رام الله – «القدس العربي»: قال الخبير في شؤون وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» سامي مشعشع لـ «القدس العربي»، إن قرار الكنيست الإسرائيلي بحظر الوكالة في القدس المحتلة وإسرائيل، ستترتب عليه أثار كارثية على اللاجئين وتقديم الخدمات لهم في القدس والضفة وقطاع غزة، فضلا عن كامل المناطق التي يوجد فيها اللاجئ الفلسطيني.
وبموجب القانون الإسرائيلي، تُلغى اتفاقية عام 1967 التي سمحت لـ»الأونروا» بالعمل في إسرائيل والأراضي الفلسطينية المحتلة، ويُحظر أي اتصال بين المسؤولين الإسرائيليين وموظفي الوكالة الأممية.
وحسب جهاز الإحصاء الفلسطيني، فإن 2.5 مليون لاجئ يعيشون في الضفة الغربية وقطاع غزة، من بينهم نحو 900 ألف في الضفة.
وأشار مشعشع، في حديث مع «القدس العربي»، إلى أن القرار أصبح قانونا نافذا وسجل في الجريدة الرسمية لدولة الكيان، وأعطيت السلطات التنفيذية 90 يوما لتنفيذه وذلك تماشيا مع معطيات ردود الفعل والضغوط التي قد يتعرض الكيان لها، ومن أجل إيجاد آليات مناسبة للتنفيذ، وتحديدا عند موعد إغلاق مقر الوكالة الموجود في القدس منذ عام 1950.
وقال إن القرار بما يخص القدس، لا يشمل 7 دونمات فحسب، هي التي يقع عليها مقر الرئاسة الذي يحتوي على مقر عمليات الوكالة في الضفة الغربية ومقر الرئاسة للمفوض العام، وفيه مخازن كبيرة للحبوب والمواد الغذائية، ومكتب تنسيقي كبير لاستيعاب المساعدات المقدمة في غزة.
وتابع: «هذا مقر عملياتي مهم، ومقر سياسي مهم أيضا، له رمزية كبيرة».
ورأى أن القرار بالنسبة للاحتلال، ومن خلال إلغاء وجود الوكالة في القدس ومحاولة تغيير صفة المخيم عن مخيم شعفاط، وهو المخيم الوحيد من ضمن 19 مخيما في الضفة الذي يقع ضمن حدود القدس، «يحقق إنهاء أي وجود لصفة اللاجئ في القدس، ويثبت أن القدس عاصمتهم الأبدية، وهذا كان مصدر هواجس وقلق كبيرين بالنسبة للاحتلال».
مخيم شعفاط
وشدد على أنّ القرار سيؤثر في خدمات «الأونروا» في القدس ومخيم شعفاط، لأنه توجد مدارس في المخيم، ومدارس وعيادات ومدارس خارج أسواره في مناطق سور باهر وسلوان وغيرها.
يذكر أن أكثر من 110 آلاف لاجئ مسجلون في سجلات «الأونروا» في مدينة القدس المحتلة، وهو ما يعني حسب مشعشع أنهم «برسم الإنهاء والإلغاء وهذا سيكون صعبا جدا».
وأضاف الباحث والخبير في شؤون الوكالات الدولية، أن «الأخطر يتمثل في أن القرار ينص على منع أجهزة الحكومة الإسرائيلية من التواصل مع أي موظف في «الأونروا»، كما أن الإعفاءات الضريبية ستُمنع عن الوكالة، وهذا يضيف إليها عبئا كبيرا، فضلاً عن سحب التأشيرات من مسؤوليها وموظفيها وعدم تجديدها، وهو بدأ بإعلان المفوض العام للوكالة شخصية غير مرغوب فيها، ومنعه من دخول الأراضي المحتلة والقدس، حيث ما زال القرار ساريا حتى اللحظة». ويرى أن من تبعات القرار الإسرائيلي تأثيره في الأمن الوظيفي لمئات الموظفين الذين يعملون في القدس في المقر العام، وعلى المئات الذين يعملون في القدس وضواحيها.
غير أن التأثير الأكبر، حسب مشعشع، هو أن الوكالة «لن تتمكن من استيراد الأغذية والمواد الإنسانية المنقذة للحياة، ولن يكون متاحا وضعها في المخازن بعد جلبها من خلال الموانئ الإسرائيلية، وهذا سيؤثر في قدرة الوكالة على الإيفاء بالتزاماتها الإنسانية وتحديدا نحو اللاجئين والفقراء منهم وهم كثر في الضفة».
كما أن هناك تأثيرات مباشرة للقرار «ستحد بشكل كبير من نجاعة تقديم ووصول الخدمات الصحية والخدمات الإغاثية وخدمات الإقراض والخدمات المختلفة».
