سقطت ورقة التوت… فلنعتذر للوطن

حجم الخط
0

سقطت ورقة التوت… فلنعتذر للوطن

أحمد الخليلسقطت ورقة التوت… فلنعتذر للوطن يحاول عبد الحليم خدام نائب الرئيس السوري السابق عبر حديثه لقناة العربية استجداء الشعب السوري لمنحه صك البراءة وغفران ماضيه السياسي، حيث كان أحد أعمدة النظام السياسي في سورية طوال أكثر من ثلاثين عاما.في المقابلة التي أحدثت ضجة في الشارع السوري واللبناني يتنصل خدام من الكوارث التي ارتكبها بحق الشعب السوري مع نظام حافظ الأسد بدءا من عام 1970 وحتي خروجه من السلطة عام 2005 إلي منفاه الاختياري في باريس.خدام والقمعحاول خدام إيهام المشاهد أن القيادة القطرية التي كان أحد أعضائها، لم يكن لها دور في السياسة الداخلية، أي أن القمع والإرهاب الذي مارسته أجهزة الأمن في سورية طوال ثلاثة عقود لم يكن يعلم به خدام، أو ربما لم يكن له علاقة به، أو لم يكن من مخططيه وداعميه!! وربما نسي خدام تهديده لقوي المجتمع المدني الحديثة الولادة عام 2001 علي مدرج جامعة دمشق، ودوره في قمعها بالتواشج مع قوي السلطة الأخري، ونحن نتذكر كلمته التي قالها حينذاك (لا نريد الجزأرة في سورية) وهو تهديد مبطن يشبه فيه الوضع عام 2001 بالوضع في الجزائر !!والطريف أنه يعترف في المقابلة بأنه طالب الرئيس بشار الأسد بقطع رقبة رستم غزالي، كون خدام نتاج نظام لا يعرف إلا قطع الرقاب بدون محاكمات كما في سجون تدمر والمزة…خدام والفسادبدا خدام في المقابلة منفطر القلب علي فقر الشعب السوري، وتحدث عن تمركز الأموال في يد فئة قليلة، وعن الفساد وجاء بأمثلة عليه، وكأن خدام لم يشارك في الإفقار الذي مارسته السلطة علي الشعب السوري، ولم يكن واحدا من الطغمة المالية التي أثرت علي حساب الشعب السوري، حيث تاجر هو وأولاده بكل شيء …(مرتديلا عافية- شركة الشام الدولية ـ استيراد وتصدير ـ عشرات العقارات في بانياس وغيرها من المدن العربية وفي البلاد الأجنبية..).قصة النفايات النوويةعندما كنا معتقلين في سجن عدرا الجناح السياسي (بين عامي 1985 و1991)، جاء الأمن السياسي بأحد الأشخاص ووضعه في غرفة كبيرة قرب مفرزة الأمن السياسي، وجري تكتم شديد علي هذا الشخص، وحينما تحرينا الأمر وكان ذلك علي ما أعتقد عام 1987 إذا لم تخني الذاكرة، قال لنا أحد العناصر: أن هذا الشخص اسمه (طبالو) وهو صاحب باخرة متهم بالتعاقد مع أبناء خدام لنقل نفايات نووية إلي صحراء تدمر، لم نستطع التأكد من دفن نفايات أن في تدمر أو سواها، بقي طبالو ثلاثة أشهر في السجن، ثم خرج، كان خلالها معززا مكرما تزوره زوجته وأولاده في غرفته بشكل دائم، وله طعامه الخاص ….ولم يسمح له بالاختلاط معنا أبدا.فيما بعد سمعنا أن الرئيس الراحل حافظ الأسد طلب من خدام إبعاد أبناءه إلي الخارج بضعة أشهر، حتي يتم نسيان الأمر ولفلفة الموضوع كما جرت العادة في سورية وحتي هذه اللحظة في القضايا التي تتعلق بالفساد.