أفلامهم بأموال من هيئات أوروبية تستحق كل الشكر. مرة لأنها دعمت هذه المواهب الكبيرة فأتاحت لها أن تقدم إضافتها الخاصة لفن السينما العالمي، ومرة لأنها جردت رأس المال العربي المتقاعس عن أي ادعاء للمسؤولية او الشرف. 0