دعوة لابقاء شموع المثقفين الفلسطينيين متقدة
دعوة لابقاء شموع المثقفين الفلسطينيين متقدة نعم لقد جاءت الانتخابات لتكلل مرحلة صاخبة من حراك المجتمع الفلسطيني، وبالتحديد مرحلة الانتفاضة، وجاءت نتائج مؤلمة تمثلت في تهميش كل ما هو ثقافي، وهنا يوجد لبس حول تعريف الثقافي، وندرك وجود نظرات أحادية الجانب حول المفهوم.الأيديولوجيات قد نحتت مفاهيمها عن الثقافة والمثقف، واحتكرت كل منها مفهوماً خاصاً بها بالشكل الذي لا يعترف بأي مفهوم آخر، بل انه يلغيه ويقصيه.فالمثقف العضوي (غرامشي) هو المثقف الأمثل والأوحد بالنسبة لأتباع غرامشي، والمثقف المستنير (زكي الآرسوزي) هو المثقف الأمثل والأوحد للتيار القومي، والمثقف الفقيه (الأفغاني ومحمد عبده) هو المثقف الأمثل والأوحد لتيار الاسلام السياسي.. واذا كان معظم مثقفي الثورة الفلسطينية قد انحازوا في أغلبيتهم الي دائرة المثقف العضوي والمستنير العضوي أيضاً (أمثال: بسيسو وكنفاني وعبد الوهاب الكيالي وغيرهم)، فان تيار الاسلام السياسي في فلسطين لم يفرز بعد رموزاً ثقافية كبيرة خارج نطاق (الشيخ) و(الامام) في مدارس ابن تيمية والغزالي. ان هزيمة مثقفي الثورة الفلسطينية وامتداداتها في الانتفاضتين الأولي والثانية قد تم استنتاجها واستقراؤها قبل الانتخابات عندما لم تبلور قيادة الانتفاضة شخصية أو شخصيات ثقافية فاعلة ومؤثرة في صياغة الخطاب السياسي والنضالي لفعاليات الانتفاضة ووقائعها اليومية، حيث سادت ثقافة الاستسهال ورفع وجر ونصب الاسماء والافعال كيفما شاء!! ورغم النشاطات العديدة للعديد من المؤسسات والمراكز والشخصيات الثقافية والأدبية الا أنها لم تكن بمستوي تأطير تيار ثقافي له حضوره الفاعل علي جميع المستويات الشعبية والرسمية.هذه الهزيمة النكراء هي دعوة صريحة وقاسية للمثقف الفلسطيني الحقيقي، ونقصد بالحقيقي ذاك المثقف الذي يخضع كل الظواهر الي العقل الناقد بكامل الحرية.نقول هذا وقد كثرت الأصوات التي تدعو الي اعادة صياغة المجتمع الفلسطيني وفق الثقافة الاسلامية، وكأن المجتمع الفلسطيني ليس مسلماً، وبرأينا الثقافة التي يدعون لها هي ثقافة حزب سياسي بعينه.أخيراً نقول لقد قام السودان الذي يحكمه حزب اسلامي بتوقيع اتفاقيات مع جنوب السودان الوثني وتقاسم السلطة معه، فكيف بفلسطين صاحبة التجربة الأولي في التعددية الفكرية والسياسية. انها دعوة للمثقفين الفلسطينيين الحقيقيين لبلورة تيار الثقافة الحرة التي لا سلطان عليها الا سلطان العقل المفكر والعقل الناقد.أحمد يعقوبفلسطين6