لندن- “القدس العربي”: نفى “حزب الله” صحة ادعاء الجيش الإسرائيلي بغزو أراضي لبنان، والدخول في اشتباكات مباشرة مع عناصر الحزب، بحسب تصريح لمسؤول العلاقات الإعلامية في “حزب الله” محمد عفيف.
من جهته أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي الثلاثاء أنه باشر عملية برية “محدودة” ضد حزب الله في جنوب لبنان ويخوض “قتالا عنيفا”، إلا أن الحزب نفى أن تكون قوات الاحتلال دخلت الأراضي اللبنانية، فيما أكدت قوة الأمم المتحدة في لبنان عدم حصول “توغل بري الآن”.
غارتان اسرائيليتان على ضاحية بيروت الجنوبية إحداهما في محيط مستشفى
استهدفت غارتان اسرائيليتان الثلاثاء مبنيين في ضاحية بيروت الجنوبية، يقع أحدهما في محيط مستشفى الزهراء، وفق ما أوردت الوكالة الوطنية للاعلام الرسمية.
وأفادت الوكالة عن “غارة معادية” استهدفت مبنى في محيط مستشفى الزهراء، تزامنا مع غارة ثانية استهدفت مبنى قرب السفارة الكويتية في بئر حسن.
ومن جهته أعلن جيش الاحتلال الإسرائيلي، أنّه شنّ غارة جوية على بيروت، هي الأخيرة ضمن سلسلة هجمات تستهدف حزب الله في العاصمة اللبنانية.
وقال جيش الاحتلال في بيان إنّه “نفّذ ضربة دقيقة في بيروت”، من دون إضافة المزيد من التفاصيل.
وبعد أسبوع من القصف المكثف على أهداف للحزب المدعوم من إيران أوقع مئات الشهداء ، زعم جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان فجر الثلاثاء إن جنوده دخلوا جنوب لبنان مساء الإثنين في إطار عملية “برية محدودة وموضعية ومحدّدة الهدف” ضد “أهداف ومنشآت إرهابية” لحزب الله، من غير أن يوضح عدد الجنود المشاركين فيها.
وأشار إلى أن هذه الأهداف تقع “في عدد من القرى القريبة من الحدود والتي ينطلق منها تهديد فوري وحقيقي للبلدات الإسرائيلية في الحدود الشمالية”، موضحا أن قوات الاحتلال على الأرض تحظى بإسناد جوي ومدفعي.
وكتب أفيخاي أدرعي المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي في رسالة نشرت باللغة العربية على تطبيق تلغرام، “يدور في منطقة جنوب لبنان قتال عنيف” مضيفا “من أجل سلامتكم الشخصية نطالبكم بعدم التحرك بالمركبات من منطقة الشمال إلى منطقة جنوب نهر الليطاني” متهما حزب الله باستخدام المدنيين “دروعا بشرية”.
ولاحقا طلب المتحدث من سكان جنوب لبنان إخلاء حوالى ثلاثين بلدة و”التوجه فورا إلى شمال نهر الأولي” محذرا من أن “كل من يتواجد بالقرب من عناصر حزب الله ومنشآته ووسائله القتالية يعرض حياته للخطر”.
وبعدما تمكنت قوات الاحتلال الإسرائيلي من اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الجمعة في ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية، حذر المسؤولون الإسرائيليون من أن المواجهة معه لم تنته.
غير أن حزب الله نفى أن تكون قواتالاحتلال توغلت الى لبنان وخاضت اشتباكات مع مقاتليه.
وقال مسؤول العلاقات الإعلامية في الحزب محمّد عفيف في تصريحات وزعها إعلام الحزب إن “كل الادعاءات الصهيونية أن قوات الاحتلال دخلت إلى لبنان هي ادعاءات كاذبة” مضيفا “لم يحدث أي اشتباك بري مباشر بعد بين مجاهدي المقاومة وقوات الاحتلال”.
وأكد جهوزية مقاتلي الحزب “للمواجهة المباشرة” مع قوات الاحتلال الإسرائيلي التي “تتجرأ أو تحاول دخول” لبنان.
كذلك أكد الناطق باسم قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل) أندريا تيننتيأن “لا توغل بريا الآن”، بعيد تحذير القوة الدولية في بيان من أن “أي عبور إلى لبنان يعد انتهاكا لسيادة لبنان وسلامة أراضيه”، داعية الأطراف كلها الى “التراجع عن مثل هذه الأفعال التصعيدية التي لن تؤدي إلا إلى المزيد من العنف وسفك الدماء”.
