حماس والانتخابات الفلسطينية

حجم الخط
0

حماس والانتخابات الفلسطينية

محمد كريشانحماس والانتخابات الفلسطينية قبل أسبوع واحد فقط من توجه الفلسطينيين إلي صناديق الاقتراع لاختيار ممثليهم في المجلس التشريعي الفلسطيني تزداد الصورة تشويقا فيما يتعلق بحظوظ حركة حماس في هذه الانتخابات واحتمال مشاركتها في الحكومة المنبثقة عنها وما يترتب عن ذلك من تحديات أو مجازفات للحركة والفلسطينيين عموما في ظل هذا التكرار الأمريكي المحذر من هكذا احتمال.منذ البدء لم يكن قرار حماس المشاركة في هذه الانتخابات سهلا لأنه يعني تحولا استراتيجيا يقبل بالمشاركة في مؤسسات الحكم المنقوص في الأراضي المحتلة عوض الاكتفاء بمراقبة أدائها وإشباعها لوما وتقريعا، وهو استراتيجي أيضا لأنه يـُـدخل إلي حيز التنفيذ شعار شركاء في القرار.. شركاء في المسؤولية بعد أكثر من عشر سنوات ظلت فيها الحركة تقوم بالعمليات الفدائية داخل العمق الإسرائيلي والسلطة الوطنية هي من يسدد الفواتير التي لم تكن آخرها تلك التي سددها الزعيم الشهيد ياسر عرفات من حريته وحياته، وهو استراتيجي كذلك لأنه يجعل حماس أمام تحدي إعادة صياغة مشروع المقاومة الذي ترفعه ليتلاءم مع هذا الوضع الجديد فحماس الممثلة في المجلس التشريعي والمحتمل مشاركتها في الحكومة المقبلة، ولو بوزير واحد، لا يمكنها أن تكون حماس التي نعرفها حتي وإن أنكرت ذلك نزاهة منها أو مكابرة. وربما تجنبا لحرقة مواجهة هذه المعضلة فضلت حركة الجهاد الإسلامي عدم المشاركة حتي تبقي مع نفسها ومع الآخرين الحركة التي يعرفها الجميع. وإذا كان ما أقدمت عليه حماس رهانا يعكس نضج تجربتها التي جعلتها تري في الأمر تحديا يستحق المغامرة وربما حتي المجازفة، ولهذا فهو جدير بالتحية، فإن قبول السلطة الفلسطينية وعمودها حركة فتح وأساسا الرئيس محمود عباس بتحمل قواعد اللعبة التعددية والديمقراطية حتي مع من يناقض تجربتها جدير بتحية أقوي، خاصة عندما يعرف الجميع ما كابده أبو مازن شخصيا في الدفاع عن حق حماس في الترشح لهذه الانتخابات لأن عكس ذلك كان يعني أن هذه السلطة، وهي تحت الاحتلال، تختزن من آليات القمع والإقصاء العربية الرسمية ما سيجعلها نموذجا أرقي بعد أن تنال استقلالها وقد استبسل الرجل في ذلك مع الأمريكيين والأوروبيين حتي لان موقفهم بعض الشيء وقبلوا بوجاهة بعض مما طرحه ولو عن مضض، فالرئيس الفلسطيني يعلم تماما أن فوز فتح في هذه الانتخابات، وبمشاركة حماس، يعني فوزا لسياسات الاعتماد الأقصي علي خيار التسوية والمفاوضات وضبط مظاهر التسلح وغير ذلك من الاستحقاقات التي التزمت بها السلطة ودافع هو شخصيا عنها وبالتالي فهو تفويض جديد له بعد تفويض فوزه بالرئاسة قبل عام… أما إذا أعطي الجمهور صوته بشكل كاسح لحماس فذلك يعني أن هذا الجمهور سيتحمل تبعات خيار كهذا سواء ترجم علي الأرض بوجود سلطة جديدة متمردة علي أصول عمل السلطة التي سبقتها وما التزمت به أو سلطة خاضعة لذات الأصول.. أما إذا منحها الجمهور من الأصوات ما هي به جديرة ويعكس ثقلها الحقيقي في المجتمع دون تضخيم أو تقزيم فستستقر الأوضاع في النهاية علي أن حماس هي احد المكونات السياسية للشعب الفلسطيني تحت الاحتلال لذا عليها أن تتعايش مع البقية بروح المسؤولية القابلة لقواعد اللعبة التي ارتضتها دون أن تصادر حق الآخرين ولا أن يصادر حقها أحد مع ضمان احترام الجميع لمنطق المؤسسات التي ارتضوا الدخول إليها والمرجعيات التي تحكمها دون أن يعني ذلك إنكار حق أي كان في تحسين سقف هذه المرجعيات وتطوير مضمونها.أما الإدارة الأمريكية وبعض الأصوات الأوروبية المؤيدة لها فيفضل، في هذا الأسبوع تحديدا، التزام بعض التكتم لأن الإكثار من نقد حماس وتهويل احتمال مشاركتها في الحكومة المقبلة قد يدفع بالجمهور إلي التصويت المكثف لها، لا لشيء سوي النكاية.9

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية