دلالات انشقاق خدام: فن الهرب من السفينة الغارقة؟
دلالات انشقاق خدام: فن الهرب من السفينة الغارقة؟يبدو ان السيد عبد الحليم خدام وكأنه أراد أن يفرغ حمولة سنوات ثقيلة علي وجوده في حزب البعث العربي الاشتراكي والحكومة السورية. وحاول أن يتفادي الاقتراب من الرئيس بشار الأسد، ولكنه رغم كل الديبلوماسية والكياسة التي اعتمدها في الحديث عن الأسد الابن، الا أنه لم يتمكن من تفادي التعرض لشخصه، وتحميله المسؤولية عن كل ما يجري من أخطاء في سورية وغيرها، لأنه حسب قول خدام أن الأسد كافأ الذين أخطأوا في الداخل والخارج ، فضلاً عن قوله أنه لا يمكن اتخاذ أي قرار دون مصادقة الدكتور بشار.ولمن لا يعرف السيد عبد الحليم خدام، يمكن القول، هو السياسي السوري المخضرم الذي تربع في مناصب حزبية وسياسية عدة، لعب من خلالها دوراً مؤثراً ليس فقط في الحياة السورية، وانما في الحياة العربية الرسمية عموماً واللبنانية خصوصاً، لاسيما وأنه استلم لفترة غير قصيرة مسؤولية الملف اللبناني، ويقال أنه مهندس اتفاق الطائف، الذي وضع حداً للحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت أربعة عشر عاماً.ولكن في السنوات الأخيرة من حياة الأسد الأب، تراجع دوره عندما أعفاه من منصب وزير الخارجية وسلم المهمة للسيد فاروق الشرع، المهندس الحالي للسياسة الخارجية السورية. ورغم أنه بقي محتفظاً بموقع نائب الرئيس وعضو القيادة القطرية، إلا أن الرئيس حافظ، سعي لتهميش دوره وأقصائه عن مراكز القرار، وسلمها لأبنائه، ومن بين أبرز الملفات، الملف اللبناني، الذي تسلمه نجله الأكبر باسل قبل وفاته، ثم الدكتور بشار قبل أن يتقلد منصب الرئاسة..والسيد أبو جمال لم يكن مطمئناً للنظام، فدفع أبناءه للحصول علي الجنسية السعودية باكراً، وأقام مركز أعماله وتجارته ما بين سورية والسعودية. وحسب مصادر موثوقة، فكر عبد الحليم خدام أكثر من مرة مغادرة سورية عندما احتدم الخلاف مع رفعت الأسد، الشقيق الأصغر للرئيس حافظ، وغيرها من المحطات، التي شعر فيها أن وجوده علي كف عفريت.بالتأكيد فإن مغادرته دمشق في هذا الظرف الصعب والمعقد، الذي يحيط بالنظام السوري له دلالات عدة، أبرزها:أولاً: أراد أن يحمي رأسه من المذبحة القادمة للنظام، اعتقاداً منه أن المخاض المحلي والاقليمي والدولي نضج لتغيير النظام السوري القائم.ثانياً: أراد أن يبرأ نفسه من خطايا وأخطاء النظام السوري الداخلية والاقليمية وخاصة ما جري في لبنان، وبالتحديد اغتيال الشهيد الحريري وسلسلة الاغتيالات اللاحقة.ثالثاً: رغم عدم تأكيده أو نفيه لاشتراك النظام السوري في جريمة اغتيال الحريري، الا أن ما أثاره من تفاصيل عن خطايا رئيس جهاز الأمن رستم غزالي وغيره من المسؤولين السوريين وخاصة فاروق الشرع حمل في طياته اتهاماً غير معلن للنظام. وستكون شهادته لاحقاً أمام لجنة التحقيق الدولية، هي شهادة الملك التي ستقصم ظهر النظام السوري.رابعاً: السعي لتسويق نفسه أمام المعارضة السورية أولاً والقوي الاقليميه والدولية ثانياً بأنه الرئيس المناسب لقيادة الحكم في سورية بعد التغيير المرتقب لنظام الأسد الابن. لا سيما وأنه أكد أثناء اللقاء بأنه سيبقي يعمل في السياسية. عمر حلمي الغولرسالة علي البريد الالكتروني6