حوار المعارضة السورية وتناقضات النظام

حجم الخط
0

حوار المعارضة السورية وتناقضات النظام

غسان المفلححوار المعارضة السورية وتناقضات النظام بعد الزوبعة التي أثارتها تصريحات السيد خدام لقناة العربية والصحف الأخري، دعت السلطة مواربة لحوار مع المعارضة السورية ـ الوطنية منها بالطبع: أي التي لا تستقوي بالخارج مع جماعة الاخوان المسلمين طبعا ووفق المرسوم 49 السيئ الصيت والقاضي بإعدام أي منتسب لهذه الجماعة ـ ووعدت بالإفراج عن معتقلي ربيع دمشق، عبر وفد المحامين العرب الذي قابل السيد رئيس الجمهورية قبل أيام في دمشق .وتم تبليغ الأمر للسيد حسن عبد العظيم بوصفه رئيسا للتجمع الوطني الديمقراطي والقوة الرئيسية الموقعة علي إعلان دمشق. وهذا إن دل فهو يدل علي سبب مباشر وهو تصريحات السيد خدام !! بالــــرغم من أن السلطة كلما تتعرض لهزة ما تحاول تسويق مقولة فتح الحوار مع المعارضة!! وبسرعة تستجيب المعارضة لهذه الدعوات، وهذا إن دل فهو يدل علي النوايا السليمة لهذه المعارضة، واستعدادها الدائم للحوار وهذه خطوة صحية وصحيحة ولكن السلطة غير مستعدة أبدا لأن تقوم بإجراءات جدية وحقيقية من أجل دفع هذا الحوار قدما للأمام. كأن تسمح بالترخيص للجمعيات المدنية علي الأقل وطي ملف الاعتقال السياسي نهائيا، والعمل بالتشاور والمشاركة مع هذه المعارضة من أجل:قانون أحزاب عصري كخطوة أولي تهيئ لإلغاء المادة الثامنة من الدستور السوري التي تنهي تحكم البعث بالدولة والمجتمع. كما أن السلطة الحالية ـ كسلطة مشخصنة ـ لم تعد كعهدها السابق أيام الرئيس الراحل حافظ الأسد الذي كانت درجة تحكمه بهذه المؤسسة الفاسدة كبيرة جدا لأنه هو من بناها لبنة لبنة !! بينما الرئيس الحالي هو من صنعته هذه المؤسسة الفاسدة وبالتالي: لا يمتلك نفس القدرة علي التحكم بهذه المؤسسة والتي لا تجد طريقة للحفاظ علي نفسها سوي الإبقاء علي المادة الثامنة من الدستور السوري والبعث غطاء لفسادها وطائفيتها.وهي أكثر من تدرك أن التخلي عن هذه المادة هو أمر إن حدث فلا رجعة فيه وسيستجر جملة من الإجراءات والمطالب لا تستطيع أن تتحمل هذه الطغمة نتائجها علي كافة المستويات. لأن هذه الطغمة لا تجد شرعيتها إلا في هذا الشكل من الحكم: وهي شرعية القوة العارية والنهب اللاقانوني والتعسف. وهو الشكل الأكثر ديناميكية للحفاظ علي مصالح هذه الطغمة بلا رقابة أو قانون أو أي شكل مؤسسي شرعي. فكيف لسلطة كهذه أن تقبل بالحوار!!؟ لأن الحوار هو في النهاية للوصول إلي خطوات عملية علي مستوي الوطن السوري. وأولي النتائج هي أن يحوز الطرفان علي شرعية متبادلة ومشروعية البدء بإنقاذ الوطن!! فهل هذه الطغمة قادرة علي تجاوز ذاتها والتخلي التدريجي والنسبي عن مواقعها التي أصلا هي اغتصبتها اغتصابا بفعل آلية توريث غير شرعية وغير دستورية والأهم أنها لم تستطع الحصول علي أي درجة من درجات الشرعية السياسية بل العكس هو ما حدث فقد فقدت هذه السلطة الكثير مما بناه الراحل حافظ الأسد، وأصبحت خاضعة لنتائج سلوكها السياسي السيئ الأداء إقليميا ودوليا. ولم تستطع أن تعوض عن آلية التوريث هذه بإصلاحات من شأنها إزالة مبررات وجود مؤسسة وراثية في نظام جمهوري!!