أما في الضفة الغربية، فيرى أن نتائج خطيرة تترب على القرار، حيث «أن جل مخيمات الضفة تقع في مناطق (ج) و(ب)، فيما كلنا نعلم سياسات وزير المالية الإسرائيلي بتسئليل سموتريتش، وهو الوزير المسؤول عن عملية الاستيطان والإدارة المدينة، لقد أعلن أن السلطات والجيش أصبحا يتمتعان بسيطرة كاملة على أراضي (ب)، حيث أصبح الجانب الإداري والأمني كله بيد الكيان الإسرائيلي، وفوق ذلك هناك استباحه لمناطق (أ) وبالتالي التأثيرات على الضفة ستكون صعبة للغاية». وحسب الخبير في شؤون الوكالة، فإن الوضع في غزة سيزداد سوءاً، «فمعبر رفح تدخل منه المساعدات بالقطارة، فيما أنهى الاحتلال وجودها في مناطق شمال قطاع غزة، وهي بالكاد تستطيع ان تتحرك لتقديم خدمات محدودة في مناطق الوسط وجنوب غزة. فيما الكيان يعمل بجد كي لا يكون هناك وجود للوكالة بعد أن تصمت المدافع في نهاية الحرب، فخطط الاحتلال تشير إلى أن محاولة هندسة غزة تبدأ من دون الوكالة الدولية».
وأضاف أن وضع الوكالة لم يكن جيدا قبل 7 أكتوبر»فعملية شيطنة الوكالة وكيل الاتهامات لموظفيها ترك أثرا على التبرعات من الولايات المتحدة الأمريكية والمجموعة الأوروبية كلها، وهو ما ترافق مع حقيقة أن كل الدول لم تكن تقدم للوكالة إلا حد الكفاف، فلم يحدث لمرة أن مُنحت الوكالة مساعدات تدفعها للارتقاء بمستوى الخدمات، وبالتالي بعد قرار الكنيست سيزداد الأمر سوءاً، ولن تزيد الدول المساعدات، وهذا تراجع مالي سيؤثر على الخدمات في كل مكان».
ورأى أن الهدف الإسرائيلي الأول حُدّد بالقضاء على المقاومة، «لكن الهدف الأكبر هو القضاء على حق العودة، وللاحتلال نجاحات كبيرة في هذا المجال، فالأثر الاقتصادي سيؤدي لأثر سياسي، والهدف الأكثر خبثا بالنسبة للكيان هو القضاء على حق العودة عبر بوابة الوكالة، معركة بدأت عبر الإضعاف في غزة والطرد من القدس».
فضلا عن أن انسحاب وطرد الوكالة إلى مناطق الضفة الغربية، الطرد «أمور ستقود إلى توطين ما تبقى من اللاجئين في أماكن سكنهم، وتحويل الوكالة لمؤسسة تنموية الطابع وتوطينية الهدف».
ويقول مشعشع إن الحراك الفلسطيني «ذو جدوى محدودة، أما الصمت العربي فهو مريب، والدول الإسلامية تقدم دعما معنويا ولفظيا، ولكن لا تأثير له على الأرض، والدول الأخرى تراوح مكانها في هذا الجانب، والحل من وجهة نظري أن يعمل على تعزيز مطلب الرد على طرد الوكالة من القدس بطرد الكيان من منظومة الأمم المتحدة والجمعية العمومية، لعل هناك استجابة أو حراك، لكن لا أعتقد ان هذا سيتم، للأسف».
تحرك للرئاسة
وكانت الرئاسة الفلسطينية قد قررت مساء الثلاثاء، التحرك بشكل عاجل مع الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين «من أجل بحث إمكانية الذهاب لمجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، بما في ذلك المنظمات الدولية ومجلس حقوق الإنسان، باعتبار قضية «الأونروا» قضية سياسية تتعلق بحق العودة. واعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، رئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد أبو هولي أن القانون الإسرائيلي المصادق عليه «يشكّل انتهاكاً واضحاً ومباشراً لميثاق وأهداف ومقاصد الأمم المتحدة وشروط العضوية فيه، واعتداءً على وكالاتها ومنظماتها، وعلى الأعراف والاتفاقيات الدولية، وانتهاكاً سافراً لقرارات الجمعية العامة ذات الصلة بحصانات وحماية المنظمات الدولية بما فيها قرار تأسيس «الأونروا» رقم 302 وفق المادة (17)، ولقرار مجلس الأمن رقم 2730 الذي اعتمد في 24 أيار/مايو 2024 والذي يلزم الدول باحترام وحماية مؤسسات الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني، ويتعارض مع قرار محكمة العدل الدولية وفتواه القانونية التي أكدت أنه لا سيادة لإسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس».
وحذر «من العواقب الوخيمة للقانون الإسرائيلي الذي أقره الكنسيت والذي دخل في كتاب قانون دولة إسرائيل، على آفاق الحل السياسي، والسلام والأمن الإقليميين، والنظام المتعدد الأطراف وعلى حقوق اللاجئين الفلسطينيين وعلى الاستجابة الإنسانية الطارئة متعددة الأطراف التي تشكل فيها «الأونروا» العمود الفقري والركيزة الأساسية لها في قطاع غزة التي تشكل فيها لـ 1.9 مليون نازح شريان الحياة والامل في ظل حرب التجويع والإبادة والتهجير المستمرة منذ عام».