حالة الاحزاب الاسرائيلية نفس حالة شارون بين الحياة والموت

حجم الخط
0

حالة الاحزاب الاسرائيلية نفس حالة شارون بين الحياة والموت

بالكاد تستطيع التنفس بعد سلسلة من التفكك والشرذمةحالة الاحزاب الاسرائيلية نفس حالة شارون بين الحياة والموت الوضع صعب ومستقر . ارييل شارون المستلقي دون وعي ولا ادراك في المستشفي، يعتبر نموذجا واضحا للسياسة الاسرائيلية في هذه الايام. فهذا الجسم الذي عرف اياما كبيرة في حياته هو مُلقي الآن أمام أعيننا دون حراك وبالكاد يستطيع التنفس، فهو حي وغير حي.الصعود الباهر لحزب كديما في استطلاعات الرأي الأخيرة غير قابل للفهم، إلا علي خلفية التدهور والتقوض التقليدية والبنيوية للاحزاب الاخري مثل شينوي، العمل والليكود، وكذلك احزاب ميرتس وحداش. سنوات طويلة من الاضمحلال والتراجع، ومن التخطيط للمدي القصير المتهرب من الحاجة الملحة والضرورية للتعليم والتعلم مجددا. سنوات من الزعامة غير المسؤولة ومن الاستهزاء العام من عوامل الصحة الديمقراطية الأساسية في البلاد، كل هذه كانت سببا لجباية هذا الثمن الذي تدفعه الدولة. فهي تتنفس بصعوبة، وهي تعلن عن البدء بعمليات تجديد هي نفسها غير مؤمنة بها، ولا تصدقها، وتعِد بجدول اعمال جديد وتزود وسائل الاعلام بالعناوين الدعائية الكبيرة.ما نقوله هنا ليس لأن حزب كديما سليم ومعافي وجدي، علي العكس، فهذا الحزب وُلِد مريضا وفيه كل الدلائل علي انفراط عقده في المستقبل، وهي تبدو واضحة منذ الآن. فبعد الفوز في الانتخابات ستأتي عمليات التفسخ الداخلية والانقسام وعمليات الانشداد الي اتجاهات مختلفة، بل وحالات من التصادم القوية بين المصالح المختلفة والمتباينة. وحزب كديما يتلألأ هذه الايام لانه لم يفقد بعد بريقه في أعين الناخبين، ولأنه لم يفقد صورته الحسنة في نظرهم لأنه يمثل السلطة في بلاد لم تعد تؤمن بقواعد اللعبة الديمقراطية. فالمجتمع الاسرائيلي يؤمن بالسلطة، وهو في كل الحالات يؤمن بها ولا يريد المزيد من الايمان بالسياسيين.منذ موت رابين، فان جميع رؤساء الحكومات في اسرائيل يكذبون علي جمهور الناخبين، وأنتم بدوركم أطلِقوا علي هذا ما تريدون من الأسماء ـ تغيير فجائي لوجهات النظر، اشياء يمكن رؤيتها من هنا، اسلوب نفعي ـ فالرسالة واضحة وهي: لا قيمة لكل الوعود. في بعض الاحيان، فان هذه الأكاذيب سمحت باتخاذ خطوات سياسية، ولكنها في جميع الاحوال كانت ذات ثمن. فالكلمات تعتبر قلب الديمقراطية، ولكن في اسرائيل لم تعد هناك قيمة لكلمات السياسيين. وكذلك الحال بالنسبة للاستقامة، فهذه أصبحت لا قيمة لها في أعين رجال السياسة، ففي مجتمع لا يزال فيه مُحتال كبير مثل بيرس لا يقوم أحد بطرده من الحياة السياسية، وفي مجتمع نسينا فيه بسرعة ما الذي يمكن بسببه أن نغفر لشخص مثل موفاز، فهو مجتمع لم يعد فيه ثقة بالسياسة ولا بالسياسيين، وفي مثل هذا المجتمع فلا أحد يتوقع أن يحترم رجال السياسة وعودهم ويحافظوا علي كلمتهم، وفي هذا المجتمع تبرز القدرة الفائقة عند الجمهور للمغفرة والتسامح مع الفساد السياسي طالما بقي النقل متواصلا ما بين خزينة الجمهور وبين الجيوب قائما. فالي هنا هذا يكفينا. يوجد لهذه المسيرة الطويلة جذور محلية واخري جاءت من العالم الخارجي، فهي تنبع في الأساس من حالة الصمت القاتلة التي أطبقت علينا من جراء استمرار النزاع الفلسطيني ـ الاسرائيلي، ومن الرؤية التي لا تنفك تحيط بنا في جميع مناحي حياتنا الاقتصادية ـ الاجتماعية والثقافية وانعكاس هذا النزاع واستمراره فيها، لأن الهاجس الأول والوحيد والشرط الذي تُقاس عليه قدرة هذا الزعيم أو غيره (في اسرائيل) هو: هل سيقوم باعادة اراض للفلسطينيين أم لا؟ وسواء كانت النتيجة أن قام هذا الزعيم باعادة (أو عدم اعادة) اراض فان الجمهور في اسرائيل يعود ويُسامح. ومع ذلك، فان هذا السلوك ليس حصرا علي اسرائيل، بل انه أصبح يميز الغرب كله، فالسياسة القديمة ـ السياسة المبنية علي الايديولوجيات والمواقف السياسية والاحزاب ووجود فروع للحزب وانعقاد الاجتماعات الفكرية التي تكثر من الاصوات في وسائل الاعلام وتضم فيها تشكيلات من القوي العمالية ذات البرامج الاجتماعية الاقتصادية السياسية الواضحة ـ كل هذه جري تغييرها في السياسة الجديدة التي يعِد فيها رأس المال برفع مستوي الحياة والمعيشة بصورة معقولة وفيها يتم إفراغ هذه السياسة من محتواها. خبز وألعاب اطفال.وسائل الاعلام تزود مجتمعنا بمبررات الهروب من الواقع، وفي المقابل فان الجمهور يبتعد عن السياسة، ولفظة السياسة أصبحت تبدو لفظة قذرة ومعقدة للغاية. أعطونا ارضا ممتازة وفي المقابل لن نزعجكم في سن القوانين، أعطونا مزيدا من الروايات التلفزيونية وفي المقابل فاننا سنضمن عدم توجيه الاسئلة الصعبة لهم. ربما يكون البعض، أمثال روني بار أون؟ تساحي هنغبي؟ روحاما ابراهام؟ هل هؤلاء الذين سيمنحهم الجمهور الاسرائيلي القوة الكبيرة في الانتخابات القادمة، هل سيقوم هؤلاء بعمل الشيء المناسب، والجيد لنا؟ من الواضح أن الاجابة علي ذلك منوطة فقط برغبتهم وحسن نواياهم. واذا قال البعض مطلوب ثقة فانني اقول له ان الديمقراطية هي عكس الثقة تماما . فالديمقراطية تعني نظاما من التخوف، ومطالبة مستمرة للتدقيق والحساب، فحص جذري لكل الحسابات.. الخ، فالحسابات تتدفق دون توقف، ومن الجدير بنا أن نبدأ بفحصها.أفيعاد كلاينبرغكاتب في الصحيفة(يديعوت احرونوت) 17/1/2006

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية