عام 2005 في فلسطين: لا سينما ولا يحزنون!

حجم الخط
0

عام 2005 في فلسطين: لا سينما ولا يحزنون!

صبحي الزبيديعام 2005 في فلسطين: لا سينما ولا يحزنون!في اواخر عام 2004، دعانا وزير الثقافة السيد يحيي يخلف الي اجتماع عاجل في الوزارة. كنا مجموعة من المخرجين/ات والمهتمين/ات بالسينما. الاجتماع كان اشبه بورشة عمل الهدف منها تحقيق نبوءة الوزير بان يكون عام 2005 عاما للسينما الفلسطينية. من ضمن الافكار التي طرحت ـ تشكيل صندوق لدعم السينما الفلسطينية، تأسيس مهرجان دولي للافلام في فلسطين، تشجيع الطاقات والمواهب….الخ. من ضمن النشاطات التي شاركت فيها انا شخصيا هو انضمامي للجنة اكن الاحترام لكل عضو فيها، مهمتها الاشراف علي المهرجان الدولي وتكريس المهرجان كمؤسسة محترفة تشتغل طوال السنة في نشاطات من شأنها دعم الانتاج والثقافة السينمائية. في بدايات عام 2005 بدأنا الاجتماعات بنشاط، في منتصف عام 2005 خفت وتيرة الاجتماعات، في نهايات عام 2005 توقفت الاجتماعات بشكل كامل. لأكثر من تسعة اشهر استمعنا الي وعود وزارة الثقافة بان تقدم مبلغ عشرين الف دولار او عشرة الاف دولار او خمسة الاف دولار من اجل ان تستطيع لجنة المهرجان استئجار مقر، او توظيف شخص واحد علي الاقل للتفرغ لامور المهرجان. ولكن هذا لم يحدث. ها قد ودعنا عام 2005، وللأسف اقول ان شيئا واحدا لم يتحقق من جملة الاحلام والوعود التي كررناها في اجتماعاتنا المختلفة. لم يتأسس صندوف للسينما الفلسطينية، لم ننجح في تأسيس مهرجان دولي للافلام، بل لم يكن هناك اي نشاط استثنائي يمكن ان نقول انه ساهم في تطوير السينما الفلسطينية. حتي المنحة الثقافية الفلسطينية (الاصح ان نقول انها منحة نرويجية لدعم نشاطات ثقافية تم توزيعها باشراف وزارة الثقافة) لم تعن هذه المنحة باعطاء اي خصوصية او اولوية للسينما الفلسطينية، وكل ما اعطي للسينما هو مبلغ 15 الف دولار، منها عشرة الاف دولار كمنحة لفيلم وثائقي، وخمسة الاف منحة للسيدة ميسر ابو علي من اجل تأليف كتاب عن السينما الفلسطينية. تصوروا ان المنحة الثقافية الفلسطينية لم تمنح مهرجان فلسطين الدولي ولو مبلغ خمسة الاف دولار… هل يعقل هذا؟ هل يعقل ان يغيب عن ذهن اللجنة اهمية هكذا نشاط، وهل نستطيع ان نسامح وزارة الثقافة علي هكذا تناقض؟ من جهة يعلن الوزير ان عام 2005 هو عام السينما ويدعونا الي تشكيل لجنة للتأسيس لهذا المهرجان، ثم نتقدم كلجنة مهرجان بطلب دعم من المنحة الثقافية ولكننا لا نحصل عليها. اي سيناريو سيء هذا؟ اي كابوس؟خذوا الندوة التي سماها رئيس الوزراء ووزير الثقافة بـ (العرس الثقافي الفلسطيني) والتي نظمت بالتعاون مع المجلس الاعلي للتربية والعلوم ومنظمة الامم المتحدة والعلوم والثقافة ـ اليونسكو ـ والتي فيها وضعت وزارة الثقافة ما تسميه (استراتيجية الثقافة الفلسطينية) لم ترد كلمة سينما في التقرير المنشور في الجرائد المحلية (الحياة الجديدة والايام) ولا اعرف ان كانت كلمة سينما وردت في الندوة بشكل عام. ولكني اعرف بالتأكيد ان اي سينمائي فلسطيني او عامل في حقل الثقافة لم يتقدم بورقة عمل او تصور فيما يخص السينما. مع ان السينما بالذات واكثر من اي مجال ثقافي اخر هي ما يحتاج الي رؤية واستراتيجية لان الفوضي تعم. كثير من المؤسسات الثقافية اخذت علي عاتقها عقد ورشات عمل سريعة وبتمويل اجنبي تنتهي هذه الورشات كل مرة بميلاد خمسة او ستة مخرجين جدد. لا يوجد في فلسطين فني اضاءة واحد محترف. لا يوجد مصور سينمائي واحد يستطيع ان يشغل كاميرا 16 ملم. لا يوجد مونتير محترف، لا يوجد كاتب سيناريو محترف. لا توجد مكتبة سينمائية محترفة.. لا، لا، لا يوجد. ما يوجد لدينا هو مخرجين ومخرجات، وورشات عمل تعيد وتكرر نفسها. اخر اعلان في الصحف المحلية جريدة القدس العربي اعلان عن ورشة عمل سينمائية احتوي علي المعلومات التالية (علي رأس الصفحة شعار USAID وشعار EDC وشعار دار الندوة الدولية. السطر التالي: هل ترغب / ترغبين في تعلم عمل الافلام؟ السطر التالي: محتويات الدورة: الموضوع والبحث، النص، التصوير، الاضاءة والصوت، الاخراج، المونتاج، الانتاج والتسويق. اوقات الدورة من 5/12 الي 14/1. شروط الانتساب: من العاطلين عن العمل.. لم يحظوا بفرصة الحصول علي التعليم الجامعي. تصوروا انه سوف يتم تعليم كل هذه المواضيع في مدة شهر لعاطلين عن العمل لم يحصلوا علي تعليم جامعي! انا احترم حق الجميع في الحصول علي عمل وعلي فرصة تعلم ولكنني احترم ايضا من يحترم الاصول. لا يوجد في العالم مدرسة سينما تستطيع ان تدرس بهذه السرعة كل هذه المواضيع السينمائية لطلاب ليس لديهم تعليم جامعي. لم اسمع في حياتي بهكذا استخفاف في المهن السينمائية مثلما يحدث عندنا. بسبب هذه الظاهرة وظواهر اخري كثيرة تعيق تطورنا السينمائي نحن بحاجة الي رؤية واستراتيجية من اجل دعم السينما الفلسطينية. ويجب ان نكف عن اختزال مشكلة السينما بالتمويل. التمويل عامل اساسي ومهم، ولكن الطاقات والكوادر والثقافة السينمائية هي الاساس الذي يجب ان نركز عليه. نحن نعرف ان ميزانية وزارة الثقافة هي اقل من واحد في الالف من ميزانية الحكومة الفلسطينية، لذلك لا احد يتوقع من وزارة الثقافة ان تمد السينما بميزانيات، ولكن هناك الكثير الذي تستطيع وزارة الثقافة انجازه فيما يتعلق بتطوير السينما. وزارات الثقافة الاسرائيلية المتعاقبة استطاعت عقد اتفاقيات مع دول اوروبية عديدة تم بموجبها توفير مصادر دعم هائلة للسينما الاسرائيلية. عام 2005، اتفقت اسرائيل مع كندا علي أن تقوم الاخيرة بدعم انتاج ما لا يقل عن ثلاثة افلام طويلة كل سنة. اسرائيل هي المستفيد الاكبر من الاتفاقيات السينمائية لدول حوض البحر المتوسط، ولا اعرف لماذ لم يتم حتي الان الاستفادة ولو من اتفاقية واحدة علي الاقل. سمعنا عن الكثير من المباحثات التي قام بها وزير الثقافة السابق والحالي، ولكننا لم نر اي اتفاقيات ولا ثمارا لمباحثات من شأنها دعم المشهد السينمائي. انا لا اشكك في نوايا وزير الثقافة تجاه السينما ولكن النوايا الطيبة لا تكفي. الوعود لا تكفي. انتظار تمويل من الخارج لا يكفي. علينا المبادرة، وعندما نبادر علينا المتابعة. انا واحد من الناس المقتنعين تماما بان اهم ما يحدث فلسطينيا يحدث في الثقافة، وبالذات في السينما ولا اشعر بانني ابالغ اذا قلت إنه وفي غضون عقد من الزمان فان السينما الفلسطينية سوف تكون محط اهتمام عالمي تماما مثلما هو الحال الان بالنسبة للسينما الايرانية. السينما الفلسطينية في تطور مستمر من حيث تشكيل لغة سينمائية مختلفة، ومن حيث دورها في ردم هوة التفاهم والتواصل مع العالم والتي خلقها سياسيونا. اهم من كل هذا، اعتقد ان السينما الفلسطينية سوف تلعب دورا مهما في تنويع مصادر تشكيل الهوية الفلسطينية بالنسبة للفرد وللجماعة. في السينما بامكاننا ان نتخيل، بامكاننا ان نذهب الي كل الاماكن الممنوعين من الذهاب اليها، في السينما نستطيع رسم فلسطين من دون جدار، من دون حواجز من دون تقسيم، في السينما سوف تنمو ذاكرتنا مثل طفل صغير. في السينما لن نصـــغي لبروتوكولات الاتفاقيات السياسية التي تمـــلي علينا مناهجنا الدراسية ونشرات اخبارنا. في الســينما سوف نجد كل الحرية المحرومين منها. لهذا اشعر ان الاهتمام بالسينما يجب ان يكون مميزا وعلي رأس اولوياتنا. ليس عندي وصفة لكيفية جذب قوة رأس المال الفلسطيني ولا قوة السياسة من اجل ان تصب في دعم السينما. ولكني اؤمن بأن مشروعنا السينمائي سوف يبقي رهينة المنح الخارجية اذا لم نستثمر فيه محليا. مشروعنا السينمائي لن يكتمل دون اهتمام رأس المال الفلسطيني. حتي الان لا يوجد فيلم روائي فلسطيني %100، لم ننتج فلسطينيا فيلما روائيا واحدا. حتي الان لا يوجد اسم مستثمر واحد او شركة خاصة او مؤسسة فلسطينية علي قائمة ممولي اي من الافلام التي نعتبرها فلسطينية. الاسوأ من كل هذا ان السلطة الوطنية الفلسطينية وكل مؤسساتنا الحكومية وغير الحكومية لم تنجح حتي الان في اعادة فتح دور السينما التي اغلقت منذ الانتفاضة الاولي. لا في القدس ولا في غزة ولا في اريحا ولا في الخليل ولا في جنين يوجد دور سينما؟ هل يعقل هذا؟ ہ سينمائي من فلسطين 0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية