سورية علي مفترق طرق

حجم الخط
0

سورية علي مفترق طرق

سورية علي مفترق طرقماذا يحصل في دمشق؟ الجواب ليس معقداً ولا سرّاًَ، فنظام الأسد في سورية كان أحد أهم بيادق الولايات المتحدة الأمريكية في الشرق الأوسط، ويكفي التذكير ببعض الإشارات السريعة: دخوله لبنان عام 1976 لضمان المشروع الأمريكي فيه، اصطفافه وراء أمريكا في حربها علي العراق عام 1991، أحد أعمدة أمريكا في الحرب علي الإرهاب بعد 2001، الاعتراف بشرعية كرازيات أمريكا في العراق بعد 2003 وضمان حدوده من تسلل المقاتلين، مطالبة النظام السوري علي الدوام لأمريكا بأن تكون الوسيط والضامن لأية تسوية بينها وبين (إسرائيل)، في حين كانت تطالب الأخيرة بعقد لقاءات واتفاقات فردية مع سورية ومن غير وسطاء.ماذا حصل إذن، هل تغير ولاء النظام السوري علي الصعيد الدولي، أم هل استقلت سورية في عهد بشار الابن عن الهيمنة الأمريكية!؟ الجواب هو لا هذا ولا ذاك، فالنظام في سورية لا يتكئ علي إرادة داخلية، وليس مرغوبا به خارجياًً، ولا توجد له مبادئ يدافع عنها سوي استمراره في السلطة بأي ثمن ممكن، ولذلك فإن النظام ليست لديه خطوط حمراء في مدي طواعيته لأمريكا، فهي الحاضن الأساسي له، وهو أحد مرتكزاتها في سياستها الإقليمية.إذن، لعلَّ نظرة أمريكا إلي النظام السوري قد تغيرت وباتت تريد الإطاحة به علي شاكلة ما حصل مع نظام صدام حسين بعد أن استهلكته؟ والجواب هو أيضا لا، فنظام صدام حسين لم يكن مرتبطاً بالإدارة الأمريكية، بل كان خصماً لها، وكان هواه وارتباطه مُحكماً بأوروبا، وهو ما يفسر إصرار أمريكا علي الإطاحة بنظام صدام، وإصرار أوروبا علي معارضتها. وهو ما يفسر تلك الخصومة أيضاً بين نظامي البعث العراقي (صدام) ـ السوري (الأسد) علي مدار عقود، في سياق الصراع الدولي في المنطقة، أوروبا ـ أمريكا. أما المعادلة التي تشرح ما يحصل، فهي ببساطة استثمار أوروبا (بريطانيا ـ فرنسا) حادثة اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري وما تلاها من أحداث في لبنان وتداعياتها، بغية ضرب النفوذ الأمريكي في لبنان، بل واللحاق بها، لزعزعة حجر الزاوية الذي تركن إليه أمريكا في المنطقة، أي النظام الأمني القابع في دمشق، ويندرج ذلك الصراع ضمن تصفية الحسابات، والتنافس علي المنطقة بين طرفي الأطلنطي.ويبقي سؤال يطرحه الجميع هو، هل نحن بصدد مشاهدة انهيار النظام السوري؟ والجواب علي ذلك هو: إنَّ عراقة بريطانيا وشراسة فرنسا في السياسة الدولية وإصرارهما علي العودة بفاعلية إلي اللعبة الدولية وعدم ترك أمريكا تستأثر بخيرات الشعوب بمفردها، لهذه الأسباب اندفعت الدولتان إلي استثمار الظرف الراهن والأخطاء المتعاقبة من قبل النظام السوري الذي يتصرف بصلف وعجرفة ويتعامي عن معالجة الأزمات الملحة، كما أنه متكل بشكلٍ تـــام علي ما ترسمه له الإدارة الأمريكية التي تتخبط داخلياً وخارجياً في العالم، ما يعني أن النظام السوري وبفعل الطلقات المنتظمة التي تطلقها أوروبا عليه، إعلامياً وسياسياً في النطاق الإقليمي والدولي علي سواء، أدي هذا إلي اهتزاز النظام السوري وتشتته وبات أشبه بزورق من ورق يغرق. حسن الحسن ـ بريطانيا[email protected]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية