رأس القيادة السورية علي الطاولة مجدداً

حجم الخط
0

رأس القيادة السورية علي الطاولة مجدداً

د. سامر عبد اللهرأس القيادة السورية علي الطاولة مجدداً مع انتصاف ليل الاحد 11/12 سلم المحقق الالماني، ديتليف ميليس، الامين العام للامم المتحدة كوفي انان تقريره الثاني حول اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق الشهيد رفيق الحريري، ومع تسلم هذا التقرير كان واضحا ان الامور ستسير الي ما لا نهاية في اتجاه ادانة الدولة السورية في حادثة الاغتيال هذا، ورغم ان التقرير الاول قد شابه العديد من الثغرات والنواقص التي سرعان ما الحقت بمسلسل الشهود الزور او الذن تراجعوا عن شهاداتهم او ضغط علي غيرهم للشهادة ضد مسؤولين سوريين محددين باعتبارهم المسؤولين عن جريمة الاغتيال، كان التقرير الثاني استند علي سابقه خاصة بعد التحقيق مع خمسة مسؤولين امنيين سوريين في فيينا بهذه الجريمة.لقد كان واضحا دون لبس ان لجنة التحقيق الدولية قد حسمت امرها منذ البداية، وحددت المتهم الرئيسي في هذه الجريمة، ألا وهي الدولة السورية، وبغض النظر عن الادلة او الشهود التي يستند لها تقرير هذه اللجنة، فان رأس سورية هو المطلوب دون لبس او شك.ومن اجل هذه الغاية فان التقرير الثاني قد لا يكون كافيا وحده لسوق النظام السوري الي حتفه، خاصة بعد ما اعتراه من تشكيك واضح بعد تراجع احد الشهود الرئيسيين عن شهادته ضد سورية. لهذا كان لا بد من اجل ان تتدحرج الكثير من كرات الثلج الصغيرة حتي تلتقي جميعها في كرة كبيرة تجرف كل الشكوك حول مسؤولية الدولة السورية عن كل الجرائم التي حدثت سابقا وتحدث الآن في لبنان، وبالتالي تحميله تبعات كل ما يجري ومن ثم تدفيعه ثمن كل هذه الجرائم.ضمن هذا الاطار كشفت اولي المقابر الجماعية في منطقة عنجر في البقاع اللبناني، حيث كان المقر الرئيسي لقيادة القوات السورية، وخاصة اجهزتها الامنية في لبنان، وتصاعد الحديث عن العديد من الجرائم والمقابر الجماعية حول مقار المخابرات السورية في الاراضي اللبنانية من شماله الي جنوبه ومن شرقه الي غربه.ومع الكشف عن هذه المقبرة الجماعية انطلقت الدعوة مجددا الي ضرورة رفع شكوي محددة حول مسؤولية الدولة السورية واجهزتها الامنية عن هذه المقابر الجماعية الي الامم المتحدة وتشكيل لجنة تحقيق دولية ومن ثم محكمة دولية لتقديم من يتم اتهامهم من المسؤولين السوريين الي هذه المحكمة ليتم محاكمتهم.ويجدر الاشارة الي ان الدعوة الي محكمة دولية ضد سورية، ليست وليدة اكتشاف المقبرة الجماعية في عنجر، وانما انطلقت منذ اليوم الاول لتشكيل لجنة التحقيق في اغتيال رفيق الحريري. وحينما لم يتم التوافق عليها لبنانيا (لاعتراض ممثلي حزب الله وحركة امل علي الدعوة لها) وبالتالي لم يكن ادراجها في الطلب اللبناني، كان لا بد من خط آخر يتم كشفه من اجــــل الوصول لهذه المحكمة الدولية.لكن هل تتطابق حسابات الحقل مع حسابات البيدر؟ ان فتح ملف المقابر الجماعية في لبنان، ومحاولة الايحاء بأن القوات السورية واجهزتها الامنية في لبنان هي المسؤولة عن هذه المقابر لن يكون امرا سهلا. فمن المعلوم ان المئات من المقابر الجماعية في لبنان تمت علي ايدي فرقاء الحرب اللبنانية انفسهم من المسلخ الي الكرنتينا الي الشمال اللبناني والجبل، كما ان العديد فيها من فعل يد الاحتلال الاسرائيلي وجيش لبنان الجنوبي. وفتح هذا الملف لن يمر مرور الكرام، وبالتالي لن يكون من السهولة الصاق التهمة فقط بالمخابرات السورية، بل سيطال دماء ضحاياها العديد من اطراف الحرب الاهلية اللبنانية والذين اصبحوا الآن وزراء ونوابا وممثلين للطبقة السياسية اللبنانية الجديدة. واذا كان من المؤكد ان العديد من اللبنانيين والفلسطينيين المفقودين قد تمت تصفيتهم من قبل اجهزة المخابرات السورية في لبنان، الا انه من المؤكد ايضا ان دم هذه الضحايا التي تصرخ الآن من قبورها المكتشفة ليس عالقا فقط بأيدي الاجهزة الامنية السورية وحدها، بل يطال فرقاء الحرب الاهلية اللبنانية واسرائيل ايضا. ومن هنا فان محكمة دولية للنظر في جرائم المقابر الجماعية لن تقتصر آثارها علي القيادة السورية انما ستطال فيما تطال العديد من الرؤوس اللبنانية والاسرائيلية.اذن المحكمة الدولية، هدف، قد يبدو عسيرا الوصول اليه، خاصة مع تنحي ميليس من رئاسة اللجنة الدولية للتحقيق باغتيال الشهيد رفيق الحريري، ومع اختلاط المسؤولية عن دماء ضحايا المقابر الجماعية بين سورية وفرقاء الحرب اللبنانية واسرائيل.ما العمل حينذاك، ومجلس الامن علي ابواب الانعقاد لدراسة التقرير الثاني لميليس؟مزيد من الدماء لا بد ان تراق، دماء توحي بأن جزاريها هم من الاجهزة الامنية السورية. وهذا ما تم يوم 12/12 وقبيل ساعات من انعقاد مجلس الامن الدولي لبحث تقرير ميليس استفاق لبنان علي جريمة بشعة جديدة استهدفت النائب جبران تويني، المدير العام بجريدة النهار اللبنانية.استشهاد جبران تويني جريمة جديدة، استهدفت رموزا عُرفت بمعارضتها للوجود السوري في لبنان، وعرفت بشراستها بالهجوم علي القيادة السورية وتحميلها مسؤولية كل ما لحق ويلحق بلبنان من خراب حتي الآن.ومع انتشار خبر جريمة الاغتيال الجديدة، سارت العديد من القوي اللبنانية الي الدعوة لتشكيل محكمة دولية لمحاكمة سورية علي هذه الجريمة الجديدة والضغط علي الحكومة اللبنانية لتبني الدعوة من مجلس الامن لتشكيل هذه المحكمة واتهام سورية بتدبير جريمة الاغتيال هذه. ان المسارعة لاتهام سورية بهذه الجريمة الجديدة منذ الدقائق الاولي لحدوثها يؤشر علي الهدف من هذه الاغتيالات المتعاقبة، الا وهو لف حبل المشنقة حول عنق القيادة السورية واجهزتها الامنية، واي عاقل مراقب للامور لا يعتقد فعلا ان القيادة السورية قد اصبحت بمثل هذا الغباء لترتكب اغتيالا جديدا عشية بحث مجلس الامن الدولي لتقرير ميليس، الا اذا كانت هذه القيادة واجهزتها الامنية تعمل من اجل الاطاحة بنفسها وإحكام الضغط عليها تمهيدا لاسقاطها.ان جريمة اغتيال النائب الصحافي جبران تويني مدانة كما هي مدانة جميع الجرائم التي ارتكبت وترتكب وسوف ترتكب علي الساحة اللبنانية ولكن هذه الادانة الواضحة يجب ان تترافق مع دعوة للتبصر في اهداف هذه الجرائم والي اين يراد الوصول عبرها.لقد كان واضحا للعديد من المراقبين ان عنق النظام في ســــورية بات مطلوبا امريكيا وغربيا، ليس منذ فترة وجيزة، وانما منذ سنوات طويلة، منذ حرب الخليج الاولي. وكان واضحا ان النظام السوري حينذاك كان يعلم ان رأسه مطلوبة، لكنه تعامل مع هذا الوضع كالنعامة التي تدفن رأسها في الرمل، حيث شارك في التحالف الغربي الذي حرر الكويت من الاحتلال العراقي ظانا انه بذلك يبعد حد السكين عن رقتبه الي الابد، لكنه دون ان يدري احكم حد السكين علي عنقه حينما سهل الاستفراد بالعراق اولا، وكخطوة لاحتلاله لاحقا، ومن ثم الوصول الي عقر دار سورية في النهاية.ان كل ما يجري علي الساحة اللبنانية الآن، لا هدف له الا الوصول الي عنق النظام السوري، واذا كان من البديهي ادانة جميع جرائم الاغتيال، والقتل والمقابر الجماعية والدعوة الي محاسبة مرتكبيها وجلاديها، فان هذا يعني بوضوح ضرورة وضع اليد علي من انجز هذه الجرائم وليس محاسبة الشعب السوري علي ذلك ومحاصرته وتدفيعه ثمن جرائم ارتكبتها اجهزة امنية او قيادة سياسية محددة. وهذا يعني ايضا ضرورة معرفة ابعاد ما يجري الآن في لبنان وبأي اتجاه تسير آلتهم، دون ان يفهم هذا دفاعا عن القيادة السورية واجهزتها الامنية التي ارتكبت من جرائم فـــــي بلادها وفي لبنان ما يمكن ان يكتب فيه العديد من المجلدات، بل ان نعي جيدا ان المطلوب امريكيا بعد العراق واحتلاله، احتلال ســـــورية ولبـــنان وتصفية حزب الله وبقايا المقاومة للسيطرة الامريكية ـ الاسرائيلية علي المنطقة، وضرب كل القوي المعارضة لها، دون معرفة هذا سيكون حالنا حال القيادة السورية التي لم تدرك منذ تحرير الكويت انها ستؤكل يوم اكل الثور الاحمر.8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية