دمار السلطة كان متوقعا إلا أن موفاز وديختر وشارون معهما رفضوا الاعتراف بالحقيقة

حجم الخط
0

دمار السلطة كان متوقعا إلا أن موفاز وديختر وشارون معهما رفضوا الاعتراف بالحقيقة

الامريكيون لم يسمعوا لتحذير أن عواقب فرض الديمقراطية علي أناس يعيشون تحت الاحتلال سينتهي بكارثةدمار السلطة كان متوقعا إلا أن موفاز وديختر وشارون معهما رفضوا الاعتراف بالحقيقة مراقب الدولة الجديد، القاضي ميخا لندن شتراوس، استطاع حتي الآن كشف النقاب عن أن الاعتبارات الأمنية لدي وزير الدفاع موفاز، ليست سابقة للسياسة دائما. عملية المحاسبة الخاصة حول حماية المستوطنات في منطقة غلاف غزة، تُظهر أن مراقب الدولة قد تطرق الي أن عملية النقاش التي جرت في حزيران (يونيو) 2004 حول خطة حماية وتحصين تلك المناطق قد شهدت تحذيرا من موفاز لكبار قادة الجيش من اطلاق التصريحات والقيام بخطوات في مجال التحصين، وبصورة عامة، التي من شأنها أن تثير الشعور بأن الوضع الأمني سيسوء بعد فك الارتباط . رسالة الوزير، حسب رأي المراقب، استوعبت جيدا في المراتب العسكرية. الخطة لم تُنفذ عمليا ، كتب المراقب بأحرف بيضاء مخصصة لذلك.التركيز الاستحواذي علي اخفاق الشباك الاستخباري الذي لم يتوقع انتصار حماس وتنبأ لها فقط بـ 35 ـ 40 في المئة، يحرف الأنظار عن الفضيحة الحقيقية. لدي رئيس الوزراء، ارييل شارون، ووزير الدفاع شاؤول موفاز، كان هناك أكثر من تقدير استخباري يحذر من أن الانسحاب من قطاع غزة من دون سياقه السياسي سيُضعف أبو مازن أكثر فأكثر ويعزز من قوة حماس. سلسلة الانتصارات التي حققتها حماس في الانتخابات البلدية أعطت تأكيدا لتلك التقديرات.رئيس الشاباك ، يوفال ديسكن، لم يخفِ مخاوفه عن اعضاء الكنيست ايضا. في جلسة لجنة الخارجية والأمن التي جرت في كانون الاول وصف تصاعد مكانة حماس عشية الانتخابات بكلمتي مصيبة كبيرة . في المداولات المغلقة قام ديسكن بتحليل تأثير سياسة اللاشريك علي توازن القوي السياسي في المناطق ووصف بتوسع مؤشرات انهيار المجتمع الفلسطيني. جيمس وولفنسون، المبعوث الخاص للرباعية الدولية، أصر منذ قدومه الي هنا علي الربط بين صعود حماس وبين الضائقة المتزايدة في المناطق. هو ايضا لم يحجب انطباعاته عن موفاز وغيره من كبار القادة الاسرائيليين. وولفنسون ناشد وتوسل تقريبا، من وزير الدفاع ومساعديه بأن يقوموا بإلقاء عظمة لأبو مازن علي صورة السيطرة علي المعابر بعد أن قاموا بمنح حماس الاسهام الأكبر في اخلاء القطاع.الوزيران شمعون بيريس وحاييم رامون، اللذان كانا مسؤولين حينئذ عن التنسيق المدني لفك الارتباط وأصبحا اليوم رفيقين لموفاز في الحزب، طلبا تدخل رئيس الوزراء. في نهاية المطاف لم يؤدِ إلا تدخل وزيرة الخارجية الامريكية كونداليزا رايس الي انتزاع موافقة موفاز علي فتح جزئي للمعابر. في تلك الايام كان موفاز مهتما بالانتخابات التمهيدية في الليكود، وقلقا من انتقادات بنيامين نتنياهو لفك الارتباط عن غزة وصواريخ القسام في سدروت. لم يكن لديه وقت لتفاهات مثل الانتخابات في المناطق، وأمور هامشية مثل احتفالات محمود الزهار، قائد حماس، فوق أنقاض نتساريم ودمار السلطة.ربما من الأجدر أن يقوم مراقب الدولة باعادة موظفيه الي ديوان وزير الدفاع. هم سيكتشفون هناك أن عملية اتخاذ القرارات بصدد فك الارتباط كانت مصابة كلها بجرثومة الاعتبارات السياسية وليس فقط في قضية تحصين مناطق غلاف غزة.لُغز ديختركان لموفاز شريكان اثنان في اعتقاده الفاشل بامكانية حسم الانتفاضة بقوة الذراع: رئيس هيئة الاركان السابق، موشيه يعلون، ورئيس الشاباك السابق، آفي ديختر. الفرق بين الاثنين هو أن يعلون عارض فك الارتباط، وحكم علي نفسه بفترة فاصلة قبل الدخول الي المعترك السياسي، هذا اذا دخله أصلا. ديختر سار وراء موفاز الذي اكتفي بعطسة خفيفة علي الطريق من قوات الأمن الي قوة كديما.اليكم امورا كان قد صرح بها في الرابع والعشرين من شباط (فبراير) 2004 أمام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست: نحن لا نتوقع تغيرات في غزة إبان فك الارتباط أو بعده. نحن لا نلاحظ حالة فوضي أو امكانية قيام حماس بالسيطرة علي القطاع . رئيس الشاباك أضاف بأن فتح ـ التنظيم هي التي ستحدد مستقبل السلطة الفلسطينية لأنها أكبر بعشرات المرات من حركة حماس. وعليه توقع ديختر أن تتجنب حماس الحرب الأهلية. ديختر هو الذي أقنع المستوي السياسي في اسرائيل بأن سياسة الاغتيالات هي الوسيلة المؤكدة لمكافحة حماس. هو دعا حتي خبراء من الولايات المتحدة لتعلم نهج التصفيات منه. وبدأ ايضا بإعدام كبار قادة الذراع العسكرية لحماس ووصل الي الأقل رتبة ومن ثم استمر في اتجاه القادة السياسيين المتطرفين. في نهاية المطاف شُفي من الانتقائية وقام بالقضاء علي كل من يجده أمام دائرة التصويب. التصفيات تُبِّلت بالحواجز والاغلاقات، والمسألة الأهم من كل ذلك، هي أن ديختر تمكن في نهاية المطاف من إبراز انخفاض في منحني العمليات في آخر ولايته. هو لم يُصغ للمختصين من الباحثين الذين حذروا من أن كل اغتيال لأحد اعضاء حماس انما يقضي علي فرصة فوز أي فتحاوي في اوساط الرأي العام.وربما من ناحية ديختر يعتبر كل فلسطيني أصلا ارهابيا. في الحادي والثلاثين من كانون الاول (ديسمبر) 2000، وبعد ثلاثة اشهر من اندلاع الانتفاضة، اقتبس زئيف شيف في هآرتس من اقوال ديختر الذي تحدث في جلسة المجلس الوزاري الخاصة التي عُقدت للبحث في الأزمة. هو كتب أن رئيس الشاباك حذر من أن الدولة الفلسطينية الناهضة ستكون دولة لجوء للارهاب وتنشأ فيها ظروف الدفيئة للاعمال الارهابية . اليوم ديختر نفسه يخوض المنافسة لانتخابات الكنيست عن حزب يؤيد برنامجه السياسي اقامة الدولة الفلسطينية الي جانب فلسطين. ماذا حدث خلال السنوات الخمس الأخيرة حتي يُغير ديختر من رأيه؟ وهل بعد أن وصل ورثة الاشخاص الذين اغتالهم الي سدة الحكم، لم تعد الدولة الفلسطينية دفيئة للاعمال الارهابية؟.في صُحبةٍ (ليست) جيدةالامريكيون ايضا لا يستطيعون القول إن أحدا لم يحذرهم من أن إصرارهم علي فرض الديمقراطية علي أناس يعيشون تحت الاحتلال سينتهي بكارثة. في يوم الجمعة، العشرين من كانون الثاني (يناير)، أي قبل الانتخابات في المناطق بخمسة ايام، قدّم وزير الداخلية الفلسطيني نصر يوسف لمسؤولين امريكيين كبيرين وهما إليوت أبرامز وديفيد وولش، وثيقة مفصلة حول الآثار المترتبة علي الانتخابات. في تلك الوثيقة جاء أنه لا يتوجب استبعاد امكانية انتصار حماس. نصر يوسف، المسؤول عن اجهزة الأمن الفلسطينية، حذر الامريكيين من أن الهزة الارضية لن تتوقف عند حدود قطاع غزة والضفة الغربية. هو كتب أن الهزة ستُلمس في كل أرجاء العالم العربي والاسلامي. حكومة حماس في المناطق، كما حذر نصر يوسف، ستمنح الشرعية للحركات الاسلامية من المغرب حتي اندونيسيا.الوثيقة استعرضت ايضا تأثير انتصار حماس المحتمل في انتخابات المناطق علي الانتخابات الوشيكة في اسرائيل. نصر يوسف الذي ضغط علي أبو مازن لتأجيل الانتخابات، كتب للامريكيين، اولئك الذين كانوا قد ضغطوا علي الرئيس الفلسطيني لاجراء الانتخابات في موعدها، حول خطر تحوّل حماس الي حزب قانوني وكيفية تحويل السلاح الذي بيدها من خلال ذلك الي سلاح قانوني. الامريكيون أصغوا له وقرأوا وصرحوا بعد ذلك أن الانتخابات ستجري كما هو مخطط لها. ما لم يعرفه نصر يوسف هو ان الانتخابات ستعيده الي مركز الأحداث. عشية الانتخابات وصلت الاختلافات في الرأي بينه وبين أبو مازن الي الذروة وبدا وكأن وزير الداخلية يستطيع أن يجمع حاجياته ليرحل. عملية التصويت الناجحة حولته الي بطل اليوم. الظاهرة الجانبية الهامة هي إضعاف خصمه الرئيس محمد دحلان، الذي فضل في هذه المرة ايضا الجلوس علي الجدار. مع الانتهاء من احصاء الاصوات، تبين أن الورقة الوحيدة التي بقيت في يد فتح هي السيطرة علي اجهزة الأمن. بعد أن أفاق أتباع أبو مازن قليلا من الصدمة، ها هم يعكفون علي بلورة صيغة تعزز من مكانة الرئيس. في السياق يقترحون أن لا يكون وزير الداخلية خاضعا لرئاسة الوزراء وانما الي الرئيس مباشرة. وربما حتي في مكانة نائب الرئيس. وحتي يزيد من مشاكل حماس المشبعة بالمقاعد البرلمانية، ها هو أبو مازن يسعي الي تسليمهم مهمة السيطرة علي الأمن الوقائي، أي أن حماس التي ترفض الاعتراف بدولة اليهود ستكون الطرف الذي يدافع عن اليهود من الشهداء . حكومة حماس ستضطر ايضا الي اتخاذ قرار اذا كانت تفضل قيام أتباع فتح (85 % من عناصر الشرطة صوتوا لفتح) بالمهمة عنها، أم أنها تفضل توزيع مناصبهم علي أتباعها والاظهار بأن كل الاحزاب هي نفس الشيء. وماذا ستفعل مع أكثر من مائة ألف شرطي عاطل عن العمل؟ هل ستصادر سلاحهم؟ هم لن يشعروا بالضجر أبدا.عكيفا الداركاتب ومحلل(هآرتس) 31/1/2006

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية