الاردن طلب من صالحي تطمين الاسد: لن نشارك باي عمل عدواني ضد سورية

عمان ـ “القدس العربي” ـ تبادل وزيرا الخارجية الأردني ناصر جوده والإيراني علي أكبر صالحي الرسائل الملغزة والملغمة سياسيا أكثر مما إتفقا أمس على أجندة من أي نوع في مواجهة الإحتمالات التصعيدية في المنطقة.

وبدا واضحا من حيثيات المؤتمر الصحافي والتعليقات المدروسة بعناية أن جولة المواجهة الدبلوماسية التي وصفها صالحي بأنها “صريحة للغاية” تطرقت للتفاصيل وتضمنت تحذيرات إيرانية مباشرة قيلت للأردنيين في الوقت الذي تمسكت فيه عمان بما تقول انها ثوابت سياسية في موقفها المعارض للعمل العسكري سواء ضد إيران أو ضد سورية.
وحذر وزير الخارجية الإيراني امام نظيره الاردني من عواقب لا يمكن التنبوء بها إذا أطيح بالرئيس السوري بشار الأسد وقال إن التسوية السياسية للحرب الأهلية في سورية هي وحدها الكفيلة بتجنيب المنطقة حريقا إقليميا.
وتعبير لقاء صريح للغاية في اللغة الدبلوماسية يعني لقاء باردا، لكن هذا اللقاء “الصريح” بين الوزيرين تبعه حسب مصادر مطلعة لقاء دافئا بين العاهل الاردني الملك عبدالله الثاني والوزير الايراني، وقالت المصادر ان العاهل الاردني قدم دعوة للرئيس الايراني محمود احمدي نجاد لزيارة الاردن، كما اكدت المصادر ان شخصية اردنية رفيعة ستزور طهران قريبا.
واضافت المصادر ان العاهل الاردني طلب من الوزير الايراني نقل وجهة نظر الاردن للرئيس السوري، والتي تؤكد ان الاردن لن يشارك باي عمل عدواني على سورية، كما دعا الملك عبدالله الثاني لنفض الغبار عن المبادرة المصرية الخاصة بسورية.
وكان محللون سياسيون تحدثوا عن حذر شديد ساد لقاء المصارحة بين الوزيرين الصالحي وجودة. وكان جودة إعترض على التصريحات التي تصدر عن بعض المسؤولين الإيرانيين وتهدد الأردن مشيرا حصريا لنائب رئيس الأركان الإيراني الذي هدد الأردن مباشرة بعد نشر الأخبار عن السماح للطائرات الإسرائيلية بإستخدام الأجواء الأردنية.
عمان نفت الأمر وألمح الوزير جودة لعبثيته لان إسرائيل في الواقع لا تحتاج للأجواء الأردنية حتى تعبر لسورية فطائراتها تستطيع القصف من فوق الأراضي المحتلة أو لبنان خلافا لانها تملك إتصالا جغرافيا مباشرا من الأراضي السورية.
لكن صالحي حدد ثلاثة مواقع للقرار في بلاده هي المسؤولة عن تحديد الموقف الرسمي للجمهورية الإسلامية وهي المرشد العام والرئيس ووزارة الخارجية ملمحا ضمنيا لإستبعاد التصريحات عندما تصدر عن رئاسة الأركان أو جنرالات الجيش الإيراني على أساس أنها لا تمثل الموقف الرسمي لطهران.
هنا حصريا إلتقط الوزير جودة اللعبة الإيرانية التي خاض بها صالحي فأبلغ الصحافيين بأنه طالب نظيره الإيراني بان يعمل ما دام ممثلا للموقف الرسمي على ضبط إيقاع المصادر التي تهدد الأردن مطالبا بإدانة رسمية لأي تصريحات تصدر عن غير المخولين بالشأن الدبلوماسي.
طبعا إبتلع الوزير الإيراني ملاحظة عمان الدبلوماسية حتى لا تتوتر أجواء الزيارة وبدا واضحا أن عمان لا تشتري رواية تقاسم الأدوار ولا كلام الصالحي عن شخصيات غير مخولة تهدد الأردن أو غيره.
مرة أخرى ألمح الوزير الأردني الى ان موقف الاردن لم يتغير من الأزمة السورية فبلاده ضد القتل والعمل العسكري وتؤيد تسوية سياسية ووقف القتل ومرحلة إنتقالية تضمن حلا سياسيا شاملا دون المساس بوحدة سورية.
وتوقف الوزير جودة في المؤتمر الصحافي عند النقطة المركزية التي تحاول جميع الأطراف تجاهلها عندما قال بأن الجميع في المنطقة ينبغي أن يكون جزءا من الحل لمغادرة المنطقة الحالية في الأزمة السورية.
معنى ذلك واضح أن عمان تسعى لتفهم طهران بأن مصالحها الحيوية تتطلب بأن تكون موجودة ـ أي عمان- على طاولة التسوية السياسية الكبرى والشاملة للملف السوري على أمل أن تتفهم إيران ذلك.
هذا الموقف حصريا يوضح القناعة بأن كل ما يجري من حسابات في المنطقة مبرمج على أساس هوس الجميع بتحسين مواقعهم ومواقفهم قبل ما يسمى بالتسوية الكبرى.
علميا يبالغ صالحي وهو يصف علاقات بلاده بالأردن بانها بأحسن الأحوال مشيرا لوجود تباين طبيعي في الموقف السياسي بين البلدين بخصوص قضايا مصيرية هامة حصلت في المنطقة ولأنه دخل مع عمان بمباحثات هامة وصريحة حول قضية فلسطين والملف السوري.
هذه المبالغة ربطها صالحي بتذكير الأردنيين بأن تداعيات المسألة السورية تنعكس على دول المنطقة مقدما بعد التحذير الجزرة السياسية عبر الإعراب عن إستعداد بلاده لدعم الأردن في إستضافة اللاجئين السوريين محذرا من عودة سياسية التدخل الأجنبي في دول المنطقة.
صالحي قال: مستعدون لمساعدة الأردن إقتصاديا وماليا للتخفيف من عبء إستضافة اللاجئين السوريين.
طبعا يقدم الوزير الإيراني هذه العروض”المالية” وهو يعرف مسبقا بان الأردن يعاني من وضع مالي صعب للغاية كما يعلم مسبقا بأن عمان حليفة “الشيطان الأمريكي” لن تتورط بالمساعدات المالية الإيرانية ومن غير المسموح لها بذلك.
لكن الصالحي وقبله سفير بلاده في عمان عرضا ميزات إستثنائية إقتصاديا هي عبارة عن مساعدات في مجال الطاقة والنفط وسياحة دينية تنعش الإقتصاد السياحي الأردني، الأمر الذي بحثه في العراق مع مرجعيات شيعية مرتبطة بإيران وزير الأوقاف الأردني محمد نوح القضاة.
محصلة القول ان طهران حاولت في مناورتها الدبلوماسية مع الأردن تجديد عروضها المالية والإقتصادية وجس نبض عمان على أمل تثبيتها بالحد الأدنى في موقعها الحالي بسبب الموقع الجيوسياسي المهم للمملكة وإجراء “تواصل” نادر مع بلد تنكمش مصالحه وتتوسع في عمق التوتر الإقليمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول abuahmd:

