خالد تاجا بين السماء والارض: فنان هاوٍ يسرق الاضواء حتي في ادواره الصغيرة
خالد تاجا بين السماء والارض: فنان هاوٍ يسرق الاضواء حتي في ادواره الصغيرةدمشق ـ القدس العربي ـ من انور بدر: هناك فنانون سقطوا في فخ الكاركتر الثابت، وهناك فنانون اسقطهم الزمن ومحدودية الفرص التي تتناقص مع التقدم في السن، إلا ان هناك استثناءات تؤشر علي نجومية لا تنطفيء، وربما في هذه الزاوية يمكن البحث عن سر الموهبة او العبقرية. ولعل النجم المخضرم خالد تاجا يجسد هذه الحالة، هو الذي بدا هاوياً للتمثيل في المدرسة، واستمر هاوياً علي خشبة المسرح، وفي السينما وحتي الدراما التلفزيونية، قائلاً اخشي الاحتراف، لان التمثيل لعب، واجمل الالعاب هي العاب الاطفال، فالتمثيل يضيع ما بين الكبرياء والخجل .كانت بداياته مع المسرح الحر الذي اسسه المرحوم عبد اللطيف فتحي، كاول اكاديمية صقلت مواهب فناني سورية فوق الخشبة منذ عام 1955، لكنّ طموح تاجا وقلقه الإبداعي دفعا به إلي تاسيس فرقة نادي الزهراء الفني الخاصة به، ثم جمعية الشرق العربي التي تشكلت من بعض المحترفين، إلا انّ هذه التجارب لم تلق النجاح المطلوب، كما لم تلب رحلته إلي مصر طموحاته، فعاد إلي سورية، وانضم إلي المسرح الشعبي، قبل ان يتعاقد في عام 1960 مع المسرح العسكري، وقد بلغ رصيده فوق خشبة المسرح اكثر من عشرين مسرحية عربية وعالمية، وهو ما يزال يطمح بتقديم بعض شخصيات شكسبير كهاملت او الملك لير.غير انّ فرصته الثمينة كانت مع اختيار المخرج اليوغسلافي يوشكونو فوفيتش، إذ رشحه لبطولة اول فيلم سوري من إنتاج المؤسسة العامة للسينما سائق الشاحنة الذي حاز عدة جوائز عربية وعالمية، وتعددت فيما بعد مشاركاته السينمائية التي بلغت 17 فيلماً للقطاع العام و 23 فيلما للقطاع الخاص، وهو رقم فارق في السينما السورية بالقياس إلي قلة الإنتاج فيها.يقول خالد تاجا انه كان يحلم بان يُصبح شاعراً او رساماً، لكنّ التمثيل سرقه من احلامه، ليكتشف نفسه مسروقاً للمرة الثانية من قبل التلفزيون الذي اعتمد علي ممثلي المسرح في سورية ليصنع بداياته الدرامية التي استهلكت الكثيرين ممن اصبحوا نجوماً ثم انطفاوا داخل الكركترات الثابتة التي اختاروها لانفسهم، او لعامل السن كما اشرنا، خاصة وانّ عدداً من خريجي المعهد العالي للفنون المسرحية بدأوا يفرضون انفسهم بالتوازي مع النهضة التي تعيشها الدراما السورية، لكنّ خالد تاجا ما زال عملاقاً يطل علينا في كل الدورات الرمضانية وباكثر من عمل، هو الهاوي الذي يسرق الاضواء حتي في ادواره الصغيرة، مؤكداً انّ النجومية لا تكون بحجم الدور فقط.دخل خالد تاجا إلي التلفزيون في اول عمل درامي له خريف الايام عن نص لاحمد قبلاوي، وانتهي مؤخراً من تصوير مسلسل بين السماء والارض عن نص لحكم البابا، يُعتبر كاضخم اختراق في الكوميديا السياسية، وهــو من إخراج مامون البني، ويتوقع منتجـوه ان يكون قنبلة الموسم القادم.وخالد تاجا في هذه المسيرة لم يقع اسير اي نمطية، بل تعددت ادواره ما بين المسلسلات التاريخية، وآخرها ملوك الطوائف ، كما نذكر من ادواره الجميلة ضمن الدراما الاجتماعية شخصية الرجل المستبد والاناني في مسلسل رجال تحت الطربوش ، الذي يطلب من زوجته ان تترك العمل لكي تلتزم في خدمته ضمن المنزل وخدمة اولاده، ثم لا يلبث ان يتزوج بفتاة صغيرة في عمر ابنته، ليمعن في اضطهادها هي ايضاً. ولا يقل دوره في نهاية رجل شجاع جمالية عن ادواره الكوميدية، ومازلنا نذكر في إحدي حلقات مسلسل الفصول الاربعة اجمل ادواره الكوميدية التي رسمت بدقة شخصية مريض الزهايمر الذي يفقد ذاكرته القريبة لصالح تثبيت الذاكرة البعيدة والتي ترجع لايام الطفولة. ادوار عديدة سوف تبقي في ذاكرة المتتبع للدراما السورية، تؤشر علي نجومية وحضور خالد تاجا الذي نجح في الدخول إلي عمق شخصياته التي تقمصها حتي بدت لنا عفوية وصادقة، وهو من القلائل الذين احببناهم في ادوار الشر او الخبث، كما احببناه في ادوار الضعف كنموذج للإنسان المظلوم والمقهور في هذا الواقع. لقبه البعض بانطوني كوين العرب، و بغيره من الالقاب، لكن مـــــن الاكيد انه لا يقل قامة عن تلك الاسماء التي يُشبه بها، وسوف يبــــقي خالد تاجا بكل ادواره، وبين كل نجوم الدراما السورية النجم المخضرم الذي فرض نفسه بحب وإخلاص وموهبة علي مُشاهديه.2