بيروت – «القدس العربي»: تضاربت المعلومات حول التوغل البري الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية في الجنوب، ففيما نفى مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف صحة التوغل، قائلاً لقناة «الجزيرة»: «كل الادعاءات الصهيونية أن قوات الاحتلال دخلت لبنان كاذبة، ولم يحدث أي اشتباك بري مباشر بعد بين مجاهدي المقاومة وقوات الاحتلال»، أطلّ المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري ليكشف عن اقتحام قريتي ميس الجبل وكفركلا وتدمير أنفاق للحزب كانت تحتوي على خرائط لاقتحام الجليل.
وزعمت وسائل اعلام إسرائيلية «أن الجيش دمّر في جنوب لبنان 30 طناً من الألغام المضادة للدروع و450 صاروخ آر بي جي». وكان جيش الاحتلال لفت إلى «أن الفرقة 98 بدأت أنشطة موجهة ومحددة في منطقة جنوب لبنان»، ونشر مشاهد من تحضيرات قوات الفرقة. وقال: «قوات الفرقة 98، ومن بينها قوات لواء الكوماندوز والمظليين والمدرعات من اللواء 7، أجرت الاستعدادات على مدار الأسابيع الأخيرة لتنفيذ عملية برية في جنوب لبنان، والتي بدأت ليلة الاثنين، وقبل بدء العملية نفذت القوات التدريبات المعنية».
وأشار إلى أنه «بعد أشهر من العملية البرية في قطاع غزة اكتسبت قوات الفرقة المهارات والخبرة العملياتية لينتقلوا شمالاً للقيام بعملية برية على الجبهة الشمالية بعد تنفيذ التعديلات اللازمة للقتال في لبنان». وتحدث عن «ان سلاح الجو والمدفعية يدعمان القوات البرية في الجنوب اللبناني».
وفي هذا السياق، أشارت «يديعوت أحرونوت» إلى «أن الجيش يقدر أن العملية البرية على لبنان ستكون أكثر تعقيداً من العملية البرية على غزة». وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي تقديرات عن «أن العملية البرية في جنوب لبنان ستستمر بضعة أسابيع».
وأنذر المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي سكان جنوب لبنان، بأنه «يدور في منطقة جنوب لبنان قتال عنيف حيث يستغل خلاله عناصر «حزب الله» البيئة المدنية والسكان دروعًا بشرية لشن الهجمات». وقال «من أجل سلامتكم الشخصية نطالبكم بعدم التحرك بالمركبات من منطقة الشمال إلى منطقة جنوب نهر الليطاني». وختم: «هذا الإنذار ساري المفعول حتى إشعار آخر». وكان الطيران الحربي قطع طريق إبل السقي كوكبا بعد فتحها من الجيش اللبناني إثر غارة سابقة وبذلك يكون العدو فصل منطقة مرجعيون عن حاصبيا.
إعادة تموضع
من ناحيتها، أوضحت قيادة الجيش اللبناني مديرية التوجيه أنه «مع استمرار العدو الإسرائيلي في اعتداءاته الهمجية المتزايدة على مختلف المناطق اللبنانية، تناول بعض وسائل الإعلام معلومات غير دقيقة حول انسحاب الجيش من مراكزه الحدودية الجنوبية لعدة كيلومترات في ظل تحضيرات العدو لتنفيذ عملية برية داخل الأراضي اللبنانية. يهم قيادة الجيش أن توضح أن الوحدات العسكرية المنتشرة في الجنوب تنفذ إعادة تموضع لبعض نقاط المراقبة الأمامية ضمن قطاعات المسؤولية المحددة لها. كما تُواصل القيادة التعاون والتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان».
جيش الاحتلال يدعي التوغّل في الجنوب اللبناني ويزعم تدمير أنفاق و30 طناً من الألغام
اما قوات «اليونيفيل» فكشفت «أن الجيش الإسرائيلي أبلغها عن نيته القيام بعمليات توغل برية محدودة داخل لبنان». وأوردت في بيان «رغم هذا التطور الخطير، فإن حفظة السلام لا يزالون في مواقعهم. ونحن نعمل بانتظام على تعديل وضعنا وأنشطتنا، ولدينا خطط طوارئ جاهزة للتفعيل إذا لزم الأمر. وإن سلامة وأمن قوات حفظ السلام أمر بالغ الأهمية، ونذكّر جميع الأطراف بالتزاماتها إزاء احترام ذلك». وأضافت «اليونيفيل» في البيان «إن أي عبور إلى لبنان يشكل انتهاكاً للسيادة اللبنانية وسلامة أراضي لبنان، وانتهاكاً للقرار 1701. إننا نحث جميع الأطراف على التراجع عن مثل هذه الأعمال التصعيدية التي لن تؤدي إلا إلى المزيد من العنف وإراقة المزيد من الدماء»، معتبرة «أن ثمن الاستمرار في مسار العمل الحالي باهظ للغاية»، وشددت «على وجوب حماية المدنيين، وعدم استهداف البنية الأساسية المدنية، واحترام القانون الدولي». وحضت «الأطراف بقوة على إعادة التزام قرارات مجلس الأمن والقرار 1701 باعتباره الحل الوحيد القابل للتطبيق لإعادة الاستقرار إلى هذه المنطقة».
وقالت المنسقة الخاصة للأمم المتحدة جينين هينيس بلاسخارت «ما كنا نخشاه حصل. في ظل الضربات التي طالت كافة أرجاء لبنان، بما في ذلك في قلب بيروت والتوغلات عبر الخط الأزرق، يتصاعد العنف إلى مستويات خطيرة». ورأت في بيان أن «كل صاروخ يطلق وكل قنبلة تسقط وكل غارة أرضية تنفذ، تبعد الأطراف أكثر عن الغاية المتوخاة من قرار مجلس الأمن رقم 1701 كما تباعد بينهم وبين خلق الظروف اللازمة للعودة الآمنة للمدنيين على جانبي الخط الأزرق»، مضيفة «دائرة العنف الجارية لن تحقق لأي طرف مبتغاه. وما زال هناك بصيص أمل لنجاح الجهود الديبلوماسية، لكن السؤال هل ستغتنم تلك الفرصة أم يجري اهدارها؟».
في المقابل، اعلن «حزب الله» في سلسلة بيانات «اننا أطلقنا بنداء لبيك يا نصر الله صليات صاروخية من نوع «فادي 4» على قاعدة «غليلوت» التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية 8200 ومقر الموساد التي تقع في ضواحي تل أبيب». وأوضح «أن قصف المقاومة الإسلامية تل أبيب يأتي في إطار سلسلة عمليات «خيبر» وردًا على استهداف المدنيين والمجازر التي يرتكبها العدو». وأضاف انه «استهدف تجمعاً للجنود الاسرائيليين قرب مستعمرة «روش بينا» وتجمعاً للقوات الاسرائيلية في ثكنة «دوفيف «بصاروخ فلق 2». وتحدثت القناة «12» الإسرائيلية عن إطلاق 10 صواريخ بالستية من لبنان. وأشار مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» إلى «أن مهاجمة الموساد والوحدة 8200 القريبة من تل أبيب ليست إلا البداية».
كما أعلن «حزب الله» «أن مجاهدي المقاومة الاسلامية استهدفوا تحركاً لجنود العدو في موقع المطلة وتجمعات أخرى في مستعمرات «المطلة» و»أفيفيم» و»كفرجلعادي». ودوّت صفارات الإنذار في «المالكية» و»يفتاح» و»راموت نفتالي» و»ديشون» في الجليل.
واشار الجيش الإسرائيلي إلى رصد إطلاق 3 صواريخ من لبنان باتجاه صفد واعتراض صاروخين فيما سقط الثالث في منطقة مفتوحة.
قصف الضاحية
في الوقائع العسكرية ايضاً، تعرّضت الضاحية الجنوبية مرة جديدة لعدوان جوي كبير عندما شنت مقاتلات إسرائيلية 8 غارات عنيفة على مناطق الليلكي، المريجة، حارة حريك وبرج البراجنة ما أدى إلى دمار كبير وتسوية مبانٍ سكنية بالأرض. وجاءت الضربات بعد تحذيرات وجهها المتحدث باسم جيش الاحتلال أفيخاي ودعوته السكان إلى إخلاء منازلهم حفاظاً على أرواحهم، زاعماً قربها من مصالح ومنشآت تابعة لـ «حزب الله» سيتم استهدافها.
