سيلفيا بلاث، عزيزتي.. لماذا أحببت تيد هيوز؟
عناية جابرسيلفيا بلاث، عزيزتي.. لماذا أحببت تيد هيوز؟بدل أن تطهو سيلفيا لولديها وجبة شهية، أدخلت رأسها هي نفسها في فرن الغاز لكي تموت تماماً، ويتبخر الي غير رجعة دم الحب الجميل. ما يؤلمني ليس فقط انه خانني، بل انه كذب علي . بكت سيلفيا بلاث وهي تُخبر صديقتها اليزابيث سيغموند خيانة تيد هيوز لها. تكتب بلاث انطباعاتها عن هيوز وحضوره الجارف فيها: فجأة، اسمع صوت الأعاصير في أذني . يا سيلفيا، إنني احس الدموع اللعينة في عيني مرة اخري. سيلفيا، الحب نفسه عبء ثقيل، اي جنون أودي بك، كان يسعك الكتابة عن اي شيء غير موجود، او الاستماع الي نشرات الاخبار، او التحدث الي اليزابيث، لا عن الشعر والحب بالطبع، بل عن الاشياء المضحكة التي تصادف غير المحبين. وربما لعبت لعبة الاغواء، او تفحصتِ علبة طوابعك البريدية، او احتسيت الشمبانيا وحيدة، وطالعتِ في كتاب لوليم فوغنر او قرأتِ رواية بوليسية.. آه سيلفيا بلاث عزيزتي، لماذا أحببت تيد هيوز؟ جاءت إلَّي وأخبرتني: لقد أعطيته قلبي، ولا أعرف أن أسترده . سيلفيا عزيزتي، أنتِ تموتين. تخافين شيئاً حاضراً معكِ. هشاشة وجودك المتأوهة. هناك دموعك، نوع التأمل في حركة الوجد البطيئة وصوره الملونة. لمسة تيد الخفيفة اللذيذة والاحساس الأليم، وفجأة فكرة الموت تتضخم، وتملأ السماء. سيلفيا، كانت لك عينان جميلتان، ومن ثم هذا هو ضعفك، هل كانت عيناك جميلتين عن عمد ، لا بد ان اسأل قدرك. هل تململت الرفرفة حين احترقت اجنحتك. الحب القوي. هل أحس تيد بأريج مبهم انبعث من اختناقك؟ تيد، المخلوق الوسيم ولا يقدر ان يكون عاشقاً. مستحيل. أنتِ نسجت وعيك في قصائدك، وفي صوتك الكسول المتسكع الذي صَمت.سيلفيا، أخماتوفا، فروغ زاد، ناديا، أيتها القلوب العزيزة، لقد أحببنا جميعا علي نحو غاية في السوء. اشكالنا الهزيلة المنكمشة رقدت هامدة في الموت، وفي الصدر وحده، وفي العينين فحسب، بقيت تحترق تلك الشعلة، تحترق لا تخبو.سيلفيا عزيزتي، هناك في مكان ما في قلبك يرقد الحب، واضحاً تمام الوضوح، أنا أشاهدك، وأشاهد تيد هيوز، وليس هذا شبيها بالتذكر تماما، انه حقيقي جدا، ولكنني لا استطيع أن أبوح كما فعلت، ولا أجرؤ علي وضع رأسي في فرن الغاز. سيلفيا، ليس ألمي أقل، وسيلفيا ان حالي في العيش الرزين، وهناك البحر والقمر والأزهار وايضا الورقة الميتة والنوم، وايضا اليقظة والحلم وأيضا الكابوس، وعميقا في القلب ذلك الرجل، أنزلق به وأرقد. وسيلفيا ايضا، ان حالي كأنما نما ألمي بحيث بتَّ أعرف ان احتويه بيسر. لم يعد يحني جسدي ويرهقني، احتضنه في داخلي برفق، كأنه بيضة نفيسة، بيضة الألم العظيمة.سيلفيا يا قلبي، لماذا أحببت تيد هيوز الي هذا الحد؟ أحكمت الغطاء علي ولديك في نومهما، وذهبت الي المطبخ، اقفلت النوافذ ودسست رأسك في الفرن. غيبوبة الوجد يا سيلفيا وقد احتضنها الفجر اللندني بعيدا جدا عن طيبة قلب أمريكا. خط صقيل من رغوة الحب البيضاء علي جانبي شفتيك. مبارزة مجنونة افضت الي موتك. انا ما زلت اتنفس يا سيلفيا، ولقد روضت حبي فغدا روحا منزلية تتبعني الي المطبخ وحجرات النوم. آه سيلفيا، روضت حتي ذكري قميصه، حفيف قميصه علي صدري. اصبحت محصنة من شذي القمصان. الآن الصمت يا سيلفيا، يتماوج لا لون ولا صوت، وفي الليل يتأرجح فأجزع، انادي عليك خفيفا وعميقا. الآن الصمت، يا زهرة البنفسج الصغيرة، واتعلم ان أصلي من جديد، وألا ابكي متوسلة للقمر. الأمور بدأت يوما معي ايضا. لست وحدك، وكان رجلي طويلا في حلم افيوني. باستطاعتي حتي اللحظة ان اقرأ احشاءه، ولكن فلنتكلم عنك انت يا سيلفيا، وعن تيد هيوز، وقبلة الظلام تلك، والمعجزة المفتوحة، تولد في اللحظة وتعيش الي الأبد.سيلفيا، آنا، ناديا، فروغ، نحب ونحن نعلم اننا مهزومون، وفي كل يوم نتوسل عذابا جديدا. ارواح مربوطة بالشماعات خفية، ومشحونة بتيارات مغناطيسية. سيلفيا، وهذا الكدح في الغرام، يقتحم علي القلب فينبض كالسحر، وان نتعلم ان ننتظر بصبر.. اثبت وانتظر مجيء الحب . رحلت سيلفيا سريعا، من دون صبر، وخلفت قصائد وجهها نحو الأعلي، ومطعونة بمطواة تيد، بخيانة تيد.ان نستأنف ما انقطع من وجد وشعر، ان نعمل علي الاشارات الغامضة، ان نضرب بعنف.. ننفخ قدر طاقتنا، يبقي شيء دائماً، لا بد ان يبقي شيء.0