المؤسسة الوراثية المأزومة هي من تدعو للحوار الآن والتي يمكن إجمالها بثلاث مكونات أساسية:1ـ العائلة: عائلة الرئيس الراحل التي تضم الأصول في عائلة الرئيس الراحل.2 ـ والعائلة الأوسع وهي التي تضم الفروع وهم كثر لدرجة أنك لم تعد تستطيع أن تعرف كمواطن سوري ماهي حجم مصالحهم وارتباطاتهم وامتداداتهم السياسية والعسكرية والاقتصادية والتي بنيت علي الفساد والنهب والقمع.3 ـ وثلاثية الراحل عنصرا أخيرا والتي كانت تتكون من: عسكر ـ طائفة كفاعل تاريخي وليس كأفراد أو كجماهير هذه الطائفة.. ـ بعث في تداخل مصلحي هجين ولا شرعي ومفروض بالقوة علي الشعب السوري.وبالتالي لو نظر المرء لهذه اللوحة: هل هذه السلطة تمتلك الشرعية والمقومات لقيام حوار وطني شامل لا يقصي أحدا وتكون قادرة علي المضي بهذا الحوار حتي نتائجه المنطقية ولو بحدها الأدني؟نحن كنا ولازلنا من الذين يدعون لحوار مع السلطة ومع من لديه فعلا رغبة حقيقية بدفع البلاد بعيدا عن أزمتها الحالية وقريبا من خيار ديمقراطي مؤسسي حقيقي.أما الإقصاءات المتبادلة يجب أن يحكمها القانون السوري وكنتيجة لاحقة من نتائج هذا الحوار. قانون مؤسساتي ومدني حقيقي وليس قانون سلطة. فإذا كانت السلطة في أساسها غير شرعية فكيف سيكون قانونها إذن والذي بموجبه تحاكم البشر؟وفي تجارب التاريخ علي المعارضة أن تحسم أمرا هو علي غاية من الأهمية :لم يتم حوار بين سلطة ديكتاتورية ومعارضة وكانت السلطة فيه نزيهة قانونيا وحتي سياسيا. وعندما تقدم المعارضة علي الحــــوار فهي تعرف أنها تحاور طرفا يديه موغلة في الدم والفــــساد، ولا تحاور طرفا نزيها. وهذا يقتضي أن تتخلي هذه المعارضة عن عمليات الإقصاء لأي طرف كان ومهما كان. وأخص بالذكر هنا الأصوات الكثيرة التي خرجت في الآونة الأخيرة من المعارضة : لتجريم خدام وغيــره. وهي بالغالب عليها أن تحسم أمرا وتكون فيه واضحة :إما أنها تريد تغييرا ثوريا للسلطة كلها ودون الدخول معها بأي حوار وبالتالي أن تجرم خدام أو غيره من رموز السلطة أمر مفهوم ومن حقها. ولكن إن اختارت التغيير السلمي الديمقراطي وتقبل بالحوار مع السلطة من أجل ذلك عليها أن تترك الشرعية لحكم القانون المدني وليس لأهوائها السياسية، سواء بخصوص رموز السلطة أو بالمنشقين عن هذه السلطة ..الخ ومن يريد تغييرا ثوريا لهذه السلطة من حقه أن لا يلوث يديه ويصافح أيا من رموزها أما إذا اختار التغيير السلمي والحوار فعليه أن يلوث يديه.. المعادلة واضحة. ولكن عليه عندها أن لا يقوم بإقصاء أحد.. لأن الوضع السوري بحاجة لجميع مكوناته وأطرافه..الخ وأظن أن القضية باتت واضحة الآن..ودون هذا التصعيد الأخلاقي والقيمي بمواجهة من نريد إقصاءه أو من نختلف معه .! ہ كاتب من سورية8

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية