دراسة: 60% من الزيجات تنتهي بانفصال قبل اتمام عامها الخامس

حجم الخط
0

دراسة: 60% من الزيجات تنتهي بانفصال قبل اتمام عامها الخامس

المرأة الموريتانية تتلقي خبر طلاقها بالزغاريد والرقص وهي الاوفر حظا في الزواج ثانية وثالثةدراسة: 60% من الزيجات تنتهي بانفصال قبل اتمام عامها الخامسنواكشوط ـ القدس العربي من عبد الله السيد: بينما تستقبل المرأة العربية عموما خبر الطلاق بالغثيان والحمي وانخفاض الضغط وتستقبله المرأة الزنجية الافريقية بالنحيب والبكاء وشق الجيوب تسلك المطلقة الموريتانية نهجا آخر اذ تستقبل خبر الطلاق بالزغاريد والطبول والرقص.ويشكل هذا الموقف اعلاما بأن المرأة التي كانت مشغولة بزوج آخر أصبحت مستعدة لخاطب جديد. ويتباري الشعراء في نظم القصائد التي تشيد بالمطلقة وتعدد محاسنها وتتفنن في وصف قدها واعتدالها ضمن غرض أدبي موريتاني يعرف بشعر الاشارة أي الاشارة من الرجل للمطلقة بانه مهتم.ولا يشكل الطلاق في موريتانيا نهاية أمل المرأة في بناء حياة زوجية اخري حيث تستقبل المرأة لحظة الاعلان عن طلاقها بالزغاريد وتقام لها حفلة غنائية تدعي ـ لحريش ـ ترقص فيها المطلقة علي الطبل وتشدو صديقاتها اغنية ماه شين اشباب اتخلات ، أي شيء عادي طلاق البنات. ويفضل معظم الرجال في موريتانيا الزواج من المطلقات لان المرأة المطلقة، في نظرهم، اكثر نضجا وتمتلك تجربة تجعلها حريصة علي استقرار زيجتها الثانية، وهذا ماجعل تفشي الطلاق داخل المجتمع الموريتاني ظاهرة طبيعية. وتظهر دراسة جديدة للمكتب الموريتاني للاحصاء ان نسبة ستين في المئة من الزيجات الاوائل كثيرا ما تنتهي بطلاق قبل اكمال السنة الخامسة.وكشفت الدراسة ان الطلاق لا يحد من فرص زواج المطلقة من جديد فقد تمكنت نسبة أربعة وسبعين في المئة من النساء اللاتي انتهت حياتهن الزوجية الاولي من الزواج اكثر من مرة.حول هذا الموضوع يقول الباحث الاجتماعي الدكتور محمد محمود ولد سيدي يحيي قد تندهش اذا قلت لك ان الطلاق قد يكون أمرا مألوفا وعادة ما لا يثير الكثير من الاستهجان في بعض المجتمعات. الا أن حدة هذا الاستغراب ستزيد عندك اذا أكدت لك أن مجتمعنا الموريتاني يقف في طليعة المجتمعات التي لا تري في أبغض الحلال عند الله مشكلة كبيرةواذا كان التعود علي الأشياء يحجب عنا حقيقتها أحيانا ، فان الأرقام التقريبية التي تقدمها الجهات المعنية تؤكد أن سبعا وثلاثين في المئة من الزيجات الموريتانية تنتهي بالطلاق. وهي نسبة عالية في الاخفاق العائلي لم تستطع أن تصل اليها أي من الدول العربية ولا حتي الأوروبية علي السواء غير أن الدهشة الحقيقة ستنتابك اذا قلت لك ان مجتمعنا الموريتاني تعود علي الطلاق منذ عهود قديمة وأن السلف الصالح الموريتاني ممثلا في امام المرابطين عبد الله بن ياسين كان يعتبر الطلاق سلوكا عاديا لأنه هو نفسه ـ كما يقول المؤرخون ـ كاد يضرب رقما قياسيا في ايقاع الطلاق بمعدل يصبح شهريا في بعض الأحيان.ومن هنا فان الحادثة التاريخية المشهورة التي تخلي فيها أمير المرابطين أبو بكر بن عمر عن زوجته لابن عمه الصاعد يوسف بن تاشفين لم تكن أمرا غريبا وانما كانت حدثا عاديا في مجتمع صنهاجة آنذاك! لاشك في أن السؤال الأول الذي يقفز الي الذهن هو أين اسلام المرابطين وتدينهم العميق من ذلك؟ان الذي يفوت الكثيرين وهم يحللون قضايا الطلاق ومشاكل التفكك الأسري، هو أن يضعوا هذه الظواهر في سياقها الثقافي التاريخي.وتعتبر التعميمات السريعة التي يطلقها بعض المشتغلين بالعلوم الاجتماعية ويصنفون فيها العائلة الموريتانية علي أنها عائلة أبوية علي غرار العائلة العربية، مما يساهم في استمرار التشويش وسوء الفهم.واذا كنا لا نستطيع أن نصنف العائلة الموريتانية اليوم علي أنها أبوية أو أمومية فانه من الأنسب منهجيا أن نصنفها في نمط آخر هو نمط العائلة المركزية الأم ، وهو نمط عائلي تم رصده في بعض المجتمعات الافريقية والآسيوية ويتميز بهشاشة الرابطة الزوجية داخله. ولعل أقرب دليل يشهد علي صحة هذا التنميط تلك الاحصائيات التقريبية التي تشير الي وجود ست وثلاثين في المئة من العائلات الموريتانية ترأسها امرأة.السيدة زينب منت احمد امرأة تزوجت اكثر من ثلاث مرات وتنوي الزواج بعد شهرين من احد ابناء عمومتها، تحدثت لـ القدس العربي عن زيجاتها الماضية واسباب فشلها فتقول: ربما يعتقد البعض انني اتحمل مسؤولية عدم استقرار حياتي الزوجية بدليل تعدد زواجاتي، لكن من يدرك طبيعة مجتمعنا قد لا يثير الامر استغرابه، لان هناك عشرات النساء اللاتي تزوجن اكثر من مرة، ومن بينهن من وصلت الي معدل قياسي في الطلاق والزواج تستحق من خلاله ان يوضع اسمها في موسوعة غينيس . وتضيف بالنسبة لي، معظم زيجاتي فشلت بسبب زواجي وانا صغيرة، وهو زواج تم بضغط من الاهل ولم اكن راضية عنه، لكنني افكر الآن في الاستقرار مع زوجي القادم والعيش معه بقية العمر ان أمكننا ذلك .اما الهاشمي ولد احمد ـ تاجر ـ فيري أن الطلاق في حد ذاته ليس عيبا او مضرا ولكن التغيرات التي طرأت علي المجتمع الموريتاني سواء الاقتصادية او الاجتماعية هي التي جعلت منه أمرا مأساويا في بعض الاحيان خصوصا من حيث اهمال الاب وعجز الام. ويري محمد ولد لناصري (استاذ) ان المشكلة تكمن في ما يترتب عن الطلاق من تبعات جسام مثل تشريد الاطفال ويتمهم من أبيهم رغم أنه حي يرزق ولكنه بالنسبة لأطفاله في حكم الميت . ويمضي قائلا ان الرجال المطلقين، الا من رحم ربك، ينسون اولادهم بمجرد الارتباط بزوجة جديدة ، كما أن نخوة أهل المطلقة تمنعهم من مطالبة الرجل بالنفقة علي ابنائه، وهذا برأيي من العوامل التي شجعت علي تفشي هذه الظاهرة.ويقول محمد الاديب ولد شغالي ان ظاهرة الطلاق في موريتانبا امر طبيعي جدا . وهو يرجع ذلك الي الطريقة التي يتم بهابعض حالات الزواج في مجتمعنا وهي حالات كثيرا ما تكون عملية حسابية بين شركاء او عربون صداقة بين العائلات او حـــلفا بين القبائل او تبادلا بين اسرتين او طمعا في الاغنياء فتجد الفــــتاة نفسها مع رجل لا تعرفه ولا تفهمه ولا تحترمه وحتـــما يبادلها هـو نفس الشعور فتكون النتيجة هي الطلاق.وتري الصحافية ينصرها منت محمد محمود أن الدراسات الاجتماعية أكدت كلها أن مسألة الطلاق مسألة معقدة، تتشابك فيها عناصر كثيرة بعضها نفسي وفلسفي، وبعضها الاخر اقتصادي واجتماعي، وقد يكون سياسيا في بعض الاحيان، ومن هنا فان اتخاذ قرار الطلاق امر في غاية الصعوبة ويخضع في نهاية المطاف لمعايير قانونية واجتماعية تضع في الحسبان صورة ما بعد الطلاق خاصة اذا كان هناك اطفال حيث يجب التفكير في مسؤولية التربية والنفقة والحضانة وما سيتعرض له هؤلاء الابناء من ضياع وتشريد.وفي مجتمعنا تختلف الصورة حيث يتم اتخاذ قرار الانفصال غالبا بنوع من الارتجالية والعفوية التي تطبع الحياة العائلية عندنا، وهو ما يفسر النسبة المرتفعة للطلاق التي وصلت حسب آخر احصائية الي سبع وثلاثين وفي المئة في الوسط القروي واربعين في المئة في المدن، أي ان اكثر من ثلث حالات الزواج داخل مجتمعنا تؤول دائما الي الانفصال دون تقديم مبررات مقنعة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية