حين يتحول العراق الي مغترب في عقر داره وتتحول قواه الفاعلة الي طوائف متناحرة

حجم الخط
0

حين يتحول العراق الي مغترب في عقر داره وتتحول قواه الفاعلة الي طوائف متناحرة

عادل الحامديحين يتحول العراق الي مغترب في عقر داره وتتحول قواه الفاعلة الي طوائف متناحرةيجمع أحدكم في بطن أمه فيكون نطفة ثم يكون علقة ثم يكون مضغة وهكذا، فلولا نفر من كل فرقة طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يتقون …. الانسان كائن اجتماعي بامتياز ففي الأرحام ولا أقصد الله الله في أرحامكم أهل العراق يا أهل المروءة والمجد يا أهل العراق وانما أقصد أصل الخليقة أي الانسان هذا الكائن الاجتماعي حتي في عالم البيولوجيا باستثناء آدم وابنه عيسي حيث شاء المبدع ان يكونا بعيدين عن عالم الأحياء.ما وراء ذلك تشهد حرفية النبوة وحدية الميتامورفوزيا في عالم الأحياء علي اننا كائنات طائفية بلا منازع: انا جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان أكرمكم عند الله أتقاكم.. ولا ينفع بعد محكم التنزيل شهيد فالطائفية طائفيات منها المحمود ومنها ما هو غير ذلك حتي قال فيها امام الانبياء عليهم السلام: دعوها فهي منتنة .كانت الطائفية في لبنان عامل ثراء فكري وثقافي وسياسي حتي ان لبنان ما قبل الاستقلال وما بعد الاستقلال كان مطمورة روما الثقافية علي مستوي الجناح الشرقي للطائر الحضاري العربي الاسلامي الكبير. وأذكر ان مرحلة جمال عبد الناصر التي بلغ فيها مستوي الكتاب العربي أوجه علي مستوي الكتابة والنشر كان نتيجة العقل العربي في مصر وفي بقية الاقطار العربية ليتحول الي الماكينة الثقافية والسياسية في لبنان، واذ أذكر بهذا انما للتأكيد علي ان التنوع الديني والثقافي مثل دائما عامل ثراء عبر الاجتماع البشري، ففي الغرب تحرص ما يسمي بالدول الاستعمارية القديمة والحديثة علي تنويع ثقافات مجتمعاتها وتنويع اثنيا التركيبة الاجتماعية لهذه البلدان لانها تدرك جيدا انه لا سبيل الي قيام قوة اقتصادية وسياسية مؤثرة علي المستوي الاقليمي والدولي بغير تنويع هذه الدماء وتجديدها علي الدوام. ومن ثم يتسني لي القول ان العراق وثقافة العراق وسياس العراق ووزن العراق كان عبر التاريخ مؤثرا وحاضرا لسبب رئيس هو هذا التنوع الذي يريد البعض ان يصوره علي انه عامل من عوامل التردي والانقسام.لقد عمدت عن سوء نية لعنونة مقالي بهذا المصطلح الاستفزازي حتي يتمكن لي النفاذ الي وضع الابهام علي الأورام المؤلمة للوطن العربي، فما نطلق عليه اليوم طائفية مثل أيضا عامل بناء بل كان سببا في اشادة أكبر الحضارات الانسانية التي عرفها الانسان في مرحلة جد وجيزة وأعني بها الامبراطورية الغاربة أي مرحلة صد الاسلام. فقد استطاع الشرق الأوسط الكبير باسلامه ان يهضم حضارات وشعوبا أسلمت قيادها لهذا الدين وكانت سببا من أسباب التقدم البشري وسببا من أسباب ارساء حضارة فريدة من نوعها أبدع فيها المسلم واليهودي والمسيحي علي مستوي الفعل في ظل الدولة الاسلامية، علما بان القرآن نفسه لم يستنكف هذه التركيبة ولم يعدها طائفية، فأكبر العلماء والفقهاء والسياسيين هم من طائفة غير عربية. لقد كان الشرق الأوسط طائفيا بامتياز منذ نشأته السياسية الحديثة ولكن هذه الطائفية هي السر في وصول الحضارة الاسلامية الي ما وصلت اليه بفعل التسامح والتعايش والسلام المجتمعي الذي أرساه الاسلام.لقد فشل التحالف حتي الآن في انجاز وعوده الديمقراطية وتحقيق الرفاه والأمن والسلام للشعب العراقي علي خلاف تلك الشعارات التي رفعها والتي كانت سببا في اطماع شعوب الشرق الأوسط بان الخير العميم قادم لا محالة، ونحن علي أبواب السنة الرابعة احتلال لا نري علي أرض الواقع ولا ينبئك صادق مثل الواقع الا ما يبعث علي الألم والخوف من المستقبل والشك فيه، ومن ثم أصبحت هذه الشعوب تنظر الي الديمقراطية القادمة انها ليست علي وعد حتمي معها، فهل ان التحالف فشل لان العراق طائفي بامتياز أم ان هناك أسبابا أخري ومن أهمها ان التحالف هو من فج التناقضات السياسية والاجتماعية بين الشعوب العراقية التي أسميناها بالطوائف؟أليس لنا الحق في ان نشكك في ان نوايا التحالف لم تكن سليمة حيث دفعتها الظروف والمصالح الي تغليب مصلحة طرف علي طرف آخر واعطاء المصطلحات والتسميات الضرورية لكل فرقة فهؤلاء شيعة وهؤلاء أكراد وهؤلاء سنة والأبأس في الصورة هو ان الطائفة التي تمردت علي شهوة السلطة تم اقصاؤها بكل الوسائل الديمقراطية، وكانه مكتوب علي سنة العراق وسنة الشرق الأوسط ان يدفعوا ثمن أخطاء صدام حسين وحكوماته!واذا اتفقنا علي ان صدام حسين كان دكتاتوريا فانه من العسير التصديق علي ان سنة العراق لا تستحق الحياة الكريمة وفق عراق جديد يمكن ان يبني علي المواطنة وليس علي أساس طائفي مذهبي يستجيش ملايين من سكان الوطن العربي من سنة وشيعة تبدا من المغرب وتنتهي في أقاصي آسيا كل ذلك من أجل ديمقراطية تريد ان تفرق بدل أن تجمع.والسؤال الملح في هذه الحال: هل يمكن بمساعدة التحالف والنظام العربي وأقصد به الحكومات العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، هل ما زال الأمل قائما في إقناع الطوائف الثلاث بان خيار الحرب الأهلية خيار ليس مطروحا علي الطاولة أصلا ليس لان مصلحة العراق ومصلحة العرب لا تتساوق مع هذه الحرب ولكن لان الشرق الأوسط برمته يمكن ان يتحول الي كرة نارية مشتعلة تحرق المنطقة وتحرق الاقتصاد العالمي، ولذلك نحذر كل الأطراف ولو بالفكرة من اذكاء نار الطائفية لانها لا تحرق الشعب العراقي ولن يكون هذا الشعب هو الخاسر الوحيد بل ان الخاسر يتعداهم الي المنطقة ومن ثم الي الاقتصاد العالمي الذي ما زال يعيش بنسبة 80% علي مصدر الطاقة الوحيد والذي تتلاعب به الطوائف في المنطقة علي مرأي ومسمع من التحالف ومن الدول الكبري والصغري.ان وضع العراق بين أيدي معارضيه الذين عاشوا خارج أسوار الوطن بعضهم لعقود، وضع مثير للسخرية والألم ولمشاعر العراقيين، اذ كيف لهؤلاء ان يستلموا كل مسؤوليات الدولة ويستخدموا بعضها لتصفية حسابات لا جمل ولا ناقة فيها للشعب العراقي في حين يبقي المقيم بالداخل العراقي مشاركا متفرجا بتعريض جسده لنارين: نار التحالف ونار السيارات المفخخة.لا يكتب محسن ليخرف ولا يتكلم العاقل للتلهي وانما أهمس لأهل العراق الكبير لعله يتحسس السمع وعلي طوائف الخير التي أفرزتها صناديق العدل والانصاف في عراق البطولات والسخاء والعطاء ان يكون أكبر من صربيا ومن البوسنة، أكبر من الصومال والشيشان أكبر من كشمير ومن الأفغان لان العراق أكبر من هؤلاء جميعا وان اجتمعوا، أوليس العراق علي مرمي صاروخ متوسط المدي من بيت الله الحرام ولا برزخ بين أرضه والأرض التي عانقتها السماء قائلة: ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم وعم سيتنازع العراقيون بعد ان اقتسموا الرزق والسلطة بعدل الحساب خسر من خسر وربح من ربح.. ولأولي الألباب عبرة في أيرلندا.كنت منشغلا بالاعداد لهذا الملف للحوار التلفزيوني والكتابي، توقفت فجأة عن العمل لأسمع ان الحكومة البريطانية في قرار غير مفاجئ أعلنت عزمها رصد مائة مليون دولار ونذر العشرات من كبار الباحثين ورجال الأمن والمخابرات للتحقيق في مقتل ألفي شخص من مجموع 3600 قتيل من الطائفتين علي مدار ثلاثين عاما من المواجهات الدامية، ولا غرابة في ذلك اذا عرفنا ان الطوائف هنا لها القدرة والجرأة علي المواجهة وتحمل المسؤولية وجبر الأضرار ان لزم الأمر لينجح العراق الديمقراطي الموحد بكل طوائفه ولتفرز حكومته الائتلافية الوطنية المرتقبة قرارات مثل هذه حتي لا يبقي لحمل السلاح مبرر ولا للمذاهب الطائفية الناسفة لكل خير مكان. يومها يفرح العراقيون بديمقراطيتهم الوليدة وعسي الله ان يجعل بينهم وبين التحالف مودة وبينهم وبين الجيران مصالحة وتعايشا، ساعتها فقط نردد: لا تقل أبدا أبدا never say never . ولروح الزميلة الشهيدة أطوار بهجت ورفاقها الذين قضوا علي أعتاب سامراء الدعاء بجنات الخلد بعد ان فقدوا أمن الحياة في عراقنا الجريح.ہ كاتب واعلامي من تونس يقيم في بريطانيا8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية