حديث إلي الرئيس محمود عباس
د. محمد صالح المسفرحديث إلي الرئيس محمود عباسقرأت بإمعان شديد مقابلتكم مع صحيفة الحياة اللبنانية بتاريخ 2/3/2006م، وجدت أن كل كلمة تحتاج إلي وقفة معها وإمعان النظر في خلفياتها واستشراف أبعادها المستقبلية.ابدأ بقولك ان فوز حماس فاجأك وان الفارق أزعجك جدا، وان المسألة في هذا تعود إلي أن 78 شخصا من حزب فتح خسروها المعركة الانتخابية .كيف علي رب الدار السياسي العريق مثلك أن يفاجأ بما حدث ألا تعلم سيادة الرئيس أن فتح المناضلة تكرش بعض قياداتها حتي عاد الإنسان لا يعرف الصدر من الرقبة عند معظمهم وان فتح المناضلة أصبحت ثلاث فتوحات، فتح الأم اذكر من إشرافها وقادتها العظام أبو اللطف الذي لم يتسخ باوسلو وشرم الشيخ وتسميم الشهيد ياسر عرفات ولا بدولارات جورج واشنطن وكذلك رفاقه في فتح الانتفاضة الذين اكتشفوا انحرافات بعض قيادات فتح مبكرا، وفتح الثانية تترنح بين اليأس والرجاء وفي تقديري انك احد قادتها وهذا ما يتضح في مقابلتك اذ تقول: إسرائيل لم تعطنا شيئا لم تعطنا أسيرا واحدا بعد اتفاق شرم الشيخ، لم تساعدنا علي أن نقدم شيئا للشعب، والأمريكان لم يقدموا لنا الدعم المطلوب أما فتح الثالثة وتتشكل من المتساقطين من النوع الأول والثاني وخريجي مدارس الموساد وهؤلاء حسموا أمرهم وأصبح همهم تعظيم أرباحهم المالية واكتساب الوجاهة والتدافع نحو آلات التصوير ومكبرات الصوت، أما الوطن فلسطين ومستقبله فلم يعد الهم الأول لهم.الشعب الفلسطيني المجاهد أدرك الحقيقة انه بعد أربعين عاما من تأسيس حركة فتح لم تقدم له شيئا يذكر فلا وطن تحرر ولا دولة قامت ولا أسيرا أطلق سراحه فغيروا اتجاههم نحو حركة حماس التي أعطت وأسست وجاهدت ويدها بيضاء بعيدة عن الدنس. فلا تستغرب فخامة الرئيس أبو مازن أن يبايعها الشعب المجاهد.استعجب كل العجب من قولك وأنت الحريص علي كل كلمة تخرج من فمك إن خريطة الطريق لا تسمح لنا بالتفاوض والقتال في آن واحد ثم تؤكد القول مستغربا بل مستنكرا كيف يمكن أن نقاتل ونفاوض في الوقت نفسه هل نسيت تجارب الشعوب التي سبقتك في الكفاح المسلح؟ أذكر منهم منظمة التحرير الجزائرية، حركة المقاومة في فيتنام وحركات وطنية أخري في أفريقيا؟ حقيقة لا ينكرها إلا جاهل وظالم وهي أن القتال يشد من أزر المفاوض وليس غير ذلك.تعترف سيادة الرئيس أبو مازن أن خارطة الطريق أصبحت قرارا امميا صدر عن مجلس الأمن الدولي ورقمه 1515 وأنها استندت إلي حيثيات بينها مبادرة السلام العربية والتي تقول إن العرب مدعوون وبعدهم المسلمون إلي الاعتراف بإسرائيل إذا وصلت إلي حل بالانسحاب من الأراضي العربية المحتلة منذ عام 1967م والي حل عادل ومتفق عليه لمشكلة اللاجئين حسب قرار 194 الصادر عن الأمم المتحدة . وسؤالنا ماذا كان رد فعل إسرائيل علي تلك المبادرة التي تغني بها الكثير من الخلق حتي توماس فرد مان الكاتب اليهودي الأمريكي المعروف ، أليس الرفض المطلق، بل قامت بغارة اختراق جدار الصوت فوق بيروت ومؤتمر قمة المبادرة العربية لم ينفض والرؤساء والملوك أصحاب المبادرة مابرحوا مجتمعين في داخل قاعة الاجتماع ، وفي صبيحة اليوم الثاني اجتاحت القوات الإسرائيلية مخيم جنين للاجئين في الضفة الغربية، وشنت عدوانا علي بعض قري جنوب لبنان، لقد كان ذلك رد اسرائيل علي مبادرة السلام العربية التي عرفت في حينه بأنها مبادرة الأمير عبد الله آل سعود ولي العهد في ذلك الزمان. لماذا أنت وحكومتك وبعض من الزعماء العرب تريدون تطبيق الشرعية الدولية من طرفكم وعدوكم يرفضها قولا وعملا.حماس تقول وهذا ما فهمته وفهمه غيري، لماذا لا تقدم إسرائيل مبادرة ونحن العرب ندرسها لماذا علينا نحن العرب تقديم المبادرات السلمية وعلي إسرائيل أن ترفضها؟ لماذا تتسلح إسرائيل وقادة العرب وبعض قيادات فتح تطالب بتجريد المقاومة الفلسطينية من سلاحها؟ لماذا ينكرون علي الشعب الفلسطيني حقه في الدفاع عن نفسه ولا يحتجون علي القتل المنظم من قبل إسرائيل للقيادات الفلسطينية والتجمعات المدنية في مخيمات البؤس الفلسطيني في الضفة والقطاع؟ أليس العنف الفلسطيني المطالبون بالتخلي عنه هو رد علي العنف الذي تمارسه إسرائيل علي أهلنا في فلسطين؟ أفتونا يا عباقرة التيئيس ويا دعاة الواقعية في هذا الشأن؟ سيادة الرئيس أبو مازن لماذا لا تريد أن تكون لإيران وسورية علاقة ارتباط قوية بحماس والشعب الفلسطيني لكي يشدوا من أزر المفاوض والسلطة الفلسطينية بعد أن تخاذل الكثير من القيادات العربية عن استخدام نفوذهم وقوتهم وقدرتهم وعمالة بعضهم لأمريكا وإسرائيل من اجل صالح الشعب الفلسطيني؟لست ادري ما هي مصلحة الشعب الفلسطيني عندما يعلن رئيس السلطة أبو مازن في هذا التوقيت السيئ أنه أصبح للقاعدة وجود في الضفة والقطاع، هل يدل ذلك علي استعداء الأنظمة العربية الخائفة من تنظيم القاعدة ومعها الأوروبيون والأمريكان علي حماس لان نجاحها في الانتخابات ساعد علي تسلل رجال القاعدة إلي فلسطين بحماية حماس ، إذا كانت القاعدة موجودة في فلسطين المحتلة فهل دخلوا البلاد بعد إعلان فوز حماس، أجهزة الأمن وكل السلطات ما برحت بيد فتح وتواجد القاعدة في غزة والضفة ان كانت موجودة فذلك تم تشكيلهم في حياة الشهيد عزام الذي استشهد في أفغانستان في منتصف الثمانينات من القرن الماضي أي في ظل حكومة فتح المتهمة بالفساد والتفريط والتوريط. وليس عندما بايع الشعب الفلسطيني حماس لقيادته من اجل استرداد حقوقة المسلوبة بعد فشل كل القيادات السابقة.9