طقس شعري في البحر الميت

حجم الخط
0

طقس شعري في البحر الميت

يحيي القيسيطقس شعري في البحر الميتربما خروجا عن الأمسيات المألوفة والمكررة للشعر، والجمهور الذي أصابه الملل، أرادت مجلة تايكي أن تأخذنا إلي مكان آخر، في أخفض بقعة من هذا العالم احتفاء بزليخة أبو ريشة الشاعرة والباحثة المثابرة، والكاتبة الجدلية المشاكسة، وديوانها الجديد المزاج العالي ، كان طقسا استثنائيا دون هوادة، يعمره المكان المختلف، والقراءات الجريئة، والمشاركات الحماسية لشعراء آخرين، ولأصوات غنائية جميلة حد الدهشة، بدا الأمر اكتشافا بالنسبة لي لمكان أعرفه حقا، ولكني لم أره منذ سنوات رغم قربه، فالبحر الميت الذي احتضن الفعاليات ليس بعيدا عن العاصمة، والمنتجع الجميل الذي أقامته أمانة عمان الكبري خدمة لموظفيها وعائلاتهم، وللمواطنين أيضا بدا علي جانب كبير من التنظيم، ومحفزا للمزيد من الزيارات. كنا مجموعة من الكتاب والكاتبات ننوف علي السبعين، من الشعراء والقصاصين والروائيين والممثلين والإعلاميين، أذكر منهم لمن يعرفهم: الروائية سحر خليفة، والناقد نزيه أبو نضال، والشاعر زهير أبو شايب، والروائي إلياس فركوح، والشاعر يوسف عبد العزيز، والقاصة جميلة عمايرة، والقاص خليل قنديل، والروائية رفقة دودين، والروائية غصون رحال، والمخرجة مجد القصص، والقاص ياسر قبيلات والقاص جعفر العقيلي، والقاص إبراهيم جابر، والصحفية عزيزة علي إضافة إلي ضيوف من مصر تصادف وجودهم في الأردن مع هذه الأمسية منهم الشاعر حسن طلب والباحث د. مجدي عبد الحافظ، ولا أنسي طبعا منظمة الأمسية القاصة بسمة النسور رئيسة تحرير مجلة تايكي الثقافية نسوية الطابع التي تصدرها أمانة عمان الكبري مرة كل شهرين، وتتميز بملفاتها المتخصصة، وموادها التي تحتفي بإبداع المرأة العربية.قرأت زليخة من ديوانها المزاج العالي الذي أصدرته مؤخرا عن دار نشرها المسماة الوراقات ، وكان شعرها يتدفق طازجا بهيا، يحتفي بالصور المبتكرة، وباللغة الأنيقة مكثفة الدلالة، وبالجرأة الأنثوية في أعلي تجلياتها، وكان البحر الميت ذلك المساء يستيقظ من موته رويدا رويدا، ويتخلص من ملوحته القاسية نابضا بالحياة وبالكلمات:أقذف في انجرافك حطبي حتي لا نار تئزوعلي وجهك الغاضب ألقي طوافتي لأذهب إلي أقصاكلكن حنقك يدفعني عنك فأنقلب فيكويطويني ماؤك بمهارة عاشق أيها العنيف لكأني حملت عنك ألوانك وزجاج تصاويرك إلي كهف نفسي حتي أنشد هناك.. ما صمت عنه في هديرك العالي أيها النهر أيها النهر المتأخر..!كانت ربي صقر الفنانة ابنة زليخة تقطع قراءات أمها الشاعرة بمقاطع من الغناء، فهي تعزف علي الغيتار، وتنشد كلمات من كتابتها، أو أغاني معروفة، وربي ذات صوت يفيض بالشجن، ويتقلب في اللحن بحرفية عالية، هي اكتشاف جديد بالنسبة لي علي الأقل، ومن المؤكد أن مستقبلا مشرقا بانتظارها، ليعترف بإبداعاتها الخلاقة، وربما يجب الإشارة أيضا إلي صوتين علي قدر عال أيضا من الجمال كانا من ضمن فعاليات تلك الليلة هما للفنانتين الشقيقتين: بيسان وهيفاء خليل من فرقة بلدنا للغناء الوطني الملتزم، ومن الأهمية بمكان أن تنال كل هذه الأصوات الرعاية التي تستحق من الصقل والتعريف بها محليا وعربيا، لا سيما في بلد محافظ مثل الأردن يبدو الفن فيه عموما والغناء النسائي خصوصا حصة مظلومة وضربا من الترف عند الكثيرين.كان التفاعل كبيرا في أمسية زليخة، وقرأ الشاعر حسن طلب بعض قصائده، وقدم الشاعر يوسف عبد العزيز أيضا قراءات متنوعة ومختصرة، وانتشي خليل قنديل فغني معتمدا علي صوته الجبلي الخليـــلي وليس علي تقنيات السرد، وفي النهــــاية فإن هذه الأمسية غير التقليدية استطــاعت أن تكسر شيئا من الجمود الذي يلقي بظلاله علي الساحة الثقافية الأردنية التي تعاني من التشرذم ومجالس النميمة المنعشة، والبحث المتواصل عن الخلاص الفردي دون أن تجد لها متنفسا صحيا تتواصل فيه بشكل يومي اعتيادي مثل بقية الساحات الثقافية العربية.ہہہغادرنا البحر الميت الذي يتهيأ للمزيد من المنتجعات والفنادق وصوت زليخة يرن في البال:كأني مت بعد قليلكأن النجوم المذكرة تمسد لي قلبيلأقوموكأن السر الذي هو اليقين يتمرجح منددا بحكمة ما وبيقين آخرأو جارا الشمس إلي مخدتي كاتب من الأردن0

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية