جمال أبو الحسن: بالكومبيوتر استغني عن 05 عازفا
يؤلف ما يسمي بالموسيقي الضوئية الالكترونيةجمال أبو الحسن: بالكومبيوتر استغني عن 05 عازفابيروت ـ القدس العربي ـ من زهرة مرعي: مؤخراً صدرت له سي دي موسيقي بعنوان زذاذ . الدكتور جمال أبو الحسن فنان يتقن فن الموسيقي الضوئية ـ الإلكترونية ويؤلف موسيقاه إنطلاقاً منها. يعرف تماماً أنه في الشرق المتميز بالحنان والعاطفة الموسيقية سيجد صعوبات في الوصول إلي شريحة واسعة من المستمعين والمقدرين لأعماله، ويعرف أيضاً إنطلاقاً من الواقع أنه يحقق موقعاً له ولو بالتدريج.مع الدكتور جمال أبو الحسن كان هذا الحوار حول موسيقاه:كيف يمكن تعريف الموسيقي الإلكترونية والضوئية؟ لأن هذا النوع من الموسيقي يشغل السمع والنظر معاً فمن الصعب تعريفها بالكلمات. إنها نوع من التكنولوجيا التي تطورت بشكل سريع في السنوات الماضية. البعض يعتقد أنها موسيقي دون إحساس. لكن التطور الذي دخل عليها منذ سنة 1985 حتي اليوم أضاف إليها الكثير. منذ دخول ما يعرف علميا بالـ ميدي الذي يتم تحليله إلي معلومات رقمية من خلال الكمبيوتر، ومن ثم يصار إلي إستخدامها في كل أنواع التحليل الموسيقي حيث تعطي الإحساس المطلوب من العازف توصلنا إلي دقة أكبر بكثير من إحساس الإنسان نفسه. نحن في شرقنا إعتدنا علي الموسيقي المرهفة وعلي الإحساس البشري فإلي أي مدي تستطيع الموسيقي الإلكترونية أن تحافظ علي الإحساس نفسه؟ إنها تقدم موسيقي طبق الأصل لآلة العود أو الناي أو الكمان. الإحساس يبقي هو نفسه. هل هذا يعني أن الكمبيوتر يجعلنا نستغني عن البشر العازفين؟ أكيد، وبدل تكاليف 50 عازف و50 آلة لتنفيذ مقطوعة موسيقية، فالكمبيوتر يضم نماذج لكل آلة موسيقية موجودة في الكون وكذلك لكل نوطة موسيقية. يمكن إستعمال الكمبيوتر حتي في العزف الحي. يمكنني مثلاً أن أعزف من خلال مفاتيح البيانو ليس فقط الصوت المتعارف عليه، بل يمكن أن نسمع صوت أوركسترا كبيرة، وآلات وترية وإيقاعية، وآلات النفخ، كما يمكننا أن ندخل مؤثرات صوتية كصوت النهر أو الشتاء. فإذا خطر في بالي الكتابة لآلة موسيقية هندية لا يعرفها العازفون عندنا فالكمبيوتر يساعدني في ذلك. كمؤلف وعازف كيف تستخدم الموسيقي الإلكترونية في عملك؟ أولاً أستخدمها في العزف الحي خلال الحفلات التي أحييها. في حفلاتي يكون البيانو موصولاً بالكمبيوتر، وكافة المفاتيح تعطي المعلومات وتأخذها من الكمبيوتر. وكذلك الكيبوردس التي تكون معي علي المسرح تمكنني من عزف أكثر من مئة آلة في الوقت نفسه. وما هو مدي تجاوب الجمهور مع هذا النوع من الموسيقي؟ إنه تجاوب كبير ممزوج بنوع من التساؤل عن كيفية الوصول إلي كل هذه الأصوات من خلال شخص واحد فقط. لا يمكن تصور إحساس معين إلا ويمكن إيصاله للجمهور. نعرف أن الفرق السمفونية الوطنية في العالم لها مهابة في قلوب الناس، الموسيقي الإلكترونية حصلت علي الإعجاب فهل يمكنها الحصول علي المهابة أيضاً؟ مهما قدمنا في الموسيقي الإلكترونية فلا يمكنها أن تحل مكان الفرقة السمفونية. الفرق كبير بين مجموعة مؤلفة من 50 إنسانا يعزفون علي آلات منوعة وبين عازف واحد يعزف 50 آلة. هنا تختلف الأحاسيس التي تعطي العمق والمهابة للأوركسترات الكبيرة. لو وجدت لدي إمكانية التعاون مع أوركسترا كبيرة لكنت أضفت إليها العزف الإلكتروني. تنهل موسيقاك من التراث العربي والشرقي فهل تتآلف تلك الموسيقي مع العزف الإلكتروني؟ الموسيقي العربية تجري في دمائنا نتيجة النشأة. في حين أن الموسيقي العالمية محدودة نسبياً نتيجة تركيب المقامات التي تفتقد إلي التنوع الموجود في الموسيقي العربية. لست أتعامل موسيقياً فقط مع الكمبيوتر، بل أكتب أيضاً مقطوعات للفرقة السمفونية الوطنية في لبنان، وتعزف موسيقاي في أوروبا وأمريكا. وفي تأليفي هذا أركز علي عدم كتابة عمل يشبه الموسيقي الغربية. بل أحرص لأن تعبر تلك الموسيقي عن شعوبنا وعن تاريخنا إنما بأسلوب عالمي. ما هي العوامل التي ساعدت سي دي رذاذ للفوز بأفضل جائزة في الولايات المتحدة خلال شهر شباط الماضي؟ من الأمور التي ساهمت بذلك حسب إعتقادي وجود الآلات التي لا يعرفها الغرب كمثل الناي، البزق والقانون. إستخدمت هذه الآلات كتقسيم حر بالإضافة إلي التوزيع الأوركسترالي حيث مزجتها مع أصوات هي من إختراعي من شأنها أن تعطي إحساساً بأبعاد فيها قليلاً من التصوف والتأمل. في السي دي خمس مقطوعات فيها آلات شرقية والمقطوعات الأخري تتميز بالإحساس الحر تماماً. سي دي رذاذ يضم 14 مقطوعة، في حين أن لي مؤلفات لـ12 سي دي، والموجود في السوق هو ثلاثة سي دي فقط، والأخير هو من إنتاجي. وهل تجد إقبالاً علي موسيقاك في الشرق أم في الغرب؟ ليس للموسيقي موطن برأيي بل هي عالمية. الناس تقدم علي شراء الأعمال الموسيقية البحتة بحسب ما يتاح لهم سماعها والتعرف إليها. في الشرق لا يتم التركيز علي الموسيقي البحته أو الحاف كما أسميها. هذا لا يحبطني كفنان لأن الأمل موجود بتغيير تدريجي سيطرأ علي الجمهور. أنا متأكد بأن الجمهور يحب الأعمال الجميلة حين يتعرف إليها. وفي عصرنا هذا الناس تحتاج لسماع الموسيقي أكثر من الأغنية. وهنا لا نحط من قدر الأغنية وهي جميلة والكلام يعبر أكثر عن المشاعر، إنما تبقي الموسيقي أكثر عمقاً. هل تحاول أن تبني لنفسك قاعدة موسيقية بالتدريج؟ يمكنني القول أن 90 بالمئة من الذين تابعوا حفلاتي حتي الآن أُعجبوا بها، وهم في شوق دائم لمتابعة أي جديد أقدمه. الموسيقي الحاف بعيدة عن التسويق لذلك هي بعيدة عن الناس. في الغرب توجد موسيقي البوب وغيرها من الموسيقي الشعبية وكذلك هناك خيارات أخري لمن لا يرغب بتلك الموسيقي مثل الكلاسيك والمعاصر. مشكلتنا أن إمكانات الناس محدودة في زيارة محلات الموسيقي والتزود منها بما هو جميل. هم واقعون فقط تحت تأثير الماتراكاج. 99 بالمئة من العالم العربي يشكل التلفزيون صلته الوحيدة بالموسيقي ومصدراً للفنون. كأستاذ في المعهد الموسيقي الوطني في لبنان هل تتمكن من تقديم مقطوعاتك الموسيقية؟ عزفت لي الأوركسترا الوطنية الكثير من المؤلفات، وهذا ما يرضيني كفنان. وكذلك خارج لبنان تعزف لي مقطوعات موسيقة في فيينا علي سبيل المثال. أين درست الموسيقي؟ البدايات كانت في مصر حيث درست لأربع سنوات، ثم تابعت دراسة التأليف الموسيقي في فيينا. ولاحقاً درست في الولايات المتحدة كتابة الموسيقي التصويرية للسينما والتلفزيون، وعملت لسنوات في لوس أنجلوس حيث كتبت الموسيقي التصويرية. وهل ترتاح إلي ممارسة خبراتك كافة في لبنان؟ عشت لعشرين سنة خارج لبنان، وعدت لتعلقي بوطني. أعيش في عاليه وسط الطبيعة والهدوء وهذا ما كنت أفتقده حيثما أذهب في العالم. المشكلة هي في الفرص القليلة جداً في لبنان. الفرص التي أعنيها ليست مهنية بقدر ما هي عطاء وتطور أكبر. حالياً اُحاول أن أكون هنا وفي الخارج. أُسافر وأشترك بمهرجانات كبيرة عربية وعالمية. وفي شهر كانون الثاني شاركت في إفتتاح مهرجانات قطر، وكان للحفل وقعه الكبير علي الجمهور. هناك علي الدوام ما يدعو للتفاؤل لكن التقدم يتحقق ببطء شديد. وهل شاركت في مهرجانات عربية أخري؟ شاركت في مهرجان جرش، وفي دار الأوبرا في مصر. كما عزفت في دبي وعدة دول خليجية. وفي لبنان شاركت في العديد من المهرجانات. أعرف أن هذا النوع من الموسيقي لن تكون له هذه الإنطلاقة السريعة وهذا طبيعي جداً بنظري. أعرف أن لهذه الموسيقي يومها وربما يأتي بعد 20 سنة أو أكثر. 2