    يا ريت تلفزيون الأردن يتعلم منك كيف تكتب التقارير وتوضح الحقائق بدلاً من كونه ديناصور متحجر

  2. يقول كلمة حق:

    والله ان ايران افضل من العرب العاربة ولو اتجهت المملكة الاردنية الى ايران لكان اجدى لها

  3. يقول الشعوب العربية:

    كان على السيد جودة ان يركز في تصريحه على ضبط الحدود من سورية و عدم تسلل الارهابيين من خلالها الى سورية طوال 25 شهر وان يدعوا الى التنسيق مع الجانب السوري الشقيق حول ذلك . اما المرحلة الانتقالية فهي شأن سوري داخلي و كان عليه عدم ذكر هذه النقطة علما ان الشعب السوري يرفض قطعيا حكومة انتقالية عميلة للاستعمار على مقاس الغرب . كذلك كان عليه تحديد منبع العنف و بادئه وهم العصابات الاستعمارية منذ 25 شهر و اضطرار الامن السوري للدفاع عن وطنه وهذا حق طبيعي في حين ان الحدود قبل 3 سنوات كانت هادئة قبل اندساس العصابات الارهابية و داعميها فهم السبب و اعترافات الارهابيين المتسللين الى سوريا بسلاحهم ثتبت ذلك . ان المواقف غير الموضوعية لن تجدي وقد كان الوزير الايراني اكثر توازنا في كلامه و يمثل الصفة الديبلوماسية بشكل صحيح غير متشنج .

  4. يقول كريم:

    في الحقيقة ما يثير اعجابي حقا هذه القدرة الايرانية العجيبة على التواصل مع الجميع وعلى وجه الخصوص مع الدول التي تصنف بكونها إن لم نقل معادية لطهران فهي حليفة طبيعية لأعداء ايران فرغم ما يقال هنا وهناك من الاستعدادات الجارية على الحدود الاردنية السورية للقيام بعمل ما عسكري ضد سوريا فإن ايران تذهب إلى الأردن وتطرق الأبواب مباشرة وبخطاب صريح ومهذب تقوم باستمالة الأردن وتحذيرها بضرورة عدم الانخراط في أي محاولة عسكرية ضد النظام السوري
    فهنيأ للأسد بهكذا حليف وتبا للذمم الرخيصة من العرب المستعربة

  5. يقول سعيد حمزه:

    الله يهديك يا صاحب كلمة حق .. اما قرات في المقال الجملة التي تقول ” بأن عمان حليفة ‘الشيطان الأمريكي’ لن تتورط بالمساعدات المالية الإيرانية ومن غير المسموح لها بذلك.” لذلك الامر لا يتعلق بالارادة وانما بماهو مسموح وغير مسموح …

  6. يقول الشعب السوري و العربي:

    كان على السيد جودة ان يركز في تصريحه على ضبط الحدود مع سورية و عدم تسلل الارهابيين من خلالها الى سورية طوال 25 شهر وان يدعوا الى التنسيق مع الجانب السوري الشقيق حول ذلك . اما المرحلة الانتقالية فهي شأن سوري داخلي و كان عليه عدم ذكر هذه النقطة علما ان الشعب السوري يرفض قطعيا حكومة انتقالية عميلة للاستعمار على مقاس الغرب . كذلك كان عليه تحديد منبع العنف و بادئه وهم العصابات الاستعمارية منذ 25 شهر و اضطرار الامن السوري للدفاع عن وطنه وهذا حق طبيعي في حين ان الحدود قبل 3 سنوات كانت هادئة قبل اندساس العصابات الارهابية و داعميها وهم السبب و اعترافات الارهابيين المتسللين الى سوريا بسلاحهم تثبت ذلك . ان المواقف غير الواضحة لن تجدي وقد كان الوزير الايراني اكثر توازنا في كلامه و يمثل الصفة الديبلوماسية بشكل صحيح غير متشنج .

  7. يقول عروبيين:

    يمكن للحكومة الاردنية الحصول على قروض و مساعدات من دول البريكس و روسيا و الصين و النفط من ايران وعلى الاكثر سيتم الموافقة عليها للخروج من الازمة الاقتصادية للاردن . المهم الان عدم تدخل الغير في الشأن الاردني ولي ذراعه من خلال الاقتصاد كما حصل في الشأن السوري لانه فشل اصلا . والشعوب العربية لن تسمح بهذا مطلفا وعلى الشعب الاردني و الحكومة الوعي التام و عدم السماح للخارج بالتدخل مطلقا

  8. يقول اقتصادي عربي:

    من الممكن للاردن الحصول على قروض و مساعدات من دول البريكس روسيا و الصين و النفط الايراني لحل العجز المالي بدون ضغوط عليه و التخلص من جمايل الغرب واذنابه و ضغوطاته لان استمرارها سيقلق الاردن و شعبه عشرات السنين .

إشترك في قائمتنا البريدية