رام الله- قيس أبو سمرة: يراقب الفلسطينيون في بلدة سنجل وسط الضفة الغربية المحتلة عمليات تجريف إسرائيلية تهدف لبناء جدار شائك حول بلدتهم التي يحولها الاحتلال إلى ما يشبه بسجن جماعي، وسط تخوفات من سرقة أراضيهم الواقعة خلف الجدار.
ومنذ فجر الأحد، شرعت آليات إسرائيلية بتجريف أراضٍ على طول شارع رقم 60 المحاذي لـ”سنجل” من شمال الشرق والواصل بين محافظتي رام الله ونابلس ويسلكه المستوطنون، لبناء جدار سلكي شائك يعزل البلدة عن محيطها.
ويقول أهالي البلدة في حوارات منفصلة، إن “سلطات الاحتلال الإسرائيلية شرعت بأعمال بناء جدار حول بلدتهم لدواع أمنية”، معتبرين ذلك “عقابا جماعيا يحول البلدة لسجن جماعي”.
ويعرب السكان عن تخوفاتهم من أن المخطط الإسرائيلي يهدف لـ”خلق حاجز يمنع وصولهم لأراضيهم الواقعة خلف الجدار والتي تبلغ مساحتها نحو 8 آلاف دونم، ما يُسهل السيطرة عليها لصالح التوسع الاستيطاني”.
وبحسب هيئة مقاومة الجدار التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، فإن المناطق العازلة التي فرضها جيش الاحتلال الإسرائيلي مؤخرا على أراض فلسطينية بمحيط بعض المستوطنات في الضفة، يعد وجها جديدا لسرقة الأراضي تحت ذرائع أمنية.
وكان مدير التوثيق في الهيئة أمير داوود، قال في تصريح سابق، إن “الخطر يكمن في أن قرارات العزل تتسبب في بعض الأماكن بعزل مئات الدونمات الزراعية ويحرم الفلسطينيين من الوصول إليها، أي أنه يتم مصادرتها بصمت”.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 صعدت إسرائيل من إقامة مناطق عازلة تحيط بمستعمراتها في الضفة، حيث أشارت بيانات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان إلى أن مجموع المناطق التي أقامتها إسرائيل حتى 9 سبتمبر/ أيلول، بلغ نحو 11.
معتز طوافشة، عمدة بلدية سنجل التي يسكنها نحو 6 آلاف فلسطيني، يقول: “قبل نحو 8 أشهر أصدر الاحتلال قرارا عسكريا بمصادرة 30 دونما (الدونم يعادل ألف متر مربع) بمحاذاة الشارع العام للبلدة بحجج أمنية”.
ويضيف طوافشة، بأن “المحاكم الإسرائيلية رفضت اعتراضات السكان بحجج أمنية”.
ويوضح أن جرافات عسكرية إسرائيلية بدأت منذ الأحد بـ”تجريف الأراضي واقتلاع مزروعات وأشجار وتخريب الممتلكات بطول نحو 1500 متر، هي نفس مسار الجدار الفاصل وفق ما جاء بالأمر العسكري الذي تسلمته البلدية”.
ويذكر أن إسرائيل تسعى لبناء جدار شائك “بارتفاع 4 أمتار من شأنه خلق عائق وتحويل البلدة إلى أشبه بسجن جماعي”.
ومنذ 7 أكتوبر تخنق السلطات الإسرائيلية البلدة بإغلاق مدخلها الرئيسي وإقامة بوابة على مدخلها الجنوبي ونصب حواجز عسكرية عليه، بحسب طوافشة.
وتزامنا مع أعمال التجريف الأحد، يقول طوافشة إن الجيش أغلق البوابة الجنوبية الأمر الذي من شأنه خلق معاناة جديدة في التنقل بين البلدة والمناطق الأخرى عبر طرق التفافية بديلة وطويلة.
وتحيط ببلدة سنجل 5 مستوطنات على شكل حزام من الغرب حتى الشرق، وهي: “معاليه ليفونة، وعيلية، وهارواة، وجفعات هاروئيه، وشيلو”، بالإضافة إلى معسكر للجيش الإسرائيلي.
عمدة “سنجل” يبين أن الجدار يهدف لخلق عائق بين المواطنين وأراضيهم لتسهيل السيطرة عليها لدواعي التوسع الاستيطاني.
ويستدرك موضحا: “لكن إسرائيل تدعي أن الجدار سيقام لأسباب أمنية ولحماية المستوطنين المارين عبر الشارع العام”.
ويحذر طوافشة من أن الجدار “سيحول حياة السكان إلى معاناة مستمرة، حيث يقطع التواصل الجغرافي بين مجموعة من المنازل التي تقع خلف الشارع العام مع باقي البلدات المجاورة”.
ويشير إلى أن إسرائيل تمنع منذ 7 أكتوبر المواطنين من الوصول لنحو 8 آلاف دونم من أراضيهم- ستكون خلف الجدار- بدعوى أنها قريبة من المستوطنات والبؤر الإسرائيلية.
ويقول عن ذلك: “أي مواطن يحاول الوصول لتلك الأراضي يتعرض للعنف والاعتداء من قبل الجيش والمستوطنين”.
الفلسطيني محمد غفري أحد سكان البلدة، يقول إن إسرائيل تعمل على تحويل بلدته إلى “سجن كبير عبر بناء جدار أمني”.
ويتابع: “إسرائيل ماضية في بناء الجدار”، معربا عن تخوفاته من “إجراء إسرائيل لتعديلات أخرى على مسار الجدار بهدف عزل المزيد من أراضي البلدة”.
ويشير غفري إلى أنه يواجه صعوبة في الوصول من بلدته إلى مدينة رام الله (وسط) حيث موقع عمله منذ 7 أكتوبر، جراء وجود حواجز عسكرية وبوابات تغلق البلدة الأمر الذي يدفعه لسلك طرق بديلة طويلة ومرهقة.
ووسط مخاوف الضم، لفت غفري إلى أن هذا الجدار يشكل “ضررا نفسيا لسكان البلدة إلى جانب الضرر المادي”.
وتفيد معطيات هيئة مقاومة الجدار والاستيطان الفلسطينية، باستيلاء جيش الاحتلال الإسرائيلي بأوامر عسكرية على نحو 27 ألف دونم من أراضي الضفة الغربية خلال النصف الأول من العام الجاري، تحت مسميات مختلفة، بينها إعلان محميات طبيعية، وأوامر استملاك، أوامر وضع يد.
وبموازاة حربه على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، وسع الجيش الإسرائيلي عملياته في الضفة، فيما صعد المستوطنون اعتداءاتهم على الفلسطينيين وممتلكاتهم ومصادر أرزاقهم، ما أدى إلى استشهاد 719 فلسطينيا، بينهم 160 طفلا، وإصابة نحو 6 آلاف و200، واعتقال حوالي 11 ألف، وفق مصادر رسمية فلسطينية.
وبدعم أمريكي مطلق تشن إسرائيل حربا مدمرة في غزة خلفت أكثر من 137 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قاتلة.
(الأناضول)