وطالت الغارات للمرة الأولى مؤسسة إعلامية لبنانية هي قناة «الصراط»، وأكدت العلاقات الإعلامية في «حزب الله» أن «لا صحة لادعاءات العدو الصهيوني الكاذبة عن وجود أسلحة أو مخازن أسلحة في المباني المدنية ومن بينها مبنى قناة «الصراط» التي استهدفها بالقصف في الضاحية الجنوبية».
وعصراً، استهدفت شقة سكنية في الضاحية بالقرب من مستشفى الزهراء في الجناح. وتحدث الجيش الإسرائيلي عن تنفيذ غارة بضربة دقيقة في بيروت.
جنوباً، أغار الطيران الحربي الاسرائيلي على أطراف بلدة السماعية، في صور. وشنّت الطائرات سلسلة غارات على زبقين وجبال البطم وطير حرفا والجبين وشيحين في قضاء صور، ترافقت مع قصف مركز على الأماكن نفسها، واغارت على منطقة بين البيسارية وقعقعية الصنوبر. كما أغار الطيران المسيّر على سيارة «رابيد» في الحوش ولم يفد عن وقوع إصابات. وطالت الغارات مبنى ومنزلاً في حي الذهبية في بلدة كفرتبنيت، ما أدى الى تدميرهما وإلحاق أضرار فادحة بالمنازل المجاورة والسيارات.
غارات معادية على مجمعات سكنية في الضاحية وقناة إعلامية… وضربة «دقيقة» على منطقة الجناح
من جهة ثانية، ارتكبت اسرائيل مجزرة في بلدة الداودية الجنوبية، ذهب ضحيتها 10 أشخاص من عائلة واحدة هي عائلة دياب وجرح 5 آخرين، عندما أغارت طائرات حربية على منزلهم في البلدة ودمّرته.
كذلك، تعرضت قرى وبلدات جنوبية متاخمة للخط الأزرق، طوال الليل وحتى صباح اليوم، لقصف مدفعي مباشر. كما اطلق الجيش الاسرائيلي نيران رشاشاته الثقيلة باتجاه الأحراج والأودية والتلال المجاورة لبلدتي الناقورة وعلما الشعب. وكان الطيران المسيّر أغار ليلاً، على بلدة الحوش بالقرب من مدينة صور، ما أدى إلى تدمير محال تجارية دون وقوع إصابات. كما اغار الطيران على اطراف بلدة البرغلية في قضاء صور وعلى الخط الساحلي في منطقة النبي قاسم القاسمية، واستهدف حي البركة في بلدة قانا ومنازل في بلدة القليلة، إضافة إلى بنت جبيل، الطيري، كونين، بليدا، مبنى فرحات في عربصاليم، محيط مستشفى غندور في النبطية الفوقا.
بقاعاً، عادت الغارات لتُشن على المنطقة بحيث استهدفت بلدات طليا وبعلبك ورسم الحدث وسرعين وشعث والسفري والمنطقة بين بريتال وحورتعلا بعد تعرض بلدة مشغرة ليلاً لغارة استهدفت مركز إسعاف ما أدى إلى مقتل 8 أشخاص.
فضل الله: جاهزون للمواجهة
في المواقف، شدّد أكد عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب حسن فضل الله «أن استشهاد السيد حسن نصرالله خسارة كبيرة بالمعنى المادي لكن الاستشهاد مفهومه عند الحزب مكسب». وقال «مازلنا نستطيع المواجهة، والمقاومة على جهوزية كاملة للالتحام البري، وهذا متروك للميدان والقيادات الميدانية وللخطط البديلة، التي وضعتها المقاومة وصادق عليها السيد نصرالله قبل استشهاده». وأشار فضل الله في حديث إلى LBCI «أن المقاومة في موقع الدفاع عن لبنان ولن تسمح لإسرائيل بأن تنفّذ مشاريعها في لبنان، وكما قاومناها في 1982 سنقاومها ونقاتلها اليوم.» ولفت إلى «أن القدرة الصاروخية وجّهت ضربات في العمق الاسرائيلي وأن ما يقولونه عن ضرب هذه القدرة غير صحيح»، وختم «أن الانتصار اليوم هو بمنع اسرائيل من تحقيق اهدافها في الداخل اللبناني أو في فرض شروطها على البلد».
اما رئيس حزب الوطنيين الاحرار النائب كميل شمعون فذكرت أوساط حزبه أنه «أجرى اتصالات مع البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي لتحييد مسيحيي المناطق الحدودية وتأمين ممر آمن لهم».