جدعون ساعر، النائب الحالي في الكنيست، والوزير حامل حقائب الداخلية والتعليم والعدل سابقاً، والعضو الأسبق في قيادة حزب الليكود، انضم إلى وزارة بنيامين نتنياهو التي كان قد استقال منها بعد أن رفض الأخير إلحاقه بمجلس الحرب الوزاري المصغر مفضلاً عليه غادي أيزنكوت الجنرال المتقاعد ورئيس الأركان الأسبق.
لا مفاجأة في هذه العودة إلى حظيرة الائتلاف الذي يقوده نتنياهو، ما خلا أن ساعر يدخل إلى المجلس بصفة وزير بلا حقيبة، مراهناً أغلب الظن على حقيقة أن الخلافات بين وزير جيش الاحتلال الحالي يوآف غالانت ونتنياهو سوف تحتدم أكثر فأكثر وستنتهي بإعفاء الأول من المنصب وإسناد الحقيبة إلى ساعر. ولا حرج في أن تذهب أدراج الرياح سائر نزاعات ساعر مع «بيبي» وحزبه وحكومته، خاصة حول مسائل جوهرية مثل الإصلاحات القضائية وتجنيد الحريديم.
ولا جديد في الاستخلاص بأن الثمن السياسي الذي سيدفعه «الأمل الجديد» الحزب الذي شكله ساعر في أعقاب انشقاقه عن الليكود، سوف يكون باهظاً لجهة الانفكاك عن كتلة المعارضة من دون كسب القبول لدى الليكود، وانكشاف مقادير النفاق التي طبعت سلوكيات الحزب أمام الرأي العام الإسرائيلي والتجمعات المعنية بمتابعة مصير الرهائن الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية.
وساعر الذي تطلق عليه الأوساط السياسية الإسرائيلية صفة الثعلب بسبب ما يتمتع به من مهارات المكر، لم يستغرق من نتنياهو سوى إيماءة بسيطة فهرع إلى الحظيرة متناسياً 6 أشهر من التمنّع الكاذب، مصطحباً معه ثلاثة من نوّاب حزبه، بما يرفع أغلبية تحالف نتنياهو في الكنيست إلى 68 مقعداً من أصل 120، ويرجئ مصير الحكومة العالية إلى العام 2026 إذا لم تقع مفاجآت غير متوقعة.
وإلى جانب تعزيز الأغلبية في الكنيست فإن نتنياهو يجلب ساعر كي يعينه على تمرير القرار الخاص بإعفاء يهود الحريديم من الخدمة العسكرية، وإسكات أصوات اليهود المتدينين من جهة أولى، والاستغناء عن اعتراض غالانت على المشروع من جهة ثانية. كذلك سوف يتخلص نتنياهو من تهديد إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموترتش بالانسحاب من الائتلاف، وذلك من دون أن يفقد صبغة التشدد التي يحتاج إليها أمام شارعه الليكودي والانتخابي، لأنّ آراء ساعر ليست أقلّ تطرفاً وغلواً.
وفي تبرير موافقته على الانضمام إلى وزارة نتنياهو أعلن ساعر أن سنوات من العلاقات الطيبة جمعته مع نتنياهو مثل سنوات من التعارض، ولكن «منذ صبيحة 7 أكتوبر كلّ ذلك لم يعد له دلالة عندي» خاصة وأن الحكومة كسرت «الركود» في إدارة الحرب عن طريق الضربات الراهنة في لبنان واليمن.
وعلى غرار ما فعل بيني غانتس في مسارعته إلى قبول عضوية مجلس الحرب، وما فعل زعيم «الأمل الجديد» نفسه عند فضّ تحالف «معسكر الدولة» يثبت ساعر مجدداً أن صهيونية المعارضة الإسرائيلية ليست أكثر من لعبة تبادل للكراسي تنطوي على الكثير من النفاق والنزر اليسير من المصداقية. ويستوي في هذا المبدأ أن يكون اللاعب ثعلباً مخادعاً أم ذئباً كاسراً.