خروج خدام من السلطةخدام خرج من السلطة واستقال مرغما لان مدته وصلاحيته قد انتهت، فلابد من استبدال (الدواليب) وهذا ما دفعه للتحضير ومنذ أشهر للقنبلة الإعلامية التي فجرها مساء الجمعة (30/12/2005)، خاصة أن الضغوط الدولية اشتدت علي النظام في سورية بعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري، وأخذت مسألة تغيير النظام في سورية تظهر علي السطح، وبدأت القوي الديمقراطية بالتحرك لبلورة البديل، وهذا ما جعل خدام حسب ما أخبرته به (قرون استشعاره) يحاول حجز مقعد له في النظام السوري القادم، لذلك كان لابد أن يتبرأ من الماضي، ويبدأ بكشف ملفات النظام السوري التي شارك هو في إعدادها يوم كان أحد أهم صانعي القرار في سورية، وفي هذا يشبه خدام الفنانات اللواتي يتحجبن حين يصبحن في أرذل العمر، فهو يحاول أن يربح الدنيا والآخرة، حيث تنعم في ريش السلطان ومغانمه، والآن يقدم أوراق اعتماده كسفير نوايا حسنة إلي المعارضة السورية، فيجمع المجد من كل الأطراف (موائد السلطة وشرف المعارضة).خدام ولبنانمن المعروف أن خدام أمسك بالملف اللبناني مع غازي كنعان لأكثر من عشرين عاما، وكان مع كنعان حكام لبنان الفعليان، وبالتأكيد لم يكونا يستخدمان الشعر والزهور في حوارهما مع الأطراف اللبنانية، فالنظام الأمني في لبنان بني (مجده) كنعان وخدام، ولم يولد مع رستم غزالي، لكن غزالي كان الوجه السافر للقمع في لبنان، وإذا كان خدام بهذا الرقي لماذا تأخر اعترافه عشرات السنين؟ أم أن اتجاهات الريح لم تكن مناسبة؟ إن حرمان خدام من كعكة النظام باعتباره ليس فردا في العائلة دفعه لان يعلن انشقاقه عن النظام الذي شارك هو في تأسيسه.الموقف الرسمي من انشقاق خدامبعد مضي عدة ساعات علي مقابلة خدام أتحفنا التلفزيون العربي السوري بتقرير هدي الزين مراسلته من باريس، وفيه ترد الزين علي تصريحات خدام ومواقفه وتتهمه بالفساد والإساءة للشعب السوري وبأن قصره في باريس بناه من دخله المحدود عندما كان في منصب حكومي رفيع! الطريف بداية أنه لم يخرج أي موقف رسمي حول تصريحات خدام لا من القصر الجمهوري ولا من الحكومة، فكان الموقف عبر تقرير الزين من باريس، ومن جديد تؤكد السلطة علي مساخرها حيث تستورد موقفها من الخارج. لكن مجلس الشعب اغتنم جلسة إنهاء دورته صباح يوم السبت ليفسح المجال أمام بعض أعضائه ليصرخوا قليلا في وجه خدام الفاسد، وليربطوا بين خدام والخارج، كما هي العادة دائما، كما تشجع أعضاء مجلس النيام وتحدثوا عن فساد خدام الذي اكتشفوه فجأة!! ونسأل لماذا نهضت شجاعة أعضاء مجلس الشعب الموقرين فجأة وانهالوا علي خدام بهذه الحمية، وهم وزملاؤهم من الدورات السابقة كانوا يتوسلون لينالوا رضاه ومكرماته وحظوته؟ أتذكر هنا الشاعر بشارة ألخوري الذي انهال بقصائد الهجاء الشديدة اللهجة علي جمال باشا السفاح بعد موته، وهو الذي لم ينبس ببنت شفة حين كان السفاح علي قيد الحياة!! أما المحلل التكتيكي والاستراتيجي فيصل كلثوم، فقد جادت قريحته بشتم خدام ووصفه بالخائن والعميل، ونحن نقول هنيئا لنظام البعث الذي يضم كلثوم في صفوفه.ورقة التوتالآن تسقط أوراق التوت عن رموز النظام تباعا، ويصبح صراخهم الصوت المدوي في سوق الخراب الذي صنعه نظام خدام وأسياده وأزلامه، الآن ستتهم أطراف النظام بعضها البعض بالفساد وممارسة القمع، والجميع سيتنصل من أطنان الدماء التي أهرقت علي مذبح الفساد، والجميع سيخرج ملتحفا عباءة الشرف الفضفاضة التي تتسع لجميع رموز القتل والسرقة والتدمير الذي حل بوطن يرفعون أعلامه الآن حين توهموا أنهم هم الوطن، برحيلهم يرحل وببقائهم يبقي، فالوطن عند تجار الدم مجرد خيمة للصراخ سرعان ما تتهدم عند الاطمئنان علي بقاء الثروات والكراسي.ہ كاتب من سورية8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية