صفقة اندماج سويز وغاز دو فرانس الفرنسيتين تثير غضب روما واتهامات لباريس باقفال اسواقها
صفقة اندماج سويز وغاز دو فرانس الفرنسيتين تثير غضب روما واتهامات لباريس باقفال اسواقهاروما ـ من كريسبيان بالمر:تصاعد تبادل الاتهامات والغضب العميق والرغبة في الانتقام في ايطاليا امس الاول بعدما تحركت باريس لمنع شركة اينل الايطالية العملاقة لمرافق الخدمات من دخول السوق الفرنسية.وباتت روما تشعر أخيرا بأنها لا تزيد علي كونها ساحة مفتوحة لرجال الاعمال من جارتها الشمالية مع رفض باريس أي معاملة بالمثل للمستثمرين الايطاليين. وزادت تلك المشاعر حدة السبت عندما أعلنت الحكومة الفرنسية في عجالة خططا للاندماج بين غاز دو فرانس التي تسيطر عليها الحكومة ومجموعة سويز الخاصة لمرافق الخدمات في مسعي لاتقاء عرض متوقع من شركة اينل الايطالية لشراء سويز.وسينتج عن صفقة الاندماج شركة طاقة عملاقة تتجاوز قيمتها السوقية المشتركة 72 مليار يورو (85.6 مليار دولار).ورفضت غاز دو فرانس وسويز التعليق علي التحركات السعرية تجاه اتمام الاندماج والذي أزعج اتحادات العمال الفرنسية وقد يثير مخاوف المفوضية الاوروبية من أنه قد يمثل انتهاكا لمبدأ حرية انتقال رؤوس الاموال. وقال جون فرانسوا كوبيه المتحدث باسم الحكومة الفرنسية ان سياسية الحكومة التي يديرها يمين الوسط ليست تدخلية أو حمائية لكنها شيء حديث… لدينا هنا قرار مرتبط باتجاه وطني حديث في الاقتصاد .لكن الساسة والصحف في ايطاليا لم ينظروا الي القضية من نفس الزاوية. وندد الساسة من كل الوان الطيف السياسي في ايطاليا بالقرار الفرنسي فيما حذر جوليو تريمونتي وزير الاقتصاد والمالية الايطالي في غضب من عواقب وخيمة اذا لم يتدخل الاتحاد الاوروبي. وقال تريمونتي لا يزال بامكاننا منع دول الاتحاد الاوروبي من بناء حواجز وطنية. ما لم نفعل ذلك فاننا نخاطر بتكرار تداعيات آب (أغسطس) 1914 في اشارة الي بداية الحرب العالمية الاولي. وقال للصحافيين لم يرد أحد الحرب وقتها. واليوم لا يريد أحد اغلاقا كاملا للسوق الاوروبية .وقد انصب غضب تريمونتي علي باريس الا أن الساسة الايطاليين المعارضين الذين يستعدون لخوض انتخابات عامة في نيسان (ابريل) قالوا ان رئيس الوزراء سيلفيو برلسكوني يتحمل الكثير من اللوم نظرا لعدم قيامه بالمزيد لتعزيز الصناعة المحلية المتداعية. وقال فينسينزو فيسكو وزير الاقتصاد السابق لصحيفة لا ستامبا امس الاحد بالطبع اذا كنا قد تحولنا الي بلد معروض للبيع فذلك يرجع الي أننا فقدنا الهيبة الدولية وهذه واحدة من أسوأ ما تركته لنا حكومة برلسكوني .ومما صعد حدة الغضب من الموقف الفرنسي أن روما سمحت العام الماضي لشركة اي.دي.اف الفرنسية العملاقة للطاقة بالاستحواز علي مجموعة اديسون ثاني أكبر شركة ايطالية للطاقة اثر نزاع بشأن حقوق الملكية استمر أربع سنوات. ونقل عن بعض المسؤولين الغاضبين من منع اينل من دخول السوق الفرنسية قولهم ان الحكومة قد تقيد حقوق التصويت للشركات الاجنبية بما في ذلك اي.دي.اف وسويز في شركات توليد الطاقة التي اشترتها مؤخرا من اينل. وقال ماريو فالدوتشي وكيل وزارة الصناعة لصحيفة (كوريير ديلا سيرا) اليومية هناك رغبة في اعادة فرض حد أقصي بنسبة اثنين بالمئة علي الملكية الاجنبية في شركات الطاقة المحلية .وايطاليا هي أكبر شريك تجاري لفرنسا داخل الاتحاد الاوروبي وحققت الشركات الفرنسية نجاحا في الاستحواذ علي الشركات المنافسة في جارتها الجنوبية خلال السنوات الاخيرة مع انتقال كثير من كبريات شركات التجزئة الايطالية مثل كوين و(جي.اس) و(اس.ام.ايه.) الي أيد فرنسية. ومما يعزز الشعور بغزو فرنسي ان بنك بي.ان.بي باريبا وهو أكبر بنك فرنسي مدرج في السوق أعلن هذا الشهر عرضا قيمته تسعة مليارات يورو لشراء مصرف بنكا ناسيونالي ديل لافورو سادس أكبر بنك ايطالي من حيث حجم الموجودات. وقال برلسكوني الاسبوع الماضي انه تحدث بشأن طموحات اينل في فرنسا مع رئيس الوزراء الفرنسي دومينيك دوفيلبان والرئيس جاك شيراك. وقال طلبت المعاملة بالمثل .لكن يبدو أن كلماته لم تلق أذانا صاغية كما حدث في عام 2004 عندما استبعدت شركة الطيران الايطالية الحكومية أليطاليا التي كانت تسعي جاهدة لتجنب الافلاس من صفقة اندماج بين اير فرانس وشركة (كيه.ال.ام.) الهولندية للخطوط الجوية. وقال انريكو ليتا المتحدث الاقتصادي باسم المعارضة لا يوجد شك في أن الحكومة تتحمل وزرا ضخما. سياسة برلسكوني الصناعية تمثلت دائما في تأييد (الرئيس الامريكي جورج بوش) والوقوف ضد فرنسا .وركزت سياسة برلسكوني الخارجية بالفعل علي ما وراء حدود الاتحاد الاوروبي لكن حلفاءه يقولون ان فرنسا تسبب مشكلات لكل شركائها بسبب التوجه القومي لسياساتها الاقتصادية ورفضها العام الماضي مسودة دستور للاتحاد الاوروبي. وقال ادولفو اورسو نائب وزير الصناعة الايطالي هذه رسالة سيئة أخري من فرنسا الي أوروبا بعد التصويت برفض الدستور. مرة أخري اقامت باريس الحواجز وهو ما يتعارض مع سياسة التكامل الاوروبي .4