دعوة حماس الي موسكو
دعوة حماس الي موسكوجاء تصريح الرئيس فلاديمير بوتين حول عزمه توجيه دعوة الي قيادة حركة المقاومة الاسلامية حماس لزيارة موسكو بمثابة نقطة تحول رئيسية في موقف روسيا تجاه الصراع العربي ـ الاسرائيلي.الدعوة تكتسب اهميتها من كون روسيا عضوا اساسيا في اللجنة الرباعية التي اطلقت خريطة الطريق اساس التسوية في المنطقة، الي جانب كونها عضوا دائما في مجلس الامن الدولي ولاعبا رئيسيا في العلاقات الدولية.الحكومة الاسرائيلية بادرت الي وضع العراقيل امام هذه الخطوة من خلال التعبير عن استيائها والتركيز علي دور حماس في تصعيد المقاومة في الارض المحتلة من خلال اتهامها بالارهاب.متحدث باسم الخارجية الاسرائيلية قال ان اللجنة الرباعية اشترطت علي حركة حماس نبذ العنف والاعتراف باسرائيل كشرط لمواصلة المساعدات المالية لاي حكومة تشكلها. وقررت وقف اي اتصال سياسي مع الحركة طالما لم تستجب لهذه الشروط.الادارة الامريكية سارعت بتبني هذا الاستياء الاسرائيلي وطلبت وزارة خارجيتها من موسكو تفسيرا لدعوتها المتوقعة لحركة حماس . وهو موقف يتناقض مع الاعراف الدولية، ويعكس اسلوب تعامل متعجرفا مع قوة عظمي لها ثقلها في السياسة الدولية.الرئيس بوتين كان بعيد النظر عندما اعلن امس في مدريد عن عزمه توجيه الدعوة لحماس لزيارة بلاده من اجل مناقشة مستقبل عملية السلام. وحذر الدول الاوروبية من تعليق المساعدات المالية للفلسطينيين عقابا لهم علي خيارهم الديمقراطي الذي اوصل الحركة الي قمة السلطة.فحركة حماس باتت الآن الاكثر تمثيلا لابناء الشعب الفلسطيني في الاراضي المحتلة، ولا يمكن تجاوزها في اي مشاورات حول التسوية باعتبارها قوة شرعية ستتولي تشكيل الحكومة الفلسطينية الجديدة. ومن الطبيعي ان تبدأ الحكومة الروسية الاتصالات معها، فلا اسرائيل ولا الولايات المتحدة الامريكية تملكان الحق في ان تفرضا علي روسيا من تدعو لزيارتها ومن لا تدعو.الادارة الامريكية استقبلت العديد من قادة الحركات الارهابية، بل ومولت هذه الحركات، وتسترت علي الجرائم التي ارتكبتها ضد الابرياء والآمنين، فقد مولت منظمة الكونترا في امريكا اللاتينية ووقفت خلف انقلابات عسكرية للاطاحة بالرئيس الفنزويلي تشافيز، وسلحت ومولت جماعات عراقية اقدمت علي اعمال الارهاب ضد النظام العراقي، وهي تمول وتسلح الدولة العبرية وتدعم جرائمها في حق الفلسطينيين.الرئيس بوتين لم يخالف الحقيقة عندما قال ان حماس وصلت الي السلطة بعد انتخابات ديمقراطية ولا بد من احترام خيار الشعب الفلسطيني. وكان في هذا الموقف اكثر صدقا ومسؤولية من الادارة الامريكية التي تدعي دعم الاصلاحات الديمقراطية في المنطقة، وتفعل عكس ذلك تماما اذا جاءت نتائج الانتخابات علي غير ما تشتهي.دعوة حماس الي موسكو ستؤدي الي دعم الخط البراغماتي الذي بدأت تنتهجه الحركة في الاشهر العشرة الماضية، وتمثل في احترام الهدنة، والكف عن العمليات الفدائية، واعطاء العملية السياسية فرصة حقيقية. ولكن واشنطن لا تري الامور في المنطقة العربية والعالم الاسلامي الا من المنظور الاسرائيلي ولهذا تواجه الهزائم في العراق وافغانستان، وتغرق في حروب استنزاف مالية وبشرية ليس لها نهاية.9