تحذير وتنديد
ومع تصاعد الأنباء عن عملية توغل وشيكة، حذرت الأمم المتحدة الثلاثاء من عواقب “اجتياح بري واسع النطاق” في لبنان، وقالت الناطقة باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ليز ثروسيل في تصريح صحافي إن “العنف المسلح بين إسرائيل وحزب الله تصاعد، والعواقب على المدنيين رهيبة أساسا ونخشى أن يؤدي اجتياح بري اسرائيلي واسع النطاق للبنان إلى تفاقم المعاناة”.
منسقة الأمم المتحدة الخاصة: العنف في لبنان يتصاعد لمستويات خطيرة ولن ينتهي بخير لأحد
من جهتها، حذرت منسقة الأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس بلاسخارت، من أن كل غارة تُنفذ وكل صاروخ يُطلق يُباعد الأطراف بإسرائيل ولبنان عن غاية قرار مجلس الأمن 1701، مستدركة بأن ثمة بصيص أمل لنجاح الجهود الدبلوماسية لوقف القتال.
وقالت بلاسخارت في بيان: “ما كنّا نخشاه حصل في ظل الضربات التي طالت كافة أرجاء لبنان، بما في ذلك في قلب بيروت والتوغلات عبر الخط الأزرق (بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة)، يتصاعد العنف إلى مستويات خطيرة”.
وأضافت محذرة: “كل صاروخ يُطلق وكل قنبلة تُسقط وكل غارة أرضية تُنَفّذ، تُباعد الأطراف (في إسرائيل ولبنان) أكثر عن الغاية المتوخاة من قرار مجلس الأمن رقم 1701، كما تبعد بينهما وبين خلق الظروف اللازمة للعودة الآمنة للمدنيين على جانبي الخط الأزرق”.
ويدعو قرار مجلس الأمن رقم 1701 الصادر في 11 أغسطس/ آب 2006 إلى وقف كامل للعمليات القتالية بين لبنان وإسرائيل، وإنشاء منطقة خالية من السلام والمسلحين بين الخط الأزرق (الفاصل بين لبنان والأراضي الفلسطينية المحتلة) ونهر الليطاني جنوب لبنان، باستثناء القوات التابعة للجيش اللبناني وقوات “يونيفيل” الأممية.
وحذرت بلاسخارت من أن “دائرة العنف الجارية لن تحقق لأي طرف مبتغاه”.
ورغم ذلك اعتبرت أنه “لا يزال هناك بصيص أمل لنجاح الجهود الدبلوماسية” الرامية لوقف القتال بين الأطراف في إسرائيل ولبنان.
وتساءلت المنسقة الأممية الخاصة مستدركة: “لكن السؤال هل ستُغتنم تلك الفرصة أم يُجري إهدارها؟”.
روسيا تدعو إسرائيل الى سحب قواتها “فورا” من لبنان
دعت روسيا الثلاثاء إسرائيل إلى سحب قواتها “فورا” من جنوب لبنان بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي أنه باشر عملية برية “محدودة” ضد حزب الله في جنوب لبنان.
وقالت الخارجية الروسية في بيان إن “روسيا تدين بشدة الهجوم على لبنان وتدعو السلطات الإسرائيلية إلى وقف الأعمال الحربية فورا وسحب قواتها من الأراضي اللبنانية وبدء البحث فعليا عن سبل سلمية لحل النزاع في الشرق الأوسط”.
كذلك نددت تركيا الثلاثاء “بمحاولة اجتياح غير مشروعة” للبنان ودعت إسرائيل إلى سحب جنودها “في أسرع وقت ممكن”، على ما جاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية.
وأكد السفير الإسرائيلي في فرنسا جوشوا زرقا الثلاثاء أن بلاده “لا تعتزم غزو لبنان وتكرار الخطأ الذي ارتكب في 1982″، مضيفا ردا على سؤال عن الفترة الزمنية التي ستستغرقها العملية البرية “لا أعلم ما إذا كانت مسألة ساعات أو أيام، ولكنها ليست مسألة أشهر بالتأكيد”.
وكان جيش الاحتلال الإسرائيلي احتل جنوب لبنان مدة 22 عاما، قبل أن ينسحب منه في أيار/مايو 2000.
وواصل حزب الله في هذه الأثناء قصفه على الأراضي الفلسطينية المحتلة وانطلقت صافرات الإنذار الجوي في وسط الدولة العبرية فيما أفاد جيش الاحتلال أن مقذوفات أطلقت من لبنان.
وسقط صاروخ على طريق بوسط الأراضي الفلسطينية المحتلة فيما ذكرت الشرطة أن صاروخا آخر سقط قرب مفرق أيال على طريق يشهد حركة مرورية كثيفة بوسط الأراضي الفلسطينية المحتلة بدون التسبب بسقوط ضحايا.
وأعلن حزب الله أنه أطلق “صليات صاروخية من نوع فادي 4 على قاعدة غليلوت التابعة لوحدة الاستخبارات العسكرية.. ومقر الموساد التي تقع في ضواحي تل أبيب”.
ويجري تبادل إطلاق نار شبه يومي عبر الحدود اللبنانية الإسرائيلية منذ أعلن حزب الله فتح جبهة “إسناد” لقطاع غزة غداة اندلاع العدوان الإسرائيلي على غزة .
“تفكيك البنى التحتية”
إلى جانب ذلك، استهدفت ستّ غارات جوية إسرائيلية ليل الإثنين الثلاثاء ضاحية بيروت الجنوبية، معقل حزب الله، على ما أفاد مصدر أمني، بعيد دعوة جيش الاحتلال سكان ثلاثة أحياء في المنطقة إلى إخلاء منازلهم.
كذلك استهدفت غارة جوية إسرائيلية فجر الثلاثاء في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في جنوب لبنان منير المقدح، القيادي البارز في الجناح العسكري لحركة فتح، لكن من دون أن يتأكد في الحال ما إذا كان المستهدف قد أصيب أم لا.
وفي بيان عبر منصة اكس، أعرب وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن عن قناعته المشتركة مع إٍسرائيل بضرورة “تفكيك البنى التحتية الهجومية” التابعة لحزب الله على طول الحدود اللبنانية مع الدولة العبرية “لضمان ألا يتمكّن حزب الله من شن هجمات مماثلة لهجمات السابع من تشرين الأول/أكتوبر على البلدات الشمالية في إسرائيل”.
وفي بيانه أكّد أوستن مجدّدا على موقف البيت الأبيض القائل إنّ “حلّا دبلوماسيا مطلوب” لضمان سلامة المدنيين “على جانبي الحدود”.
والاثنين ألمح الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أنه يعارض حصول عمليات برية إسرائيلية داعيا إلى وقف لإطلاق النار.
ونقل موقع أكسيوس الإخباري الأمريكي عن مسؤولين إسرائيليين لم يسمّهم قولهم إنّ العملية البرية التي شنّها جيش الاحتلال لتوّه “لا تهدف إلى احتلال جنوب لبنان”.
دعوات إلى وقف التصعيد
وعلى وقع هذا التطور الخطير، استهدفت سلسلة غارات جوية إسرائيلية فجر الثلاثاء دمشق، مما أسفر وفقا للمرصد السوري لحقوق الإنسان عن استشهاد ستة مدنيين، بينهم إعلامية في تلفزيون النظام السوري..
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية “سانا” عن مصدر عسكري قوله إنّ “العدو الإسرائيلي شنّ عدوانا جويا بالطيران الحربي والمسيّر من اتجاه الجولان السوري المحتل مستهدفا عددا من النقاط في مدينة دمشق”.
وأعلنت دول عدة عن إجراءات لإجلاء رعاياها، بما في ذلك استئجار رحلات جوية أو حجز رحلات تجارية بأكملها، بينما أعلنت فرنسا أنّ إحدى سفنها الحربية ستتمركز قبالة الساحل اللبناني “احترازا” للمساعدة في إجلاء الرعايا إذا ما استدعى الأمر ذلك.
واستشهد أكثر من ألف شخص في لبنان وفق السلطات منذ ارتفع مستوى التصعيد بين حزب الله واسرائيل منتصف أيلول/سبتمبر مع نقل قوات الاحتلال ثقلها العسكري من غزة إلى لبنان مؤكدة عزمها على تمكين عشرات آلاف السكان من العودة إلى المناطق الشمالية الحدودية التي نزحت منها بسبب تبادل القصف.
(وكالات)